منتدي الاستاذ شعبان النجدي المحامى لنشر الثقافة والوعي القانوني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدي الاستاذ شعبان النجدي المحامى لنشر الثقافة والوعي القانوني

تنمية الثقافة القانونية
 
الرئيسيةمنتدى شعبان النأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات إعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 372
تاريخ التسجيل : 16/10/2008
العمر : 52
الموقع : https://elngdy.yoo7.com/

  الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات     إعداد  شعبان النجدي  باحث في العلوم الشرعية والقانونية Empty
مُساهمةموضوع: الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات إعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية     الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات     إعداد  شعبان النجدي  باحث في العلوم الشرعية والقانونية Emptyالخميس ديسمبر 04, 2014 12:56 am

الفصل الأول
ذكر حديث السبع الموبقات ومفرداته وأهميته و ترجمة راوي الحديث أبي هريرة رضي الله عنه


المبحث الأول : ذكر حديث السبع الموبقات ومفرداته وأهميته

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "اجْتَنِبُوا السّبْعَ الْمُوبِقَاتِ" قِيلَ: يَا رَسُولَ اللّهِ وَمَا هُنّ؟ قَالَ: "الشّرْكُ بِالله. وَالسّحْرُ، وَقَتْلُ النّفْسِ الّتِي حَرّمَ الله إِلاّ بِالْحَقّ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَأَكْلُ الرّبَا، وَالتّوَلّي يَوْمَ الزّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ". رواه مسلم

المطلب الأول
مفردات الحديث

• اجتنبوا السبع الموبقات : الموبقات ) ‏‏ هي المهلكات يقال : ( وبق الرجل ) بفتح الباء ( ويبق ) بكسرها , و ( وبق ) بضم الواو وكسر الباء ( يوبق ) : إذا هلك . و ( أوبق ) غيره أي أهلكه
• واجتنبوا أبلغ من اتركوا لأن نهي الاقتراب أبلغ من نهي الفعل
وسميت هذه السبع بالموبقات : أي المهلكات لأن ستة منها تهز الأركان وتقوض الدعائم وتهدم الإيمان . واسمع لربك "وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا " سورة الاسراء

• ( إلا بالحق ) ‏: وهو أن يجوز قتلها شرعا بالقصاص وغيره

• ‏( والتولي يوم الزحف ) ‏: أي الفرار عن القتال يوم ازدحام الطائفتين
• ‏( وقذف المحصنات ) ‏: بفتح الصاد اسم مفعول اللاتي أحصنهن الله تعالى وحفظهن من الزنا , يعني رميهن بالزنا ‏( الغافلات ) ‏: أي عما نسب إليهن من الزنا ‏( المؤمنات ) ‏: احترز به عن قذف الكافرات , فإن قذفهن ليس من الكبائر
المطلب الثاني
أهمية الحديث
اعلم وفقني الله وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يخافه ويتقيه حق تقاته ان رسول الله صلي الله عليه وسلم ما وجد شيئا يقربنا الي الله تعالي إلا وأمرنا به وما وجد شيئا يبعدنا عن الله تعالي الاوحذرنا منه ونهانا عنه لاسيما الكبائر التي اشتد نكير الشارع علي فاعلها
والكبائر :هي ما نهى الله و رسوله عنه في الكتاب و السنة و الأثر عن السلف الصالحين و قد ضمن الله تعالى في كتابه العزيز لمن اجتنب الكبائر و المحرمات أن يكفر عنه الصغائر من السيئات لقوله تعالى :
{ إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم و ندخلكم مدخلا كريما ) سورة النساء
فقد تكفل الله تعالى بهذا النص لمن اجتنب الكبائر أن يدخله الجنة
و قال تعالى : { الذين يجتنبون كبائر الإثم و الفواحش و إذا ما غضبوا هم يغفرون } و قال تعالى : { الذين يجتنبون كبائر الإثم و الفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة }
و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ الصلوات الخمسة و الجمعة إلى الجمعة و رمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر ]
ولقد اختلف السلف في عد الكبائر ولكل منهم وجهته في ذلك لكن يكفيك أن تعلم ما للذنوب والمعاصي عامة من اثر في البعد عن طريق محبة الله تعالي والفوز برضوانه ومن هذا الآثار كما ذكر بن القيم رحمه الله تعالي

وللمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله :
فمنها:حرمان العلم
فإن العلم نور يقذفه الله في القلب والمعصية تطفئ ذلك النور .
ولما جلس الإمام الشافعي بين يدي مالك وقرأ عليه ؛ أعجبه ما رأى من وفور فطنته ،وتوقد ذكائه ،وكمال فهمه ،فقال : إني أرى الله قد ألقى على قلبك نوراً؛ فلا تطفئه بظلمة المعصية . وقال الشافعي :
شكوتُ إلى وكيعٍ سوءَ حفظي فأرشدني إلى تركِ المعاصي
وقال أعلمْ بأنَّ العلمَ فَــضْلٌ وفضلُ اللهِ لا يُؤتاهُ عاصِ
ومنها : حرمان الرزق
: فكما أن تقوى الله مجلبة للرزق ؛فترك التقوى مجلبةٌ للفقر ؛فما اسُتجلِبَ رزقٌ بمثل ترك المعاصي .( )
ومنها : الوحشة التي تحصل بينه وبين الناس ،ولاسيما أهل الخير منهم ؛ فإنه يجد وحشة بينه وبينهم ، وكلما قويت تلك الوحشة ، بعد منهم ومِنْ مجالستهم ،وحُرِمَ بركة الانتفاع بهم ، وقَرُبَ من حزب الشيطان بقدر ما بَعُدَ من حزب الرحمن، وتقوى هذه الوحشة حتى تستحكم ؛فتقع بينه وبين امرأته وولده وأقاربه،وبينه وبين نفسه ، فتراه مستوحشا من نفسه .
وقال بعض السلف : إني لأعصي الله ، فأرى ذلك في خُلق دابتي وامرأتي ( ).
ومنها : تعسير أموره عليه ؛ فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقا دونه أو متعسراً عليه. وهذا كما أن من اتقى الله جعل له من أمره يسرا ؛ فمن عطل التقوى جعل الله له من أمره عسرا .
ويالله العجب !! كيف يجد العبد أبواب الخير والمصالح مسدودة عنه متعسرة عليه وهو لا يعلم من أين أُتي ؟!
ومنها : أن المعاصي توهن القلب والبدن :
أما وهنها للقلب؛ فأمر ظاهر ، بل لا تزال توهنه حتى تزيل حياته بالكلية .
وأما وهنها للبدن ؛فإن المؤمن قوته من قلبه ، وكلما قوى قلبه ؛قوى بدنه .
وأما الفاجر ؛ فإنه وإن كان قوي البدن ؛ فهو أضعف شيء عند الحاجة ، فتخونه قوته عند أحوج ما يكون إلى نفسه .
وتأمل قوة أبدان فارس والروم كيف خانتهم عند أحوج ما كانوا إليها ، وقهرهم أهل الإيمان بقوة أبدانهم وقلوبهم ؟
ومنها : حرمان الطاعة ؛ فلو لم يكن للذنب عقوبة إلا أنه يصد عن طاعة تكون بادية ، ويقطع طريق طاعة أخرى ،فينقطع عليه طريق ثالثة ثم رابعة .. وهلم جرا، فينقطع عليه بالذنب طاعات كثيرة ،كل واحدة منها خير له من الدنيا وما عليها. وهذا كرجل أكل أكلةً أوجبت له مرضةً طويلة منعته من عدة أكلات أطيب منها والله المستعان .
ومنها : أن المعاصي تزرع أمثالها ،وتولد بعضها بعضا ،حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها ؛كما قال بعض السلف : إن من عقوبة السيئة السيئة بعدها ،وأن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها .
فالعبد إذا عمل حسنة ؛قالت أخرى إلى جنبها : اعملني أيضا ؛ فإذا عملها ؛ قالت الثالثة كذلك ..وهلم جرا، فتضاعف الربح ،وتزايدت الحسنات ..وكذلك كانت السيئات أيضا ..حتى تصير الطاعات والمعاصي هيئات راسخة ،وصفات لازمة وملكات ثابتة.
ومنها : ـ وهو من أخوفها على العبد ـ أنها تُضعف القلب عن إرادته ؛فتقوى إرادة المعصية وتضعف إرادة التوبة شيئا فشيئا ، إلى أن تنسلخ من قلبه إرادة التوبة بالكلية ؛ فلو مات نصفه لما تاب إلى الله ، فيأتي بالاستغفار وتوبة الكذابين باللسان بشيء كثير ،وقلبه معقود بالمعصية مصرٌ عليها ،عازم على مواقعتها متي أمكنه .
وهذا من أعظم الأمراض وأقربها إلى الهلاك .
ومنها : أنه ينسلخ من القلب استقباحها ،فتصير له عادة فلا يستقبح من نفسه رؤية الناس له ولا كلامهم فيه !
وهذا عند أرباب الفسوق هو غاية التهتك وتمام اللذة ،حتى يفتخر أحدهم بالمعصية، ويحدث بها من لم يعلم أنه عملها ،فيقول :يا فلان !عملت كذا وكذا!! وهذا الضرب من الناس لا يعافون ،ويُسد عليهم طريق التوبة ، وتُغلق عنهم أبوابها في الغالب ،كما قال النبي e : " كل أمتي معافى ؛ إلا المجاهرون ، وإن من الإجهار أن يستر الله على العبد ،ثم يصبح يفضح نفسه ويقول :يا فلان! عملت يوم كذا وكذا وكذا ! فيهتك نفسه وقد بات يستره ربه "( ) .
ومنها : أن المعصية سبب لهوان العبد على ربه وسقوطه من عينه، قال الحسن البصري : هانوا عليه فعصوه ،ولو عزوا عليه لعصمهم .
وإذا هان العبد على الله ؛لم يكرمه أحد كما قال الله تعالى  ومن يهن الله فماله من مكرم  [الحج :18]وإن عظمهم الناس في الظاهر لحاجتهم إليهم أو خوفا من شرهم ؛فهم في قلوبهم أحقر شيء وأهونه .
ومنها : أن العبد لا يزال يرتكب الذنوب حتى يهون عليه ويصغر في قلبه ،وذلك علامة الهلاك ؛ فإن الذنب كلما صَغُرَ في عين العبد؛ عَظُمَ عند الله .
وقد ذكر البخاري في صحيحه عن ابن مسعود قال :" إن المؤمن يري ذنوبه كأنها في أصل جبل يخاف أن يقع عليه ،وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه فقال به هكذا فطار" ( )
ومنها : أن المعصية تورث الذل ولا بد ، فإن العز كل العز في طاعة الله تعالى ، قال تعالى  من كان يريد العزة فلله العزة جميعا  [فاطر :10] أي : فليطلبها بطاعة الله ؛ فإنه لا يجدها إلا في طاعته ،قال الحسن البصري : إنهم وإن طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين ؛ فإن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم ، أبى الله إلا أن يذل من عصاه .
وقال عبد الله بن المبارك :
رأيتُ الذُّنوبَ تُميتُ القلو بَ وقدْ يُورِثُ الذُّلَّ إدمانُها
وتَركُ الذُّنوبِ حياةُ القلو بِ وخيرٌ لنفسِكَ عصــيانُها
ومنها : أن الذنوب إذا تكاثرت ؛طبع على قلب صاحبها فكان من الغافلين ،كما قال بعض السلف في قوله تعالى  كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون  [المطففين :14]قال : هو الذنب بعد الذنب .
وقال الحسن: هو الذنب على الذنب حتى يعمي القلب .
وقال غيره : لما كثرت ذنوبهم ومعاصيهم ؛ أحاطت بقلوبهم .( )
وأصل هذا : أن القلب يصدأ من المعصية ؛ فإذا زادت غلب الصدأ حتى يصير رانا، ثم يغلب حتى يصير طبْعا وقفلاً وختماً ،فيصير القلبُ في غشاوة وغلاف ،فإذا حصل له ذلك بعد الهدى والبصيرة ؛ انتكس ، فصار أعلاه أسفله ، فحينئذ يتولاه عدوه ويسوقه حيث أراد .

ومنها :حرمان دعوة رسول الله e ودعوة الملائكة :
فإن الله سبحانه أمر نبيه أن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات وقال تعالى  الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم . ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم . وقهم السيآت ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم  [غافر :7-9] .
فهذا دعاء الملائكة للمؤمنين التائبين ،المتبعين لكتابه وسنة رسوله ،الذين لا سبيل لهم غيرهما ،فلا يطمع غير هؤلاء بإجابة هذه الدعوة ؛ إذ لم يتصف بصفات المدعو له بها .والله المستعان .


























المبحث الثاني
ترجمة راوي الحديث أبي هريرة رضي الله عنه

أبو هريرة : هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي أسلم سنة 6 هـ وقدم المدينة سنة 7هـ وكان الرسول في خيبر فصادف قدومه مجيء النبي صلي الله عليه وسلم . كان اسمه في الجاهلية عبد شمس فغيره النبي إلي عبد الرحمن . وكناه بأبي هريرة لأنه كان له هر يلازمه كظله وكان من أهل الصفة بل كان عريف أهل الصفة . روي عن النبي 5374 حديث وما ذلك إلا لأنه كان المهاجرون في تجارتهم والأنصار في زراعتهم وأبو هريرة عاكفا علي رسول الله صلي الله عليه يأخذ عنه الحديث . ففي ذات يوم قال الرسول من يبسط رداءه فيأخذ عني الحديث فلم ينس فقال أبو هريرة أنا يا رسول الله فبسط رداءه والرسول يحدث يقول فلم أنس شيئا مما قاله الرسول صلي الله عليه وسلم . وقال عن نفسه ما من أحد يسمع بي ولا أمي إلا أحبنا وما ذلك إلا لأن الرسول دعي لأمه فآمنت ودعي لهما بحب الناس فاستجاب الله . ومات عن عمر قدره 78 سنة ولخص حياته فقال ولدت يتيما وهاجرت مسكينا وكنت أسيرا عند بسرة بنت غزوان بطعام بطني . ثم تزوجتها فالحمد لله الذي جعل الدين قواما وجعل أبا هريرة إماما

قال الإمام النووي:
وأما أبو هريرة فهو أول من كنى بهذه الكنية واختلف فى اسمه واسم أبيه على نحو من ثلاثين قولا وأصحها عبد الرحمن بن صخر قال أبو عمرو بن عبد البر لكثرة الاختلاف فيه لم يصح عندي فيه شيء يعتمد عليه إلا أن عبد الله وعبد الرحمن هو الذى يسكن إليه القلب فى اسمه فى الإسلام قال وقال محمد بن إسحاق اسمه عبد الرحمن بن صخر قال وعلى هذا اعتمدت طائفة صنفت فى الأسماء والكنى وكذا قال الحاكم أبو أحمد أصح شيء عندنا فى اسمه عبد الرحمن بن صخر وأما سبب تكنيته أبا هريرة فانه كانت له فى صغره هريرة صغيرة يلعب بها ولأبى هريرة رضى الله عنه منقبة عظيمة وهى أنه أكثر الصحابة رضى الله عنهم رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الامام الحافظ بقى بن مخلد الأندلسى فى مسنده لأبى هريرة خمسة آلاف حديث وثلاثمائة وأربعة وسبعين حديثا
وليس لأحد من الصحابة رضى الله عنهم هذا القدر ولا ما يقاربه قال الامام الشافعى رحمه الله أبو هريرة أحفظ من روى الحديث فى دهره وكان أبو هريرة ينزل المدينه بذى الحليفة وله بها دار مات بالمدينة سنة تسع وخمسين وهو بن ثمان وسبعين سنة ودفن بالبقيع وماتت عائشة رضى الله عنها قبله بقليل وصلى عليها وقيل انه مات سنة سبع وخمسين وقيل سنة ثمان والصحيح سنة تسع وكان من ساكنى الصفة وملازميها قال أبو نعيم فى حلية الأولياء كان عريف أهل الصفة وأشهر من سكنها والله أعلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elngdy.yoo7.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 372
تاريخ التسجيل : 16/10/2008
العمر : 52
الموقع : https://elngdy.yoo7.com/

  الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات     إعداد  شعبان النجدي  باحث في العلوم الشرعية والقانونية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات إعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية     الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات     إعداد  شعبان النجدي  باحث في العلوم الشرعية والقانونية Emptyالخميس ديسمبر 04, 2014 12:57 am

الفصل الثاني
الشرك .
أ- تعريفه : يطلق الشرك في اللغة على التسوية بين الشيئين .
وله في الشرع معنيان : عام وخاص .
1 - المعنى العام : تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائصه سبحانه ، ويندرج تحته ثلاثة أنواع :
الأول : الشرك في الربوبية ، وهو تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائص الربوبية ، أو نسبة شيء منها إلى غيره ، كالخلق والرزق والإيجاد والإماتة والتدبير لهذا الكون ونحو ذلك .
قال تعالى : { هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ } (فاطر : 3) .
الثاني : الشرك في الأسماء والصفات ، وهو تسوية غير الله بالله في شيء منها ، والله تعالى يقول : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } ( الشورى : 11 ) .
الثالث : الشرك في الألوهية ، وهو تسوية غير الله بالله في شيء من خصائص الألوهية ، كالصلاة والصيام والدعاء والاستغاثة والذبح والنذر ونحو ذلك .
قال الله تعالى : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ } (البقرة : 165) .
2- المعنى الخاص : وهو أن يتخذ لله ندا يدعوه كما يدعو الله ويسأله الشفاعة كما يسأل الله ويرجوه كما يرجو الله ، ويحبه كما يحب الله ، وهذا هو المعنى المتبادر من كلمة " الشرك " إذا أطلقت في القرآن أو السنة .
ب- الأدلة على ذم الشرك وبيان خطره .
لقد تنوعت دلالة النصوص على ذم الشرك والتحذير منه وبيان خطره وسوء عاقبته على المشركين في الدنيا والآخرة .
1 - فقد أخبر الله سبحانه أنه الذنب الذي لا يغفره إلا بالتوبة منه قبل الموت ، فقال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } (النساء : 48) .
2 - ووصفه بأنه أظلم الظلم ، فقال تعالى : { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } ( لقمان : 13 ) .
3 - وأخبر أنه محبط للأعمال ، فقال تعالى : { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } (الزمر : 65) .
4 - ووصفه بأن فيه تنقصا لرب العالمين ومساواة لغيره به ، فقال تعالى : { قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ }{ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ }{ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ } (الشعراء : 96- 98) .
5 - وأخبر أن من مات عليه يكون مخلدا في نار جهنم ، فقال تعالى : { إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ } (المائدة : 72) .
إلى غير ذلك من أنواع الأدلة ، وهي كثيرة جدا في القرآن الكريم .
ج- سبب وقوع الشرك :
إن أصل الشرك وسبب وقوعه في بني آدم هو الغلو في الصالحين المعظمين ، وتجاوز الحد في إطرائهم ومدحهم والثناء عليهم ، قال الله تعالى : { وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا }{ وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا } (نوح : 23- 24) .
فهذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح لما ماتوا جعلوا لهم أصناما على صورهم وسموها بأسمائهم قاصدين بذلك تعظيمهم وتخليد ذكرهم وتذكر فضلهم إلى أن آل بهم الأمر إلى عبادتهم .
ويشهد لهذا ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : " صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد ، أما ود فكانت لكلب بدومة الجندل ، وأما سواع فكانت لهذيل ، وأما يغوث فكانت لمراد ، ثم لبني غطيف بالجوف عند سبأ ، وأما يعوق فكانت لهمدان ، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع ، أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ (ونسخ العلم) (1) العلم عبدت " (2) .
روى ابن جرير الطبري عن محمد بن قيس عند قوله تعالى : وقالوا لا تذرن آلهتك الآية ، قال : " كانوا قوما صالحين من بني آدم ، وكان لهم أتباع يقتدون هم ، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم : لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم ، فصوروهم ، فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس فقال : إنما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر ، فعبدوهم (3) . فجمعوا بين فتنتين :
الأولى : العكوف عند قبورهم .
الثانية : تصوير صورهم ونصبها في مجالسهم والجلوس إليها .
فبهذا وقع الشرك لأول مرة في تاريخ البشرية فهما أعظم وسائل الشرك في كل زمان ومكان .
_________
(1) أي علم تلك الصور بخصوصها .
(2) صحيح البخاري برقم (4920) .
(3) تفسير الطبري (12 / 254) .

د- أنواع الشرك
: ينقسم الشرك إلى قسمين : أكبر وأصغر .
1 - الشرك الأكبر : هو اتخاذ ند مع الله يعبد كما يعبد الله ، وهو ناقل من ملة الإسلام محبط للأعمال كلها ، وصاحبه إن مات عليه يكون مخلدا في نار جهنم لا يقضى عليه فيموت ولا يخفف عنه من عذابها .
أنواع الشرك الأكبر : وينقسم الشرك الأكبر إلى أربعة أنواع :

1 - شرك الدعوة ، أي الدعاء ، وذلك أن الدعاء من أعظم أنواع العبادة ، بل هو لب العبادة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : « الدعاء هو العبادة » ، رواه أحمد والترمذي وقال حديث حسن صحيح (1) ، قال الله تعالى : { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } (غافر : 60) .
ولما ثبت أن الدعاء عبادة ، فصرفه لغير الله شرك ، فمن دعا نبيا أو ملكا أو وليا أو قبرا أو حجرا أو غير ذلك من المخلوقين فهو مشرك كافر ، كما قال تعالى : { وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ } (المؤمنون : 117) .
_________
(1) مسند أحمد (4 / 267) ، وسنن الترمذي برقم (2969) .
ومن الأدلة على أن الدعاء عبادة وأن صرفه لغير الله شرك قوله تعالى : { فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } (العنكبوت : 65) ، فأخبر عن هؤلاء المشركين بأنهم يشركون بالله في رخائهم ، ويخلصون له في كربهم وشدتهم ، فكيف بمن يشرك بالله في الرخاء والشدة عياذا بالله .
2 - شرك النية والإرادة والقصد ، وذلك أن ينوي بأعماله الدنيا أو الرياء أو السمعة ، إرادة كلية كأهل النفاق الخلص ، ولم يقصد بها وجه الله والدار الآخرة ، فهو مشرك الشرك الأكبر ، قال الله تعالى : { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ }{ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } (هود : 15-16) .
وهذا النوع من الشرك دقيق الأمر بالغ الخطورة .
3 - شرك الطاعة ، فمن أطاع المخلوقين في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله ، ويعتقد ذلك بقلبه أي أنه يسوغ لهم أن يحللوا ويحرموا ويسوغ له ولغيره طاعته في ذلك مع علمه بأنه مخالف لدين الإسلام فقد اتخذهم أربابا من دون الله وأشرك بالله الشرك الأكبر .
قال الله تعالى : { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } (التوبة : 31) .
وتفسير الآية الذي لا إشكال فيه : طاعة العلماء والعباد في المعصية (أي في تبديل حكم الله) لا دعاؤهم إياهم ، كما فسرها النبي صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم لما سأله فقال : لسنا نعبدهم ؟ فذكر له أن عبادتهم طاعتهم في المعصية (في تبديل حكم الله) ، فقال : « أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتحلونه » ، قال : بلى . قال : « فتلك عبادتهم » ، رواه الترمذي وحسنه ، والطبراني في المعجم الكبير (1)
4 - شرك المحبة ، والمراد محبة العبودية المستلزمة للإجلال والتعظيم والذل والخضوع التي لا تنبغي إلا لله وحده لا شريك له ، ومتى صرف العبد هذه المحبة لغير الله فقد أشرك به الشرك الأكبر ، والدليل قوله تعالى : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ } (البقرة : 165) .
2- النوع الثاني من أنواع الشرك ، الشرك الأصغر :

وهو كل ما كان ذريعة إلى الشرك الأكبر ووسيلة للوقوع فيه أو ما جاء في النصوص تسميته شركا ولم يصل إلى حد الأكبر ، وهو يقع في هيئة العمل وأقوال اللسان . وحكمه تحت المشيئة كحكم مرتكب الكبيرة .
ومن أمثلته ما يلي :
أ- يسير الرياء ، والدليل ما رواه الإمام أحمد وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر) ، قالوا : وما الشرك الأصغر يا رسول الله قال : (الرياء ، يقول الله تعالى يوم القيامة إذا جازى الناس بأعمالهم : اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا ، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء » (1) .
_________
(1) مسند أحمد (5 / 428) ، قال المنذري إسناده جيد ، الترغيب والترهيب (1 / 48) ، وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح ، مجمع (1 / 102) .
ب- قول : " ما شاء الله وشئت " ، روى أبو داود في سننه عن النبي صلى الله عليه وسلم : « لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان » (1) .
ج- قول : " لولا الله وفلان " ، أو قول : " لولا البط لأتانا اللصوص " ، ونحو ذلك ، روى ابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما في معنى قوله تعالى : { فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } قال : " الأنداد هو الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل ، وهو أن تقول : والله وحياتك يا فلانة وحياتي ، وتقول : لولا كليبة هذا لأتانا اللصوص ، ولولا البط في الدار لأتى اللصوص ، وقول الرجل لأصحابه : ما شاء الله وشئت ، وقول الرجل : لولا الله وفلان ، لا تجعل فيها فلانا ، هذا كله به شرك " (2) .







_________
(1) سنن الترمذي برقم (3095) ، والمعجم الكبير للطبراني (17 / 92) .
(1) سنن أبي داود برقم (4980) ، قال الذهبي في مختصر البيهقي (1 / 140 / 2) إسناده صالح .
(2) تفسير ابن أبي حاتم (1 / 62) .







الفرق بين الشرك الأكبر والأصغر :
بين الشرك الأكبر والأصغر فروق عديدة ، أهمها ما يلي :
1 - أن الشرك الأكبر لا يغفر الله لصاحبه إلا بالتوبة ، وأما الأصغر فتحت المشيئة .
2- أن الشرك الأكبر محبط لجميع الأعمال ، وأما الأصغر فلا يحبط إلا العمل الذي قارنه .
3- أن الشرك الأكبر مخرج لصاحبه من ملة الإسلام ، وأما الشرك الأصغر فلا يخرجه منها .
4- أن الشرك الأكبر صاحبه خالد في النار ومحرمة عليه الجنة ، وأما الأصغر فكغيره من الذنوب .

_________
ملخص من كتاب اصول الايمان في ضوء الكتاب والسنة مجموعة دعاة طبعة مجمع الملك فهد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elngdy.yoo7.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 372
تاريخ التسجيل : 16/10/2008
العمر : 52
الموقع : https://elngdy.yoo7.com/

  الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات     إعداد  شعبان النجدي  باحث في العلوم الشرعية والقانونية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات إعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية     الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات     إعداد  شعبان النجدي  باحث في العلوم الشرعية والقانونية Emptyالخميس ديسمبر 04, 2014 12:59 am

الفصل الثالث
السـحـــــر
المبحث الأول
تعريف السحـر وطرق عمل السحروأطراف السحروأنواع السحـر وأعراض السحر وتأثيره وعلاج السحـر و رقية المسحـور والسحر في الطب النبوي

تعريف السحر :عن السحر وتعريفه لغة واصطلاحا وقالوا :أصل السحر صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره ، ومن السحر الأخذة التي تأخذ العين حتى يُظن أن الأمر كما يرى وليس كما يُرى . ثم هو رقى وعقد وكلام يتكلمُ به الساحر أو يكتبه فيؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له، وله حقيقة ، منه ما يقتل ، ومنه ما يمرض ، ومنه ما يأخذ الرجُل عن امرأته فيمنعه وطئها ، ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه ، ومنه ما يبغض أحدهما على الآخر" انظر لسان العرب مادة سحر ، والطب من الكتاب والسنة للبغدادي في فصل العين حق والرقية منها".

يقول القرطبي عند تفسيره للآية 102 من سورة البقرة : قيل: السحر أصله التمويه بالحيل والتخاييل ، وهو أن يفعل الساحر أشياء ومعاني ، فيُخيّل للمسحور أنها بخلاف ما هي به كالذي يرى السراب من بعيد فيُخيّل إليه أنه ماء ( يقولون كالسراب غر من رآه وأخلف من رجاه ) ، وكراكب السفينة السائرة سيراً حثيثاً يُخيّل إليه أن ما يرى من الأشجار والجبال سائرة معه. وقيل: هو مشتقّ من سَحرتُ الصبيّ إذا خدعته ، وقيل: أصله الصّرف ، يقال: ما سَحَرك عن كذا ، أي ما صرفك عنه . وقيل: أصله الاستمالة ، وكلّ مَن استمالك فقد سحرك.

وقال الجوهري: السحر الاُخْذة ، وكلّ ما لَطُف مأخذه ودَقّ فهو سحر . وسحره أيضا بمعنى خدعه . وقال ابن مسعود: كنّا نُسَمّي السحر في الجاهلية العِضَة.. والعِضَه عند العرب: شدّة البَهْت وتمويه الكذب أ.هـ.

وبهته أي أخذه بغتة ، يقول تعالى: " بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ رَدّهَا وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ * أي فجأة يعني القيامة. " فَتَبْهَتُهُمْ*. قال الجوهري: بَهَته بَهْتاً أخذه بغتة، قال الله تعالى: "بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ*. وقال الفراء: «فتبهتهم» أي تحيرهم يقال: بهته يبهته إذا واجهه بشيء يحيره. يقال: بَهتَه بَهْتاً وبُهْتَاناً إذا قال عليه ما لم يفعله. وهو بَهّات والمقول له مَبْهُوت. ويقال: بُهِت الرجل إذا دُهِش وتحيّر كما قال الله تعالى: "فَبُهِتَ الّذِي كَفَرَ* [البقرة: 258].

وذكرَ العلماء أنواع السحر وزعموا أنها ثمانية أنواع ومنهم من قال أنـها ثلاثة أنواع وهي السحر الحقيقي والسحر التخيلي والسحر المجازي .
ويندرج تحت السحر الحقيقي والتخيلي :
1- السحر الهوائي : يكون السحر معرضا لتيار الهواء فكلما مرت الريح زاد تأثير السحر.
2- السحر المائـي : يرمى السحر في البحار والأنهار والآبار وفي مجاري المياه .
3- السحر النـاري : يوضع السحر في أو قرب مواقد النيران مثل التنور أو الفرن .
4- السحر الترابي : يدفن في التراب كالمقابر والطرقات والبيوت .

ويندرج تحت هذه الأنواع الأربعة :
1- المأكول والمشروب : ما يجعل مع الطعام والشراب وهو أشد أنواع السحر تأثيراً على المسحور ومثله المشموم وما يرش على البدن.
2- المشـموم : ما يخلط في الطيب أو يعمل من الطيب والبخور.
3- المعقـود : كل ما يمكن عقده والنفث عليه .
4- الأثــر : ما يؤخذ من أثر المسحور " الشعر ، الأظافره ، الثياب ، دماء الحيض ، البول ، المني " .
5- المنثـور : كل مسحوق ينفث عليه الساحر وينثر في الغرف وعند مداخل البيوت.
6- المرشوش: كل سائل ينفث عليه الساحر ويرش على الثياب أو عند عتب الأبواب أو في الأماكن التي غالبا ما يتواجد بها المراد سحره .
7- الطلسمات: أسماء وكلمات وحروف وأرقام ومربعات مجهولة المعنى لغير السحرة .
8- المرصـود : يرصد لطلوع نجم أو اقتران كوكب بكوكب أو قمر وما يترتب عليه من هيجان البحر والدم.

ويرى الرازي في كتابه قصة السحر والسحرة...وُجوب التمييز بين ثمانية أنواع من السحر:
1 - سحر الكنعانيين. يعني عنده عبادة الكواكب بالخصوص. ترتكز هذه العبادة، في نظره، على الإيمان بتأثير الكواكب في العالم السفلي وتحكّم العالم العلوي في نظيره السفلي.

2 - سحر أصحاب الأوهام والنفوس القوية. هذا السحر لا تمارسه إلا فئة من الناس لها نفوس قوية. وعن هذه الفئة تصدر العين الشريرة، حسب المؤلف. في هذا النمط من السحر لا يشكل استخدام العزائم والبخور سوى عنصر إضافي، لأن الساحر هنا يؤثر بقوة نفسه في العالم الخارجي.

3 - سحر العزائم وأعمال تسخير الجن. يرى الرازي أن الجن موجودون واقعيا، وبفضل الرياضة وإقامة شعائر دينية مرفوقة بإطلاق البخور وتلاوة العزائم، يتوصل الساحر إلى اللقاء بهم والتحكم فيهم وتسخيرهم.

4 - سحر التخيل والأخذ بالعيون. وهو ما نسميه حاليا بـ «الألعاب السحرية». في هذا المستوى، عن طريق التحكم في قوانين بصرية ونفسية، يتمكن الساحر من التأثير في حواس مستشاريه وضحاياه وليس في العالم الخارجي.

5 - سحر الأعمال العجيبة. وتعود تارة إلى تحكم الساحر في تقنيات يدوية أو ذهنية، وتارة إلى تحكمه في مخيلة المرضى أو الضحايا. من بين الأمثلة التي يذكرها المؤلف جداولُ الرسامين الكلدانيين والهنود في عصره. يقول: «ومنها الصور التي يصورها الروم والهند حتى لا يفرق الناظر بينها وبين الإنسان، حتى يصورها ضاحكة وباكية، حتى يفرق المرء بين ضحك السرور، وبين ضحك الخجل، وضحك الشامت».

6 - سحر الاستعانة بخواص الأدوية. من الأمثلة التي يقدمها المؤلف عن هذه الفئة، يمكن انتخاب الوصفة التالية:الوصفة 4: [للتبليـد]:
«أن يُجعل في طعام الضحية بعض الأدوية المبلدة المزيلة للعقل والدخن المسكرة نحو دماغ الحمار إذا تناوله الإنسان تبلد عقله، وقلت فطنته!».

7 - سحر «تعليق القلب». هنا يزعم الساحر أنه يعرف اسم الله الأعظم، وأنه بفضله يحكم الجن ويسخرهم. ولشدة اعتقاد المريض أو الضحية بهذا الزعم، فإنه يسهِّل فعالية الطقوس.

8 - سحر «السعي بالنميمة والتدريب». وفي هذا المستوى، لا يؤثر الساحر في الأشخاص إلا بالحيل.

بعض طرق عمل السحر
يقوم الساحر باختيار مادة السحر المناسبة ثم يتلو العزائم السحرية عليها أو يكتب الطلسمات بطريقته الشيطانية على ورق أو جلد أو معدن ، ثم يختار إحدى الطريقتين لإحداث التأثير في المراد سحره:

الطريقة الأولى : تكون مادة السحر خارج جسد الشخص المراد سحره ، كأن يدفن السحر في جوف الأرض كالمقابر والطرقات أو يضع السحر في الماء أو يرمى في قاع البحار والأنهار أو في مجاري المياه أو يعلق على الأشجار وفي مهاب الرياح ، أو يكون العمل من أشياء محروقة ، ومن السحر ما يرش على الثياب ، ومنه ما يصقل على الحلي ومنه ما يرش عند الأبواب ، ومنه ما يذر في الهواء ، ومنه ما يربط بأجنحة وأرجل الطيور أو يكون مقروناً بالحيوانات .. الخ.

الطريقة الثانية : أن يقوم الساحر بإعطاء بعض الأشياء لإطعامها للشخص المراد سحره، أو سقيها له أو شمها أو رشها على ثيابه أو فراشه، وهذه الأشياء في الغالب تكون من مواد نجسه مثل دم الحيض ، بول ، لعاب كلب أو دم ميتة أو دم خنزير.. الخ.

يقول ابن خلدون في مقدمته : ورأينا بالعين من يصور صورة الشخص المسحور بخواص أشياء مقابلة لما نواه وحاوله موجودة بالمسحور وأمثال تلك المعاني من أسماء وصفات في التأليف والتفريق ثم يتكلم على تلك الصورة التي أقامها مقام الشخص المسحور عينا أو معنى ، ثم ينفث من ريقه بعد اجتماعه في فيه بتكرير مخارج تلك الحروف من الكلام السوء ويعقد على ذلك المعنى في سبب أعده لذلك تفاؤلا بالعقد واللزام وأخذ العهد على من أشرك به من الجن في نفثه في فعله ذلك استشعارًا للعزيمة بالعزم ولتلك البينة والأسماء السيئة روح خبيثة تخرج منه مع النفخ متعلقة بريقه الخارج من فيه بالنفث فتنزل عنها أرواح خبيثة ويقع عن ذلك بالمسحور ما يحاوله الساحر أ.هـ.

وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن عائشة قالت: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم غلام يهودي يخدمه يقال له لبيد بن أعصم، فلم تزل به يهود حتى سحر النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم يذوب ولا يدري ما وجعه، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة نائم إذا أتاه ملكان فجلس أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه، فقال الذي عند رأسه للذي عند رجليه: ما وجعه؟ قال: مطبوب. قال: من طبه؟ قال: لبيد بن أصم. قال: بم طبه؟ قال: بمشط ومشاطة وجف طلعة ذكر بذي أروان وهي تحت راعوفة البئر. فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غدا ومعه أصحابه إلى البئر فنزل رجل فاستخرج جف طلعة من تحت الراعوفة، فإذا فيها مشط رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن مشاطة رأسه، وإذا تمثال من شمع تمثال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا فيها أبر مغروزة، وإذا وتر فيه إحدى عشرة عقدة، فأتاه جبريل بالمعوذتين فقال: يا محمد {قل أعوذ برب الفلق} وحل عقدة {من شر ما خلق} وحل عقده حتى فرغ منها وحل العقد كلها وجعل لا ينزع إبرة إلا يجد لها ألما ثم يجد بعد ذلك راحة، فقيل: يا رسول الله لو قتلت اليهودي فقال: قد عافاني الله وما وراءه من عذاب الله أشد فأخرجه.

أطــراف السحــــر
1. الإنسان الساحر
2. ساحر الجن
3. شيطان السحر
4. التابع (الرصد)
5. طالب السحر
6. الإنسان المسحور

الإنسان الساحر:
ساحر الإنس هو في الحقيقة شيطان من شياطين الإنس ، لا يحب الخير أبدا ، يركع ويسجد لشياطين الجن من دون الله ، نُزعت الرأفة والرحمة من قلبه ، همه المال والشهوة وإرضاء أسياده من شياطين الجن ، قذر نجس الباطن والظاهر ، كافر بالله بل لابد لساحر الإنس أن يكفر بالله حتى يكون ساحرا ، يقوله الله تعالى :" وَمَا يُعَلّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتّىَ يَقُولاَ إِنّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ " الآية ، يلعن ذات الله ويسب رسوله ، ويكتب والعياذ بالله بعض آيات القران الكريم بمداد نجس ويستنجي بأوراقه ، ويصنع منها حذاء له ، ويطأ المصحف بل يتغوط ويبول عليه ، وعقابه الشرعي ضربة بالسيف تستأصل رقبته من بدنه .

علامات يعرف بـها السحرة:
يقول الشيخ وحيد عبد السلام بالي في كتابه صاحب كتاب الصارم البتار: إذا وجدت علامة واحدة من هذه العلامات في أحد المعالجين فهو من الدجالين والمشعوذين ومن الكهان والعرافين وهو من السحرة بلا أدنى ريب ، وهذه العلامات هي:
(1) يسأل المريض عن اسمه واسم أمه.
(2) يأخذ أثرا من آثار المريض ( ثوب قلنسوة منديل).
(3) أحيانا يطلب حيوانا بصفات معينة ليذبح ولا يذكر اسم الله عليه.
(4) كتابة الطلاسم أو تلاوة العزائم الغير مفهومة.
(5) إعطاء المريض حجابا يحتوي على مربعات بداخلها حروف أو أرقام.
(6) يأمر المريض بأن يعتزل الناس فتره معينه في غرفة لا تدخلها شمس ويسميها العامة الحاجبة.
(7) أحيانا يطلب من المريض أن لا يمس الماء لمدة معينه.
(Cool يعطي المريض أشياء يدفنها في الأرض.
(9) يعطي المريض أوراقا يحرقها ويتبخر بها.
(10) أحيانا يخبر المريض باسـمه واسم أمه وبلده ومشكلته.
(11) يطلب طلبات منكره كأن يقول لا تمس المصحف ، أو لا تقرأ القران ، أو لا تصلِ ، أو استمع إلى الموسيقى .
فإذا علمت أن الرجل ساحرٌ فإياك والذهاب إليه ، وإلا ينطبق عليك قول النبي صلى الله عليه وسلمSadَ مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَة )(رواه أحمد). وفي رواية عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ ( مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم)(رواه مسلم).

ساحر الجن :
يقول سبحانه وتعالى: " وَاتّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشّيَاطِينُ عَلَىَ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنّ الشّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلّمُونَ النّاسَ السّحْرَ " الآية . ساحر الجن شيطان من الشياطين الأبالسة ، تمرس وتمرن لسنين طويلة على أعمال الشر والفتنة والشرك والكفر بالله ، خبير بطرق وأساليب السحر والتفريق والأذى ، يوحي إلى وليه ساحر الإنس بخبراته وتجاربه وطرق وكيفية عمل السحر .

شيطان السحر أو خادم السحر :
الإنسان الساحر يتقرب ويتودد ويتحبب إلى كبار عفاريت ومردة الشيطان بفعل كل أنواع الكفر والشرك والفسوق والعصيان ، فتعينه الشياطين وتجعل تحت إمرته وخدمته كثيراً من الجن الأشرار على اختلاف أصنافهم وطرائقهم ، من أجل أن يستخدمهم في إيقاع الضر بالإنسان المسحور .

خادم السحر ( المرسل ) : إذا كان شيطان السحر مرسلا فهذا يعني أنه يمكنه الخروج من جسد المصاب ، ولو شدد عليه بالقراءة يخرج صاغرا ، وربما أرجعه الساحر وقد يخون ويعود من نفسه ، وأغلب شياطين السحر المرسلة هي من المدد الشيطاني الذي يمد به ساحر الجن الى الموكل بالسحر عندما يعجز عن تنفيذ أوامر السحر .

خادم السحر ( المربوط ) : يكون الشيطان مربوطا ومقيدا بالسحر حتى لا يترك المسحور لأي سبب من الأسباب فهو لا يستطيع الخروج من جسم المسحور وقت القراءة ولا بعدها ، حتى يبطل الله سحره .

التـابع ( الرصد) :
لا بد من ذكر حقيقة هامة ، وهي أن كل سحر لابد من متابعته بجن آخر يكون همزة وصل بين الساحر والجن الموجود مع المسحور ينقل إلى الساحر أخبار هذا الجن وينقل تعليمات الساحر إليه ، وايضاً يساعد الموكل بالسحر بالمعاضدة والنصح والتاثير على الآخرين ، وغالبا ما يكون هذا التابع أقوى من الموكل بالسحر وعنده من العلم والدراية خاصة في علاج الجن ، حيث أن بعض الجن يصاب أو يمرض أو يؤذى من الراقي فيأتي هذا التابع لعلاجه أو استدعاء آخرين إذا لم يستطع علاجه بنفسه والله أعلم.

الإنسان طالب السحر:
طالب السحر : إنسان حاقد ، ظالم ، جاهل ، جبان يعمل بالخفاء ، إذا أراد أن ينتقم من إنسان آخر ذهب إلى عدو الله الساحر فيطلب منه أن يفرق بين فلان وفلانه أو أن لا يجعل فلانة تتزوج من فلان أو أن ينفر فلان من أهل بيته ومجتمعه وعمله .. الخ ، يخسر دينه ويغضب ربه ويقحم نفسه في نار جهنم والعياذ بالله يقول الله تعالى : " وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الاَخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ" . ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس منا من تَطير أو تُطير له أو تكهن أو تُكهن له أو سحر أو سُحر له ) رواه البزار ، ويقول عليه الصلاة والسلام : ( اجتنِبوا السّبعَ الموبقات. قالوا: يا رسولَ اللهِ وما هُنّ ؟ قال: الشّركُ باللهِ, والسّحرُ, وقتْلُ النّفسِ التي حَرّمَ اللهُ إلاّ بالحقّ ، وأكلُ الرّبا ، وأكلُ مالِ اليَتيم ، والتّولّي يوم الزّحفِ، وقذفُ المُحصناتِ المؤمناتِ الغافِلاتِ) رواه الشيخان . إن عمل السحر ظلم عظيم والله سبحانه وتعالى يقول: " وَلاَ تَحْسَبَنّ اللّهَ غَافِلاً عَمّا يَعْمَلُ الظّالِمُونَ إِنّمَا يُؤَخّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ " [المؤمنون:42].

وكم أعجب من استخفاف من يدبر السحر من عقوبة الله وهو شديد العقاب، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلمSad مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجّلَ اللهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدّنْيَا مَعَ مَا يَدّخِرُ لَهُ فِي الاَخِرَةِ مِنَ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرّحِمِ ) .رواه ابن ماجة والترمذي وأحمد . ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم العاضهة والمستعضهة. يعني: بالعاضهة: الساحرة، وبالمستعضهة: التي تسألها أن تسحر لها .

يعلم من يطلب السحر أنه يعمل عملا يغضب الله سبحانه وتعالى ، يعمل عملا يدخله نار جهنم من أجل ماذا !؟. من أجل أن لا تتزوج فلانة من فلان أو حسدا لماذا لا يتزوج فلان من فلانه ، لماذا هم أغنياء ونحن فقراء أو حسدا لماذا أبناء فلانة متفوقون في دراستهم وأعمالهم … الخ. يقول اللَّهُ تَعَالَى:" وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ".

يقول رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ". رواه البخاري

فليتقِ الله من يتعامل مع هؤلاء السحرة لعنهم الله ، وليستغفر الله ويتوب إليه ، وليبطل ما عمل من السحر ، وليكثر من الطاعات والاستغفار لعل الله أن يتوب عليه ، يقول الله تعالى في سورة آل عمران : " وَالّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوَاْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذّنُوبَ إِلاّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرّواْ عَلَىَ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ" ، ويقول تعالى في سورة المائدة" فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنّ اللّهَ غَفُورٌ رّحِيمٌ " . وليحذر ويتقي دعوة المظلوم فإنها مستجابة .

أخرج البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ ، وعند الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاثَةٌ لا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَالإمَامُ الْعَادِلُ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ فَوْقَ الْغَمَامِ وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ وَعِزَّتِي لأنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elngdy.yoo7.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 372
تاريخ التسجيل : 16/10/2008
العمر : 52
الموقع : https://elngdy.yoo7.com/

  الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات     إعداد  شعبان النجدي  باحث في العلوم الشرعية والقانونية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات إعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية     الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات     إعداد  شعبان النجدي  باحث في العلوم الشرعية والقانونية Emptyالخميس ديسمبر 04, 2014 12:59 am

*وأحب أن أنبه طالب السحر إلى بعض الأمور التالية*
• إن عمل السحر بغي ومكر سيئ ، وجاء في الحديث "والله ثلاث مـن كـن فيه فهي راجعة على صاحبها البغي، والمكر، والنكث " ، أي فشرها يعود عليه ، ثم قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "اسْتِكْبَاراً فِي الأرْضِ وَمَكْرَ السّيّىءِ وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السّيّىءُ إِلاّ بِأَهْلِه " ، وقرأ " يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم" وقرأ "فمن نكث فإنما ينكث على نفسه"
• قد ينعكس السحر عليك ، وهذا يحصل أحيانا .
• غضب الجبار ، يقول سبحانه وتعالى : " وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الاَخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ" البقرة 102.
• قد يُكشف الله أمرك ويفضحك في الدنيا قبل الآخرة .
• قد لا يحكم السحر بالمسحور ، "وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله".
• لو حكم السحر بالمسحور فإنه ليس بالضرورة أن تنفذ أوامر السحر ، يقول تعالى: ( وَلاَ يُفْلِحُ السّاحِرُ حَيْثُ أَتَىَ ) .

الإنسان المسحور:
إنسان مبتلى بسحر من سحره ، فينبغي عليه الصبر على البلاء وليحتسب الأجر والمغفرة عند الله ، وليتخذ من الأسباب الشرعية المباحة في علاج نفسه وإبطال سحره وليرفع أكف الضراعة وليلح في الدعاء فان الله سبحانه وتعالى يقول :" أَمّن يُجِيبُ الْمُضْطَرّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السّوَءَ وَيَجْعَلُكُمْ حُلَفَآءَ الأرْضِ أَإِلَهٌ مّعَ اللّهِ قَلِيلاً مّا تَذَكّرُونَ "{ [النمل:62]
المبحث الثاني
بعض أنواع السحر وأعراضه من حيث تأثيرها على المسحور
- سحــر التفريــق
- الربـط
- أنواع الربط
- سحر الجوارح (المرض (
- سحر الخوف
- سحر الفشـل واليأس والفقـر
- سحر الجنــون
- سحر تعطيــل الزواج ( الوقف (
- سحر المحبة ( التـولة (
- سحر التهيـج
سحــر التفريــق
هذا النوع من السحر هو الأكثر شيوعا بين الناس وهو الغالب استخدامه من قبل السحرة على مر الأزمان ، يقول الله تعالى :  فَيَتَعَلّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلّمُونَ مَا يَضُرّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ ، جاء في كتاب التعريفات أنه يوجد في الإنسان قوة تسمى القوة المتخيلة ، وهذه القوة هي التي تتصرف في الصورة المحسوسه والمعاني الجزئية المنتزعة منها ، وتصرفها فيها بالتركيب تارة والتفصيل أخرى وهذه القوة إذا استعملها العقل المفكر سميت مفكرة كما أنها إذا استعملها الوهم في المحسوسات مطلقا سميت متخيلة أ.هـ. وإن السحرة والشياطين قاتهلم الله تتسلط على هذه القوة المتخيلة في الإنسان وتستخدمها في العطف والصرف والتخيل . فكم من زوج فرق بينه وبين زوجته وكم من أخ فرق بينه وبين أخيه وأخته وكم من ولد فرق بينه وبين والديه.

بعض أعراض ووسائل التفريق بين الزوجين:
_ غرس بذور الفرقة ؛ كسوء الظن وسوء الفهم .
_ إثارة العداوة والبغضاء بدل المحبة والوفاق.
_ إثارة العناد وحب الانتقام بدل العفو والصفح.
_ قلب معاني الأقوال والأفعال.
_ تجسيم وتعظيم أسباب الفرقة والخلاف.
_ التشكيك في نظرات وأفعال وتصرفات المسحور نفسه.
_ التشكيك في نظرات وتصرفات وأقوال وأفعال أحب الناس له.
_ يرى العدو صديقا والصديق عدوا .
_ يعمل بغير إدراك إلى ضد مصلحته .
_ عدم القدرة على التكيف مع من صرف عنه بالسحر .
_ استراق السمع: وهو أن يصدر الشيطان ( خادم السحر ) أو الرصد أصواتاً من لا يسمعها غير المسحور من أجل استفزاز المسحور .
_ استجلاء البصر : هو التخيل بالصورة ، مثل التخيل بالصوت فيتشبه ويتمثل الشيطان خادم السحر في الأحلام أو في اليقظة ( عن طريق التخيل ) أو بين اليقظة والمنام بصورة من يريد إيقاع الفرقة والبغضاء بينه وبين المسحور ، يقول تعالى في سورة الأعراف :  فلما ألقوا سحروا أعين الناس ويقول تعالى في سورة طه : فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى .

ومن تأثير هذا النوع من السحر على المسحور أنه إذا نظر المسحور إلى زوجته مثلاً ، يراها بصورة منفرة كأن يرى وجهها وجه قردة أو كلبة أو أنه يراها وكأنها تنظر إليه نظر المتحدي المتغطرس ، وكذلك إذا خرج المسحور مع زوجته إلى السوق يخيل إليه أنها تنظر وتعاكس الرجال ؛ والعكس لو كانت المسحورة الزوجة، ومهما أخذ الزوج أو الزوجة في الدفاع عن النفس والبرهنة على الحب والوفاء والإخلاص ، فإن الفكرة المسيطرة تظل سائدة مما ينتهي في بعض الأحيان إلى انفصام عرى الزوجية بالطلاق أو الفراق ، وقد يكون السحر متعديا فيكون التخيل على عيون زوجة المسحور أو العكس .

وقد يحدث النفور بين الزوجين بدون أي سبب ولا يعرف الطرفان سبباً لهذا النفور مع العلم أن عقلهما وقلبهما يريدان عكس ذلك ولكن لا يستطيع الزوجان المصارحة فيما بينهما وتجد أن الزوجين يشعران بالنفور عندما يكونا قريبين ويحصل العكس إن تفرقا وابتعدا ، بل ويندم المسحور على سوء تصرفه مع زوجه ، وإذا ما رجعا واقتربا عاد النفور .

وأحب أن أنبه هنا إلى أنه ليس كل خلاف يقع بين الزوجين بسبب السحر ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلىالله عليه وسلم إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ مَا صَنَعْتَ شَيْئًا قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ قَالَ فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ نِعْمَ أَنْتَ قَالَ الاعْمَشُ أُرَاهُ قَالَ فَيَلْتَزِمُهُ . رواه مسلم
تقرأ آيات التأليف الواردة في باب تذكرة الإخوان ببعض آيات القرآن على من يعاني من سحر التفريق والربط .

الربـــــــط
الربط : هو أخذ الرجل عن زوجته فلا يستطيع أن يجامعها وبالتالي يُعَد من أشد أنواع الإيذاء للرجل والمرأة ، وتحدث حالة التمنع وعدم الإستمتاع والربط في الغالب بسبب من الأسباب التالية:
- الزواج القهري : عدم القبول والموافقة من قبل أحد الزوجين .
- العجز أو الضعف الجنسي وهذا النوع يعالجه الأطباء ، والذي قد يكون العجز الجنسي بسبب الإصابة بمرض السكري أو خلل في فرز بعض الهرمونات (التيستوستيرون ) وهو ما يسمى بالهرمون الذكري ، أو بسبب خلل في الأعصاب المغذية للعضو الذكري.
- العجز بسبب استخدام الأدوية التي لها تأثير سلبي على الانتصـــاب مثل مدرات البول وبعض الأدوية التي تستخدم في حالات ارتفاع ضغط الدم والتي تستخدم ضد الاكتئاب والصرع وضد الروماتيزم .
- القلق والوهم والخوف من عدم القدرة على الجماع وهذا النوع يعالجه الأطباء أيضا .
- الربط بسبب السحر ، ويستخدم كوسيلة للتفريق بين الزوجين .
- الربط بسبب المس الشيطاني وفي الغالب يكون بسبب العشق.
يقول منصور عبد الحكيم : إن بعض الحالات التي رأيناها كان الرجل يؤخذ عن زوجته بسبب جني يكون مع زوجته ويحبها ويقوم هذا الجني بعملية الربط للزوج حتى لا يجامع زوجته ، وفي هذه الحالة يجب علاج الزوجة حتى يقضى على الجني الذي يقوم بربط الزوج ، وعند علاج الربط يجب علاج الزوجين معا حتى يأتي العلاج ثمرته.
أنواع الربط
ربط المنع : وهو أن تحاول المرأة منع زوجها من إتيانها عند المعاشرة.
ربط التبلد: هو أن يتمركز الجني الموكل بالسحر في مركز الإحساس في مخ المرأة فإذا أراد زوجها أن يأتيها أفقدها الجني الإحساس فلا تشعر بلذة ولا تستجيب لزوجها.

ربط النزيف: ربط النزيف هو إذا أراد الرجل أن يأتي زوجته سبب لهانزيفا شديدا (استحاضة ) فلا يتمكن الرجل من إتيانها ، وقد تخرج رائحة كريهة جدا من فرج المرأة ، أو يحصل للمرأة آلام شديدة عند الجماع .

ربط الانسداد: وهو إذا أراد الرجل أن يأتي زوجته وجد سدا منيعا أمامهمن اللحم لا يستطيع أن يخترقه ، فلا تنجح عملية اللقاء الجنسي .

ربط التغوير: وهو أن يتزوج الرجل بنتا بكرا ، فإذا أراد أن يأتيها يخيل إليه أنها كالثيب تماما حتى يشك في أمرها وفي هذه الحالة يكون السحر متعديا على الزوج، وعندما تعالج المرأة ويبطل السحر يجد الرجل غشاء البكارة بكيفية يعلمها الله .

ربط العجز : وهو عدم مقدرة الرجل إتيان زوجته ، ويشعر المصاب بفتور وتنميل وقت الجماع في أجزاء جسمه خاصة في الذراعين والقدمين ، ويشعر بآلام في أسفل الظهر والفخذين ولو أنه استطاع الجماع لم يجد اللذة .

الربط بالتناوب: يكون السحر مشتركا بين الزوج والزوجة ، فإذا كانالزوج سليم من الناحية الجنسية تكون الزوجة غير سليمة.

ومن الربط ما يمنع الرجل عن جميع النساء ومنه ما يربط الرجل عن إحدى زوجاته.
سحر الجوارح (المرض )
السحر بجميع أنواعه مرض ولكن عندما تكون أوامر السحر إصابة الإنسان بمرض معين أو امراض متنقله أو امراض متعددة يقال أنه مصاب بسحر الجواح أو سحر المرض ، جاء في بعض طرق حديث سحر الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه ابن سعد في الطبقات من حديث ابن عباس أن النبي صلىالله عليه وسلم مرض وأخذ عن النساء والطعام والشراب.. الحديث ، وفي حديث سحر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فعن عمرة عن عائشة رضي الله عنها أنها أعتقت جارية لها عن دبر منها ( أي تكون حرة بعد موت سيدتها )، ثم إن عائشة مرضت بعد ذلك ما شاء الله ، فدخل عليها سندي ، فقال إنك مطبوبة، فقالت من طبني ؟ ، فقال امرأة من نعتها كذا وكذا ، وقال في حجرها صبي قد بال ، فقالت عائشة : ادعوا لي فلانة ، لجارية لها تخدمها ، فوجدوها في بيت جيران لها في حجرها صبي قد بال ، فقالت حتى أغسل بول هذا الصبي فغسلته ، ثم جاءت ، فقالت لها عائشة : أسحرتيني ؟ فقالت نعم ، فقالت لم ؟ قالت أحببت العتق . هذه الرواية في موطأ مالك ( رواية أبي مصعب الزهري ) وسنده صحيح ، وفي رواية عند احمد في المسند اشتكت عائشة فطال شكواها ، فقدم إنسان المدينة يتطبب ، فذهب بنو أخيها يسألونه عن وجعها فقال: والله إنكم تنعتون نعت امرأة مَطْبُوبة قال: هذه امرأة مسحورة سحرتها جارية لها ، وفي رواية أخرى أخرجها عبدالرزاق في مصنفه عن عمرة قالت : مرضت عائشة فطال مرضها فذهب بنو أخيها إلى رجل ، فذكروا مرضها، فقال إنكم لتخبروني خبر امراة مطبوبة ، فذهبوا ينظرون فإذا جارية لها سَحَرَتها ، وكانت قد دبرتها ، فسألتها فقالت ما أردت مني؟ فقالت أردتُ أن تموتي حتى أعتق.

ويقول القرطبي في تفسيره لآية 102 من سورة البقرة ولا ينكر أن السحر له تأثير في القلوب، بالحب والبُغْض وبإلقاء الشرور حتى يفرّق الساحر بين المرء وزوجه، ويحول بين المرء وقلبه، وذلك بإدخال الآلام وعظيم الأسقام ، وكل ذلك مدرك بالمشاهدة وإنكاره معاندة أ.هـ.

يقول جمال عبد الباري : وقد يأخذ السحر شكل مرض من الأمراض ، إلا أن أمراض السحر تختلف عن الأمراض العضوية في أنها متنقلة في الجسم ، ومن الحالات التي رأيتها حالة مهندس كيميائي . عند إجراء الفحوصات الطبية عليه يتضح أنه مصاب بالضغط والسكر وحصى في الكلى ، وفي اليوم التالي يجري فحوصات طبية فيجد نفسه سليما تماما والتقارير التي معه تقول هذا أ.هـ.
يقول بشار بن بردة:
وقالوا به داءٌ أصاب فؤادهُ من الجن أو سحر بأيدي المواردِ

سحر الخوف
إذا استحوذ الشيطان على المسحور بسحر الخوف يجعله يخاف من كل شيء ، يجعله يستوحش المكان الذي هو فيه ، ويخوفه من الموت ، ويخوفه من أبيه ومن مدير عمله ، أو يخوفه من الوحدة فتجده يحتاج لمن يكون بجواره دائما ، ويوسوس له الشيطان حتى يجعله يظن أنه مراقب من كل الناس ، ومن رجال الشرطة ، فتجده دائما في هلع وفزع وخوف وقد يخوفه الشيطان من أقرب وأحب الناس إليه ، وتجده يفزع عند سماع أي صوت مفاجئ مثل جرس الباب والتلفون ، يخاف من المجهول أن يهجم عليه في أي وقت .
فمثل هذا يقرأ عليه مع آيات الرقية آيات السكينة والانشراح والأمن من الخوف الواردة في باب تذكرة الإخوان ببعض آيات القرآن
سحر الفشـل واليأس والفقـر
يكون الإنسان المسحور في فشل متواصل ، فإن كان طالبا يكون كثير الرسوب وليس له القدرة على التركيز والحفظ فلا يذاكر ولا يواصل الدراسة ، وإن كان موظفا فتجده لا يعمل ولا يستقر في الوظيفة إلا الوقت اليسير ثم يبحث عن غيرها، وتجده فاشلا في أعماله وفاشلا في زواجه وفاشلا في علاقته مع الناس ، يائسا من المستقبل يائسا من الحياة ، مبذراً لماله بل المال لا يستقر في يده ، ينفقه على أشياء تافهه ويعطيه لمـن لا يستحق له .

سحر الجنــون
يقول الشيخ عبد الخالق العطار إذا تمركز واستقر شيطان السحر بمخ الإنسان فإن الله قد يمكنه من التعرف على خلايا المخ ووظائفها واستخدامها ، فإن كان الإنسان لا يفيق أبدا بل دائم الشرود والذهول والنسيان والعصيان ، فهو اقتران جزئي دائم، أما في الاقتران الكلى الدائم تظهر الروح متقمصة وممثلة شخصية الهبل والخبل والجنون .. وقد يكون خادم السحر المقترن بالمسحور من طبعه الخبل وضعف الذاكره ، ومن مكونات شخصيته أنه مجنون، وإن كان تسلط الشيطان على عقل المسحور متقطعا ؛ بأن يفيق ويعقل ويفهم ويتعامل الإنسان بشكل طبيعي أحيانا ويغيب أحيانا فهذا اقتران طارىء. أ.هـ.
يقول الشافعي :
جنونك مجنون ولست بواجدٍ طبيباً يداوي من جنونٍ جنونَ

سحر تعطيــل الزواج ( الوقف )
في هذه الحالة يقوم خادم السحر بعمل أي شيء من شأنه عرقلة الزواج ، حيث أنه يقوم بالتشكل وعمل الأقنعة القبيحة على وجه الخاطب حتى تراه المخطوبة في أقبح صورة أو أن يجعل الخاطب يرى من المخطوبة ما يكره من شكل أو تصرف أو يوسوس لهما بعدم التكافؤ بينها ، أو يوسوس للفتاة بطريقة أو بأخرى بأنها ليست بكرا فتخاف من الفضيحة وترفض الزواج ، أو يزهد المرأة أو الرجل عن الزواج دون سبب وقد يرفض أهل الخاطب أو المخطوبة دون سبب منطقي ، وليس بالضرورة أن يكون خادم السحر مربوطاً في جسد المسحور ، بل قد يكون تأثيره من الخارج بالتخيل والوسوسـة . يقرأ على المسحور آيات من حيل بينه وبين الزواج الواردة في باب تذكرة الإخوان ببعض آيات القرآن.

سحر المحبة ( التـولة )
أخرج أبي داود وأحمد من حديث عبدالله ابن مسعود أنه قال:" سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلىالله عليه وسلم يَقُولُ إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ " ، والسبب في عمل هذا النوع من السحر أنه ربما تجد المرأة من زوجها شيئا من الصدود ، فتشتكي إلى إحدى أخواتها أو صديقاتها أو أمها فتشير عليها أن تذهب إلى الساحر الفلاني ليعمل لها عملا يجعل زوجها خاتما بأصبعها ، ولا تعلم هذه المرأة أنها تخسر آخرتها من أجل دنياها بذهابها إلى الساحر.

يقول الله تعالى :  وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الاَخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ويقول: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدّنْيَا * وَالاَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىَ  ، ولا تعلم هذه المرأة أن الساحر سوف يرسل على زوجها من الشياطين الكفرة يتلبسونه ويصدونه عن الصلاة والذكر والذهاب إلى المساجد وَمَنْ أَظْلَمُ مِمّنْ مّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىَ فِي خَرَابِهَآ أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَآ إِلاّ خَآئِفِينَ لّهُمْ فِي الدّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الاَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [البقرة:114]، وقد تؤذيه شياطين السحر في عقله وبدنه بأمراض شتى ، يصيبونه بالصداع والسهر والضيق في الصدر، وقد يمكر الله بها بتسلط شياطين السحر عليها، وربما انعكس سحرها عليها بسبب خطأ في عمل السحر فتخسر دنياها وأخرتها إلا أن يتداركها الله برحمة من عنده.

ولو أن هذه المرأة تحببت إلى زوجها بالطيب من الكلام وبحسن الخلق لكسبت محبته ومودته ولفازت بالأجر والمثوبة من عند الله ولانقاد لها زوجها محبا مطيعا ، يقول صلىالله عليه وسلم: إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا ، ويقول الكميت :
وقاد إليها الحب فانقاد صَعبه بحب من السحر الحلال التحببِ

أعراض سحر المحبة :
يذكر صاحب كتاب الصارم البتار أن من أعراض سحر المحبة ما يلي :
- الشغف والمحبة الزائدتان.
- الرغبة الشديدة في كثرة الجماع.
- عدم الصبر عنها.
- التلهف الشديد لرؤيتها.
- طاعته لها طاعة عمياء.أ.هـ.
هذه الفقرة من كتاب الصارم البتار في التصدي للسحرة الأشرار 138

والذي أظنه والله أعلم أنه قد تكون مثل هذه المحبة محبة فطرية وليست بسبب السحر والشياطين ، فلا يشك من يقرأ هذه السطور أنه مسحور بسحر المحبة . يقول قيس بن الملوح :
قالوا جننت بمن تهوى فقلت لهم العشـق أعظم مما بالمجانين
العشق لا يستفيق الدهر صاحبه وإنما يصرع المجنون في الحين

ويقول أيضاً :
يقولون مسحور يهيم بذكرها ووالله ما بي من جنون ولا سحر

سحر التهيـج
ما أظن أن أحد يعمل هذا النوع من السحر وفي قلبه ذرة من إيمان ، حيث أنه يجمع بين السحر وطلب الفاحشة والعياذ بالله وتهيج قلب المسحور وصرفه عن ذكر الله سبحانه وتعالى .

يذكر ابن قيم الجوزية في كتابه روضة المحبين ونزهة المشتاقين في الباب الثامن والعشرون " فيمن آثر عاجل العقوبة والآلام على لذة الوصال الحرام " قصة لهذا النوع من السحر فيقول : قال جابر بن نوح : كنت بالمدينة جالسا عند رجل في حاجة فمر بنا شيخ حسن الوجه حسن الثياب ، فقام إليه ذلك الرجل فسلم عليه وقال: يا أبا محمد اسأل الله أن يعظم أجرك ، وأن يربط على قلبك بالصبر ، فقال الشيخ :

وكان يميني في الوغى ومسـاعدي فأصبحتُ قد خانت يميني ذراعها
وقد صرت حيرانا من الثكل باهتا أخـا كلف ضاقت على رباعــــها

فقال له الرجل أبشر فإن الصبر مُعول المؤمن ، وإني لأرجو أن لا يحرمك الله الأجر على مصيبتك ، فقلت له من هذا الشيخ ؟ فقال رجل منا من الأنصار فقلت وما قصته ؟ قال : أصيب بابنه وكان به بارا قد كفاه جميع ما يعينه ، ومنيته عجب ، قلت : وما كانت ؟ قال : أحبته امرأة فأرسلت إليه تشكوا حبه وتسأله الزيارة وكان لها زوج ، فألحت عليه ، فأفشى ذلك إلى صديق له ، فقال له : لو بعثت إليها بعض أهلك فوعظتها وزجرتها رجوت أن تكف عنك ، فأمسك وأرسلت إليه إما أن تزورني وإما أن أزورك فأبى ، فلما يئست منه ذهبت إلى امرأة كانت تعمل السحر فجعلت لها الرغائب ( العطاء الجزل ) في تهيجه ، فعملت لها في ذلك ، فبينما هو ذات ليلة مع أبيه إذ خطر ذكرها بقلبه وهاج منه أمر لم يكن يعرفه واختلط ( فسد عقله) ، فقام مسرعا فصلى واستعاذ والأمر يشتد ، فقال يا أبه أدركني بقيد ، فقال : يا بني ما قصتك ؟ فحدثه بالقصة ، فقام وقيده وأدخله بيتا فجعل يضطرب ويخور كما يخور الثور ، ثم هدأ فإذا هو ميت والدم يسيل من منخره أ.هـ.

يشتكي بعض من به مس من التهيج والعطف الشديد على الغير من الشباب والشابات ويعاني منه البعض منهم العناء الشديد ، فتجده دائمْ القلق فارغ الفؤاد يغدوا ويروح وبه من الوَلَهُ ما يكاد أن يُقَطِعَ نياط قلبه ، منشغل الفكر بمن يعشق ويهوى ، شَغله الوجد والإشتياق ، يرى طيف من يحب ماثلا في مخيلته ، ويظن أنه يلحظه ويتحدث إليه.
يمثلها بالوهم فكري لناظري وأكثر ما يُضْني النفوس افتكارها

يزداد عليه القلق والاضطراب حتى يصل به الهيام الى البكاء المرير . وليس بالضرورة أن يكون هذا الإنسان مسحوراً ، ولكن الشياطين تؤذي بعض الشباب والشابات الممسوسين بهذا الأسلوب من أجل الفتنة والوقوع في الرذيلة ، وحتى تسيطر عليهم وتسلبهم الإرادة ما داموا منشغلين بفكرهم عن قراءة القرآن وعن كل أمر يقربهم الى الله سبحانه وتعالى . يقول أحد العشاق :
أيا معشر العشاق بالله خبروا إذا حل عشقٌ بالفتى كيف يصنع

والتهيج الذي تعمله السحرة غالبا ما يصل بالإنسان الى أقصى درجات الاستثارة الجنسية ، ويمكن ان نقول أنه على اربعة اشكال بالنسبة للرجال وبالمثل بالنسبة للنساء .
1) تهيج على شخص معين .
2) تهيج على جميع النساء .
3) تهيج على جميع الرجال .
4) تهيج على النساء والرجال ( شذوذ جنسى ) .

وإن علاج هذا البلاء ليس بالأمر الهين ، وتختلف الحالات من شخص إلى آخر لكني أجمل العلاج في النقاط التاليه :
1- الفرار من الفتننة : إن الحب بدايته اختيارية ، وأكثر بداياته من النظرة ، فهو نظرة فابتسامة فموعد فلقاء ، فإن النظر والتفكر والتعرض للمحبة أمرٌ اختياري تتولد عنه أمور اضطرارية يحاسب عليها العبد. عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ قَالَ يَا عَلِيُّ لا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّ لَكَ الأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَةُ. رواه الترمذي .
تولع بالعشق حتى عَشِقْ فلما اسـتقل به لم يطقْ
رأى لُجة ظنها موجـة فلمــا تمكن منها غرقْ
تمنى الإقالة من ذنبــه فلم يستطعها ولم يَسْتَطِقْ
2- تقوى الله والخوف من عقابه ورجاء ما عنده من الأجر والثواب . يقول الله سبحانه وتعالى : وَمَن يَتّقِ اللّهَ يَجْعَل لّهُ مَخْرَجاً سورة الطلاق، ويقول:  فَأَمّا مَن طَغَىَ * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدّنْيَا * فَإِنّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَىَ * وَأَمّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ وَنَهَى النّفْسَ عَنِ الْهَوَىَ * فَإِنّ الْجَنّةَ هِيَ الْمَأْوَىَ  سورة النازعات ، ومن ترك لله شيئا عوضه الله خيرا منه ، يقول الشاعر :

إذا هممنا صدنا وازع التقى فولى على أعقابه الهم خاسئا
3. محبة الله : يقول سبحانه وتعالى :  وَمِنَ النّاسِ مَن يَتّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبّونَهُمْ كَحُبّ اللّهِ وَالّذِينَ آمَنُواْ أَشَدّ حُبّاً للّهِ  [البقرة:165] . عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ . رواه البخاري ، وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ مِنْ دُعَاءِ دَاوُدَ يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَالْعَمَلَ الَّذِي يُبَلِّغُنِي حُبَّكَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ حُبَّكَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي وَأَهْلِي وَمِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ . رواه الترمذي
4. اسأل الله الثبات : عن شَهْر بْن حَوْشَبٍ قَالَ قُلْتُ لأُمِّ سَلَمَةَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مَا كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ عِنْدَكِ قَالَتْ كَانَ أَكْثَرُ دُعَائِهِ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَكْثَرَ دُعَاءَكَ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ قَالَ يَا أُمَّ سَلَمَةَ إِنَّهُ لَيْسَ آدَمِيٌّ إِلا وَقَلْبُهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ فَمَنْ شَاءَ أَقَامَ وَمَنْ شَاءَ أَزَاغَ فَتَلا مُعَاذٌ ( رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا ) رواه الترمذي.
5. لا تعتزل الناس : فإن الاعتزال مدعاة للوسوسة وتسلط الشيطان يقول صلى الله عليه وسلم : « إن الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم، يأخذ الشاة القاصية والناحية، فإياكم والشعاب، وعليكم بالجماعة والعامة والمسجد». رواه احمد في مسنده
- اشغل نفسك بالمباحات : أشغل نفسك بكل ما هو مباح حتى لا يتعبك التفكير وتَسلى عن من تحب.
- قَبح من تحب في نفسك : وإذا ما جال طيفه بفكرك استعذ بالله من الشيطان وتذكر مساوئه وقبائح أفعاله وتذكر نتن ريح إبطيه وما يخرج من جوفه .
- لا تتعرض لمن تحب ، ولا تواعده ولو شق عليك ذلك .
- لا تقرأ قصص الحب والغرام ولا شعر الغزل .
- ابتعد عن مشاهدة المناظر المثيرة والصور الخالعة في الكتب والمجلات والتلفاز.
- لا تستمع للغناء فإنه بريد الزنى .
- عالج نفسك بالرقية الشرعية عند من تثق بعلمة وأمانته .

تُقرأ آيات منع التهيج وآيات السكينة والصبر والإنشراح الواردة في باب تذكرة الإخوان مع آيات الرقية على من أبتلي بسحر التهيج أو تعلق قلبه بمحبة إنسان في غير ذات الله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elngdy.yoo7.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 372
تاريخ التسجيل : 16/10/2008
العمر : 52
الموقع : https://elngdy.yoo7.com/

  الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات     إعداد  شعبان النجدي  باحث في العلوم الشرعية والقانونية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات إعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية     الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات     إعداد  شعبان النجدي  باحث في العلوم الشرعية والقانونية Emptyالخميس ديسمبر 04, 2014 1:01 am

الفصل الرابع
قتل النفس
قال تعالى : { و من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها و غضب الله عليه و لعنه و أعد له عذابا عظيما } سورة النساء
و قال تعالى : { و الذين لا يدعون مع الله إلها آخر و لا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق و لا يزنون و من يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة و يخلد فيه مهانا * إلا من تاب و آمن و عمل عملا صالحا }الفرقان
و قال تعالى : { من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا و من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا }المائدة
و قال تعالى : { و إذا الموؤدة سئلت * بأي ذنب قتلت }
و قال النبي صلى الله عليه و سلم [ اجتنبوا السبع الموبقات ] فذكر قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق و قال رجل للنبي صلى الله عليه و سلم : أي ذنب أعظم عند الله تعالى ؟ قال : [ أن تجعل لله ندا و هو خلقك قال : ثم أي ؟ قال أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك قال : ثم أي ؟ قال أن تزاني حليلة جارك ] فأنزل الله تعالى تصديقها : { و الذين لا يدعون مع الله إلها آخر و لا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق و لا يزنون } الآية و قال صلى الله عليه و سلم [ إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل و المقتول في النار ] قيل : يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال [ لأنه كان حريصا على قتل صاحبه ]
قال الإمام أبو سليمان رحمه الله : هذا إنما يكون كذلك إذا لم يكونا يقتتلان على تأويل إنما على عداوة بينهما و عصبية أو طلب دنيا أو رئاسة أو علو فأما من قاتل أهل البغي على الصفة التي يجب قتالهم بها أو دفع عن نفسه أو حريمه فإنه لا يدخل في هذه لأنه مأمور بالقتال للذب عن نفسه غير قاصد به قتل صاحبه إلا إن كان حريصا على قتل صاحبه و من قاتل باغيا أو قاطع طريق من المسلمين فإنه لا يحرص على قتله إنما يدفعه عن نفسه فإن انتهى صاحبه كف عنه و لم يتبعه فإن الحديث لم يرد في أهل هذه الصفة فأما من خالف هذا النعت فهو الذي يدخل في هذا الحديث الذي ذكرنا و الله أعلم
و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ] و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم [ لا يزال العبد في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما ] و قال صلى الله عليه و آله و سلم أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء و في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا ] و قال صلى الله عليه و سلم : [ الكبائر الإشراك بالله و قتل النفس و اليمين الغموس ] و سميت غموسا لأنها تغمس صاحبها في النار و قال صلى الله عليه و سلم : [ لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه أول من سن القتل ] مخرج في الصحيحين و قال صلى الله عليه و سلم [ من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة و إن رائحتها لتوجد من مسيرة أربعين عاما ] أخرجه البخاري
فإذا كان هذا في قتل المعاهد ـ و هو الذي أعطى عهدا من اليهود و النصارى في دار الإسلام ـ فكيف يقتل المسلم و قال صلى الله عليه و سلم [ ألا و من قتل نفسا معاهدة لها ذمة الله و ذمة رسوله فقد أخفر ذمة الله و لا يرح رائحة الجنة و إن ريحها ليوجد من مسيرة خمسين خريفا ] صححه الترمذي و قال صلى الله عليه و سلم [ من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة لقي الله مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله تعالى ] رواه الإمام أحمد و عن معاوية رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافرا أو الرجل يقتل مؤمنا متعمدا ] نسأل الله العافية

تعريف القتل
القتل : هو إزهاق الروح الإنسانية سواء كان ذلك علي سبيل العمد أو شبه العمد أو الخطأ
أنواعه
القتل : هو إزهاق الروح الإنسانية سواء كان ذلك علي سبيل العمد أو شبه العمد أو الخطأ
ولذلك فالقتل علي ثلاثة أنواع:ـ
• القتل العمد : أن يتعمد الإنسان المكلف قتل إنسان آخر ظلما وعدوانا بآلة يغلب علي الظن القتل بها وحكم هذا القاتل القصاص بشروط : أن يكون القاتل عامدا مختارا وأن لا يكون القاتل أصلا للمقتول وأن يكون المقتول معصوم الدم . واسمع لربك [ "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فإتباع بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ [البقرة : 178] . ويشترط في توقيع العقوبة علي الجاني : أن يكون بالغا عاقلا ، وأن يتفق أولياء المقتول جميعا علي القصاص ، وأن لا يتعدي القصاص الجاني إلي غيره . والذي يتولي التنفيذ هم الحكام وأولياء الأمور في الدولة حتى يستتب الأمن في المجتمع ولا تعم الفوضى . ويسقط هذا الحد :إذا وجدت شبهة تمنع من إقامة الحد أو عفو أولياء المقتول جميعهم أو أحدهم عن القاتل . فإن عفي أهل المقتول أو أحدهم عن القاتل فتجب الدية المغلظة وتكون علي القاتل وهي مائة من الإبل أو ألف دينار أو اثنا عشر ألف درهم وتكون حالة,ووجه التغليظ فيها أنها حالة . وتجب علي القاتل . وتكون من أنواع جيدة .
• أما شبه العمد :هو أن يقصد إنسان قتل مكلف آخر بآله لا يغلب عليها أنها تقتل فيكون الضرب مقصود والقتل مقصود فالضرب تردد بين( العمد والخطأ) والأداة ليست أداة قتل فيكون شبه عمد . وهنا تجب دية مغلظة وهي مائة من الإبل أو ألف ينار أو اثنا عشر ألف درهم وهنا يدفعها العاقلة. وتكون حالة.
• أما الخطأ: هو أن يرمي إنسان صيدا بسلاح فيصيب إنسان خطأ فيقتله دون أن يقصد قتله وهنا تجب دية مخففة هي دية مؤجلة علي ثلاث سنوات ويدفعها العاقلة وهي مائة من الإبل أو ألف ينار أو اثنا عشر ألف درهم. قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً [النساء:92]، وقد ورد في سبب نزولها: ما روي الإمام الطبري رحمه الله أن أبا الدر داء كان في سرية، فعمد إلى شعب لقضاء حاجته، فوجد رجلاً من القوم في غنم له، فحمل عليه بالسيف، فقال الرجل: لا إله إلا الله، فضربه أبو الدر داء بالسيف فقتله، ثم وجد في نفسه شيئًا، فأتى النبيَّ فذكر ذلكَ له، فقال: إنما قالها ليتقي بِها القتل، فقال : ((ألا شققتَ عن قلبه، فقد أخبرك بلسانه فلم تصدقه، فكيف بلا إله إلا الله؟! فكيف بلا إله إلا الله؟!)) قال أبو الدر داء: حتى تمنيت أن يكون ذلك مبتدأ إسلامي، فنزلت الآية . قال المفسرون: تضمنت الآية الإخبار بعدم جواز إقدام المؤمن على قتل أخيه المؤمن بأسلوب يستبعد احتمال وقوع ذلك منه إلا أن يكون خطأ، حتى لكأن صفة الإيمان منتفية عمن يقتل مؤمنًا متعمدًا؛ إذ لا ينبغي أن تصدر هذه الجريمة النكراء ممن يتصف بالإيمان، لأن إيمانه ـ وهو الحاكم على تصرفه وإرادته ـ يمنعه من ارتكاب جريمة القتل عمدًا.إن قتل النفس التي حرَّم الله تعالى إلا بالحق من أحرم الحرام، ومن أفظع الأعمال جرمًا وأكبرها إثمًا، وقد توعد الله قاتل المؤمن عمدًا بأنواع العقوبات، كل واحدة أعظم من الأخرى، وأنزل غضبه عليه، قال جل شأنه: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا[النساء:93]. إن قاتل المؤمن تنتظره هذه العقوبات الأربع: الخلود في نار جهنم، مع الغضب واللعن والطرد والإبعاد عن رحمة الله والعذاب العظيم.
إنه وعيد رهيب قاصم، أشدُ على سمع المؤمن من أي عقاب؛ إذ ليس بعد هذا الوعيد وعيد، وليس بعده جزاء، وذلك كله دليل واضح على حرمة دم المؤمن وحرص الإسلام على المحافظة على النفس المؤمنة . ولا يقف الأمر عند هذا الحد فلقد شدد الإسلام في النهي عن قتل المسلم واسمع لربك "وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً [الإسراء : 33]. وهذا رسول الله صلي الله عليه وسلم في حجة الوداع في آخر نصائحه للأمة في خطبته الجامعة المانعة ما روي البخاري ومسلم رحمهما الله عن عمرو بن الأحوص أن الرسول صلي الله عليه وسلم قال في خطبة الوداع "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض " وما هذا النهي الشديد إلا لحرمة دم الآدمي فقدوري عن النبي صلي الله عليه وسلم " من قتل معاهدا ( يهودي ـ نصراني "لم يرح رائحة الجنة وأن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين سنة " فإذا كان هذا للمعاهد فما بالكم بالمسلم ! فالمسلم حرمته أشد عند الله من حرمة الكعبة فقد روي أن النبي طاف بالكعبة ثم قال ما أطيبك وما أطيب ريحك وما أعظمك وما أعظم حرمتك والذي نفس محمد بيدك لحرمة المؤمن اشد عند الله من حرمتك ماله ودمه وان تظن به إلا خيرا " لذلك أول ما يقضي فيه يوم القيامة الدماء كما اخبر النبي صلي الله عليه وسلم . وكل ذنب عسي الله أن يغفره إلا أن تموت مشركا أو أن تقتل مؤمنا متعمدا كما أخبر النبي صلي الله عليه وسلم فهو من أعظم الذنوب بعد الشرك بالله كما ورد في حديث بن مسعود أي الذنب أعظم يارسول الله فقال أن تجعل لله ندا وهو خلقك قيل ثم أي قال أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك " . ولو أن أهل السماء والأرض اشتركوا جميعا في قتل مسلم لأكبهم الله في جهنم كما اخبر النبي صلي الله عليه وسلم . ومن قتل مسلما متعمدا لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا كما أخبر النبي صلي الله عليه وسلم . ومن أعان علي قتل مسلم ولو بسطر كلمة لم يرح رائحة الجنة كما أخبر النبي صلي الله عليه وسلم اسمع للنبي صلي الله عليه وسلم يأتي المقتول يوم القيامة ورأسه في احدي يديه والقاتل في اليد الأخرى وتشخب أوداجه دما فيقول يارب قتلني فيقول رب العالمين للقاتل تعست ويذهب به إلي النار .
ومن أسف أن أول جريمة قتل حدثت في التاريخ هي قتل هابيل أخاه قابيل فقد كان قابيل الكبر صاحب زرع وهابيل صاحب ضرع وكان لقابيل أخت حسنة جميلة وأرادها هابيل فرفض قابيل وقرب كل واحد منها لله قربانا فقرب هابيل كبش وقابيل حزمة سنبل فتقبل الله قربان هابيل ونزلت النار علي قربان قابيل فأكلته فغضب هابيل وقتل قابيل وقص القرآن القصة (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآَخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31) مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32) .

في الصحيحين عن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " وإذا التقي المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار " . قالوا يا رسول الله : هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال : " إنه كان حريصاً على قتل صاحبه " .هذا الحديث يدل علي حرمة تواجه المسلمين بسيفيهما وهذا صحيح إذا لم يكن سبب التواجه ليس له تأويل شرعي كما ذكر الإمام أبو سليمان ويكون كل من القاتل والمقتول في النار .أما إن كان له تأويل فهو حلال كأن تبغي فئة علي فئة قال تعالي "وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الحجرات : 9]. وروي الشيخان الجليلان البخاري ومسلم عن بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ط سباب المسلم فسوق وقتاله كفر "وهذا الحديث يدل علي أن القتل كفر إلا أن يتوب لقوله تعالي " يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما "

- القتل من السبع الموبقات
انها جريمة شنعاء توجب اللعنة، وتطرد من الرحمة، جريمة بالرغم من عظمها إلا أنها تتوالى عبر العصور، وتتكرر بتكرر الأجيال، والشيطان أشدُ ما يكون حرصاً عليها، لأنه يضمن بها اللعنة للقاتل، وسخط الله وغضبه.
جريمة... وأي جريمة، هي وهج الفتن، ووقود الدمار، ومعول الهدم، نعم إنها جريمة القتل. جريمة إزهاق النفس التي حرم، جريمة توجب سخط الله والنار والعذاب الأليم.
و لبيان عظم هذه الجريمة وهولها فقد قرن الله سبحانه وجل القتل بالشرك فقال تعالى: وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهَا ءاخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقّ [الفرقان:68]. وقال تعالى: قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلَـٰدَكُمْ مّنْ إمْلَـٰقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلْفَوٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقّ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [الأنعام:151]. وفي الحديث المتفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: ((اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَات)).
وعند البخاري عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : ((لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا))، وعند الترمذي والنسائي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: ((لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ)).

عقوبة القتل في الدنيا والآخرة
و من أجل حرمة النفس وتحريمها رتب الله على قتلها عقوبات في الآخرة وعقوبات في الدنيا.
أما عقوبات الآخرة فقال تعالى: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً [النساء:93]. انظر رحمك الله إلى ما ينتظر القاتل من عذاب وعقوبة، أربع عقوبات عظيمة كل واحدة منها توجل القلب وتفزع النفس وتزلزل الكيان وترعب الجنان.
الأولى: جهنم خالداً فيها فياويله ما أصبره على نار جهنم وقد فضلت على نار الدنيا كلها بتسعة وستين جزءً، نار جهنم التي يستعيذ منها محمد الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ... جهنم ... نعم ألا يعلم القاتل أي دار هي جهنم ... ألا يعلم القاتل أي دار ستستقبله ... إنها دار الذلِ والهوانِ، والعذابِ والخذلانِ، دارُ الشهيق والزفرات، والأنين والعبرات، نعم ... القاتل استحق سكنى دارٍ أهلها أهل البؤس والشقاء، والندامة والبكاء، الأغلال تجمع بين أيديهم وأعناقهم، والنار تضطرم من تحتهم ومن فوقهم، شرابهم من حميم يُصهر به ما في بطونهم والجلود، وأكلهم شجر الزقوم كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم، يدعون على أنفسهم بالموت فلا يجابون، ويسألون ربهم الخروج منها فلا يكلمون، كيف لو أبصرهم القاتل ـ الذي سعى لإزهاق نفس مسلمة ـ وهم يسحبون فيها على وجوههم وهم لا يبصرون، أم كيف لو سمع القاتل صراخهم وعويلهم وهم لا يسمعون.
العقوبة العظيمة الثانية التي تنتظر القاتل: غضب الله ... نعم وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وبئس ما حصل لنفسه من غضب الرب العظيم عليه.
العقوبة الثالثة، ويالها من عقوبة: اللعن وَلَعَنَهُ ... ألا يدري القاتل ماهو اللعن؟ ألا يدري ما معنى وَلَعَنَهُ ؟ ... لعنه أي طرده الله وأبعده عن رحمته.
هل يكفيه هذا .. هل تعتقدون أن هناك بعد هذا من عقاب ... نعم ... إنها العقوبة الرابعة: وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً . الله أكبر ... الله أكبر ... ويل ... ثم ويل للقاتل المتعمد ... ويل له من هذه العقوبات ... النار ... وغضب الجبار ... واللعنة ... والعذاب العظيم.
إن النفس أمرها عظيم، وسفك الدم جرم عظيم، ولذلك جعل الله لها الصدارة يوم القيامة في القضاء في الحقوق، فكما للصلاة الصدارة في القضاء في أمور العبادة يوم القيامة ، فالدماء لها الصدارة يوم القيامة في القضاء في الحقوق قال النبي : ((أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء)).
عباد الله: إن مشاهد يوم القيامة مهولة مرعبة، وهاكم مشهداً مليئاً بالرعب والرهبة، مليئاً بالنكال وعلامات الخزي، يقول ابن عباس سمعت نبيكم : ((يقول يأتي المقتول متعلقاً رأسه بإحدى يديه، متلبباً قاتله باليد الأخرى، تشخب أوداجه دماً حتى يأتي به إلى العرش فيقول المقتول: يا رب هذا قتلني، فيقول للقاتل: تعست - أي هلكت - ويذهب به إلى النار)) [1].
وعند الترمذي عن أبي هُرَيْرَةَ أن رَسُولِ اللَّهِ قَال: ((لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ لَأَكَبَّهُمْ اللَّهُ فِي النَّارِ)) كل هذا لحرمة دم المسلم.
أيها الناس يا أهل العقول الرشيدة: ليس هذا كل شيء وإنما مشاهد الخزي لم تنتهِ للقاتل، فكما أن الآخرة ينتظره فيها ما سمعتم من ويل وخزي، فإن في الدنيا قبل ذلك كله ينتظره خسران وذل ... وذلك مصير من عصى ربه وتعدى حدوده.
إن عقوبة القاتل في الدنيا القصاص: وَلَكُمْ فِي ٱلْقِصَاصِ حَيَوٰةٌ يأُولِي ٱلالْبَـٰبِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:179]. النفس بالنفس جزاءً وفاقاً، كما أعدم أخاه المؤمن وأفقده حياته فجزاؤه أن يفعل به كما فعل، ولقد جعل الله لولي المقتول سلطاناً شرعياً وسلطاناً قدرياً أي قدرة في شرع الله وفي قضائه وقدرة على قتل القاتل كما قال تعالى: وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيّهِ سُلْطَـٰناً فَلاَ يُسْرِف فّى ٱلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا [الإسراء:33]. فهذه الآية كما تدل على أن الله جعل لولي المقتول سلطاناً شرعياً في قتل القاتل فقد يفهم منها أن الله جعل له أيضاً سلطاناً قدرياً بحيث يكون قادراً على إدراك القاتل وقتله فيهيئ الله من الأسباب ما يتمكن به من إدراكه، والله على كل شيء قدير وبكل شيء محيط.
ولك أن تتصور يا عبد الله العاقل كيف هي ذلة القاتل وهو يقاد إلى ساحة العدل والقصاص، كيف هو هوانه وخزيه وهو يجر إلى الموت جراً، يجر لقطع رقبته وإزهاق روحة لما تعدى من حدود الله وأزهق روح مؤمن بغير حق شرعي، لك أن تتصور كيف هي مشاعره، وكيف هي حاله، وأظن أن لسان حاله تردد بالخزي والذلة لما هو فيه من حال وخسران، وليت هذا في الدنيا فقط، وإنما هي ضربة بالسيف لتستقبله أهوال القيامة وخسران المآل.

- الأسباب التي تؤدي إلى القتل
إن العوامل المؤدية إلى القتل - في أيامنا هذه- كثيرة، ومثيرات الفتن متعددة، وأسلحة إبليس في إذكاء نار الفتنة والزيادة في وهجها لا تحصى، ولكنني سأعرض لكم بعضاً منها مما تلمست خطره في هذا المجتمع من خلال ما أسمع وأرى من قضايا القتل.
فمن الأسباب التي توقع في سخط الرب سبحانه وتعالى وتهون قتل النفس، تربية الأبناء على الخصومات واعتبارها من البطولات، وأن عليه أن يأخذ حقه بيده قبل أن يأخذه له غيره، فتنتشر المضاربات، وتتحفز العداوات، وتتوطن من القلب الأحقاد حتى تصل إلى القتل وإزهاق النفس المؤمنة على شئ أتفه من التافه.
ولعل مما يذكي نار الفتنة أن البعض يحمل معه في جيبه سكيناً صغيرة ويسميها سكينة الأزمات ـ بل الويلات ـ وربما رأيت في سيارته المشعاب أو العصى، وربما المسدس بل ربما الكلاشنكوف، لا لشيء سوى أنه يبرزه عند المضاربات والمخاصمات لينتصر على الخصم، والشيطان أحرص ما يكون في أن تشتعل نار الفتنة ويشتد وهج العداوة حتى تضغط الأنملة على زناد الخسران والندامة، زناد سخط الله واللعنة، زناد الهوان والذل في الدنيا والآخرة، لتنطلق قذيفة تتعدى حدود الله لتردي مسلماً قتيلاً على الأرض فتزهق روحه، ويزهق معها حرمة القاتل، وتحل مكانها الندامة والخسران في الدنيا والآخرة.
أي بطولة هذه تزهق النفس فيها من أجل كلمات غير مسؤولة، من شخص لا يبالي بالعواقب؟
أي بطولة هذه تُزهق نفساً من أجل ريالات معدودة، بل ولو مئات الألوف بل الملايين؟
أي بطولة هذه يستحق صاحبها بعدها اللعن والطرد من رحمة الله، والعذاب الأليم ؟
بل أيُ بطولة هذه يكون بها تعد حدود الله فيستحق صاحبها البطل!!! قول الله تعالى: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً [النساء:93].
إنك يا عبد الله أن تُضرب بل وتُكَّسر خير لك من أن يكون بجيبك سكين أو في سيارتك عصى أو سلاح يغويك الشيطان في استخدامها لإزهاق نفس ضارِبك، إنه لخير لك أن تعود إلى أهلك مضروباً فهو أولى من أن تتلطخ يدك بدم مسلم تستحق به قصاصاً في الدنيا وهواناً في الآخرة ولا تزال في فسحه من دينك ما لم تصب دماً حراماً.
نعم، أن تدافع عن عرضك ونفسك فلا بأس في كل ذلك، لكن أن ينساق المسلم مع عدوه الأول إبليس حتى يقع في مستنقع المعصية واللعن ذاك هو الخطر.
وإنها لبطولة حقاً أن يملك الإنسان نفسه عند الغضب، فلا يعطي الشيطان عليه سبيلاً.
تربية الأبناء على التروي واحترام الآخرين وحقهم في الحياة
ولعلكم تتفقون معي يا عباد الله في أن للأسرة وتربيتها سبب رئيس في كل ذلك، فإنك تعلم علم اليقين عندما تشهد شاباً يظن البطولات في المضاربات والمخاصمات فيما بينه وبين أقرانه، وكل ذلك تحت تشجيع الأسرة ورضاها ـ أقول ـ تعلم يقيناً أن الأسرة قد ضلت طريقها في إرشاد ذلك الشاب، ولسوف يندم الأب وتندم الأم والأسرة بأسرها عندما يقاد ابنهم إلى ساحة القصاص ذليلاً كسيراً، يدفع إلى الموت دفعاً، في ذل وهوان، وصغار!!.

الانتحار وما جاء في الوعيد منه.
أيها المسلمون: إن من أشد ما يتعد العبد لحدود الله في هذا الباب قتل نفسه، وإذا كان قتل نفس الغير محرماً، فقتل القاتل نفسه أشد حرمة، لأنك يا عبد الله لا تملك التصرف في نفسك، إنما أمرها إلى الله وليس إليك، في الحديث المتفق عَنْ الْحَسَنِ قال حَدَّثَنَا جُنْدَبٌ t فِي هَذَا الْمَسْجِدِ فَمَا نَسِينَا وَمَا نَخَافُ أَنْ يَكْذِبَ جُنْدَبٌ عَلَى النَّبِيِّ قَالَ: ((كَانَ بِرَجُلٍ جِرَاحٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَقَالَ اللَّهُ: بَدَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّة)).
وعند البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ : ((الَّذِي يَخْنُقُ نَفْسَهُ يَخْنُقُهَا فِي النَّارِ وَالَّذِي يَطْعُنُهَا يَطْعُنُهَا فِي النَّار)).
وفي الحديث المتفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: ((مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا)).
وعند أحمد عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ رَجُلًا نَحَرَ نَفْسَهُ بِمِشْقَصٍ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ .
وعند أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ : ((الَّذِي يَطْعَنُ نَفْسَهُ إِنَّمَا يَطْعَنُهَا فِي النَّار،ِ وَالَّذِي يَتَقَحَّمُ فِيهَا يَتَقَحَّمُ فِي النَّار، وَالَّذِي يَخْنُقُ نَفْسَهُ يَخْنُقُهَا فِي النَّارِ)).
وعند ابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : ((مَنْ شَرِبَ سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا)).


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elngdy.yoo7.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 372
تاريخ التسجيل : 16/10/2008
العمر : 52
الموقع : https://elngdy.yoo7.com/

  الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات     إعداد  شعبان النجدي  باحث في العلوم الشرعية والقانونية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات إعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية     الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات     إعداد  شعبان النجدي  باحث في العلوم الشرعية والقانونية Emptyالخميس ديسمبر 04, 2014 1:09 am

الفصل السادس
أكل الربا
قال الشيخ محمد حسين يعقوب
من أشراط الساعة ظهور الربا وفشوها .
فعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بين يدي الساعة يظهر الربا والزنى والخمر ". [ قال الهيثمي : رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح ]
والأمر لا يتوقف عند هذا الحد فحسب ، بل إن الذي لا يتعامل بها لابد أن يجد شيئا من غبارها .
ففي مستدرك الحاكم وسنن أبي داود وابن ماجه والنسائي وغيرهم عن الحسن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليأتين على الناس زمان لا يبقى فيه أحد إلا أكل الربا فإن لم يأكله أصابه من غباره "
[ قال الحاكم : وقد اختلف أئمتنا في سماع الحسن عن أبي هريرة فإن صح سماعه منه فهذا حديث صحيح ] .
اعلم أن طلب الحلال أمر لازم وفريضة من أعظم الفرائض، وأن ذلك هو الحصن الحقيقي من شرور هذه البلايا والفتن .
تحري الحلال
قال الله تعالى " يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم"
قال القرطبي : سوى الله تعالى بين النبيين والمؤمنين في الخطاب بوجوب أكل الحلال وتجنب الحرام ، ثم شمل الكل في الوعيد الذي تضمنه قوله تعالى: "إني بما تعملون عليم" صلى الله على رسله وأنبيائه. وإذا كان هذا معهم فما ظن كل الناس بأنفسهم .
وقد حثنا الشرع الحنيف إلى طلب الحلال وترك الحرام
• عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " طلب الحلال واجب على كل مسلم " [ قال الهيثمي في المجمع : رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن ]
فإن الله هو الرزاق ذو القوة المتين يزرق من يشاء بغير حساب وهو أعلم بالشاكرين
• أخرج الحاكم في المستدرك وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع " لا تستبطئوا الرزق، فإنه لم يكن عبد ليموت حتى يبلغه آخر رزق هو له، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب: أخذ الحلال، وترك الحرام "
وفي تحري الحلال وترك الحرام فوائد عظام :
1. أكل الحلال صلاح للقلوب ، وأكل الحرام من أخطر مهلكات القلوب ومبددات الإيمان .
أما ترى رسول الله حين قال " الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات …….. عقب ذلك بقوله " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب "
قال المناوي : فهو ملك والأعضاء رعيته ، وهي تصلح بصلاح الملك ، وتفسد بفساده وأوقع هذا عقب قوله " الحلال بين " إشعاراً بأن أكل الحلال ينوره ويصلحه والشُّبه تقسيه .
2. أكل الحلال نجاة من الهلاك .
ومن وقع في الحرام فهو داخل في قوله تعالى : " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " إذ هو في مظنة الهلكة إلا أن يتغمده الله برحمته فيتوب عليه .
قال سهل بن عبد الله : النجاة في ثلاثة : أكل الحلال، وأداء الفرائض، والاقتداء بالنبي صلى اللّه عليه وسلم .
وقال : ولا يصح أكل الحلال إلا بالعلم ، ولا يكون المال حلالا حتى يصفو من ست خصال : الربا والحرام والسحت والغلول والمكروه والشبهة .

3. ومن أكل الحرام حرم لذة الإيمان فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا
قيل : من أكل الحلال أربعين يوما نور الله قلبه وأجرى ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه .
قال بعضهم : من غض بصره عن المحارم ، وكف نفسه عن الشهوات ، وعمر باطنه بالمراقبة وتعود أكل الحلال لم تخطئ فراسته .

4. ما نبت من حرام فالنار أولى به
عن كعب بن عجرة قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعيذك بالله يا كعب بن عجرة من أمراء يكونون من بعدي ، فمن غَشي أبوابهم فصدقهم في كذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ، ولا يرد علي الحوض ، ومن غشي أبوابهم أو لم يغش فلم يصدقهم في كذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه وسيرد علي الحوض .
يا كعب بن عجرة : الصلاة برهان ، والصوم جنة حصينة ، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار.
يا كعب بن عجرة : إنه لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به .
[ قال الترمذي :حديث حسن غريب وصححه الشيخ الألباني في صحيح الترمذي (501) ]
فشو الحرام
إذا علمت هذا فاعلم أن النبي أخبرنا أن الحرام سيطغى في آخر الزمان ، حتى لا يتبين الناس ولا يستوثقون من حل وحرمة أموالهم .
ففي البخاري ومسند الإمام أحمد قال صلى الله عليه وسلم " ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال ، أمن حلال أم من حرام " .
وفي لفظ عند النسائي " يأتي الناس زمان ما يبالي الرجل من أين أصاب المال من حلال أو حرام " .
أنواع من البيوع الفاسدة
ولعلنا هنا مضطرون أن نتكلم سريعا عن بعض المعاملات المالية الفاسدة التي شاعت بين الناس ، ولا ينتبه إليها أحد . لكن على وجه الإجمال دون التوسع والإلمام بطرف ليناسب ما نحن بصدده .
فمن ذلك :
1) ما يسمى شرعا ببيع النجش .
وهو أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها ليخدع غيره ، ويجره إلى الزيادة في السعر .
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ " لا تناجشوا " إذ هذا نوع من الخداع ولا شك ، وقد قال صلى الله عليه وسلم " المكر والخديعة في النار " وأنت تجد هذه الصورة متكررة في المزادات ، ومعارض بيع السيارات ، وبعض المحال التجارية وهذا كسب خبيث لو يعلمون .

2) ما يسمى ببيع الغرر
ومثاله أن يبيع المجهول كاللبن في الضرع ، والسمك في البحر ، والمحصول قبل جنيه ، أو ما يسمى ببيع الثُنَيَّا كأن يقول لك : خذ هذا البستان إلا بعض الزرع من غير تحديد فهذا المستثنى مجهول ، أما إذا كان معروفا فلا حرج .

3) بيع المحرم والنجس
ومثال ذلك : بيع الخمور والمخدرات ، وبيع أشرطة الأغاني ، بيع المجلات الفاسدة المروجة للأفكار الخبيثة والصور الخليعة والعارية
ويدخل في ذلك ـ مثلا ـ من يبيع السلاح في وقت الفتنة ، أو من يبيع العنب لمن يستخدمه في صناعة الخمور ، وهكذا خذها قاعدة هنا كل ما أدى إلى حرام فهو حرام ، وقد قال الله تعالى " وتعاونوا إلى البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " وقال العلماء : الوسائل تأخذ حكم المقاصد فتنبه ، لأن المقولة الشائعة الآن أن يقال لك : ما لي أنا ، أنا أعطيتها الفستان ولا أدري هل ستستخدمه في الحلال لزوجها أو تتكشف به في الشوارع ، والمرأة أمامه متبرجة وهو يدري تماما أن ما هذا إلا لمعصية الله " بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره " أو هذا الذي في البنك يقول : وأنا مالي أ أنا الذي تعاملت بالربا ، أنا فقط مضطر لأن أعمل في البنك لأطلب الرزق .
والكل يتنصل من المعصية ، وكأنه لا دور له في إيقاعها فلو تعاون الناس على فعل الخيرات وترك المنكرات لما وصل الحال إلى ما نحن فيه الآن ، فالكل مشترك في المعصية فليتأمل مثل ذلك .

4) بيع المسلم على بيع أخيه ، أو سومه على سوم أخيه
مثاله : أن يذهب الرجل للبائع فيقول له : رد هذه المال على صاحبه وأنا سأشتري منك هذه السلعة بأزيد من سعرها ، أو العكس يذهب للمشتري ويقول له بكم اشتريتها ؟ فيقول له : بكذا ، فيقول له : ردها عليه وأنا أعطيك إياها بأقل من ثمنها .
أو يزايد ويساوم أخاه في سلعة لم توضع للمزايدة والمساومة بعد .
وأظن أن هذه الصورة منتشرة بشكل واسع وقد قال صلى الله عليه وسلم " لا يبع الرجل على بيع أخيه " [ متفق عليه] [1]
5) بيع العربون
وهو أن يدفع المشتري من ثمن السلعة التي يريدها جزءا على ألا يرد عند الفسخ . بمعنى أنك تذهب للبائع وتعطيه جزءا من المال فإن كان من ثمن السلعة فلك أحقية رده عند الفسخ وهذه الصورة لا شيء فيها ، وإنما الصورة الممنوعة أن يكون هذا العربون غير قابل للرد .

6) بيع العينة
مثل أن يبيع سلعة بأجل ، ثم يقوم هو بشرائها نقدا أو أحد عماله احتيالا ليأخذها بأقل من ثمنها .
صورتها : أن تبيع ثلاجة مثلا بألف جنيه تدفع بعد سنة ، فتذهب أنت أو أحد أعوانك المهم تعود لتشتري نفس الثلاجة بأقل من ثمنها نقدا وفي الحال فتشتريها بـ 800 جنيه مثلا . فهذه الصورة حرام لا تجوز .
7) البيع عند النداء الأخير لصلاة الجمعة
هذا البيع حرام وهو منتشر للأسف لا سيما في الأسواق ، وقد قال الله تعالى " إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون " .

Cool بيع السلعة قبل قبضها
مثاله : إذا اشترى إنسان سلعة من مخزن أو دكان مثلا وجاء صاحب المخزن أو الدكان وبين له السلعة بعينها واتفقا ، فلا يجوز للمشتري أن يبيعها في محلها بمجرد هذا البيان والاتفاق ، ولا يعتبر ذلك تسلما ، بل لابد لجواز بيع المشتري لها من حوزه للسلعة إلى محل آخر
روى الإمام أحمد عن حكيم بن حزام أنه قال : قلت : يا رسول الله إني أشتري بيوعا ما يحل لي منها وما يحرم علي .
قال : إذا اشتريت شيئا فلا تبعه حتى تقبضه .
وروى الإمام أحمد وأبو داود عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم .
ولما رواه أحمد ومسلم عن جابر رضي الله عنه أنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم " إذا ابتعت طعاما فلا تبعه حتى تستوفيه " .
وفي رواية لمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من ابتاع طعاما فلا يبيعه حتى يكتاله .




الربا من أخطر البلايا التي تهدد المجتمع المسلم
قال الله تعالى " الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {275} يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ {276} إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ {277} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {278} فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {279} وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {280} وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ {281}‏
ما الربا ؟
الربا في اللغة : الزيادة مطلقا .
قال القرطبي : ثم إن الشرع قد تصرف في هذا الإطلاق فقصره على بعض موارده .
فمرة : أطلقه على كسب الحرام .كما قال الله تعالى في اليهود : "وأخذهم الربا وقد نهوا عنه" [النساء: 161]. ولم يرد به الربا الشرعي الذي حكم بتحريمه علينا وإنما أراد المال الحرام ، كما قال تعالى: "سماعون للكذب أكالون للسحت" [المائدة: 42] يعني به المال الحرام من الرشا، وما استحلوه من أموال الأميين حيث قالوا : " ليس علينا في الأميين سبيل " [آل عمران: 75]. وعلى هذا فيدخل فيه النهي عن كل مال حرام بأي وجه اكتسب.
والربا الذي عليه عرف الشرع : الزيادة في أشياء مخصوصة ( يعنون بذلك الأموال الربوية كما سيأتي) .


أنواع الربا
1) ربا الفضل :
وهو البيع مع زيادة أحد العوضين المتفقي الجنس على الآخر .
• فالأصل أن الشيئين ( العوضين) إذا كانا من جنس واحد واتفقا في العلة [ كانا موزونين أو مكيلين ] لابد لذلك من شرطين :
أ‌) التساوي وعلم المتعاقدين يقينا بذلك .
ب‌) التقابض قبل التفرق .
• وإذا كانا مختلفين في الجنس ومتحدين في العلة كبيع قمح بشعير مثلا فلا يشترط إلا التقابض وتجوز المفاضلة .
• أما إذا اختلفا في الجنس والعلة كأن تبيع قمحا بذهب أو فضة فلا يشترط فيه شيء من ذلك .
عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الذهب بالذهب. والفضة بالفضة. والبر بالبر. والشعير بالشعير. والتمر بالتمر. والملح بالملح. مثلا بمثل. سواء بسواء. يدا بيد. فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدا بيد ".‏[ أخرجه مسلم (1587) ك المساقاة ، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا ]
2) أما ربا النسيئة : فهو زيادة الدين في نظير الأجل ، وهو ربا الجاهلية الذي كانوا يتعاملون به ، فكان الرجل إذا أقرض آخر على أجل محدد ، فإذا جاء الأجل ولم يستطع الأداء قال له : تدفع أو ترابي فيزيده في نظير زيادة الأجل.
خطورة الربا
1) أكل الربا يعرض صاحبه لحرب الله ورسوله ، فيصير عدوا لله وسوله
قال الله تعالى " ‏فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون " .
قيل المعنى :إن لم تنتهوا فأنتم حرب لله ولرسوله ، أي أعداء. ‏
فهي الحرب بكل صورها النفسية والجسدية ، وما الناس فيه الآن من قلق واكتئاب وغم وحزن إلا من نتاج هذه الحرب المعلنة لكل من خالف أمر الله وأكل بالربا أو ساعد عليها ، فليعد سلاحه إن استطاع ، وليعلم أن عقاب الله آت لا محالة إن آجلا أو عاجلا ، وما عهدك بمن جعله الله عدوا له وأعلن الحرب عليه رب سلم سلم .
2) آكل الربا وكل من أعان عليه ملعون .
قال صلى الله عليه وسلم " آكل الربا ، وموكله ، وكاتبه ، وشاهداه ، إذا لمسوا ذلك ، والواشمة، والموشومة للحسن ، ولاوي الصدقة ، والمرتد أعرابيا بعد الهجرة، ملعونون على لسان محمد يوم القيامة "[2] واللعن هو الطرد من رحمة الله تعالى .
3) أكل الربا من الموبقات
قال الله تعالى : " الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس "
قال ابن عباس في قوله : " الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش " قال : أكبر الكبائر الإشراك بالله عز وجل ، قال الله عز وجل " ومن يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة " ثم قال : وأكل الربا لأن الله عز وجل يقول " الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس " [ قال الهيثمي في المجمع : رواه الطبرانى وإسناده حسن ] .

وحقيقة الكبيرة أنها كل ذنب ورد فيه وعيد شديد ، وقد جاء مصرحا بهذا في الصحيحين وغيرهما فعد رسول الله أكل الربا من السبع الموبقات . قال صلى الله عليه وسلم " اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله ، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات " [3]

4) عقوبة آكل الربا أنه يسبح في نهر دم ويلقم في فيه بالحجارة
وعن سمرة بن جندب قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه فقال من رأى منكم الليلة رؤيا قال فإن رأى أحد قصها فيقول ما شاء الله فسألنا يوما فقال هل رأى أحد منكم رؤيا قلنا لا قال لكني رأيت الليلة رجلين أتياني فأخذا بيدي فأخرجاني إلى الأرض المقدسة وفي سياق القصة قال ـ صلى الله عليه الصلاة والسلام ـ : " فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم على وسط النهر وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان ثم فسر له هؤلاء بأنهم آكلوا الربا " . [ رواه البخاري ] .
5) ظهور الربا سبب لإهلاك القرى ونزول مقت الله
قال صلى الله عليه وسلم " إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله " [ أخرجه الطبراني في الكبير الحاكم في المستدرك عن ابن عباس ، صححه الألباني في صحيح الجامع [679] ] .
6) مآل الربا إلى قلة وخسران .
عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قلة " [ رواه ابن ماجه والإمام أحمد وصححه الشيخ الألباني ] .
7) أكل الربا من أسباب المسخ .
وفي مسند الإمام أحمد من حديث عبد الرحمن بن غنم وأبي أمامة وابن عباس " والذي نفس محمد بيده ليبيتن ناس من أمتي على أشر وبطر ولعب ولهو فيصبحوا قردة وخنازير باستحلالهم المحارم والقينات وشربهم الخمر وأكلهم الربا ولبسهم الحرير" [ رواه عبد الله بن الإمام أحمد في المسند وكذا ابن أبي الدنيا كما ذكره ابن القيم في إغاثة اللهفان ]
الربا شقيقة الشرك .
" الربا سبعون بابا، والشرك مثل ذلك " وفي رواية لابن ماجه " الربا ثلاثة وسبعون بابا " [ أخرجه البزار عن ابن مسعود وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (3538) ، (3540) ]

Cool الربا أشد من ستة وثلاثين زنية
• قال صلى الله عليه وسلم " درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم ، أشد عند الله من ستة وثلاثين زنية " [أخرجه أحمد في مسنده والطبراني في الكبير عن عبد الله بن حنظلة وصححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الجامع (3375) ]
• وفي لفظ عند البيهقي من حديث ابن عباس " درهم ربا أشد عند الله من ستة وثلاثين زنية ومن نبت لحمه من سحت فالنار أولى به " .
• وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أنس قال: " خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الربا وعظم شأنه، فقال: إن الرجل يصيب درهما من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم " .
9) أدنى الربا ذنبا كمثل من زنا بأمه .
عن ابن مسعود قال : قال صلى الله عليه وسلم : " الربا ثلاثة وسبعون بابا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم "
[أخرجه الحاكم في المستدرك وصحح الحافظ العراقي في تخريج الإحياء إسناده وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (3539) ]
وعن البراء بن عازب مرفوعا " الربا اثنان وسبعون بابا ، أدناها مثل إتيان الرجل أمه ، وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه "
[ أخرجه الطبراني في الأوسط وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع “3537” ]
قال الطيبي : ‏المراد إثم الربا ، ولا بد من هذا التقدير ليطابق قوله أن ينكح " ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم " .
قال الطيبي : إنما كان الربا أشد من الزنا لأن فاعله حاول محاربة الشارع بفعله بعقله قال تعالى " فأذنوا بحرب من اللّه ورسوله " أي بحرب عظيم فتحريمه محض تعبد وأما قبيح الزنا فظاهر عقلاً وشرعاً وله روادع وزواجر سوى الشرع فآكل الربا يهتك حرمة اللّه ، والزاني يخرق جلباب الحياء .
------------------
[1] أخرجه البخارى (5142) ك النكاح ، باب لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع ، ومسلم (1412) ك البيوع ، باب تحريم بيع الرجل على بيع الرجل وسومه على سوم أخيه – واللفظ له -
[2] أخرجه النسائي عن ابن مسعود ، و صححه السيوطي والألباني “صحيح الجامع [5] “ ، “ تخريج الترغيب 3/49 “ }
[3] متفق عليه أبو داود النسائي عن أبي هريرة ، وهو في صحيح الجامع [144] “ الإرواء/ 1202 ، 1335 ، 2365 “ }

















المطلب الثاني *
حكم الربا في الشرائع السابقة كاليهودية والنصرانية، وكيف بدأ وانتشر؟….
تحريم الربا في اليهودية
لقد حرم الله الربا على اليهود، وهم يعلمون ذلك، وينهون عنه فيما بينهم، لكنهم يبيحونه مع غيرهم، جاء في سفر التثنية: الإصحاح الثالث والعشرين:
" للأجنبي تقرض بربا، ولكن لأخيك لا تقرض بالربا".
ومنشأ هذا أنهم ينظرون إلى غيرهم نظرة استعلاء واحتقار، والتوراة وإن كانت قد حرفت إلا أن شيئا منها بقي كما هو لم يحرف، منها تحريم الربا، لكنهم حرفوا النص حينما أباحوه مع غير اليهودي…

والدين النصراني كذلك يحرمه
، ففي إنجيل لوقا:
" إذا أقرضتم الذين ترجون منهم المكافأة فأي فضل يعرف لكم؟…
ولكن افعلوا الخيرات وأقرضوا غير منتظرين عائدتها… وإذاً يكون ثوابكم جزيلا" .
وقد أجمع رجال الكنيسة ورؤساؤها كما اتفقت مجامعها على تحريم الربا تحريما قاطعا، حتى إن الآباء اليسوعيين وردت عنهم عبارات صارخة في حق المرابين، يقول الأب بوني:
" إن المرابين يفقدون شرفهم في الحياة، إنهم ليسوا أهلا للتكفين بعد موتهم" ..
ولم يكن تحريم الربا قاصرا على أرباب الديانتين، بل كذلك حرمه من اشتهر في التاريخ بالعلم والفهم والحكمة كبعض الفلاسفة، منهم أرسطو، وأفلاطون الفيلسوف اليوناني الذي قال في كتابه القانون:

" لا يحل لشخص أن يقرض بربا" ..
الربا في الجاهلية
وأما العرب في جاهليتهم على الرغم من تعاملهم به إلا أنهم كانوا ينظرون إليه نظرة ازدراء، وليس أدل على ذلك أنه عندما تهدم سور الكعبة وأرادت قريش إعادة بنائه حرصت على أن تجمع الأموال اللازمة لذلك من البيوت التي لا تتعامل بالربا، حتى لا يدخل في بناء البيت مال حرام، فقد قال أبو وهب بن عابد بن عمران بن مخزوم: " يا معشر قريش لا تدخلوا في بنيانها من كسبكم إلا طيبا، لا يدخل فيها مهر بغي، ولا بيع ربا، ولا مظلمة أحد من الناس" ..

وإذا كان الأمر على هذا النحو، وأصحاب الديانات كلهم يحرمون الربا، كيف إذن بدأ وانتشر في العالم؟
لقد كانت الجاهلية تتعامل بالربا مع قبل الإسلام، فجاء الإسلام وحرمه كما هو معلوم بالنصوص، وسد كل أبوابه ووسائله وذرائعه ومنافذه، حتى ما كان فيه شبهة من ربا منعه وحرمه، كمنعه عليه الصلاة والسلام من بيع صاعين من تمر رديء بصاع من تمر جيد ..

فامتثل الناس لذلك، وتلاشى الربا، وحل محله البيع والقرض الحسن والصدقة والزكاة..
الربا في العصر الحديث
وكما قلنا كانت أوربا التي تدين بالنصرانية تحرم الربا وتنهى عن التعامل به، أما اليهود ـ والذين كانوا يمتنعون من التعامل بالربا فيما بينهم ـ كانوا ممنوعين من التعامل به مع غيرهم تحت وطأة الكراهية والذل الذي كانوا فيه..

لكن ومنذ أواخر القرن السادس عشر ميلادي بدأت أوربا بالتمرد على هذا الحكم الإلهي..

ففي عام 1593م وضع استثناء لهذا الحظر في أموال القاصرين، فصار يباح تثميرها بالربا، بإذن من القاضي، فكان هذا خرقا للتحريم..

ثم تبع ذلك استغلال الكبار لنفوذهم، فقد كان بعض الملوك والرؤساء يأخذون بالربا علنا، فهذا لويس الرابع عشر اقترض بالربا في 1692م، والبابا بي التاسع تعامل كذلك بالربا في سنة 1860م.

كانت تلك محاولات وخروقات فردية..

لكن الربا لم ينتشر ولم يقر كقانون معترف به إلا بعد الثورة الفرنسية، فالثورة كانت ثورة على الدين والحكم الإقطاعي والملكي..

وكان من جملة الأحكام الدينية في أوربا كما علمنا تحريم الربا، فنبذ هذا الحكم ضمن ما نبذ من أحكام أخر، وكان لا بد أن يحصل ذلك، إذ إن اليهود كانت لهم اليد الطولى في تحريك الثورة الفرنسية واستغلال نتائجها لتحقيق طموحاتهم، من ذلك إنشاء مصارف ربوية، لتحقيق أحلامهم بالاستحواذ على أموال العالم، وجاءت الفرصة في تلك الثورة، وأحل الربا وأقر:

فقد قررت الجمعية العمومية في فرنسا في الأمر الصادر بتاريخ 12 أكتوبر سنة 1789م أنه يجوز لكل أحد أن يتعامل بالربا في حدود خاصة يعينها القانون.

صدرت فرنسا التمرد على الدين وعزله عن الحياة إلى كل أوربا، ومن ذلك التمرد على تحريم الربا، وقد كان اليهود في ذلك الحين من أصحاب المال، وبدأت الثورة الصناعية، واحتاج أصحاب الصناعات إلى المال لتمويل مشاريعهم، فأحجم أصحاب المال من غير اليهود عن تمويل تلك المشاريع الحديثة خشية الخسارة..

أما اليهود فبادروا بإقراضهم بالربا، ففي قروض الربا الربح مضمون، ولو خسر المقترض، وقد كانت أوربا في ذلك الحين مستحوذة على بلدان العالم بقوة السلاح، فارضة عليها إرادتها، فلما تملك اليهود أمرها وتحكموا في إرادتها كان معنى ذلك السيطرة والتحكم في العالم أجمع، ومن ثم فرضوا التعامل الربا على جميع البلاد التي تقع تحت سيطرة الغرب، فانتشر الربا وشاع في كل المبادلات التجارية والبنوك، فاليهود كانوا ولا زالوا إلى اليوم يملكون اقتصاد العالم وبنوكه..

إذن.. اليهود هم وراء نشر النظام الربوي في العالم، وكل المتعاملين بالربا هم من خدمة اليهود والعاملين على زيادة أرصدة اليهود ليسخروها في ضرب الإسلام والمسلمين وكافة الشعوب..

انتشر الربا وانتشر معه كافة الأمراض الاقتصادية والسياسية والأخلاقية الاجتماعية..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elngdy.yoo7.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 372
تاريخ التسجيل : 16/10/2008
العمر : 52
الموقع : https://elngdy.yoo7.com/

  الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات     إعداد  شعبان النجدي  باحث في العلوم الشرعية والقانونية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات إعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية     الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات     إعداد  شعبان النجدي  باحث في العلوم الشرعية والقانونية Emptyالخميس ديسمبر 04, 2014 1:09 am

الفصل الخامس
أكل مال اليتيم

اليتيم في الإسلام هو: من مات عنه أبوه وهو دون الحلم لا يعي أمرا ولا يدرك تصرفا. فإذا بلغ لا يسمى يتيما ـ على الراجح ـ . وقد يفقد أبويه جميعا فيكون أعظم حاجة وأشد تأثرا. ولليتيم في الإسلام حالتان هما:أن يموت أبوه و يترك له مالا فتتكفل به أمه أوأحد أقاربه فيحفظ له ماله و لا يقربه إلابالحسنى ثم يؤديه إ ليه حين يرى أنه يستطيع التصرف فيه. أو يموت أبوه و لم يترك له مالا , وهذا ينفق عليه من باب التعاون على البر و التقوى ويحسن إليه من باب"وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى والمساكين" . ومن ثم فلا تلازم بين الفقر واليتم فقد يكون اليتيم فقيرا وقد يكون غنيا . ومشكلته غنيا لا تقل عن مشكلته فقيرا فإن كان فقيرا فمشكلته قلة المال وإن كان غنيا فمشكلته العجز عن التصرف في المال .
من أجل ذلك فقد عني الإسلام بالأيتام عناية كبيرة فتارة يأمر بالقسط إليهم " وأن تقوموا لليتامى بالقسط ". أو بالإحسان إليهم " واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا " وتارة يأمر بعدم قهرهم " فأما اليتيم فلا تقهر "أو بإكرامهم " كلا بلا تكرمون اليتيم "وقد خص النبي صلي الله عليه وسلم هذا الأمرــ العناية بالأيتام ــ بمزايا: ميزة : لكافل اليتيم يروي الشيخان الجليلان البخاري ومسلم رحمهما الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين وقرن بين السبابة والوسطي " وثانية : تخص بيت كافل اليتيم " خير البيوت في الأرض بيت فيه يتيم يكرم " وثالثة : تخص قلب كافل اليتيم فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: شكي رجل قسوة قلبه فقال له امسح علي رأس اليتيم تذهب قسوة قلبك وفي رواية لك بكل شعرة من شعراته حسنة ". أما عن مالهم فقد حذر الإسلام من القرب منه واسمع لربك " ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده ". هذا موقف الإسلام من اليتيم .
لذلك أمر الله باتخاذ وصي ينوب عن اليتيم في تصرفاته ويشترط فيه : الإسلام والبلوغ والعقل والحرية والأمانة . ليقوم بما كان سيقوم به أبوه في ماله من تجارة بيعا وشراء وإخراجا للزكاة . ولكن قد يكون الوصي خرب الذمة غائب الضمير منعدم الأمانة ويبدد مال اليتيم إما (بإبدال الخبيث بالطيب أو بالخلط علي جهة الإفساد أو بأكل مال اليتيم إسرافا وبدارا) فإبدال الطيب من مال اليتيم بالخبيث من ماله حذر الإسلام منه فقال" وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ". وأما خلط مال اليتيم علي ماله ثم ينفق من المجموع علي نحو يضر بمال اليتيم فقد نهي الله عن ذلك فقال في بداية الأمر " ولا تأكلوا أموالهم إلي أموالكم إنه كان حوبا كبيرا "أي الخلط بهذه الطريقة علي جهة الإفساد حوبا كبيرا أي ذنبا عظيما . ثم نسخت هذه الآية بجواز الخلط مع عدم الإفساد فقال : " ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح " فقد أجاز الخلط بشرط عدم الإفساد . وأما أكل مال اليتيم إسرافا وبدارا فقد نهي الإسلام عن الأكل من مال اليتيم مطلقا فقال" ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا " فمنع الأكل منها في الصغر قبل أن يفتح عينيه وكذلك في الكبر وقد ورد في ذلك وعيد شديد واسمع لربك "إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ـ بلا مسوغ شرعي ولا سبب مبيح ـ إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا "ويروي الإمام مسلم رحمه الله عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال بينما أنا في المعراج فإذا أنا برجال و قد وكل بهم رجال يفكون لحالهم و آخرون يجيئون بالصخور من النار فيقذفونها بأفواههم و تخرج من أدبارهم فقلت : يا جبريل من هن هؤلاء ؟ قال الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم نارا" وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :" يبعث الله عز و جل قوماً من قبورهم تخرج النار من بطونهم تأجج أفواههم ناراً فقيل : من هم يا رسول الله ؟ قال : ألم تر أن الله تعالى يقول : " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا".
ويتجرأ الناس علي مال اليتيم لأسباب : إما لاشتداد البلوى وضيق الحال . وإما كسلا عن العمل . وإما تكثيرا للمال الحرام وإما لعدم الخوف من الله . وكلها أسباب لا ترقي لأن يأكل الإنسان حراما أو يعرض نفسه لغضب الله .أما عند اشتداد البلوى والعسر والضيق فالأولي أن تلجأ إلي الله وأن تفكر في ألم نشرح لك صدرك (فإن مع العسر يسر إن مع العسر يسرا) .
وصدق من قال :

إذا اشتدت بك البلوى ففكر في ألم نشرح
فعسر بين يسرين إذا فكرت به تفرج
وأما الكسل من العمل فاعلم أن العمل والله عبادة وشرف والذل في سؤال الناس والإلحاح عليهم .
وصدق من قال :

لحملي الصخر من قمم الجبال أحب إلي من منن الرجال
يقول الناس في الكسب عار فقلت العار في ذل السؤال
وأما من يأكلون أموال اليتامى تكثرا للمال فاعلم أن المال الحرام لا يكثر المال إنما والله يدمره وتصح الحكمة القائلة " دخل الحرام علي الحلال ليكثره . دخل الحرام علي الحلال فبعثره ". لكن ما الحكم إذا احتاج المرء للمال وليس في يده إلا مال اليتيم ؟ اسمع للجواب من رب العالمين " من غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف " وقوله " ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن " فالله أمر الغني أن يستعفف وأمر الفقير أن يأكل ولكن بالمعروف ويصح في ذلك ما روي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله صلي الله عليه وسلم " جاء رجل إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم يا رسول الله إني فقير وليس عندي سوي مال هذا اليتيم الذي في حجري فقال له النبي كل من مال يتيمك بالمعروف من غير إسراف ولا تبذير " وهذا ما عناه رب العالمين ( فليأكل بالمعروف ـ بالتي هي أحسن ) وقد فسرا لإمام بن الجوزي رحمه الله الأكل بالمعروف علي أربعة أقوال : بأن يأخذ من مال الفقير علي وجه القرض فإذا رزق سدد أو الأكل بقدر الحاجة من غير إسراف ولا تعدي أو يأخذ بقدر ما عمله لليتيم من عمل أي بقدر الأجرة أو يأخذ عند الضرورة علي جهة القرض فأن تيسر سدد وإن لم يتيسر فهو في حل.
لذلك علي المسلم أن ينزل اليتيم منزلة ابنه وينصحه بما ينصح به ابنه ولا يضربه إلا بما يضرب به ابنه ويعلمه ثم يبتليه أي يختبره واسمع لربك " وابتلوا اليتامى ". وابتلاء اليتيم هو اختبار تصرفاته عن طريق مراقبة هذه التصرفات . هل رشد في تصرفاته أم لا ؟ وذلك بإعطائه جزء من ماله يتصرف فيه فإن أحسن التصرف ونماه أعطاه الباقي ولا يرفع الوصاية وإن لم يحسن التصرف لم يعطه الباقي وذلك بعد أن يبلغ يقول الله " حتى إذا بلغوا النكاح "أي بلغوا الحلم : وهو خمسة أمور: ثلاثة مشتركة بين الرجال والنساء وهي نبات شعر العانة الخشن والسن والاحتلام واثنان تخص المرة فقط وهما الحبل والحيض أو نزول المواسي علي الجلد إذا لم يعرف بالسن كما أمر عمر رضي الله عنه عند طلب الجزية .فإذا تحقق البلوغ وقمنا بامتحانهم فآنسنا منهم رشدا دفعنا لهم أموالهم يقول الله" فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم" ومن ثم لا يدفع إليهم مالهم إلا بشرطين: ( بلوغ النكاح ـ التأكد من حصول الرشد وهو النضوج العقلي عند الإنسان ) ولو عاد السفه في التصرفات المالية تفرض الوصاية من جديد ويحجر علي تصرفات اليتيم " وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً [النساء : 5]. وإذا تم دفع المال لابد من الإشهاد عليهم قال تعالي " فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفي بالله حسيبا " والأمر بالإشهاد عليهم قيل للوجوب وقيل للندب وفي ذلك وقاية من التهم وحماية لأموال الأيتام أن تلتهم. وكفي بالله حسيبا لكل جاحد حق .

يقول الله تعالي " وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا". هذه آية الله تقول لكل مسلم يخشي علي أولاده مرارة اليتم من بعده ماذا يصنع ؟ علي أن يؤمن علي حياتهم تأمينا فشركات التامين الربانية ويدفع لذلك قسطين فقط : ـ
• فليتقوا الله .
• وليقولوا قولا سديدا.
يا من تخاف علي أولادك كن تقيا لله ز كن صالحا فصلاح الآباء للأبناء " وكان أبوهما صالحا " تقوي الله تنفعك في الدنيا والآخرة وتنفع أولادك من بعدك.
وصدق من قال :

تذود من حياتك للمعاد وقم إلي الله واجمع خير ذاد
أترضي أن تكون رفيق قو م لهم ذاد وأنت بغير ذاد
وقول السداد أي الصواب والحق أمر به رب العالمين" َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً " وأمر به الرسول صلي الله عليه وسلم " فسددوا وقاربوا أبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة ".....
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elngdy.yoo7.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 372
تاريخ التسجيل : 16/10/2008
العمر : 52
الموقع : https://elngdy.yoo7.com/

  الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات     إعداد  شعبان النجدي  باحث في العلوم الشرعية والقانونية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات إعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية     الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات     إعداد  شعبان النجدي  باحث في العلوم الشرعية والقانونية Emptyالخميس ديسمبر 04, 2014 1:10 am

الفصل السابع
التولي يوم الزحف


التولي يوم الزحف : هو الهروب من ساحة المعركة خنوعا ووهنا وجبنا وأنانية. وحبا لسلامة النفس من الموت . وغضا للطرف عن سلامة المؤمنين . وهو مصطلح مأخوذ من قوله تعالي " إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ". ومن ثم يكون التولي ( في يوم الزحف ـ في يوم الحرب ـ في يوم الجهاد) . وهو كبيرة من أكبر الكبائر وعده النبي من الموبقات التي توبق صاحبها في النار .
والجهاد علي أربعة مراتب :
جهاد النفس
جهاد الشيطان
جهاد الكفار
جهاد المنافقين .
أما جهاد النفس: فيكون بتعلم الدين ثم بالعمل بعلوم الدين ثم بدعوة الغير إلي هذا الدين وذاك العمل ثم بالصبر وتحمل المشاق في سبيل ذلك . أما جهاد الشيطان : فيكون بجهاده في دفع الشبهات ودفع الشهوات . وصدق من قال :

وخالف النفس والشيطان واعصهما وإن هما محضاك النصح فاتهم
وأما جهاد المنافقين : فالأخص فيه اللسان وجهاد الكافرين : فالأخص فيه اليد . والجهاد إما واجب وجوب عين وإما واجب وجوب كفاية .الأصل أن الجهاد فرض كفاية على المسلمين وذلك إذا كان الكفار في ديارهم ونحن في ديارنا لم يحتلوا لنا أرضاً ولم يعتدوا لنا على موقع أو حق لنا واسمع لربك (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً) .(التوبة :122) . ووجوب العين في حالات:
1ـ إذا حضر المكلف في الصف يتعين عليه الجهاد (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا) وقال ((يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفًا فلا تولوهم الأدبار) .
2ـ إذا حضر العدو إلي بلادنا سلمكم الله قال تعالي ((يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة).
3ـ إذا استنفر الحاكم شخصا يتعين عليه الجهاد لما روي الإمام البخاري رحمه الله ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية . وإذ استنفرتم فانفروا" أي إذا طلب منكم الخروج إلى الحرب فاخرجوا. ويقول الله سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل)
. 4ـ إذا احتيج إلى ذلك الشخص ولا يسد أحد مسدَّه إلا هو.
ويجب الجهاد علي المسلم الذكر العاقل البالغ الصحيح الذي لديه من الزاد ما يكفيه حتى يعود . المسلم فلا يجب علي غير المسلم . الذكر فلا يجب علي المرأة فقد روي البخاري رحمه الله عن عائشة رضي الله عنها قالت قلت: يا رسول الله هل على النساء جهاد؟ قال: جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة" ولا يمنع من خروجهن للتمريض ونحوه . العاقل فلا يجب علي غير العاقل . الصحيح فلا يجب علي المريض واسمع لربك (ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا الله ورسوله) [سورة التوبة: 91] . ويقول الله تبارك وتعالى: (ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج) [سورة الفتح: 17] . البالغ فلا يجب علي الصغيرولأنه عبادة، فلا يجب إلا على بالغ فقد روي الشيخان البخاري ومسلم عن ابن عمر قال : "عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني" أما عن إذن الوالدين فالجهاد الواجب لا يعتبر فيه إذن الوالدين أما جهاد التطوع فإنه لا بد من إذن الوالدين المسلمين الحرين أو إذن أحدهما روي البخاري ومسلم عن ابن مسعود: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ قال:" الصلاة على وقتها." قلت ثم أي؟ قال: "بر الوالدين." قلت: ثم أي؟ قال:" الجهاد في سبيل الله" . " وروي البخاري وأبو داود والنسائي والترمذي وصححه عن ابن عمر: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فاستأذنه في الجهاد. فقال: أحيٌ والداك؟ قال: نعم. قال:" ففيهما فجاهد. وفي كتاب شرعة الإسلام: " ولا يخرج إلى الجهاد إلا من كان فارغًا عن الأهل والأطفال وعن خدمة الوالدين، فإن ذلك مقدم على الجهاد، بل هو أفضل الجهاد".
والجهاد إذا وجب ينبغي فيه الثبات وعدم الفرار" يا أيها الذين امنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار، ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير. فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاءً حسناً إن الله سميع عليم. ذلكم وان الله موهن كيد الكافرين .إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وان تنتهوا فهو خير لكم وان تعودوا نعد ولن تغني عنكم فئتكم شيئاً ولو كثرت وان الله مع المؤمنين" فقد نزلت هذه الآيات في نصح المؤمنين للثبات يوم بدر يوم الفرقان بين الحق والباطل يوم التقي الجمعان ورغم نزول الآيات بخصوص هذا اليوم إلا أنها عامة فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما يقول علماء التفسير . فيكون الثبات سبب للنصر . وللنصر عوامل أخري : منها:
1ـ الإيمان بالله ظاهرا وباطنا وصدق الله " وكان حقا علينا نصر المؤمنين "
.2ـ والصبر "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران : 200]. 3ـ والإخلاص لله" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ "[محمد : 7]. 4ـ والإعداد المادي "وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ [الأنفال : 60]
. 5ـ والائتلاف وعدم الاختلاف " وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال : 46]
. 6ـ والإقدام وعدم الإحجام "َقالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [المائدة : 23]
. 7ـ والتوكل علي الله والمشورة "وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال : 46] .
أما التولي يوم الزحف فهو خنوع ووهن وسبب من أسباب الهزيمة وقد ذكر العلماء أنه علي ثلاث حالات : يكون حراما : عندما يكون الفريقان متكافئان نظريا فيحرم التولي لأنه يحدث خللا في قوة المسلمين فيؤدي للهزيمة . وهذا هو النوع المقصود في حديث النبي والذي عده من الموبقات وفي ذلك وعيد شديد من رب العالمين قال فيه " فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير "فمن فر فقد رجع بغضب من الله . ليس هذا فحسب بل ومأواه جهنم وبئس المصير نعم . و بئس المصير واسمع لربك "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً [النساء : 56] . وروي الإمام الطبراني عن ثوبان مرفوعا عن النبي صلي الله عليه وسلم " ثلاثة لا ينفع معهن عمل الشرك بالله وعقوق الوالدين والفرار من الزحف» . ويكون مباحا : لأحد سببين أو كليهما وذلك في قوله تعالي " إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلي فئة "فلا يجوز التولي يوم الزحف إلا بهذين الوضعين " متحرفا لقتال "أي يوهم العدو أنه يفر ثم يكر عليه وهذا مطلوب في الحرب فالحرب خدعة ومطلوب فيها المكر والحيل . أو متحيزا إلي فئة تعني أنه رأي ثغرا قد انفتح أمام الكفار فيفر من مكانه مسرعا إلي ذلك الثغر ليسده فهو ينتقل من مكان إلي مكان من أجل المصلحة" يا أيها الذين امنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة " ففي هاتين الحالتين يكون التولي حلالا . وأما الحالة الثالثة : فتكون عندما يكون الفريقان غير متكافئين يري بعض العلماء أن الفرار هنا حرام فلا يفر المجاهد مهما كانت النتيجة وذلك تفعيلا لقول الله "يائيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار " والبعض يري جواز الفرار مستدلين بقوله تعالي((وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)) وبما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا في سرية من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم فحاص الناس حيصة، وكنت فيمن حاص فقلنا كيف نصنع وقد فررنا من الزحف وبؤنا بالغضب؟ ثم قلنا لو دخلنا المدينة فبتنا ثم قلنا لو عرضنا أنفسنا على رسولالله صلى الله عليه وسلم، فان كانت لنا توبة وإلا ذهبنا!! فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل صلاة الغداة فخرج إلينا فقال من القوم؟! فقلنا نحن الفارون أوالفرارون فقال:لا، بل انتم الكارون أنا فئتكم، وأنا فئة المسلمين، قال: فأتيناه حتى قبلنا يده صلي الله عليه وسلم . وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله عن التولي يوم الزحف ؟ فقال لا يفر الرجل من رجلين لكن من ثلاثة فلا بأس . فلا يجوز الفرار من مثليهم قال تعالي " أن يكن منكم مائة يغلبوا مائتين" .

بعض الناس يعد من قتل هلكة وهذا خطأ لأن المجاهد الذي يخرج من أجل الله إن مات مات شهيدا وإن عاد عاد بخير وغنيمة وصدق الله " قل هل تربصون بنا إلا إحدي الحسنيين "والحسنيان هما النصر أو الشهادة ففي النصرة عزة الإسلام والمسلمين ورفع راية الإسلام عالية خفاقة وفي الشهادة منزلة من منازل الجنة " َلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ"[آل عمران : 169]. وصح عن النبي (من مات ولم يغزو ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق) ، فالجهاد لا يخطر على باله، وقد لا تتاح له الشهادة التي يتمناها فهذا خالد بن الوليد قال : شهدت مائة معركة في الجاهلية والإسلام وما في بدني إلا رمية بسهم أو طعنة برمح وأخيراً أموت على فراشي كما يموت العبيد فلا نامت أعين الجبناء . ويصح في ذلك ما روي الإمام مسلم رحمه الله (من سأل الله الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه). فيستطيع أن يأخذ بنيته أجر الشهادة وأجر الجهاد . وهذا كله مشروط بإخلاص النية لله روي الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ط إن أول الناس يقضى عليه يوم القيامة، رجل استشهد، فأتي به فعرفه نعمه، فعرفها،قال‏:‏ فماذا عملت فيها‏؟‏ قال‏:‏ قاتلت فيك حتى استشهدت، قال‏:‏ كذبت، ولكنك قاتلت ليقال‏:‏ جرئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن، فأتي به فعرفه نعمه فع‏ فما عملت فيها‏؟‏قال‏:‏ تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن، قال‏:‏ كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله، فأتي به فعرفه نعمه، فال‏:‏ فما عملت فيها قال‏:‏ ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك،قال‏:‏ كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه، ثم ألقي في النار







الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elngdy.yoo7.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 372
تاريخ التسجيل : 16/10/2008
العمر : 52
الموقع : https://elngdy.yoo7.com/

  الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات     إعداد  شعبان النجدي  باحث في العلوم الشرعية والقانونية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات إعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية     الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات     إعداد  شعبان النجدي  باحث في العلوم الشرعية والقانونية Emptyالخميس ديسمبر 04, 2014 1:11 am

: قذف المحصنات
{ قال الله تعالى
إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم * يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون }
و قال الله تعالى : { و الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة و لا تقبلوا لهم شهادة أبدا و أولئك هم الفاسقون }
بين الله تعالى في الآية أن من قذف امرأة محصنة حرة عفيفة عن الزنا و الفاحشة إنه ملعون في الدنيا و الآخرة و له عذاب عظيم و عليه في الدنيا الحد ثمانون جلدة و تسقط شهادته و إن كان عدلا و في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ اجتنبوا السبع الموبقات ] فذكر منها قذف المحصنات الغافلات المؤمنات و القذف أن يقول لامرأة أجنبية حرة عفيفة مسلمة : يا زانية أو يا باغية أو يا قحبة أو يقول لزوجها : يا زوج القحبة أو يقول لولدها : يا ولد الزانية أو يا ابن القحبة أو يقول لبنتها يا بنت الزانية أو يا بنت القحبة فإن القحبة عبارة عن الزانية فإذا قال ذلك أحد من رجل أو امرأة كمن قال لرجل : يا زاني أو لصبي حر يا علق أو يا منكوح وجب عليه الحد ثمانون جلدة إلا أن يقيم بينة بذلك و البينة كما قال الله : أربعة شهداء يشهدون على صدقه فيما قذف به تلك المرأة أو ذاك الرجل فإن لم يقم بينة جلد إذا طالبته بذلك التي قذفها أو إذا طالبه بذلك الذي قذفه و كذلك إذا قذف مملوكه أو جاريته بأن قال لمملوكه : يا زاني أو لجاريته يا زانية أو يا باغية أو يا قحبة لما ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ من قذف مملوكه بالزنا أقيم عليه الحد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال ] و كثير من الجهال واقعون في هذا الكلام الفاحش الذي عليهم فيه العقوبة في الدنيا و الآخرة و لهذا ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها النار أبعد مما بين المشرق و المغرب فقال له معاذ بن جبل يا رسول الله و إنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : ثكلتك أمك يا معاذ و هل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم ؟ ] و في الحديث : [ من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ] و قال الله تبارك و تعالى في كتابه العزيز : { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد } و قال عقبة بن عامر : يا رسول الله ما النجاة ؟ قال : [ أمسك عليك لسانك و ليسعك بيتك و ابك على خطيئتك و إن أبعد الناس إلى الله القلب القاسي ]
و قال صلى الله عليه و سلم : [ إن أبغض الناس إلى الله الفاحش المبذي الذي يتكلم بالفحش و رديء الكلام ] وقانا الله و إياكم شر ألسنتنا بمنه و كرمه إنه جواد كريم





















حرمة استطالة المسلم في عرض اخيه
د. احمد عبدالكريم الخطيب مقالة من موقع صيد الفوائد

لقد حرّم الله تعالى على المسلم الاستطالة في عرض أخيه المسلم ( و سواء في هذا الحكم الرجال و النساء ) .
قال تعالى : ( وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَ إِثْمًا مُبِينًا ) [ الأحزاب : 58 ] .
و المعنيّون بالوعيد في هذه الآية هم الذين يستطيلون في أعراض المسلمين ظلماً و عدواناً ( أي ينسبون إليهم ما هم برآء منه لم يعملوه و لم يفعلوه " فقد احتملوا بهتاناً و إثماً مبيناً " و هذا هو البَهت الكبير : أن يحكيَ أو ينقل عن المؤمنين و المؤمنات ما لم يفعلوه على سبيل العيب و التنقص لهم ) كما قال ابن كثيرٍ في تفسيره .
و قال جلّ و علا : ( إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَ الآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) [ النور : 23 ] .
قال ابن جرير : ( نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَة فِي شَأْن عَائِشَة , وَ الْحُكْم بِهَا عَامّ فِي كُلّ مَنْ كَانَ بِالصِّفَةِ الَّتِي وَ صَفَهُ اللَّه بِهَا فِيهَا .
وَ إِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى تَأْوِيلاته بِالصَّوَابِ ; لأَنَّ اللَّه عَمَّ بِقَوْلِهِ : " إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات الْغَافِلات الْمُؤْمِنَات " كُلّ مُحْصَنَة غَافِلَة مُؤْمِنَة رَمَاهَا رَامٍ بِالْفَاحِشَةِ , مِنْ غَيْر أَنْ يَخُصّ بِذَلِكَ بَعْضًا دُون بَعْض , فَكُلّ رَامٍ مُحْصَنَة بِالصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي هَذِهِ الآيَة فَمَلْعُون فِي الدُّنْيَا وَ الآخِرَة وَ لَهُ عَذَاب عَظِيم , إِلا أَنْ يَتُوب مِنْ ذَنْبه ذَلِكَ قَبْل وَفَاته , فَإِنَّ اللَّه دَلَّ بِاسْتِثْنَائِهِ بِقَوْلِهِ : " إلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْد ذَلِكَ وَ أَصْلَحُوا " عَلَى أَنَّ ذَلِكَ حُكْم رَامِي كُلّ مُحْصَنَة بِأَيِّ صِفَة كَانَتْ الْمُحْصَنَة الْمُؤْمِنَة الْمَرْمِيَّة , وَ عَلَى أَنَّ قَوْله : " لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَ الآخِرَة وَ لَهُمْ عَذَاب عَظِيم " مَعْنَاهُ : لَهُمْ ذَلِكَ إِنْ هَلَكُوا وَ لَمْ يَتُوبُوا ) .
و روى أبو داود في سننه و أحمد في مسنده بإسنادٍ صحيحٍ عَنْ ‏ ‏سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ ‏عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏: ( ‏إِنَّ مِنْ ‏ أَرْبَى ‏ ‏الرِّبَا الاسْتِطَالَةَ ‏ ‏فِي عِرْضِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ ‏) .
و المنهي عنه في هذا الحديث هو إطالة اللسان ‏ في عرض المسلم ؛ باحتقاره و الترفع عليه , و الوقيعة فيه بنحو قذفٍ أو سبٍ , و إنما يكون هذا أشد تحريماً من المراباة في الأموال لأن العرض أعز على النفس من المال ‏، كما قال أبو الطيب العظيم آبادي في ( عون المعبود ) .
و لمّا كان القذف من أشنع الذنوب ، و أبلغها في الإضرار بالمقذوف و الاساءة إليه ، كان التحذير منه في القرآن الكريم شديداً ، و مقروناً بما يردع الواقع فيه من العقوبة .
قال تعالى : ( وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) [ النور : 4 ] .
قال الإمام الطبري رحمه الله في تفسير هذه الآية : ( يقول تعالى ذكره : و الذين يشتمون العفائف من حرائر المسلمين , فيرمونهن بالزنا , ثم لم يأتوا على ما رموهن به من ذلك بأربعة شهداء عدول يشهدون عليهن أنهم رأوهن يفعلن ذلك , فاجلدوا الذين رموهن بذلك ثمانين جلدة , و لا تقبلوا لهم شهادة أبداً , و أولئك هم الذين خالفوا أمر الله و خرجوا من طاعته ففسقوا عنها ) .
و قال الحافظ ابن كثيرٍ رحمه الله : ( هذه الآية الكريمة فيها بيان حكم جلد القاذف للمحصنة ؛ و هي : الحرة البالغة العفيفة فإذا كان المقذوف رجلا فكذلك يجلد قاذفه أيضا ، وليس فيه نزاع بين العلماء ... و أوجب الله على القاذف إذا لم يُُقم البينة على صحة ما قال ثلاثة أحكام :
أحدها : أن يجلد ثمانين جلدة .
الثاني : أنه ترد شهادته أبداً .
الثالث : أن يكون فاسقاً ليس بعدل لا عند الله و لا عند الناس ) .
و القذف الذي يوجب الحد هو الرمي بالزنا أو اللواط أو ما يقتضيهما كالتشكيك في الأنساب و الطعن في الأمّهات تصريحاً على الراجح ( و هو مذهب أبي حنيفة و الشافعي ) ، لا تعريضاً و لا تلميحاً ( خلافاً لمذهب الإمام مالك و من وافقه ) ، إلاّ إن أقرّ المعرّض بأن مراده هو القذف الصريح .
قال الإمام القرطبي في تفسير آية النور : ( للقذف شروط عند العلماء تسعة : شرطان في القاذف ؛ و هما : العقل و البلوغ ; لأنهما أصلا التكليف , إذ التكليف ساقط دونهما .
و شرطان في الشيء المقذوف به , و هو : أن يقذف بوطء يلزمه فيه الحد , وهو الزنى و اللواط ; أو بنفيه من أبيه دون سائر المعاصي .
و خمسة من المقذوف ؛ و هي : العقل و البلوغ و الإسلام و الحرية و العفة عن الفاحشة التي رمي بها ، كان عفيفاً من غيرها أم لا ) .



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elngdy.yoo7.com
 
الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات إعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  المعاني الإيمانية من حديث الدين النصيحة إعداد وترتيب شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية
»  جولة الفكر فى معانى العبادة والذكر إعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية
»  حوار هادئ مع الأستاذ جمال البنا إعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية
»  قطف الثمرات من حديث انما الاعمال بالنيات اعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية
»  فتح الكريم الوهاب حول معانى فاتحة الكتاب جمع وإعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي الاستاذ شعبان النجدي المحامى لنشر الثقافة والوعي القانوني :: كتابات الاستاذ شعبان النجدي ومؤلفاته-
انتقل الى: