منتدي الاستاذ شعبان النجدي المحامى لنشر الثقافة والوعي القانوني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدي الاستاذ شعبان النجدي المحامى لنشر الثقافة والوعي القانوني

تنمية الثقافة القانونية
 
الرئيسيةمنتدى شعبان النأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  جولة الفكر فى معانى العبادة والذكر إعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 372
تاريخ التسجيل : 16/10/2008
العمر : 52
الموقع : https://elngdy.yoo7.com/

             جولة الفكر فى معانى العبادة والذكر  إعداد  شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية  Empty
مُساهمةموضوع: جولة الفكر فى معانى العبادة والذكر إعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية                 جولة الفكر فى معانى العبادة والذكر  إعداد  شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية  Emptyالخميس ديسمبر 04, 2014 3:00 am

P

الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ
وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد القهار ، العزيز الغفار ، مقدر الأقدار ، مصرف الأمور ، مكور الليل على النهار ، تبصرة لذوى القلوب والأبصار ، الذي أيقظ من خلقه ومن اصطفاه فأدخله في جملة الأخيار ، ووفق من اجتباه من عبيده فجعله من الأبرار ، وبصر من أحبه فزهدهم في هذه الدار ، فاجتهدوا في مرضاته والتأهب لدار القرار ، واجتناب ما يسخطه والحذر من عذاب النار ، وأخذوا أنفسهم بالجد في طاعته وملازمة ذكره بالعشي والإبكار ، وعند تغاير الأحوال في آناء الليل والنهار ، فاستنارت قلوبهم بلوامع الأنوار.
أحمده أبلغ الحمد على جميع نعمه ، وأسأله المزيد من فضله وكرمه ،.
، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وصفيه وحبيبه وخليله ، أفضل المخلوقين ، وأكرم السابقين واللاحقين ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر النبيين ، وآل كل وسائر الصالحين
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"
" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا "
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا "
اأَمَّا بَعْدُ :
فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ
اعلم يرحمك الله ان العبد كلما تدبر معاني الاذكار والادعية ونحوهما كان ذلك ادعي للخشوع واستحضار القلب وانابته لله رب العالمين
لذلك رايت ان اكتب في مسالة معاني الاذكار والدعوات التي غالبا ما يرددها المسلم ليل نهار ليسهل علي المسلم فهمها وحسن العمل بها

"اللهم اجعل هذا العمل خالصاً لوجهك الكريم ، والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل"
كتبه
شعبان النجدي


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elngdy.yoo7.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 372
تاريخ التسجيل : 16/10/2008
العمر : 52
الموقع : https://elngdy.yoo7.com/

             جولة الفكر فى معانى العبادة والذكر  إعداد  شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: جولة الفكر فى معانى العبادة والذكر إعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية                 جولة الفكر فى معانى العبادة والذكر  إعداد  شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية  Emptyالخميس ديسمبر 04, 2014 3:04 am

ذكر الله وفوائده
المصدر رياض الصالحين كتاب الاذكار
قال اللَّه تعالى (العنكبوت 45): {ولذكر اللَّه أكبر}.
وقال تعالى (البقرة 152): {فاذكروني أذكركم}.
وقال تعالى (الأعراف 205): {واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال، ولا تكن من الغافلين}.
وقال تعالى (الجمعة 10): {واذكروا اللَّه كثيراً لعلكم تفلحون}.
وقال تعالى (الأحزاب 35): {إن المسلمين والمسلمات} إلى قوله تعالى: {والذاكرين اللَّه كثيراً والذاكرات، أعد اللَّه لهم مغفرة وأجراً عظيماً}.
وقال تعالى (الأحزاب 41، 42): {يا أيها الذين آمنوا اذكروا اللَّه ذكراً كثيراً، وسبحوه بكرة وأصيلاً} الآية.
والآيات في الباب كثيرة معلومة.
1408 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان اللَّه وبحمده، سبحان اللَّه العظيم متفق عَلَيهِ.
1409 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: لأن أقول: سبحان اللَّه والحمد لله ولا إله إلا اللَّه والله أكبر أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس رواه مُسلِمٌ.
1410 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: من قال لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه وقال: من قال سبحان اللَّه وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر متفق عَلَيهِ.
1411 - وعن أبي أيوب الأنصاري رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: من
قال لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات، كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل متفق عَلَيهِ.
1412 - وعن أبي ذر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال لي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ألا أخبرك بأحب الكلام إلى اللَّه؟ إن أحب الكلام إلى اللَّه: سبحان اللَّه وبحمده رواه مُسلِمٌ.
1413 - وعن أبي مالك الأشعري قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان اللَّه والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماوات واثنين متفق مُسلِمٌ.
1414 - وعن سعد بن أبي وقاص رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: جاء أعرابي إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فقال: علمني كلاماً أقوله، قال: قل لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، اللَّه أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان اللَّه رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم قال: فهؤلاء لرب فمالي؟ قال: قل: اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني رواه مُسلِمٌ.
1415 - وعن ثوبان رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً، وقال: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام قيل للأوزاعي (وهو أحد رواة الحديث) كيف الاستغفار؟ قال يقول: أستغفر اللَّه، أستغفر اللَّه. رَوَاهُ مُسلِمٌ.
1416 - وعن المغيرة بن شعبة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم كان إذا فرغ من الصلاة وسلم قال: لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد متفق عَلَيهِ.
1417 - وعن عبد اللَّه بن الزبير رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أنه كان يقول دبر كل صلاة حين يسلم: لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا اللَّه ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا اللَّه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون قال ابن الزبير: وكان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يهلل بهن دبر كل صلاة مكتوبة. رَوَاهُ مُسلِمٌ.
1418 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن فقراء المهاجرين أتوا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فقالوا: ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من أموال يحجون ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون. فقال: ألا أعلمكم شيئاً تدركون به من سبقكم وتسبقون به من بعدكم ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم؟قالوا: بلى يا رَسُول اللَّهِ، قال: تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثاً وثلاثين قال أبو صالح الراوي عن أبي هريرة لما سئل عن كيفية ذكرهن قال يقول: سبحان اللَّه والحمد لله والله أكبر، حتى يكون منهن كلهن ثلاثاً وثلاثين. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وزاد مسلم في روايته: فرجع فقراء المهاجرين إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله، فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء.
الدثور جمع دثر بفتح الدال إسكان الثاء المثلثة وهو: المال الكثير.
1419 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: من سبح اللَّه في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وحمد اللَّه ثلاثاً وثلاثين، وكبر اللَّه ثلاثاً وثلاثين قال تمام المائة: لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر رواه مُسلِمٌ.
1420 - وعن كعب بن عجرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: معقبات لا يخيب قائلهن أو فاعلهن دبر كل صلاة مكتوبة: ثلاثاً وثلاثين تسبيحة، وثلاثاً وثلاثين تحميدة، وأربعاً وثلاثين تكبيرة رواه مُسلِمٌ.
1421 - وعن سعد بن أبي وقاص رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم كان يتعوذ دبر الصلوات بهؤلاء الكلمات: اللهم إني أعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من فتنة القبر رواه البُخَارِيُّ.
1422 - وعن معاذ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم أخذ بيده وقال: يا معاذ والله إني لأحبك فقال: أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك رواه أبُو دَاوُدَ بإسناد صحيح.
1423 - وعن أبي هريرة رَضيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال رواه مُسلِمٌ.
1424 - وعن علي رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم إذا قام إلى الصلاة يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني؛ أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت رواه مُسلِمٌ.
1425 - وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنها قالت: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي متفق عَلَيهِ.
1426 - وعنها رَضِيَ اللَّهُ عَنها أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم كان يقول في ركوعه وسجوده: سُبَّوحٌ قُدَّوسٌ ربُّ الملائكة والروح رواه مُسلِمٌ.
1427 - وعن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: فأما الركوع فعظموا فيها الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقَمِنٌ أن يستجاب لكم رواه مُسلِمٌ.
1428 - وعن أبي هريرة رَضيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء رواه مُسلِمٌ.
1429 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم كان يقول في سجوده: اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره رواه مُسلِمٌ.
1430 - وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنها قالت: افتقدت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم ذات ليلة
فتحسست فإذا هو راكع أو ساجد يقول: سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت
وفي رواية: فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان وهو يقول: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك؛ لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك رواه مُسلِمٌ.
1431 - وعن سعد بن أبي وقاص رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: كنا عند رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فقال: أيعجز أحدكم أن يكسب في كل يوم ألف حسنة!فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب ألف حسنة؟ قال: يسبح مائة تسبيحة فيكتب له ألف حسنة، أو يحط عنه ألف خطيئة رواه مُسلِمٌ.
قال الحميدي: كذا هو في كتاب مسلم: أو يحط
قال البرقاني: ورواه شعبة وأبو عوانة ويحيى القطان عن موسى الذي رواه مسلم من جهته فقالوا: ويحط بغير ألِف.
1432 - وعن أبي ذر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة؛ فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة؛ ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى رواه مُسلِمٌ.
1433 - وعن أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رَضِيَ اللَّهُ عَنها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال: ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟قالت: نعم. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان اللَّه وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته رواه مُسلِمٌ.
وفي رواية له: سبحان اللَّه عدد خلقه، سبحان اللَّه رضا نفسه، سبحان اللَّه زنة عرشه، سبحان اللَّه مداد كلماته.
وفي رواية الترمذي: ألا أعلمك كلمات تقولينها سبحان اللَّه عدد خلقه، سبحان اللَّه عدد خلقه، سبحان اللَّه عدد خلقه، سبحان اللَّه رضا نفسه، سبحان اللَّه رضا نفسه، سبحان اللَّه رضا نفسه، سبحان اللَّه زنة عرشه، سبحان اللَّه زنة عرشه، سبحان اللَّه زنة عرشه، سبحان اللَّه مداد كلماته، سبحان اللَّه مداد كلماته، سبحان اللَّه مداد كلماته.
1434 - وعن أبي موسى الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت رواه البُخَارِيُّ.
ورَوَاهُ مُسلِمٌ فقال: مثل البيت الذي يذكر اللَّه فيه والبيت الذي لا يذكر اللَّه فيه مثل الحي والميت.
1435 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: يقول اللَّه تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني؛ فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم متفق عَلَيهِ.
1436 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: سبق المفردون قالوا: وما المفردون يا رَسُول اللَّهِ؟ قال: الذاكرون اللَّه كثيراً والباقية رواه مُسلِمٌ.
روي المفردون بتشديد الراء وتخفيفها، والمشهور الذي قاله الجمهور التشديد.
1437 - وعن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول: أفضل الذكر لا إله إلا الله رواه التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.
1438 - وعن عبد اللَّه بن بسر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رجلاً قال: يا رَسُول اللَّهِ إن شرائع الإسلام قد كثرت عليّ فأخبرني بشيء أتشبث به. قال: لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله رواه التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.
1439 - وعن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: من قال: سبحان اللَّه وبحمده غرست له نخلة في الجنة رواه التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.
1440 - وعن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: لقيت إبراهيم صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم ليلة أسري بي فقال: يا محمد أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها: سبحان اللَّه والحمد لله ولا إله إلا اللَّه والله أكبر رواه التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.
1441 - وعن أبي الدرداء رَضِي اللَّه عنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى، قال: ذكر اللَّه تعالى رواه التِّرمِذِيُّ. قال الحاكم أبو عبد اللَّه إسناده صحيح.
1442 - وعن سعد بن أبي وقاص رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أنه دخل مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم على امرأة وبين يديها نوىً أو حصىً تسبح به فقال: أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو أفضل؟فقال: سبحان اللَّه عدد ما خلق في السماء، وسبحان اللَّه عدد ما خلق في الأرض، وسبحان اللَّه عدد ما بين ذلك، وسبحان اللَّه عدد ما هو خالق، والله أكبر مثل ذلك، والحمد لله مثل ذلك، ولا إله إلا اللَّه مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك رواه التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.
1443 - وعن أبي موسى رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال لي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟فقلت: بلى يا رَسُول اللَّهِ. قال: لا حول ولا قوة إلا بالله متفق عَلَيهِ. انتهي من كتاب رياض الصالحين








فائدة
 قال ابن القيم : وسمعت شيخ الاسلام ابن تيمية قدس الله تعالى روحه يقول الذكر للقلب مثل الماء للسمك فكيف يكون حال السمك اذا فارق الماء - الوابل الصيب ص : 63
2-و قال أيضا : قلت لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يوما سئل بعض اهل العلم ايما انفع للعبد التسبيح او الاستغفار فقال اذا كان الثوب نقيا فالبخور وماء الورد انفع له وان كان دنسا فالصابون والماء الحار انفع له فقال لي رحمه الله تعالى فكيف والثياب لا تزال دنسة - الوابل ص : 124
وفي ذكر الله أكثر من مائة فائدة ذكرها الإمام (ابن القيم) في كتابه (الوابل الصيب من الكلم الطيب) نختصر منه ما يلي:ونحيل القارئ بأدلتها وشرحها إلى ذلك الكتاب القيم.
1- أن ذكر الله يطرد الشيطان.                                                      
2- أنه يرضي الرحمن. 3- يزيل الهم والغم عن القلب. 4- يجلب للقلب الفرح والسرور.
5- يقوي القلب والبدن. 6- ينور الوجه والقلب. 7- يجلب الرزق. 8- يكسو الذاكر المهابة والحلاوة والنضرة. 9- يورث محبة الله التي هي روح الإسلام. 10- أنه يورث المراقبة والإنابة والقرب من الله. 11- أنه يفتح للعبد أبواب المعرفة ويورث الهيبة لربه وإجلاله. 12- أن ذكر العبد ربه يورث#
ذكر الله له كما قال تعالى فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [سورة البقرة 152]. 13- أنه يورث حياة القلب وذكر الله للقلب كالماء للسمك. 14- أنه قوت القلب والروح أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد 28]. 15- أنه يورث جلاء القلب من صدئه. 16- أنه يحط الخطايا ويرفع الدرجات. 17- أنه يزيل الوحشة التي بين العبد وبين ربه. 18- أنه يذكر بصاحبه عند الشدة. 19- أن العبد إذا تعرف إلى الله بذكره في الرخاء عرفه في الشدة. 20- أنه ينجي من عذاب الله تعالى. 21- أنه سبب تنزل السكينة وغشيان الرحمة وحفوف الملائكة بالذاكر. 22- أنه سبب اشتغال اللسان عن الغيبة والنميمة والكذب والفحش والباطل. 23- أن مجالس الذكر مجالس الملائكة كما أن مجالس اللهو واللغو والغفلة مجالس الشياطين فاختر لنفسك أي المجلسين شئت. 24- أنه يسعد الذاكر ويسعد به جليسه. 25- أن ذكر الله يؤمن العبد من الحسرة يوم القيامة. 26- أن ذكر الله مع البكاء في الخلوة سبب لإظلال العبد يوم الحر الأكبر في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله. 27- أن الاشتغال بالذكر سبب لإعطاء الله الذاكر أفضل ما يعطي السائلين. 28- أنه أيسر العبادات وهو من أجلها وأفضلها. 29- أنه غراس الجنة. 30- أن العطاء والفضل الذي رتب على ذكر الله لم يرتب على غيره من الأعمال. 31- أن دوام ذكر الرب تبارك وتعالى يوجب الأمان من نسيانه. 32- أن ذكر الله نور للعبد في دنياه وفي قبره ويوم حشره. 33- أن ذكر الله يعدل عتق الرقاب ونفقة الأموال في سبيل الله. 34- أن الذكر رأس الشكر فما شكر الله من لم يذكر الله. 35- أن أكرم الخلق على الله تعالى من المتقين من لا يزال لسانه رطبًا بذكر الله. 36- أن في القلب قسوة لا يذيبها إلا ذكر الله. 37- أن الذكر شفاء القلب ودواؤه كما أن الغفلة مرضه فالقلوب مريضة وشفاؤها في ذكر الله تعالى. 38- أنه ما استجلبت نعم الله واستدفعت نقمه بمثل ذكره.#                                                
39- أن ذكر الله يوجب صلاة الله وملائكته على الذاكر. 40- أن من شاء أن يسكن رياض الجنة في الدنيا فليستوطن مجالس الذكر فإنها رياض الجنة. 41- أن جميع الأعمال إنما شرعت لإقامة ذكر الله تعالى. 42- أن أفضل أهل كل عمل أكثرهم فيه ذكرًا لله عز وجل. 43- أن إدامة ذكر الله تنوب عن التطوعات وتقوم مقامها سواء كانت بدنية أو مالية أو مركبة منهما. 44- أن ذكر الله من أكبر العون على طاعته. 45- أن ذكر الله يسهل الصعب وييسر العسير ويخفف المشاق. 46- أن ذكر الله يذهب عن القلب مخاوفه كلها. 47- أن عمال الآخرة كلهم في ميدان السباق والذاكرين الله أسبقهم في ذلك الميدان. 48- أن دور الجنة تبنى بالذكر فإذا أمسك الذاكر عن الذكر أمسكوا عن البناء. 49- أن ذكر الله سد بين العبد وبين جهنم. 50- أن الملائكة تستغفر للذاكر كما تستغفر للتائب. 51- أن الجبال والقفار تتباهى بمن يذكر الله عليها وتستبشر به. 52- أن كثرة ذكر الله أمان من النفاق فإن المنافقين لا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلا قَلِيلا. 53- أن ذكر الله وحمده والثناء عليه يجعل الدعاء مستجابًا. 54- ومن ذكر الله ذكر أسمائه وصفاته والثناء عليه بهما وتنزيهه عما لا يليق به. 55- من ذكر الله ذكر أمره ونهيه بالامتثال. 56- من ذكر الله ذكر وعده ووعيده وثوابه وعقابه وخوفه ورجائه. 57- يكون ذكر الله بالقلب واللسان وهو أكمل ثم بالقلب وحده ثم باللسان وحده. 58- أفضل أنواع الذكر القرآن الكريم ثم التسبيح والتهليل والثناء على الله ثم أنواع الأدعية، وبالله التوفيق.#










آداب الذكر والدعاء
 
  هذه جملة من الآداب التي ينبغي للذاكر أن يتحلى بها :
أولاً - أن يكون الذكر في نفسه ؛ لأنَّ الإخفاء أدخلُ في الإخلاص ، وأقربُ إلى الإجابة وأبعدُ من الرِّياء .
ثانياً - أن يكون على سبيل التضرُّع ، وهو التذلُّل والخضوع والاعتراف بالتقصير ليتحقق فيه ذِلَّة العبودية ، والانكسار لعظمة الرُّبوبيّة .
ثالثاً - أن يكون على وجه الخفية أي الخوف من المؤاخذة على التقصير في العمل ، والخشية من الرد ، وعدم القبول ، قال الله تعالى في صفة المؤمنين المسارعين في الخيرات ، السّابقين لأرفع الدّرجات  
   وقد ثبت في المسند وغيره عن عائشة رضي الله عنها أنها سألت النبي e عن هؤلاء فقالت : يا رسول الله أهو الرجل يزني ويسرق ويشرب الخمر ويخاف أن يُعذّب؟قال : "لا ، يا ابنة الصديق ، ولكنه الرجل يصلّي ويصوم ويتصدق ويخاف أن لا يقبل منه " .* [3]*
رابعاً : أن يكون دون الجهر ؛ لأنه أقرب إلى حسنِ التفكُّر ، قال ابن كثير رحمه الله   وهكذا يُستحبُّ أن يكون الذِّكر ، لا يكون نداءً وجهراً بليغاً"* [4]* ، وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري t قال : رفع النّاس أصواتهم بالدعاء في بعض الأسفار فقال لهم النبي e :" يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم ، فإنكم لا تدعون أصمّ ولا غائباً ، إنّ الذي تدعونه سميعٌ قريبٌ أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته " .* [5]*
خامساً: أن يكون باللسان لا بالقلب وحده ،  
سادساً : أن يكون بالغدو والآصال ، أي في البكرة والعشيِّ ، فتدلُّ الآية على مزيَّة هذين الوقتين ، لأنهما وقت سكون ودعة وتعبُّد اجتهاد، وما بينهما الغالبُ فيه الانقطاع إلى أمر المعاش ، وقد ورد أنَّ عمل العبد يصعد أوّل النهار وآخره ، فطلبُ الذكر فيهما ليكون ابتداء عمله واختتامه بالذكر .
ففي صحيح مسلم من حديث أبو هريرة t عن النبي e " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار يجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : تركناهم يصلون وأتينهم وهم يصلون " .* [7]*
سابعاً : النهي عن الغفلة عن ذكره  

________________________________________







مَعْنَى أَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيم

مَعْنَى أَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيم أَيْ أَسْتَجِير بِجَنَابِ اللَّه - دون غيره من سائر خلقه - 41مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيم أَنْ يَضُرّنِي فِي دِينِي أَوْ دُنْيَايَ أَوْ يَصُدّنِي عَنْ فِعْل مَا أُمِرْت بِهِ أَوْ يَحُثّنِي عَلَى فِعْل مَا نُهِيت عَنْهُ فَإِنَّ الشَّيْطَان لَا يَكُفّهُ عَنْ الْإِنْسَان إِلَّا اللَّه وَلِهَذَا أَمَرَ تَعَالَى بِمُصَانَعَةِ شَيْطَان الْإِنْس وَمُدَارَاته بِإِسْدَاءِ الْجَمِيل إِلَيْهِ لِيَرُدّهُ طَبْعه عَمَّا هُوَ فِيهِ مِنْ الْأَذَى وَأَمَرَ بِالِاسْتِعَاذَةِ بِهِ مِنْ شَيْطَان الْجِنّ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَل رِشْوَة وَلَا يُؤَثِّر فِيهِ جَمِيل لِأَنَّهُ شِرِّير بِالطَّبْعِ وَلَا يَكُفّهُ عَنْك إِلَّا الَّذِي خَلَقَهُ*

                             معنى البسملة                                              ة  


قول القائل : " بسم الله " قبل الشروع في العمل معناه :

أَبتدأُ هذا الفعل مصاحبا أو مستعينا بـ (اسم الله ) ملتمسا البركة منه ، والله هو المألوه المحبوب المعبود الذي تتوجه إليه القلوب بالمحبة والتعظيم والطاعة ( العبادة ) وهو( الرحمن ) المتصف بالرحمة الواسعة ، ( الرحيم ) الذي يوصل رحمته إلى خلقه .

وقيل المعنى : أبدأ هذا الفعل بتسمية الله وذكره . قال الإمام ابن جرير رحمه الله : " إن الله تعالى ذكره وتقدست أسماؤه, أدب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بتعليمه تقديم ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله, وأمره أن يصفه بها قبل جميع مهماته, وجعل ما أدبه به من ذلك وعلمه إياه منه لجميع خلقه سنة يستنون بها, وسبيلا يتبعونه عليها, في افتتاح أوائل منطقهم وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم; حتى أغنت دلالة ما ظهر من قول القائل {بسم الله} على ما بطن من مراده الذي هو محذوف .إ .هـ بتصرف يسير .

ويوجد محذوف في عبارة باسم الله قبل البدء بالعمل ، وهذا المحذوف تقديره : أبتدئ عملي باسم الله ، مثل باسم الله أقرأ ، باسم الله أكتب ، باسم الله أركب ، ونحو ذلك . أو ابتدائي باسم الله ، ركوبي باسم الله ، قراءتي باسم الله وهكذا ، ويمكن أن يكون التقدير أيضا : باسم الله أكتب ، باسم الله أقرأ , فيقدر الفعل مؤخرا ، وهذا حسن ليحصل التبرك بتقديم اسم الله ، وليفيد الحصر أي أبدأ باسم الله لا باسم غيره .

ولفظ الجلالة ( الله ) : هو الاسم الأعظم وهو أعرف المعارف الغني عن التعريف ، وهو علم على الباري جل جلاله مختص به دون سواه والصحيح أنه مشتق من أله يأله ، ألوهة وإلهة

فهو إله بمعنى مألوه أي معبود فهو : ذو الألوهية .

و( الرحمن ) : اسم من أسماء الله الخاصة به ، ومعناه ذو الرحمة الواسعة لأن وزن فعلان : يدل على الامتلاء والكثرة وهو أخص أسماء الله بعد لفظ الجلالة ، كما أن صفة الرحمة هي أخص صفاته ولذا غالبا يأتي ترتيبها بعد لفظ الجلالة كما في قوله تعالى ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن .. الآية )

و( الرحيم ) : اسم من أسماء الله : معناه الموصل رحمته إلى من يشاء من عباده .

قال ابن القيم رحمه الله : "الرحمن دال على الصفة القائمة به سبحانه ، والرحيم دال على تعلقها بالمرحوم ، فكان الأول للوصف والثاني للفعل فالأول دال على أن الرحمة صفته ، والثاني دال على أنه يرحم خلقه برحمته ، وإذ ا أردت فهم هذا فتأمل قوله "وكان بالمؤمنين رحيما " وقوله " إنه بهم رءوف رحيم "ولم يجئ قط ( رحمن بهم ) فعلم أن رحمن هو الموصوف بالرحمة ، ورحيم هو الراحم برحمته "إ.هـ بدائع الفوائد ( 1/ 24 ) .




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elngdy.yoo7.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 372
تاريخ التسجيل : 16/10/2008
العمر : 52
الموقع : https://elngdy.yoo7.com/

             جولة الفكر فى معانى العبادة والذكر  إعداد  شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: جولة الفكر فى معانى العبادة والذكر إعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية                 جولة الفكر فى معانى العبادة والذكر  إعداد  شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية  Emptyالخميس ديسمبر 04, 2014 3:05 am


فوائد الاستغفار

(1) الاستغفار يجلب الغيث المدرار للمستغفرين ويجعل لهم جنّات ويجعل لهم أنهارا.
(2) الاستغفار يكون سببا في إنعام اللّه- عزّ وجلّ- على المستغفرين بالرّزق من الأموال والبنين.
(3) تسهيل الطّاعات، وكثرة الدّعاء، وتيسير الرّزق.
(4) زوال الوحشة الّتي بين الإنسان وبين اللّه.
(5) المستغفر تصغر الدّنيا في قلبه.
(6) ابتعاد شياطين الإنس والجنّ عنه.
(7) يجد حلاوة الإيمان والطّاعة.
(Cool حصول محبّة اللّه له.
(9) الزّيادة في العقل والإيمان.
(10) تيسير الرّزق وذهاب الهمّ والغمّ والحزن.
(11) إقبال اللّه على المستغفر وفرحه بتوبته.
(12) وإذا مات تلقّته الملائكة بالبشرى من ربّه.
(13) إذا كان يوم القيامة كان النّاس في الحرّ والعرق، وهو في ظلّ العرش.
(14) إذا انصرف النّاس من الموقف كان المستغفر من أهل اليمين مع أولياء اللّه المتّقين.
(15) تحقيق طهارة الفرد والمجتمع من الأفعال السّيّئة
(16) دعاء حملة عرش ربّنا الكريم له.





فائدة
معنى قوله صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح من حديث بريدة رضي الله تعالى عنه [ سيد الاستغفار أن يقول العبد : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ]
فجمع في قوله صلي الله عليه وسلم أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي مشاهدة المنة ومطالعة عيب النفس والعمل
فمشاهدة المنة توجب له المحبة والحمد والشكر لولي النعم والإحسان ومطالعة عيب النفس والعمل توجب له الذل والانكسار والافتقار والتوبة في كل وقت وأن لا يرى نفسه إلا مفلسا وأقرب باب دخل منه العبد على الله تعالى هو الإفلاس فلا يرى لنفسه حالا ولا مقاما ولا سببا يتعلق به ولا وسيلة منه يمن بها بل يدخل على الله تعالى من باب الافتقار الصرف والافلاس المحض دخول من كسر الفقر والمسكنة قلبه حتى وصلت تلك الكسرة إلى سويدائه فانصدع وشملته الكسرة من كل جهاته وشهد ضرورته إلى ربه عز و جل وكمال فاقته وفقره إليه وأن في كل ذرة من ذراته الظاهرة والباطنة فاقة تامة وضرورة كاملة إلى ربه تبارك وتعالى وأنه إن تخلى عنه طرفة عين هلك وخسر خسارة لا تجبر إلا أن يعود الله تعالى عليه ويتداركه برحمته                                                                
ولا طريق إلى الله أقرب من العبودية ولا حجاب أغلظ من الدعوى والعبودية مدارها على قاعدتين هما أصلها : حب كامل وذل تام ومنشأ هذين الأصلين عن ذينك الأصلي المتقدمين وهما مشاهدة المنة التي تورث المحبة ومطالعة عيب النفس والعمل التي تورث الذل التام وإذا كان العبد قد بنى سلوكه إلى الله تعالى على هذين الأصلين لم يظفر عدوه به إلا على غره وغيلة وما أسرع ما ينعشه الله عز و جل ويجبره ويتداركه برحمته( الوابل الصيب )

فضل كلمة لا حول ولا قوة إلا بالله
عن أبي موسى الأشعري t قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم   : "ألا أدلك على كنـز من كنوز الجنة؟" فقلت: بلى يا رسول الله قال: "لا حول ولا قوة إلا بالله".* [1]*
معناه : لا حول لا تحويل للعبد عن معصية الله إلا بعصمة الله ولا قوة له على طاعة الله إلا بتوفيق الله , وقيل معناه لا حيلة للعبد عن ترك معصية الله إلا بعصمة من الله ولا قوة له على طاعة الله إلا بتوفيق الله عز وجل .    
وقد وردت أحاديث عدة في فضل كلمة لا حول ولا قوة إلا بالله نذكر منها ما رواه البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أعلمك كلمة هي كنز من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله.
وروى أحمد في المسند عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أكثروا من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله. فإنها كنز من كنوز الجنة.
كنـز من كنوز: سمي هذه الكلمة كنـزاً  لنفاستها وصيانتها، ولا حول ولا قوة إلا بالله من ذخائر الجنة ومحصلات نفائسها ويحصل لقائله ثواباً نفيساً يدخر له في الجنة.
قال النووي رحمه الله تعالى: قوله صلى الله عليه وسلم : "لا حول ولا قوة إلا بالله كنـز من كنوز الجنة" قال العلماء : سبب ذلك أنها كلمة استسلام وتفويض إلى الله تعالى واعتراف بالإذعان له وأنه لا صانع غيره ولا راد لأمره وأن العبد لا يملك شيئاً من الأمر .
ومعنى الكنـز هنا : أنه ثواب مدخر في الجنة وهو ثواب نفيس كما أن الكنـز النفيس أموالكم .
لاحَوْلَ ولا قوّةَ إلا بالله : الحَوْل هاهنا الحَركَه. يقال حالَ الشَّخْصُ يحول إذا تَحَرَّك, المَعْنى: لاَحَركة وقوّة إلا بَمِشيئة الله تعالى. وقيل الحَوْل: الحِيله, والأوّل أشْبَه ، ومنه الحديث اللهم بك أصُول وبك أحُول أي اتَحّرك , وقيل أحْتال, وقيل أدْفع وأمنْع, من حالَ بين الشّيئين إذا مَنع أحدَهما عن الآخر  . اهـ .* [2]*
وعن معاذ بن جبل t، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا ادلك على باب من أبواب الجنة" قال: وما هو؟ قال: "لا حول ولا قوة إلا بالله".* [3]*
وعن قيس بن سعد بن عبادة، أن أباهُ دفعه إلى النبي r يخدمه قال: فأتى عليّ النبي صلى الله عليه وسلم وقد صليت ركعتين فضربني برجله، وقال: "ألا أدلك على باب من أبواب الجنة" قلت: بلى، قال: "لا حول ولا قوة إلا بالله".* [4]*
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : لا حول ولا قوة الا بالله ، فإنها بها تحمل الأثقال ، وتكابد الأهوال ، وينال رفيع الاحوال .* [5]*
وعن أبي أيوب الأنصاري t، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسري به مر على إبراهيم عليه السلام فقال: من معك يا جبريل؟ قال: هذا محمد فقال له إبراهيم عليه السلام: يا محمد مر أمتك فليكثروا من غراس الجنة فإن تربتها طيبة وأرضها واسعة قال: "ما غراس الجنة" قال: لا حول ولا قوة إلا بالله.* [6]*
غراس الجنة : وهو ما يغرس والغرس إنما يصلح في التربة الطيبة وينمو بالماء العذب سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أي أعلمهم أن هذه الكلمات تورث قائلها الجنة وأن الساعي في اكتسابها لا يضيع سعيه لأنها المغرس الذي لا يتلف ما استودع فيه قاله التوربشتي . اهـ .* [7]*
وعن مصعب بن سعد عن أبيه قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: علمني كلاماً أقوله قال: "قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله رب العالمين لا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم" قال فهؤلاء لربي فمالي؟ قال: "قل اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني".* [8]*
قال ابن القيم : ويذكر عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : "من كثرت همومه وغمومه فليكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله" ،  وثبت في الصحيحين أنها كنـز من كنوز الجنة ، وفي الترمذي أنها باب من أبواب الجنة  ، هذه الأدوية تتضمن خمسة عشر نوعا من الدواء فإن لم تقو على إذهاب داء الهم والغم والحزن فهو داء قد استحكم وتمكنت أسبابه ويحتاج إلى استفراغ كلي.
الأول : توحيد الربوبية .  
الثاني : توحيد الإلهية .  
الثالث : التوحيد العلمي الاعتقادي .  
الرابع : تنـزيه الرب تعالى عن أن يظلم عبده أو يأخذه بلا سبب من العبد يوجب ذلك .  
الخامس : اعتراف العبد بأنه هو الظالم .
السادس : التوسل إلى الرب تعالى بأحب الأشياء وهو اسماؤه وصفاته ومن اجمعها لمعاني الأسماء والصفات الحي القيوم .  
السابع : الاستعانة به وحده .  
الثامن : إقرار العبد له بالرجاء .  
التاسع : تحقيق التوكل عليه والتفويض إليه والإعتراف له بأن ناصيته في يده يصرفه كيف يشاء وأنه ماض فيه حكمه عدل فيه قضاؤه .  
العاشر : أن يرتع قلبه في رياض القرآن ويجعله لقلبه كالربيع للحيوان وأن يستضيء به في ظلمات الشبهات والشهوات وأن يتسلى به عن كل فائت ويتعزى به عن كل مصيبة ويستشفى به من أدواء صدره فيكون جلاء حزنه وشفاء همه وغمه .  
الحادي عشر : الاستغفار  .  
الثاني عشر : التوبة .  
الثالث عشر : الجهاد .  
الرابع عشر : الصلاة .  
الخامس عشر : البراءة من الحول والقوة وتفويضها إلى من هما بيده .اهـ  
تنبيه : نجد في هذا الزمان ممن يختصر هذه الكلمة ويقول لا حول الله يارب ، وهذا الكلام لا يجوز وحرام لأن معناها يكون أن الله ليس له حول ولا قوة وهذا يكون كفراً ، ونحن نعلم أن هؤلاء لا يقصدون هذا القول المحرم ونحسب أن قصدهم طيب ولكن نقول لهم غيروا هذه العبارة إلى العبارة الصحيحة وهي لا حول ولا قوة إلا بالله ، لكي لا يقعوا في هذا المحذور الشرعي وكذلك لكي ينالوا هذا الأجر والثواب العظيم .



فائدة
عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( َالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ )  رواه مسلم
شرح الحديث
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ ) ذكر ابن علان ما مختصره : أي هذه الجملة بخصوصها لأنها أفضل صيغ الحمد ولذا بدئ بها الكتاب العزيز , والحمد لله : هو الثناء على الله بالجميل الاختياري و الإذعان له والرضا بقضائه .                                                                                    
والميزان : المراد منه حقيقته أي ما توزن به الأعمال , إما بأن تجسم الأعمال أو توزن صحائفها , فتطيش بالسيئة وتثقل بالحسنة .                                                                                                        
وهذه الكلمة كان لها الثواب العظيم بحيث تملأ كفة الميزان مع سعتها , لأن معاني الباقيات الصالحات في ضمنها , لأن الثناء تارة يكون بإثبات الكمال , وتارة بنفي النقص , وتارة بالاعتراف بالعجز , وتارة بالتفرد بأعلى المراتب , والألف واللام في الحمد لاستغراق جنس المدح , والحمد مما علمناه وجهلناه , وإنما يستحق الإلهية من اتصف بذلك , فاندرج الجميع تحت ( َالْحَمْدُ لِلَّهِ )                                                                
وقوله ( وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ )        شك من الراوي , والمعنى لا يختلف أي ( َسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ) تملأ ما بين السماوات و الأرض وذلك لأن هاتين الكلمتين مشتملتان على تنزيه الله من كل نقص في قوله ( َسُبْحَانَ اللَّهِ ) وعلى وصف الله بكل كمال في قوله ( َالْحَمْدُ لِلَّهِ ) , فقد جمعت هاتان الكلمتان بين التخلية والتحلية كما يقولون                                                          .
فالتسبيح : تنزيه الله عما لا يليق به في أسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه .                                          
فالله منزه عن كل عيب في أسماءه وصفاته وأفعاله و أحكامه , لا تجد في أسمائه اسماً يشتمل على نقص أو على عيب ولهذا قال سبحانه و تعالى ( ولله الأسماء الحسنى ) الأعراف 180 , ولا تجد في صفاته صفة تشتمل على عيب أو نقص ولهذا قال تعالى ( ولله المثل الأعلى ) بعد قوله ( للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى ) النحل 60 .                                                                                              
فالله عز وجل له الوصف الأكمل الأعلى من جميع الوجوه , وله الكمال المنزه عن كل عيب في أفعاله كما قال تعالى ( وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين ) الدخان 38 , فليس في خلق الله لعب ولهو وإنما هو خلق مبنى على الحكمة .                                                                                          
كذلك أحكامه لا تجد فيها عيباً ولا نقصاً كما قال الله ( أليس الله بأحكم الحاكمين ) التين 8 , وقال عز وجل ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون ) المائدة                                       50   الله عز وجل يحمد على كل حال وكان الرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى        اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أصابه ما يسره               قال ( الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ) , وإذا أصابه سوى قال ( الحمد لله على كل حال ) ثم إن ها هنا كلمة شاعت أخيراً عند كثيراً من الناس وهى قولهم ( الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه ) هذا حمد ناقص , لأن قولك على مكروه سواه تعبير يدل على قلة الصبر أو على عدم كمال الصبر , وأنك كاره لهذا الشئ ولا ينبغي للإنسان أن يعبر هذا التعبير , بل ينبغي له أن يعبر بما كان الرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعبر به فيقول الحمد لله على كل حال أو يقول الحمد لله الذي لا يحمد على كل حال سواه , أما    التعبير الأول فإنه تعبير واضح على مضادة ما أصابه من الله عز وجل , وأنه كاره له , وأنا لا أقول إن الإنسان لا يكره مما أصابه من البلاء بطبيعة الإنسان أن يكره ذلك لكن لا تعلن هذا بلسانك في مقام الثناء على الله بل عبر كما عبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . شرح رياض الصالحين    – العثيمين                                                          

معنى التسبيح والتحميد ( سبحان الله وبحمده )

أولا :
كلمة التسبيح " سبحان الله " تتضمن أصلا عظيما من أصول التوحيد ، وركنا أساسيا من أركان الإيمان بالله عز وجل ، وهو تنزيهه سبحانه وتعالى عن العيب ، والنقص ، والأوهام الفاسدة ، والظنون الكاذبة .
وأصلها اللغوي يدل على هذا المعنى ، فهي مأخوذة من " السَّبْح " : وهو البُعد :
يقول العلامة ابن فارس : " العرب تقول : سبحان مِن كذا ، أي ما أبعدَه . قال الأعشى :
سُبحانَ مِنْ علقمةَ الفاخِر أقولُ لمّا جاءني فخرُهُ
وقال قوم : تأويلُهُ عجباً له إِذَا يَفْخَر . وهذا قريبٌ من ذاك ؛ لأنَّه تبعيدٌ له من الفَخْر " انتهى.
"معجم مقاييس اللغة" (3/96)
فتسبيح الله عز وجل إبعاد القلوب والأفكار عن أن تظن به نقصا ، أو تنسب إليه شرا ، وتنزيهه عن كل عيب نسبه إليه المشركون والملحدون .
وبهذا المعنى جاء السياق القرآني :
قال تعالى : ( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) المؤمنون/91
( وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ . سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) الصافات/158-159
( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) الحشر/23
ومنه أيضا ما رواه الإمام أحمد في "المسند" (5/384) عن حذيفة رضي الله عنه – في وصف قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل - قال : ( وَإِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَنْزِيهٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سَبَّحَ ) صححه الألباني في صحيح الجامع (4782) ومحققو المسند .
وقد روى الإمام الطبراني في كتابه "الدعاء" مجموعة من الآثار في تفسير هذه الكلمة ، جمعها في باب : " تفسير التسبيح " (ص/498-500) ، ومما جاء فيه :
عن ابن عباس رضي الله عنهما :
" سبحان الله " : تنزيه الله عز وجل عن كل سوء .
وعن يزيد بن الأصم قال :
جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال :
" لا إله إلا الله " نعرفها : لا إله غيره ، و " الحمد لله " نعرفها : أن النعم كلها منه ، وهو المحمود عليها ، و " الله أكبر " نعرفها : لا شي أكبر منه ، فما " سبحان الله " ؟
قال : كلمة رضيها الله عز وجل لنفسه ، وأمر بها ملائكته ، وفزع لها الأخيار من خلقه .
وعن عبد الله بن بريدة يحدث أن رجلا سأل عليا رضي الله عنه عن " سبحان الله " ، فقال : تعظيم جلال الله .
وعن مجاهد قال :
التسبيح : انكفاف الله من كل سوء .
وعن ميمون بن مهران قال :
" سبحان الله " : تعظيم الله اسم يعظم الله به .
وعن الحسن قال :
" سبحان الله " : اسم ممنوع لم يستطع أحد من الخلق أن ينتحله .
وعن أبي عبيدة معمر بن المثنى :
" سبحان الله " : تنزيه الله وتبرئته .
وقال الطبراني : حدثنا الفضل بن الحباب قال : سمعت ابن عائشة يقول :
العرب إذا أنكرت الشيء وأعظمته قالت : " سبحان " ، فكأنه تنزيه الله عز وجل عن كل سوء لا ينبغي أن يوصف بغير صفته ، ونصبته على معنى تسبيحا لله .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" والأمر بتسبيحه يقتضي أيضا تنزيهه عن كل عيب وسوء ، وإثبات صفات الكمال له ، فإن التسبيح يقتضي التنزيه ، والتعظيم ، والتعظيم يستلزم إثبات المحامد التي يحمد عليها ، فيقتضي ذلك تنزيهه ، وتحميده ، وتكبيره ، وتوحيده " انتهى.
"مجموع الفتاوى" (16/125)
ثانيا :
أما معنى ( وبحمده ) فهي - باختصار – تعني الجمع بين التسبيح والحمد ، إما على وجه الحال ، أو على وجه العطف ، والتقدير : أسبح الله تعالى حال كوني حامدا له ، أو أسبح الله تعالى وأحمده .
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" قوله : ( وبحمده )
قيل : الواو للحال ، والتقدير : أسبح الله متلبسا بحمدي له [أي : محافظا ومستمسكا] من أجل توفيقه.
وقيل : عاطفة ، والتقدير : أسبح الله وأتلبس بحمده ...
ويحتمل أن تكون الباء متعلقة بمحذوف متقدم ، والتقدير : وأثني عليه بحمده ، فيكون سبحان الله جملة مستقلة ، وبحمده جملة أخرى .
وقال الخطابي في حديث : ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ) أي : بقوتك التي هي نعمة توجب علي حمدك ، سبحتك ، لا بحولي وبقوتي ، كأنه يريد أن ذلك مما أقيم فيه السبب مقام المسبب " انتهى.
"فتح الباري" (13/541) ، وانظر " النهاية في غريب الحديث " لابن الأثير (1/457)
والله أعلم.

وقد قال العلامه العثيمين   -


قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته) السؤال: ما معنى (رضا نفسه، وزنة عرشه)؟ الجواب: (رضا نفسه): يعني حمداً أبلغ به رضا الله، (زنة عرشه): يعني لعظمته يزن العرش، وزنة العرش ما يعلمها إلا الله، لأنها عظيمة، و(مداد كلماته) -أيضاً- مداد الكلمات يقول الله عز وجل: قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وعلى هذا فيكون المعنى أنه واسع كثير جداً.               .
فائدة من حديث   استفتاح الصلاة
قال أبو هريرة رضي الله عنه : [ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة سكت هنيهة قبل أن يقرأ فقلت : يا رسول الله بأبي وأمي أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول ؟ قال : أقول : اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم نقني من اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد ] متفق عليه                                                                  
[ وعن جبير بن مطعم أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة قال : الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا و سبحان الله بكرة وأصيلا ( ثلاثا ) أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من نفخه ونفثه : الشعر وهمزه : الموتة ] خرجه أبو داود                                                                                                
وعن عائشة رضي الله عنها وأبي سعيد وغيرهما : [ أن النبي كان إذا افتتح الصلاة قال : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك و تعالى جدك ولا إله غيرك ]                                                      خرجه الأربعة                                                                                                                                  وخرج مسلم عن عمر رضي الله عنه أنه كبر ثم استفتح به                                                      
وقال علي رضي الله عنه [ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة قال : وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي جميعا إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها إلا أنت لبيك وسعديك والخير كله في يديك والشر ليس إليك                                                                                    
- ( إعلم أن مذهب أهل الحق من المحدثين والفقهاء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء المسلمين : أن جميع الكائنات خيرها وشرها نفعها وضرها كلها من الله تعالى وبإرادته وتقديره فلا بد من تأويل الحديث فذكر العلماء فيه أجوبة أحدها وهو أشهرها قاله النضر بن شميل والأئمة بعده - أن معناه والشر لا يتقرب ( به ) إليك                                                                            
والثاني : لا يصعد إليك إنما يصعد الكلم الطيب                                    
والثالث : لا يضاف إليك أدبا فلا يقال يا خالق الشر وإن كان خالقه كما لا يقال : يا خالق الخنازير وإن كان خالقها                                                                                                              
والرابع : ليس شرا بالنسبة إلى حكمتك فإنك لا تخلق شيئا عبثا )                                                
               
( فائدة من كتاب بهجة قلوب الابرارللسعدي)
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : « أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو ، فيقول : اللهم إني أسألك الهدى والتقى ، والعفاف والغنى » رواه مسلم .                                          
هذا الدعاء « اللهم إني أسألك الهدى والتقى » من أجمع الأدعية وأنفعها . وهو يتضمن سؤال خير الدين وخير الدنيا ، فإن " الهدى " هو العلم النافع . " والتقى " العمل الصالح ، وترك ما نهى الله ورسوله عنه . وبذلك يصلح الدين ، فإن الدين علوم نافعة ، ومعارف صادقة ، فهي الهدى ، وقيام بطاعة الله ورسوله ، فهو التقى .                                                                    
و « العفاف والغنى » يتضمن العفاف عن الخلق ، وعدم تعليق القلب بهم . والغنى بالله وبرزقه ، والقناعة بما فيه ، وحصول ما يطمئن به القلب من الكفاية . وبذلك تتم سعادة الحياة الدنيا ، والراحة القلبية ، وهي الحياة الطيبة                                                               .
فمن رزق الهدى والتقى ، والعفاف والغنى ، نال السعادتين ، وحصل له كل مطلوب ، ونجا من كل مرهوب . والله أعلم                                                                                  
فائدة من حديث الكرب  

قوله في حديث الكرب الذي رواه أحمد من حديث ابن مسعود‏:‏ ‏(‏اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن رَبِيعَ قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذَهَاب همي وغَمِّي إلا أذهب الله همه وغمه، وأبدله به فرحًا‏)‏‏.‏
الربيع‏:‏ هو المطر المنبت للربيع، ومنه قوله في دعاء الاستسقاء‏:‏ ‏(‏اللهم اسقنا غَيثًا مُغِيثًا، ربيعًا، مُرْبِعًا‏)‏ وهو المطر الوَسْمِي الذي يَسِمُ الأرض بالنبات، ومنه قوله‏:‏ ‏(‏القرآن ربيع للمؤمن‏)‏‏.‏ فسأل الله أن يجعله ماء يحيي به قلبه كما يحيي الأرض بالربيع، ونورًا لصدره‏.‏
والحياة والنور جماع الكمال، كما قال‏:‏ ‏{‏أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 122‏]‏ ، وفي خطبة أحمد بن حنبل‏:‏ يحيون بكتاب الله الموتي، ويُبَصِّرون بنور الله أهل العمي؛ لأنه بالحياة يخرج عن الموت، وبالنور يخرج عن ظلمة الجهل، فيصير حيًا عالمًا ناطقًا، وهو كمال الصفات في المخلوق‏.‏ وكذلك قد قيل في الخالق، حتى النصارى فسروا الأب والابن وروح القدس بالموجود الحي العالم‏.‏ والغزالي رد صفات الله إلى الحي العالم، وهو موافق في المعني لقول الفلاسفة‏:‏ عاقل، ومعقول، وعقل؛ لأن العلم يتبع الكلام الخبري، ويستلزم الإرادة، والكلام الطلبي؛ لأن كل حي عالم فله إرادة وكلام، ويستلزم السمع والبصر، لكن هذا ليس بجيد؛ لأنه يقال‏:‏ فالحي نفسه مستلزم لجميع الصفات، وهو أصلها؛ ولهذا كان أعظم آية في القرآن‏:‏ ‏{‏اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 255‏]‏ ‏.‏ وهو الاسم الأعظم؛ لأنه ما من حي إلا وهو شاعر مريد، فاستلزم جميع الصفات، فلو اكتفي في الصفات بالتلازم لاكتفي بالحي، وهذا ينفع في الدلالة والوجود، لكن لا يصح أن يجعل معني العالم هو معني المريد، فإن الملزوم ليس هو عين اللازم، وإلا فالذات المقدسة مستلزمة لجميع الصفات‏.‏
فإن قيل‏:‏ فلِمَ جمع في المطلوب لنا بين ما يوجب الحياة والنور فقط دون الاقتصار على الحياة، أو الازدياد من القدرة وغيرها‏؟‏
قيل‏:‏ لأن الأحياء الآدميين فيهم من يهتدي إلى الحق، وفيهم من لا يهتدي‏.‏ فالهداية كمال الحياة، وأما القدرة فشرط فيالتكليف لا في السعادة، فلا يضر فَقْدها، ونور الصدر يمنع أن يريد سواه‏.‏
ثم قوله‏:‏ ‏(‏ربيع قلبي ونور صدري‏)‏ لأنه ـ والله أعلم ـ الحَيَا لا يتعدي محله، بل إذا نزل الربيع بأرض أحياها‏.‏ أما النور، فإنه ينتشر ضوؤه عن محله‏.‏ فلما كان الصدر حاويًا للقلب جعل الربيع في القلب والنور في الصدر لانتشاره، كما فسرته المشكاة في قوله‏:‏ ‏{‏مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ‏}‏ ‏[‏النور‏:‏35‏]‏ ، وهو القلب‏.
رب الذي رواه أحمد من حديث ابن مسعود‏:‏ ‏(‏اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن رَبِيعَ قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذَهَاب همي وغَمِّي إلا أذهب الله همه وغمه، وأبدله به فرحًا‏)‏‏.‏
الربيع‏:‏ هو المطر المنبت للربيع، ومنه قوله في دعاء الاستسقاء‏:‏ ‏(‏اللهم اسقنا غَيثًا مُغِيثًا، ربيعًا، مُرْبِعًا‏)‏ وهو المطر الوَسْمِي الذي يَسِمُ الأرض بالنبات، ومنه قوله‏:‏ ‏(‏القرآن ربيع للمؤمن‏)‏‏.‏ فسأل الله أن يجعله ماء يحيي به قلبه كما يحيي الأرض بالربيع، ونورًا لصدره‏.‏
والحياة والنور جماع الكمال، كما قال‏:‏ ‏{‏أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 122‏]‏ ، وفي خطبة أحمد بن حنبل‏:‏ يحيون بكتاب الله الموتي، ويُبَصِّرون بنور الله أهل العمي؛ لأنه بالحياة يخرج عن الموت، وبالنور يخرج عن ظلمة الجهل، فيصير حيًا عالمًا ناطقًا، وهو كمال الصفات في المخلوق‏.‏ وكذلك قد قيل في الخالق، حتى النصارى فسروا الأب والابن وروح القدس بالموجود الحي العالم‏.‏ والغزالي رد صفات الله إلى الحي العالم، وهو موافق في المعني لقول الفلاسفة‏:‏ عاقل، ومعقول، وعقل؛ لأن العلم يتبع الكلام الخبري، ويستلزم الإرادة، والكلام الطلبي؛ لأن كل حي عالم فله إرادة وكلام، ويستلزم السمع والبصر، لكن هذا ليس بجيد؛ لأنه يقال‏:‏ فالحي نفسه مستلزم لجميع الصفات، وهو أصلها؛ ولهذا كان أعظم آية في القرآن‏:‏ ‏{‏اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 255‏]‏ ‏.‏ وهو الاسم الأعظم؛ لأنه ما من حي إلا وهو شاعر مريد، فاستلزم جميع الصفات، فلو اكتفي في الصفات بالتلازم لاكتفي بالحي، وهذا ينفع في الدلالة والوجود، لكن لا يصح أن يجعل معني العالم هو معني المريد، فإن الملزوم ليس هو عين اللازم، وإلا فالذات المقدسة مستلزمة لجميع الصفات‏.‏
فإن قيل‏:‏ فلِمَ جمع في المطلوب لنا بين ما يوجب الحياة والنور فقط دون الاقتصار على الحياة، أو الازدياد من القدرة وغيرها‏؟‏
قيل‏:‏ لأن الأحياء الآدميين فيهم من يهتدي إلى الحق، وفيهم من لا يهتدي‏.‏ فالهداية كمال الحياة، وأما القدرة فشرط فيالتكليف لا في السعادة، فلا يضر فَقْدها، ونور الصدر يمنع أن يريد سواه‏.‏
ثم قوله‏:‏ ‏(‏ربيع قلبي ونور صدري‏)‏ لأنه ـ والله أعلم ـ الحَيَا لا يتعدي محله، بل إذا نزل الربيع بأرض أحياها‏.‏ أما النور، فإنه ينتشر ضوؤه عن محله‏.‏ فلما كان الصدر حاويًا للقلب جعل الربيع في القلب والنور في الصدر لانتشاره، كما فسرته المشكاة في قوله‏:‏ ‏{‏مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ‏}‏ ‏[‏النور‏:‏35‏]‏ ، وهو القلب‏.

فائدة من كتاب بحر الفوائد للكلاباذي

عن البراء رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال لرجل : « إذا آويت إلى فراشك ، فقل : اللهم إني أسلمت نفسي إليك ، ووجهت وجهي إليك ، وألجأت ظهري إليك ، وفوضت أمري إليك ، رغبة ، ورهبة منك ، وإليك ، لا ملجأ ومنجا منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت ، ونبيك الذي أرسلت ، فإنك إن مت مت على الفطرة » زاد أبو الأحوص : « وإن أصبحت أصبت خيرا »                          
وقوله : « أسلمت نفسي إليك » ، تسليم المبيع إلى المشتري طوعا . وقوله : « وجهت وجهي إليك » هو الإقبال عليه ، والإعراض عما دونه .                                                                                
وقوله : « ألجأت ظهري إليك » هو الاعتماد عليه . وقوله : « فوضت أمري إليك » هو التوكل عليه ، رغبة إليه دون ما سواه من ملاذ النفس ، ومرافقها ، ورهبة منه ، لا من آلام النفوس ، ومكارهها ؛ لأن من سلم نفسه ، وفوض أمره ، فمطالبته حظوظ نفسه ، واتساق أموره مما لا يعنيه ، إذ ليس ذلك له ، وإليه ، ومن توجه إليه ، وأقبل عليه لم يلتفت إلى شيء دونه ، ومن كان كذلك لم تكن رغبته في شيء دونه ، ولا يريد غيره ، ولا يطلب إلا رضاه ، والقربة منه ، والزلفى لديه ، ومن اعتمد في أحواله عليه ، وتوكل فيما يعامله به عليه ، فقد احترز من جميع المكاره ، بل تفرغ منها له فلا يخاف شيئا سواه ، ولا يرهب إلا منه ؛ لأنه ما عنده باق ، وإنما ينفذ ما عند غيره ، فهذا عبد لا يرى غير ربه ، ولا يطالع غير سيده ، ولا يراقب إلا مولاه ، فكأنه ليس في الدار غيره ، ولا للملك سواه . قال الله تعالى : لمن الملك اليوم لله الواحد القهار (1) (سورة : غافر آية رقم :  16  )، فاليوم يوم ، وغدا يوم ، والأيام كلها يوم واحد ، لا مصرف لها إلا واحد ، ولا مدبر فيها إلا واحد ، فله الملك اليوم ، يفعل في خلقه ما يشاء من تعريف عباده ، وتغيير الأحوال في بلاده ، ويفعل فيهم ما يشاء ، ويحكم فيهم ما يريد ، له الخلق والأمر ، تبارك الله رب العالمين ، وله الملك غدا إذا أفنى عباده ، وطوى بلاده ، لا أحد ينازعه ، ولا مجيب يجاوره ، فالملك اليوم وغدا لله الواحد القهار ، لا ملجأ منه ، ولا منجا يخاطبه من الله إلا إليه ، منه المفر ، وإليه المقر ، ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ، تبارك الله رب العالمين                                                                                                                                                          
















معنى الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم
 
أولاً :
أما " الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم " فمعناها - عند جمهور العلماء - : من الله تعالى : الرحمة ، ومن الملائكة : الاستغفار ، ومن الآدميين : الدعاء ، وذهب آخرون – ومنهم أبو العالية من المتقدمين ، وابن القيم من المتأخرين ، وابن عثيمين من المعاصرين – إلى أن معنى " الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم " هو الثناء عليه في الملأ الأعلى ، ويكون دعاء الملائكة ودعاء المسلمين بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم بأن يثني الله تعالى عليه في الملأ الأعلى ، وقد ألَّف ابن القيم – رحمه الله – كتاباً في هذه المسألة ، سمّاه " جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام " وقد توسع في بيان معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وأحكامها ، وفوائدها ، فلينظره من أراد التوسع .                          
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :                                            
" قوله : " صلِّ على محمد " قيل : إنَّ الصَّلاةَ مِن الله : الرحمة ، ومن الملائكة : الاستغفار ، ومن الآدميين : الدُّعاء .                                                                        
فإذا قيل : صَلَّتْ عليه الملائكة ، يعني : استغفرت له .
وإذا قيل : صَلَّى عليه الخطيبُ ، يعني : دعا له بالصلاة .
وإذا قيل : صَلَّى عليه الله ، يعني : رحمه .
وهذا مشهورٌ بين أهل العلم ، لكن الصحيح خِلاف ذلك ، أن الصَّلاةَ أخصُّ من الرحمة ، ولذا أجمع المسلمون على جواز الدُّعاء بالرحمة لكلِّ مؤمن ، واختلفوا : هل يُصلَّى على غير الأنبياء ؟ ولو كانت الصَّلاةُ بمعنى الرحمة لم يكن بينهما فَرْقٌ ، فكما ندعو لفلان بالرحمة نُصلِّي عليه .
وأيضاً : فقد قال الله تعالى : ( أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) البقرة157 ، فعطف " الرحمة " على " الصلوات " والعطفُ يقتضي المغايرة فتبيَّن بدلالة الآية الكريمة ، واستعمال العلماء رحمهم الله للصلاة في موضع والرحمة في موضع : أن الصَّلاة ليست هي الرحمة .
وأحسن ما قيل فيها : ما ذكره أبو العالية رحمه الله أنَّ صلاةَ الله على نبيِّه : ثناؤه عليه في الملأ الأعلى .
فمعنى " اللَّهمَّ صَلِّ عليه " أي : أثنِ عليه في الملأ الأعلى ، أي : عند الملائكة المقرَّبين .
فإذا قال قائل : هذا بعيد مِن اشتقاق اللفظ ؛ لأن الصَّلاة في اللُّغة الدُّعاء وليست الثناء : فالجواب على هذا : أن الصلاة أيضاً من الصِّلَة ، ولا شَكَّ أن الثناء على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الملأ الأعلى من أعظم الصِّلات ؛ لأن الثناء قد يكون أحياناً عند الإنسان أهمُّ من كُلِّ حال ، فالذِّكرى الحسنة صِلَة عظيمة .
وعلى هذا فالقول الرَّاجح : أنَّ الصَّلاةَ عليه تعني : الثناء عليه في الملأ الأعلى " انتهى .
" الشرح الممتع " ( 3 / 163 ، 164 ) .
ثانياً :
وأما معنى " السلام عليه صلى الله عليه وسلم " : فهو الدعاء بسلامة بدنه – في حال حياته - ، وسلامة دينه صلى الله عليه وسلم ، وسلامة بدنه في قبره ، وسلامته يوم القيامة .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
قوله : " السلام عليك " : " السَّلام " قيل : إنَّ المراد بالسَّلامِ : اسمُ الله ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ اللَّهَ هو السَّلامُ " كما قال الله تعالى في كتابه : ( الملك القدوس السلام ) الحشر/23 ، وبناءً على هذا القول يكون المعنى : أنَّ الله على الرسول صلى الله عليه وسلم بالحِفظ والكَلاءة والعناية وغير ذلك ، فكأننا نقول : اللَّهُ عليك ، أي : رقيب حافظ مُعْتَنٍ بك ، وما أشبه ذلك .
وقيل : السلام : اسم مصدر سَلَّمَ بمعنى التَّسليم ، كما قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) الأحزاب/56 فمعنى التسليم على الرسول صلى الله عليه وسلم : أننا ندعو له بالسَّلامة مِن كُلِّ آفة .
إذا قال قائل : قد يكون هذا الدُّعاء في حياته عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ واضحاً ، لكن بعد مماته كيف ندعو له بالسَّلامةِ وقد مات صلى الله عليه وسلم ؟
فالجواب : ليس الدُّعاءُ بالسَّلامة مقصوراً في حال الحياة ، فهناك أهوال يوم القيامة ، ولهذا كان دعاء الرُّسل إذا عَبَرَ النَّاسُ على الصِّراط : " اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ " ، فلا ينتهي المرءُ مِن المخاوف والآفات بمجرد موته .
إذاً ؛ ندعو للرَّسول صلى الله عليه وسلم بالسَّلامةِ من هول الموقف .
ونقول - أيضاً - : قد يكون بمعنى أعم ، أي : أنَّ السَّلامَ عليه يشمَلُ السَّلامَ على شرعِه وسُنَّتِه ِ، وسلامتها من أن تنالها أيدي العابثين ؛ كما قال العلماءُ في قوله تعالى : ( فردوه إلى الله والرسول ) النساء/59 ، قالوا : إليه في حياته ، وإلى سُنَّتِهِ بعد وفاته .
وقوله : " السلام عليك " هل هو خَبَرٌ أو دعاءٌ ؟ يعني : هل أنت تخبر بأن الرسولَ مُسَلَّمٌ ، أو تدعو بأن الله يُسلِّمُه ؟
الجواب : هو دُعاءٌ تدعو بأنَّ الله يُسلِّمُه ، فهو خَبَرٌ بمعنى الدُّعاء .
ثم هل هذا خطاب للرَّسول عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ كخطابِ النَّاسِ بعضهم بعضاً ؟ .
الجواب : لا ، لو كان كذلك لبطلت الصَّلاة به ؛ لأن هذه الصلاة لا يصحُّ فيها شيء من كلام الآدميين ؛ ولأنَّه لو كان كذلك لجَهَرَ به الصَّحابةُ حتى يَسمعَ النبي صلى الله عليه وسلم ، ولردَّ عليهم السَّلام كما كان كذلك عند ملاقاتِهم إيَّاه ، ولكن كما قال شيخ الإسلام في كتاب " اقتضاء الصراط المستقيم " : لقوَّة استحضارك للرسول عليه الصَّلاةُ والسَّلام حين السَّلامِ عليه ، كأنه أمامك تخاطبه .
ولهذا كان الصَّحابةُ يقولون : السلام عليك ، وهو لا يسمعهم ، ويقولون : السلام عليك ، وهم في بلد وهو في بلد آخر ، ونحن نقول : السلام عليك ، ونحن في بلد غير بلده ، وفي عصر غير عصره " انتهى .
" الشرح الممتع " ( 3 / 149 ، 150 ) .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elngdy.yoo7.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 372
تاريخ التسجيل : 16/10/2008
العمر : 52
الموقع : https://elngdy.yoo7.com/

             جولة الفكر فى معانى العبادة والذكر  إعداد  شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: جولة الفكر فى معانى العبادة والذكر إعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية                 جولة الفكر فى معانى العبادة والذكر  إعداد  شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية  Emptyالخميس ديسمبر 04, 2014 3:06 am

موعظة للإمام ابن الجوزي
قال الإمام ابن الجوزي
يا أسير دنياه، يا عبد هواه، يا موطن الخطايا، ويا مستودع الرزايا، اذكر ما قدّمت يداك، وكن خائفا من سيدك ومولاك أن يطّلع على باطن زللك وجفاك، فيصدك عن بابه، ويبعدك عن جنابه، ويمنعك عن مرافقة أحبابه، فتقع في حضرة الخذلان، وتتقيد بشرك الخسران، وكلما رمت التخلص من غيّك وعناك، صاح بك لسان الحال وناداك:
اليك عنا فما تحظى بنجوانا يا غادرا قد لها عنا وقد خانا
أعرضت عنا ولم تعمل بطاعتنا وجئت تبغي الرضا والوصل قد بانا
بأي وجه نراك اليوم تقصدنا وطال ما كنت في الأيام تنسانا
يا ناقض العهد ما في وصلنا طمع الا لمجتهد بالجدّ قد دانا
يا من باع الباقي بالفاني، اما ظهر لك الخسران، ما أطيب أيام الوصال، وما أمرّ أيام الهجران، ما طاب عيش القوم حتى هجروا الأوطان، وسهروا الليالي بتلاوة القرآن فيبيتون لربهم سجدا وقياما.
عن عبد العزيز بن سلمان العابد، قال: حدثني مطهر، وقد كان بكى شوقا الى الله تعالى ستين عاما، قال: رأيت كأني على ضفة نهر يجري بالمسك الاذفر، وحافاته شجر اللؤلؤ، وطينة العنبر، وفيه قضبان الذهب، واذا بجوار مترنمات يقلن بصوت واحد: سبحانه وتعالى سبحان، سبحان المسبّح بكل لسان سبحان الموجود في كل مكان نحن الخالدات فلا نموت أبدا. نحن الراضيات، فلا نغضب أبدا. نحن الناعمات، فلا نتغيّر أبدا. قال: فقلت لهن: من أنتن؟! فقلن: خلق من خلق الله تعالى. قلت: ما تصنعن هاهنا؟ فقلن بصوت واحد حسن مليح:
ذرانا اله الناس رب محمد لقوم على الأطراف بالليل قوم
يناجون رب العالمين الههم ونسرى هموم القوم والناس نوم

فقلت: بخ بخ! من هؤلاء الذين أقر الله أعينهم؟ قلن: أما تعرفهم؟! قلت: لا والله ما أعرفهم. فقلن: هم المجتهدون بالليل، أصحاب السهر بالقرآن.
يا عبد السوء، كم تعصي ونستر، كم تكسر باب نهي ونجبر، كم نستقطر من عينيك دموع الخشية ولا يقطر، كم نطلب وصلك بالطاعة، وأنت تفرّ وتهجر، كم لي عليك من النعم، وأنت بعد لا تشكر. خدعتك الدنيا وأعمال الهوى وأنت لا تسمع ولا تبصر. سخّرت لك الأكوان وانت تطغى وتكفر، وتطلب الاقامة في الدنيا وهي فنظرة لمن يعبر.
منعوك من شرب المودة والصفا لما رأوك على الخيانة والجفا
ان أنت أرسلت العنان اليهم جادوا عليك تكرّما وتعطّفا
حاشاهم أن يظلموك وانما جعلوا الوفا منهم لأرباب لوفا
وروي عن الحسن البصري رضي الله عنه أنه قال:" دخلت على بعض المجوس وهو يجود بنفسه عند الموت، وكان حسن الجوار، وكان حسن السيرة، حسن الأخلاق، فرجوت أن الله يوفقه عند الموت، ويميته على الاسلام، فقلت له: ما تجد، وكيف حالك؟ فقال: لي قلب عليل ولا صحة لي، وبدن سقيم، ولا قوة لي، وقبر موحش ولا انيس لي، وسفر بعيد ولا زاد لي، وصراط دقيق ولا جواز لي، ونار حامية ولا بدن لي, وجنّة عالية ولا نصيب لي، ورب عادل ولا حجة لي.
قل الحسن: فرجوت الله أن يوفقه، فأقبلت عليه، وقلت له: لم لا تسلم حتىتسلم؟ قال: ان المفتاح بيد الفتاح، والقفل هنا، وأشار الى صدره وغشي عليه.
قال الحسن: فقلت: الهي وسيدي ومولاي، ان كان سبق لهذا المجوسي عندك حسنة فعجل بها اليه قبل فراق روحه من الدنيا، وانقطاع الأمل.
فأفاق من غشيته، وفتح عينيه، ثم أقبل وقال: يا شيخ، ان الفتاح أرسل المفتاح. أمدد يمناك، فأنا أشهد أن لا اله الا الله وأشهدأن محمدا رسول الله، ثم خرجت روحه وصار الى رحمة الله.
وأنشدوا:
يا ثقتي يا املي **** أنت الرجا أنت الولي
اختم بخير عملي**** وحقق التوبة لي
قبل حلول أجلي **** وكن لي يا ربّ ولي
اخواني، ما هذه السّنة وأنتم منتبهون؟ وما هذه الحيرة وأنتم تنظرون؟ وما هذه الغفلة وأنتم حاضرون؟ وما هذه السكرة وأنتم صاحون؟ وما هذا السكون وأنتم مطالبون؟ وما هذه الاقامة وأنتم راحلون؟ أما آن لهل الرّقدة أن يستيقظوا؟ أما حان لأبناء الغفلة أن يتعظوا؟.
واعلم أن الناس كلهم في هذه الدنيا على سفر، فاعمل لنفسك ما يخلصها يوم البعث من سقر.
آن الرحيل فكن على حذر ما قد ترى يغني عن الحذر
لا تغترر باليوم أو بغد فلربّ نغرور على خطر
قال الجنيد: كان سري السقطي رضي الله عنه متصل الشغل، وكان اذا فاته شيء من ورده لا يقدر أن يعيده.
وكذلك كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لم يكن له وقت ينام فيه، فكان ينعس وهو جالس، فقيل له: يا أمير المؤمنين، ألا تنام؟ فقال: كيف انام؟! ان نمت بالنهار، ضيّعت حقوق الناس، وان نمت بالليل ضيّعت حظي من الله.
وسمع الجنيد رضي الله عنه ما يقول: ما رأيت أعبد لله تعالى من سريّ السّقطي، أتت عليه ثمان وسبعون سنة ما رؤي قط مضطجعا الا في علته التي مات فيها.
قال الجنيد رضي الله عنه: سمعت السريّ السقطي رضي الله عنه يقول: لولا الجمعة والجماعة ما خرجت من بيتي، وللزمت بيتي حتى أموت.
قال أبو بكر الصيدلاني: سمعت سليمان بن عمار يقول: رأيت أبي في المنام فقلت له: ما فعل بكربك؟ فقال: ان الرب قرّبني وادناني، وقال لي: يا شيخ السوء أتدري لم غفرت لك؟ فقلت: لا يا الهي. قال: انك جلست للناس يوما مجلسا فأبكيتهم، فبكى فيهم عبد من عبيدي لم يبك من خشيتي قط، فغفرت له ووهبت أهل المجلس كلهم له، ووهبتك فيمن وهبت له.
عن علي بن محمد بن ابراهيم الصفار، قال: حضرت أسود بن سالم ليلة وهو يقول هذين البيتين ويكررهما ويبكي:
أمامي موقف قدّام ربي يسألني وينكشف الغطا
وحسبي أن أمرّ على صراط كحد السيف أسفله لظى
قال: ثم صرخ صرخة، ولم يزل مغمى عليه حتى أصبح رضي الله عنه.





- فائدة نافعة، وقاعدة جامعة
من كتاب روضة المحبين لابن القيم

قال: ما حرم الله على عباده شيئًا الا عوضهم خيرًا منه كما حرم الاستقسام بالأزلام وعوضهم عنه بالاستخارة، وحرم الربا وعوضهم عنه التجارة الرابحة وحرم القمار وأعاضهم عنه المسابقة النافعة، وحرم عليهم الحرير فعوضهم عنه أنواع الملابس الفاخرة، وحرم الزنا واللواط فأعاضهم عنها بالنكاح بالنساء الحسان، وحرم عليهم شرب الخمر وأعاضهم عنه الأشربة اللذيذة المتنوعة وحرم آلات اللهو وعوضهم عنها سماع القرآن وحرم عليهم الخبائث من المطاعم وغيرها وعوضهم عنها الطيبات.
فمن تلمح هذا وتأمله هان عليه ترك الهوى المردي واعتاض عنه بالنافع المجدي وعرف حكمة الله ورحمته في الأمر والنهي.#

فصل في قوله تعالى
وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون
في هذه الآية عدة حكم وأسرار ومصالح للعبد فان العبد إذا علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب والمحبوب قد يأتي بالمكروه لم يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرة ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة لعدم علمه بالعواقب فان الله يعلم منها مالا يعلمه العبد وأوجب له ذلك أمورا منها أنه لا انفع له من امتثال الأمر وان شق عليه في الابتداء لأن عواقبه كلها خيرات ومسرات ولذات وأفراح وان كرهته نفسه فهو خير لها وأنفع وكذلك لا شيء أضر عليه من ارتكاب النهى وان هويته نفسه ومالت إليه وإن عواقبه كلها آلام وأحزان وشرور ومصائب وخاصة العقل تحمل الألم اليسير لما يعقبه من اللذة العظيمة والخير الكثير واجتناب اللذة اليسيرة لما يعقبه من الألم العظيم والشر الطويل فنظر الجاهل لا يجاوز المباديء إلى غاياتها والعاقل الكيس دائما ينظر إلى الغايات من وراء ستور مبادئها فيرى ما وراء تلك الستور من الغايات المحمودة والمذمومة فيرى المناهي كطعام لذيذ قد خلط فيه سم قاتل فكلما دعنه لذته إلى تناوله نهاه ما فيه من السم ويرى الأوامر كدواء كريه المذاق مفض إلى العافية والشفاء وكلما نهاه كراهة مذاقه عن تناوله أمره نفعه بالتناول ولكن هذا يحتاج إلى فضل علم تدرك به الغايات من مبادئها وقوة صبر يوطن به نفسه على تحمل مشقة الطريق لما يؤول اعند الغاية فإذا فقد اليقين والصبر تعذر عليه ذلك وإذا قوى يقينه وصبره هان عليه كل مشقة يتحملها في طلب الخير الدائم واللذة الدائمة
ومن أسرار هذه الآية إنها تقتضي من العبد التفويض إلى من يعلم عواقب الأمور والرضا بما يختاره له ويقضيه له لما يرجو فيه من حسن العاقبة ومنها أنه لا يقترح على ربه ولا يختار عليه ولا يسأله ما ليس له به علم فلعل مضرته وهلاكه فيه وهولا يعلم فلا يختار على ربه شيئا بل يسأله حسن الاختيار له وأن يرضيه بما يختاره فلا أنفع له من ذلك ومنها انه إذا فوض إلى ربه ورضى بما يختاره له أمده فيما يختاره له بالقوة عليه والعزيمة والصبر وصرف عنه الآفات التي هي عرضة اختيار العبد لنفسه وأراه من حسن عواقب اختياره له ما لم يكن ليصل إلى بعضه بما يختاره هو لنفسه ومنها أنه يريحه من الأفكار المتعبة في أنواع الاختيارات ويفرغ قلبه من التقديرات والتدبيرات التي يصعد منه في عقبة وينزل في أخرى ومع هذا فلا خروج له عما قدر عليه فلو رضى باختيار الله أصابه القدر وهو محمود مشكور ملطوف به فيه وإلا جرى عليه القدر وهو مذموم غير ملطوف به فيه لأنه مع اختياره لنفسه ومتى صح تفويضه ورضاه اكتنفه في المقدور العطف عليه اللطف به فيصير بين عطفه ولطفه فعطفه يقيه ما يحذره ولطفه يهون عليه ما قدره إذا نفذ القدر في العبد كان من أعظم أسباب نفوذه تحيله في رده فلا أنفع له من الاستسلام وإلقاء نفسه بين يدي القدر طريحا كالميتة فان السبع لا يرضى بأكل الجيف


















من أسرار المعوذتين


1 - أن من مقاصد السورتين : تعميق التوحيد في النفوس و تعزيزه ، و ذلك لحاجة النفوس لمن يحفظها و يدفع عنها أنواع الشرور و الأذى ، و تعلقها بمن يحميها و يدفع عنها الشر و يرفعه عنها .
2- و في السورتين شهادة على بلاغ النبي صلى الله عليه و سلم لرسالته بكل أمانة و صدق ، يشهد لهذا قول أبي بن كعب - رضي الله عنه - : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المعوذتين فقال : ( قيل لي فقلت ) فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه البخاري .
3- قال ابن تيمية في " ففي سورة الإخلاص الثناء على اللّه،وفي المعوذتين دعاء العبد ربه ليعيذه، والثناء مقرون بالدعاء، كما قرن بينهما في أم القرآن المقسومة بين الرب والعبد : نصفها ثناء للرب،ونصفها دعاء للعبد، والمناسبة في ذلك ظاهرة؛ فان أول الإيمان بالرسول الإيمان بما جاء به من الرسالة وهو القران، ثم الإيمان بمقصود ذلك وغايته وهو ما ينتهي الأمر إليه من النعيم والعذاب . وهو الجزاء، ثم معرفة طريق المقصود وسببه وهو الأعمال : خيرها ليفعل، وشرها ليترك . ثم ختم المصحف بحقيقة الإيمان وهو ذكر اللّه ودعاؤه، كما بنيت عليه أم القران، فان حقيقة الإنسان المعنوية هو المنطق، والمنطق قسمان : خبر وإنشاء، وأفضل الخبر وانفعه وأوجبه ما كان خبرًا عن اللّه كنصف الفاتحة وسورة الإخلاص، وأفضل الإنشاء الذي هو الطلب وانفعه وأوجبه ما كان طلبًا من اللّه، كالنصف الثاني من الفاتحة و المعوذتين . " ا.هـ
4- أن الشر الذي يصيب العبد لا يخلو من قسمين :
أ - إما ذنوب وقعت منه يعاقب عليها فيكون وقوع ذلك بفعله وقصده وسعيه ، ويكون هذا الشر هو الذنوب وموجباتها وهو أعظم الشرين وأدومهما وأشدهما اتصالاً بصاحبه و هذا سببه الوسوسة من شياطين الإنس و الجن و هذا ما تضمنته سورة الناس .
ب - وإما شر واقع به من غيره ، وذلك الغير إما مكلف ، أو غير مكلف ، والمكلف إما نظيره وهو الإنسان ، أو ليس نظيره وهو الجني وغير المكلف مثل الهوام وذوات الحمى وغيرها و هذا ما تضمنته سورة الفلق .
فتضمنت هاتان السورتان الاستعاذة من هذه الشرور كلها بأوجز لفظ وأجمعه وأدله على المراد وأعمه استعاذة .
5- سورة الفلق تضمنت الاستعاذة من الشر الذي هو ظلم الغير له بالسحر والحسد وهو شر من خارج ، وسورة الناس تضمنت الاستعاذة من الشر الذي هو سبب ظلم العبد نفسه وهو شر من داخل . فالشر الأول لا يدخل تحت التكليف ولا يطلب منه الكف عنه ، لأنه ليس من كسبه . والشر الثاني في سورة الناس فيدخل تحت التكليف ويتعلق به النهي . فهذا شر المعائب والأول شر المصائب ، والشر كله يرجع إلى العيوب والمصائب ولا ثالث لهما فانتظمتهما السورتان بأحسن لفظ و أوجز عبارة .
6- الاستعاذة في سورة الفلق من المضار البدنية و تكون من الإنسان وغيره ، جاءت الاستعاذة عامة ، والاستعاذة في سورة الناس من الأضرار التي تعرض للنفوس البشرية وتخصها فجاءت الاستعاذة مخصصة من نوع واحد .
7- واعلم أن هذه السورتين لطيفة : وهي أن المستعاذ به في السورة الأولى مذكور بصفة واحدة وهي أنه رب الفلق، والمستعاذ منه ثلاثة أنواع من الآفات، وهي الغاسق والنفاثات والحاسد، وأما في سورة الناس فالمستعاذ به مذكور بصفات ثلاثة: وهي الرب والملك والإله والمستعاذ منه آفة واحدة، وهي الوسوسة،
8- يترتب على ما سبق أن الثناء يجب أن يتقدر بقدر المطلوب، فالمطلوب في سورة الفلق سلامة النفس والبدن، والمطلوب في السورة الثانية سلامة الدين، وهذا تنبيه على أن مضرة الدين وإن قلت: أعظم من مضار الدنيا وإن عظمت،
9- فرق بين نفس الالتجاء الاعتصام وبين طلب ذلك ، فلما كان المستعيذ هارباً ملتجئاً معتصماً بالله أتى بالفعل الدال على ذلك فقال ( أعوذ ) دون الفعل الدال على طلب ذلك ، و لا ضير أن يأتي بالسين . فيقول : استعيذ بالله أي أطلب منه أن يعيذني ، ولكن هذا معنى غير نفس الاعتصام والالتجاء الهرب إليه . فالأول مخبر عن حاله وعياذه بربه وخبره يتضمن سؤاله وطلبه أن يعيذه . والثاني : طالب سائل من ربه أن يعيذه كأنه يقول : أطلب منك أن تعيذني فحال الأول أكمل
10- اقترن الحاسد و الساحر في السورة لأن مقصد هما الشر للناس ، والشيطان يقارن الساحر والحاسد ويحادثهما ويصاحبهما ، ولكن الحاسد تعينه الشياطين بلا استدعاء منه للشيطان وأما الساحر فهو يطلب من الشيطان أن يعينه ويستعينه فلهذا والله أعلم قرن في السورة بين شر الحاسد وشر الساحر ، لأن الاستعاذة من شر هذين تعم كل شر يأتي من شياطين الإنس والجن فالحسد من شياطين الإنس والجن والسحر من النوعين . وبقي قسم ينفرد به شياطين الجن وهو الوسوسة في القلب فذكره في سورة الناس .
11- قال بعضهم : لمّا أمر القارىء أن يفتح قراءته بالتعوُّذ من الشيطان الرجيم، ختم القرآن بالمعوذتين ليحصل الاستعاذة بالله عند أول القراءة وعند آخر ما يقرأ من القرآن، فتكون الاستعاذة قد اشتملت على طرفي الابتداء والانتهاء، فيكون القارىء محفوظاً بحفظ الله، الذي استعاذ به مِن أول أمره إلى آخره. هـ.
12- في سورة الفلق تم تخصيص ثلاثة أنواع من الشرور بعد ذكر عموم الشر لتكون كالتالي:
أحدهما: وقت يغلب وقوع الشر فيه وهو الليل.
والثاني: صنف من الناس أقيمت صناعتهم على إرادة الشر بالغير. والثالث: صنف من الناس ذو خلق من شأنه أن يبعث على إلحاق الأذى بمن تعلق به.
13- بعث الأمل في النفوس و انتظارها لموعود الله عز وجل بالفرج و ذلك من قوله تعالى (الفلق ) و هو كل ما يفلقه الله تعالى، كالنبات من الأرض و والجبال عن العيون، والسحاب عن المطر، والأرحام عن الأولاد، والحب والنوى وغير ذلك. فطلوع الصبح مثلاً كالمثال لمجيء الفرج فتعليق العياذ باسم الرب المضاف إلى الفلق المنبئ عن النور عقيب الظلمة والسعة بعد الضيق والفتق بعد الرتق عدة كريمة باعاذة العائذ مما يعوذ منه و انجائه منه وتقوية لرجائه بتذكير بعض نظائره ومزيد ترغيب له في الجد والاعتناء بقرع باب الالتجاء إليه عز وجل
14- لما كانت الاستعاذة في سورة الفلق من شر كل شيء أضيف الرب إلى كل شيء أي بناء على عموم الفلق ولما كانت في سورة الناس من شر الوسواس لم يضف إلى كل شيء
15- لما كان شر الأشياء الظلام، فإنه أصل كل فساد، وكانت شرارته مع ذلك وشرارة السحر والحسد خفية، خصها بالذكر من بين ما عمه من الخلق لأن الخفي يأتي من حيث لا يحتسب الإنسان فيكون أضر.
16- العائن حاسد خاص وهو أضر من الحاسد . ولهذا والله أعلم . إنما جاء في السورة ذكر الحاسد دون العائن ، لأنه أعم فكل عائن حاسد ولا بد . وليس كل حاسد عائناً ، فإذا استعاذ من شر الحسد دخل فيه العين ، وهذا من شمول القرآن وإعجازه وبلاغته
17- وتأمل تقييده سبحانه شر الحاسد بقوله : ( إذا حسد ) لأن الرجل قد يكون عنده حسد . ولكن يخفيه ولا يرتب عليه أذى بوجه ما لا بقلبه ، ولا بلسانه ولا بيده ، بل يجد في قلبه شيئاً من ذلك ، ولا يعاجل أخاه إلا بما يحب الله فهذا لا يكاد يخلو منه أحد إلا من عصمه الله ولا يأتمر لها بل يعصيها طاعة لله وخوفاً وحياء منه وإجلالاً له أن يكره نعمه على عباده ، فيرى ذلك مخافة لله وبغضاً لما يحب الله ومحبة لما يبغضه . فهو يجاهد نفسه على دفع ذلك ويلزمها بالدعاء للمحسود وتمنى زيادة الخير له بخلاف ما إذا حقق ذلك وحسد ، ورتب على حسده مقتضاه من الأذى بالقلب واللسان والجوارح . فهذا الحسد المذموم وهذا كله حسد تمني الزوال .
18- ونكر غاسق وحاسد وعرف النفاثات، لأن كل نفاثة شريرة، وكل غاسق لا يكون فيه الشر إنما يكون في بعض دون بعض، وكذلك كل حاسد لا يضر. ورب حسد محمود، وهو الحسدفي الخيرات، ومنه: لا حسد إلا في اثنتين، ومنه قول أبي تمام:
وما حاسد في المكرمات بحاسد
19- تعتبر سورة الفلق من أكبر أدوية المحسود فإنها تتضمن التوكل على الله ، و الالتجاء إليه ، والاستعاذة به من شر حاسد النعمة فهو مستعيذ بولي النعم وموليها كأنه يقول : يا من أولاني نعمته وأسداها إلي أنا عائذ بك من شر من يريد أن يستلبها مني ويزيلها عني وهو حسب من توكل عليه ، وكافي من لجأ إليه
20- تأمل حكمة القرآن وجلالته كيف أوقع الاستعاذة من شر الشيطان الموصوف بأنه الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس ، ولم يقل من شر وسوسته لتعم الاستعاذة شره جميعه . فإن قوله : [من شر الوسواس ] ، يعم كل شره ووصفه بأعظم صفاته وأشدها شراً وأقواها تأثيراً وأعمها فساداً وهي الوسوسة التي هي بداية الإرادة ، فإن القلب يكون فارغاً من الشر والمعصية . فيوسوس إليه ويخطر الذنب بباله فيصوره لنفسه ويمنيه ويشهيه . فيصير شهوة ويزينها له ويحسنها ويخيلها له في خيال تميل نفسه إليه ، فيصير إرادة ، ثم لا يزال يمثل ويخيل ويمني ويشهي وينسي علمه بضررها ويطوي عنه سوء عاقبتها فيحول بينه وبين مطالعته فلا يرى إلا صورة المعصية والتذاذه بها فقط وينسى ما وراء ذلك فتصير الإرادة عزيمة جازمة فيشتد الحرص عليها من القلب . فيبعث الجنود في الطلب فيبعث الشيطان معهم مدداً لهم وعوناً . فإن فتروا حركهم وإن ونوا أزعجهم كما قال تعالى : [ ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزاً ] ، أي تزعجهم إلى المعاصي إزعاجاً كلما فتروا أو ونوا أزعجتهم الشياطين وأزتهم وأثارتهم .
21- فأصل كل معصية وبلاء ، إنما هو الوسوسة . فلهذا وصفه بها لتكون الاستعاذة من شرها أهم من كل مستعاذ منه وإلا فشره بغير الوسوسة حاصل أيضاً . فمن شره أنه لص سارق لأموال الناس فكل طعام أو شراب لم يذكر اسم الله عليه فله فيه حظ بالسرقة والخطف ومن شره أنه إذا نام العبد عقد على رأسه عقداً تمنعه من اليقظة كما في صحيح البخاري ومن شره أنه يبول في أذن العبد حتى ينام إلى الصباح كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم
22- في قوله تعالى : ( الخناس ) وجيء من هذا الفعل بوزن فعال الذي للمبالغة دون الخانس والمنخنس إيذاناً بشدة هروبه ورجوعه وعظم نفوره عند ذكر الله . وأن ذلك دأبه وديدنه لا أنه يعرض له ذلك عند ذكر الله أحياناً . بل إذا ذكر الله هرب وانخنس وتأخر . فإن ذكر الله هو مقمعته التي يقمع بها كما يقمع المفسد والشرير بالمقامع التي تردعه من سياط وحديد وعصي ونحوها . فذكر الله يقمع الشيطان ويؤلمه ويؤذيه كالسياط والمقامع التي تؤذي من يضرب بها .
23- قال ابن القيم " فمن لم يعذب شيطانه في هذه الدار بذكر الله تعالى وتوحيده واستغفاره وطاعته عذبه شيطانه في الآخرة بعذاب النار ، فلا بد لكل أحد أن يعذب شيطانه أو يعذبه شيطانه " .
24- وتأمل السر في قوله تعالى : [يوسوس في صدور الناس] ، ولم يقل في قلوبهم والصدر هو ساحة القلب وبيته . فمنه تدخل الواردات إليه فتجتمع في الصدر ، ثم تلج في القلب فهو بمنزلة الدهليز له و هذا من رحمة الله عز وجل .
25- وإنما ذكر أنه رب الناس، وإن كان ربا لجميع الخلق لأمرين:
أحدهما: لأن الناس معظمون؛ فأعلم بذكرهم أنه رب لهم وإن عظموا.
الثاني: لأنه أمر بالاستعاذة من شرهم، فأعلم بذكرهم أنه هو الذي يعيذ منهم. وإنما قال: "ملك الناس إله الناس" لأن في الناس ملوكا يذكر أنه ملكهم. وفي الناس من يعبد غيره، فذكر أنه إلههم ومعبودهم، وأنه الذي يجب أن يستعاذ به ويلجأ إليه، دون الملوك والعظماء فهو ربهم الحق و الملك الحق و الإله الواحد المستحق للعبادة وحده و ما دونه فهو مربوب لا يملك لنفسه ضراً و لا نفعا و لا موتاً و لا حياة و لا نشورا
26- جاءت الاستعاذة برب الناس مضافاً إليهم خاصة لأن الاستعاذة وقعت من شر الموسوس في صدور الناس فكأنه قيل : أعوذ من شر الموسوس إلى الناس بربهم الذي تملك عليهم أمورهم وهو إلاههم ومعبودهم
27- والآية من باب الترقِّي، وذلك أنَّ الرب قد يُطلق على كثير من الناس، فتقول: فلان رب الدار، وشبه ذلك، فبدأ به لاشتراك معناه, وأمَّا المَلك فلا يُوصف به إلاَّ آحاد من الناس، وهم الملوك، ولا شك أنهم أعلى من سائر الناس، فلذلك جيء به بعد الرب، وأمَّا الإله فهو أعلى من المَلك، ولذلك لا يَدَّعي الملوكُ أنهم آلهة، وإنما الإله واحد لا شريك له ولا نظير.
28- في تكرير لفظ الناس أنه إنما تكررت هذه الصفات، لأن عطف البيان يحتاج إلى مزيد الإظهار، ولأن هذا التكرير يقتضي مزيد شرف الناس، لأنه سبحانه كأنه عرف ذاته بكونه ربا للناس، ملكا للناس، إلها للناس.
29- في السورة الثانية بيان لشرف الناس و ذلك لأمور منها :
أولاً : أنه ختم كتابه بسورة الناس و هذا له دلالته و أسراره .
ثانياً : أن آخر كلمه عند ختم المصحف هي كلمة ( الناس ) و في هذا مزيد شرف و عناية .
ثالثاً : تكرر كلمة ( الناس ) خمس مرات في هذه السورة و هذا أيضاً له دلالاته
فدل ذلك بأن الناس أشرف مخلوقاته وإلا لما ختم كتابه بتعريف ذاته بكونه ربا وملكا وإلها لهم.
29- في السورتين ابطال رد على من اتهامات المشركين للنبي صلى الله عليه و سلم بأنه ساحر أو بأن له رئي من الجن و نحو ذلك من الاتهامات .
30- في سورة الناس تذكير بخطورة شياطين الأنس و قل من ينتبه لهذا الأمر و لو قام أحدنا بزيارة للسجون أو دور الملاحظة لعلم خطر هذه الوسوسة من شياطين الأنس حتى كان التذكير بها في آخر المصحف .




B

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elngdy.yoo7.com
 
جولة الفكر فى معانى العبادة والذكر إعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  فتح الكريم الوهاب حول معانى فاتحة الكتاب جمع وإعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية
»  حوار هادئ مع الأستاذ جمال البنا إعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية
»  الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات إعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية
»  المعاني الإيمانية من حديث الدين النصيحة إعداد وترتيب شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية
»  قطف الثمرات من حديث انما الاعمال بالنيات اعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي الاستاذ شعبان النجدي المحامى لنشر الثقافة والوعي القانوني :: كتابات الاستاذ شعبان النجدي ومؤلفاته-
انتقل الى: