حالات التلبس بالجريمة
كما حددتها المادة 30 إجراءات جنائية
المدخل الصحيح لدراسة حالات التلبس بالجريمة - كما أوردها المشرع بالمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية - هو إثارة التساؤل الآتي :
متي تكون الجريمة في حالة تلبس قانوناً 000؟
تكون الجريمة في حالة تلبس ، وبمعني آخر تكون الجريمة متلبساً بارتكابها في أربع حالات حددها المشرع حصراً بالمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية والتي تنص :
تكون الجريمة متلبسا بها حال ارتكابها أو عقب ارتكابها ببرهة يسيرة . وتعتبر الجريمة متلبسا بها إذا اتبع المجني عليه مرتكبها أو تبعته العامة مع الصياح أثر وقوعها ، أو إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملا آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراقا أو أشياء أخرى يستدل منها على أنه فاعل أو شريك فيها ، أو إذا وجدت به فى هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك .
ومفاد هذا النص أن أحوال التلبس خمس وهي :
أولاً : مشاهدة الجريمة حال ارتكابها .
ثانياً : مشاهدة الجريمة عقب ارتكابها ببرهة يسيرة .
ثالثاً : تتبع مرتكبها إثر وقوعها .
رابعاً : إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها حاملاً أشياء يستدل منها علي أنه فاعل أو شريك فيها .
خامساً : إذا وجدت بمرتكبها آثار أو علامات يستدل منها علي أنه فاعل أو شريك فيها .
الحالة الأولي من حالات التلبس
مشاهدة الجريمة حال وقوعها
التلبس بمشاهدة الجريمة حال ارتكابها يعني تعاصر زمن وقوع الجريمة مع زمن اكتشافها حيث تشاهد الجريمة فى ذات اللحظة التي تقع فيها . فيكون لوقوع الجريمة واكتشاف السلطات لها ذات الحيز الزمني :
واعتبار مشاهدة الجريمة حال أو أثناء وقوعها أحد حالات التلبس يثير تساؤلاً هاماً هو :
مـا المقصود بمشاهدة الجريمة ، وهل المقصود بالمشاهدة مجـرد الـرؤيـة أي الإبصـار ..؟
لا يقصد بمشاهدة الجريمة - الجريمة المتلبس بارتكابها - مجرد رؤيتها أي إبصارها بالعين ، فللمشاهدة مفهوم أوسع من ذلك يعني إدراك وقوع الجريمة بأي حاسة من الحواس ومن ثم فالمقصود بالمشاهدة هو المعني العام للإدراك وليس المعني الخاص بالرؤية.
الحواس أداة الإدراك والمعرفة
حاسة البصر.
حاسة السمع.
حاسة الشم.
حاسة اللمس.
حاسة التذوق.
مثال لإدراك مأمور الضبط لجريمة في حالة تلبس بحاسة البصر
قضت محكمة النقض : ... ، فإذا كان الثابت أن ضابط المباحث ... أبصر أخا المتهم يضع شيئاً فى فمه ثم يمضعه ، كما أبصر المتهم يلقى شيئاً على الأرض ، فاتجه إلى الأخ و أخرج من فمه قطعاً صغيرة من مادة تبين فيما بعد أنها حشيش ، كما اتجه الجاويش المرافق له إلى مكان المتهم فوجد قطعة من مادة تبين أنها حشيش أيضاً ، فتفتيش الأخ يعتبر أنه قد أجرى فى حالة تلبس بجريمة إحراز الحشيش و لو لم يكن الضابط قد تبين وقتئذ ماهية المادة المضبوطة .
مثال أخر لإدراك مأمور الضبط لجريمة في حالة تلبس بحاسة البصر مع اعتبار أن التلبس حالة تخص الجريمة ولا تتصل بالفاعل لها .
قضت محكمة النقض : التلبس حالة تلازم ذات الجريمة لا شخص مرتكبها . فإذا شوهد نور كهربائي منبعث من مصابيح كهربائية بمنزل لم يكن صاحبه متعاقداً مع شركة الكهرباء على استيراد النور ، كما شوهدت أسلاك هذا النور متصلة بأسلاك
الشركة . فهذه حالة تلبس بجريمة سرقة التيار الكهربائي المملوك لشركة النور .
موضوع - محل - الرؤية أو المشاهدة
الرؤية أحد وسائل إدراك مأمور الضبط القضائي للجريمة ، ومحل الرؤية أو المشاهدة الجريمة ذاتها وليس المجرم ، فالتلبس حالة نعم ، لكنها حالة تلازم الجريمة لا المجرم ، ومن ثم يتصور وجود الجريمة فى حالة تلبس حال أن مرتكبها بعيداً عن مسرح الجريمة.
ولكون حالة التلبس حالة تلازم الجريمة لا مرتكبها ، فان المشرع الزم مأمور الضبط القضائي فى الجرائم المتلبس بها ( جناية - جنحة ) أن ينتقل فوراً إلى شرح الجريمة ويعاين الآثار المادية التي خلفتها الجريمة ويثبت بمحضرة حالة الأشخاص والأماكن .
قيد دستوري هام يرد علي إدراك الجريمة بحاسة البصر مقتضاه :
لا يجوز إثبات حالة التلبس بناء على مشاهدات يختلسها رجال الضبط من خلال ثقوب أبواب المساكن لما فى هذا من المساس بحرمة المساكن و المنافاة للآداب . و كذلك لا يجوز إثبات تلك الحالة بناء على اقتحام المسكن فإن ذلك يعد جريمة فى القانون . فإذا كان الظاهر مما ذكره الحكم أن مشاهدة الخفير للمتهمين و هم يتعاطون الأفيون بواسطة الحقن كانت من ثقب الباب ، و أن أحد الشهود احتال عليهم لفتح الغرفة التي كانوا فيها على هذه الحالة ثم اقتحمها الخفير و ضبط المتهمين و فتشهم فعثر معهم على المخدر ، فإن حالة التلبس لا تكون ثابتـة ، و يكون القبض و التفتيش باطلين .
تعذر الرؤية وتعارض ذلك مع إدعاء مأمور الضبط القضائي مشاهدته للجريمة في حالة تلبس والتوصل الي الدفع ببطلان حالة التلبس .
القدرة علي الإبصار - إبصار الجريمة في حالة من حالات التلبس - تتعلق بحالة الرؤية ، لذا فإن النيابة العامة في تحقيقاتها الخاصة بقضايا التلبس دائماً ما تسأل القائم الضبط عن كيفية اكتشافه لحالة التلبس وحالة الرؤية آن ذاك .
لذا يجب من واقع خبرتنا العملية - - الوقف بجدية عند التساؤل الخاص بحالة الرؤية إذ يعمد البعض من مأموري الضبط إلى النص في إجابتهم صراحة أن حالة الرؤية كانت واضحة . حال أن توقيت الضبط ومكانه وحالة الإضاءة المتاحة قد تكذب ذلك . وفي أحد قضايا التلبس إدعى القائم بالضبط أن حالة الرؤية كانت واضحة رغم أن الضبط تم ليلاً ورغم عدم وجود مصدر قريب للإضاءة ورغم الثابت حينئذ بشهادة صادرة عن الأرصاد الجوية أن حالة الرؤية بسبب العواصف الترابية متعذرة .
الدفع باستحالة الرؤية : بطلان التلبس : قضت محكمة النقض : الأصل أن الدفاع المبنى على تعذر الرؤية بسبب الظلام حيث لا يستحيل عادة بسبب قوة الأشياء هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي بحسب الحكم رداً عليها أخذه بأدلة الثبوت فى الدعوى .
الطعن رقم 755 لسنة 63 مكتب فني 24 صفحة رقم 1003بتاريخ 18-11-1993
الدفع باستحالة الرؤية : بطلان التلبس : قضت محكمة النقض : متى كان الحكم قد عرض لما تمسك به الدفاع من تعذر الرؤية لوقوع الحادث فى الظلام ورد عليه بما اطمأن إليه من أقوال شهود الإثبات من رؤيتهم الواقعة وقت حدوثها لأن الطريق الذى وقع فيه الحادث كان مضاء بالكهرباء ، و كان ما عقب به الحكم بعدئذ من أن الدفاع قد أقر بوجود إحدى المصابيح المضاءة على باب المسجد الواقع على مقربة من مسرح الجريمة له أصله الثابت من محضر الجلسة إذ سلم المدافع عن الطاعن بوجود ذلك المصباح على باب المسجد الذي يقع على بعد عشرة أمتار من محل الحادث ، فإن الحكم إذ اعتبر هذه المسافة قريبة فلا وجه للنعى عليه فى هذا الخصوص طالما أن تحديد المسافات أمر تقديري .
الطعن رقم 1817 لسنة 44 مكتب فنى 26 صفحة رقم 72 بتاريخ 20-01-1975
الدفع باستحالة الرؤية : بطلان التلبس : قضت محكمة النقض : إذا كانت المحكمة قد قطعت أن الحادث قد وقع قبل غروب الشمس و كانت الرؤية متيسرة و كان تحديد وقت وقوع الحادث لا تأثير له فى ثبوت الواقعة ما دامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى أن شهود الإثبات قد رأوا الطاعن و هو يصوب بندقية فى اتجاه المجني عليه و كان الدفع بتعذر الرؤية و تحديد الضارب من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب فى الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردها فإن نعى الطاعن فى هذا الصدد يكون غير سديد .
الطعن رقم 682 لسنة 46 مكتب فنى 27 صفحة رقم 905 بتاريخ 15-11-1976
الدفع باستحالة الرؤية : بطلان التلبس : قضت محكمة النقض : متى كان الأصل أن الدفاع المبنى على تعذر الرؤية بسبب الظلام حيث لا يستحيل عادة بقوة الأشياء هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي يحسب الحكم رداً عليها أخذه بأدلة الثبوت فى الدعوى ، و كان الحكم - مع هذا - قد عرض لهذا الدفاع و لطلب إجراء تجربة و إطراحهما فى قوله : " و الإضاءة كانت كافية للرؤية بشهادة ... ... زوجة ... ... صاحب المنزل الذي وقعت أمامه الحادثة و المواجه لمنزل المجني عليه فقد كانت حجرتها مضاءة بلمبة كبيرة و شباكها المطل على الشارع مفتوحاً بما يسمح على وجه التأكيد للمار بالشارع فى هذا المكان أن يرى جيداً ما حوله ثم أخيراً ما ظهر برقبة المتهم و وجهه من إصابات ظفرية لم يستطع تعليل سببها و ما بالشاهد الأول من إصابة بالسكين فى ساعده الأيسر لدى محاولته القبض على المتهم يزيد من اطمئنان المحكمة إلى صحة نسبة للواقعة إلى المتهم ... " و إذ كان هذا الذى أورده الحكم سائغاً و يرتكز على أسانيده التي لم ينازع الطاعن فى صحة معينها من الأوراق ، و كان من المستقر عليه أنه و إن كان القانون قد أوجب سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع و تحقيقه إلا أن المحكمة إذا وضحت لديها الواقعة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج فى الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك بشرط أن تبين علة عدم إجابتها هذا الطلب ، و من ثم فإنه و قد بان أن المنازعة فى إمكان الرؤية تستهدف إثارة الشبهة فى الأدلة المستمدة من أقوال شهود الإثبات و هو ما أعرضت المحكمة عنه اطمئنانا منه لأدلة الثبوت التي عولت عليها و أوضحت علة رفضها له ، فإن ما ينعاه الطاعن من إخلال بحقه فى الدفاع يكون غير سديد - و يتعين رفض الطعن موضوعاً .
الطعن رقم 2437لسنة 49 مكتب فنى 31 صفحة رقم 555 بتاريخ 28-04-1980
الدفع باستحالة الرؤية : بطلان التلبس : قضت محكمة النقض : جرى قضاء محكمة النقض على أن الدفاع المبنى على تعذر الرؤية بسبب الظلام حيث لا يستحيل عادة بقوة الأشياء هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي بحسب الحكم رداً عليها أخذه بأدلة الثبوت فى الدعوى . و لما كان الحكم قد برر إمكان الرؤية بتلاحم الأجساد إذ حصل الاعتداء طعناً بالسكين أو ضرباً بالعصي و أن مكان الحادث فى وقته كانت تصل إليه الأضواء من المنازل المجاورة و أن الشهود يعرفون الطاعنين من قبل ، و أطرح ما ثبت فى معاينة النيابة العامة من أن الظلمة كانت سائدة لإجرائها فى وقت متأخر من الليل تطفأ فيه الأنوار غير الوقت المبكر الذي وقع فيه الحادث ، فإن ما ذكره من ذلك يسوغ به ما انتهى إليه من رفض هذا الدفاع .
الطعن رقم 1441 لسنة 39 مكتب فنى 20 صفحة رقم 1187بتاريخ 27-10-1969
الدفع باستحالة الرؤية : بطلان التلبس : قضت محكمة النقض : الدفاع المبنى على تعذر الرؤية لحلك الظلام ، حيث لا يستحيل عادة بقوة الأشياء من أوجه الدفاع الموضوعية التي بحسب الحكم رداً عليها ، أخذه بأدلة الثبوت فى الدعوى ، و كان الحكم مع ذلك قد التفت إلى دفاع الطاعنين فى هذا الشأن فأسقطه حقه ، و رد عليه بما يفنده من أن زوجة القتيل رأت الطاعنين و هم يختطفون زوجها أمام عينها ثم سمعته يستصرخ مستغيثاً مما يتهدده من القتل ، و أن نائب العمدة رأى شطراً من الاعتداء ، و أقر له الطاعنان الأولان به متعللين لإيقاعه بدعوى مكذبة هى محاولة المجني عليه سرقة جدي لهما ، فإن الطعن يكون على غير أساس متعين الرفض .
الطعن رقم 1614 لسنة 39 مكتب فني 20 صفحة رقم 1415بتاريخ 15-12-1969
خصوصية المشاهدة - الإدراك - في جريمة الزنا .
لا يلزم فى التلبس بالزنا المشار إليه فى المادة 276 من قانون العقوبات أن يشاهد الزاني أثناء ارتكاب الفعل ، بل يكفى لقيامه أن يثبت أن الزوجة و شريكها قد شوهدا فى ظروف
تنبئ بذاتها و بطريقة لا تدع مجالاً للشك فى أن جريمة الزنا قد ارتكبت فعلاً .
وفي التبرير قيل : إن الزوج فى علاقته مع زوجه ليس على الإطلاق بمثابة الغير فى صدد السرية المقررة للمكاتبات ، فإن عشرتهما و سكون كل منهما إلى الآخر و ما يفرضه عقد الزواج عليهما من تكاليف لصيانة الأسرة فى كيانها و سمعتها - ذلك يخول كلاً منهما ما لا يباح للغير من مراقبة زميله فى سلوكه و فى سيره وفى غير ذلك مما يتصل بالحياة الزوجية لكي يكون على بينة من عشيرة . و هذا يسمح له عند الاقتضاء أن يتقصى ما عساه يساوه من ظنون أو شكوك لينفيه فيهدأ باله أو ليتثبت منه فيقرر فيه ما يرتئيه
قضت محكمة النقض : إن القانون لا يجيز إثبات التلبس بشهادة الشهود إلا فى باب الزنا فإن المتفق عليه أنه ليس من الضروري أن يشاهد الشريك متلبساً بالجريمة بواسطة أحد مأموري الضبطية القضائية ، بل يكفى أن يشهد بعض الشهود برؤيتهم إياه فى حالة تلبس بجريمة الزنا ، و ذلك لتعذر اشتراط المشاهدة فى هذه الحالة بواسطة مأموري الضبطية القضائية .
لا يشترط في إثبات زنا الزوجة أن يكون المتهم قد شوهد حال ارتكابه الزنا بالفعل ، بل يكفى أن يكون قد شوهد فى ظروف لا تترك عند القاضى مجالاً للشك فى أنه ارتكب فعل الزنا .
قضت محكمة النقض : إن المادة 276 المذكورة إذ نصت على التلبس بفعل الزنا كدليل من أدلة الإثبات على المتهم بالزنا مع المرآة المتزوجة لم تقصد التلبس كما عرفته المادة 8 من قانون تحقيق الجنايات . و إذن فلا يشترط فيه أن يكون المتهم قد شوهد حال ارتكابه الزنا بالفعل ، بل يكفى أن يكون قد شوهد فى ظروف لا تترك عند القاضى مجالاً للشك فى أنه ارتكب فعل الزنا . و إثبات هذه الحالة غير خاضع لشروط خاصة أو أوضاع معينة . فلا يجب أن يكون بمحاضر يحررها مأمورو الضبطية القضائية فى وقتها ، بل يجوز للقاضى أن يكون عقيدته فى شأنها من شهادة الشهود الذين يكونون قد شاهدوها ثم شهدوا بها لديه ، فالمقصود منها ألا يعتمد فى إثبات الزنا على المتهم به إلا على ما كان من الأدلة صريحاً و مدلوله قريباً من ذات الفعل إن لم يكن معاصراً له ، لا
على إمارات و قرائن لا يبلغ مدلولها هذا المبلغ .
مشكلة تداخل الحواس والإدراك المعيب لحالة التلبس كأساس ومدخل لبطلان التلبس
يقصد بتداخل الحواس إدراك المظاهر الخارجية التي تنبئ عن وقوع جريمة فى حالة تلبس بأكثر من حاسة من الحواس البشرية ، كان يشم مأمور الضبط القضائي رائحة المخدر تنبعث من داخل أحد المقهى ، فما أن اقترب إلا وشاهد المخدر معد للاستعمال بجوار ( الجوزة ) أو كأن يتذوق مأمور الضبط أحد الأطعمة أو إلا شربة فيتبين فساده وما أن تقع عيناه على العبوة إلا ويتبين انتهاء فترة الصلاحية.
أيا كانت وسيلة أو طريقة إدراك تلك المظاهر الخارجية ، وكذا أن تعددت الحواس المستعملة فى إدراك تلك المظاهر ، فانه يشترط دائما وأبدا أن يكون الإدراك قاطعا لا يقبل الشك أو التأويل ، فإذا تطرق الشك إلى وسيلة الإدراك انتفي التلبس لانعدام المظاهر الخارجية ، لأن الحرية الشخصية لا يفتات عليها بشك ، مجرد شك ، وقد تواتر قضاء النقض واستقر عند حتمية أن يكون إدراك المظاهر الخارجية التي تنبئ عن حالة التلبس بجريمة إدراكاً يقينياً - ينبغي أن تحرز المحكمة فلا تقر القبض أو التفتيش الذي يحصل على اعتبار أن الجريمة فى حالة تلبس إلا إذا تحققت من أن الذي أجراه " مأمور الضبط القضائي " قد شاهد الجريمة أو أحس بوقوعها بطريقة لا تحتمل الشك .
أمثلة للإدراك المعيب والذي لا يصلح معه القول بوجود حالة تلبس لعدم إدراك المظاهر الخارجية بطريقة يقينية.
- رؤية المتهم وهو يناول شخص أخر شيئا لم يتحقق مأمور الضبط القضائي من كنهه بل ظن أنه مخدر استنتاجا من الملابسات.
- هروب شخص اشتهر عنه الاتجار بالمخدرات وهو مطبق يده على ورقة إذ أن مأمور الضبط القضائي لم يكشف عن مخدر بأي حاسة من حواسه.