دور هيئة قضايا الدولة
في مجال حقوق الإنسان
المستشار
حسام عبد العظيم عبد الله
رئـيس
هيئــــة قضـايا الدولـــة
أولاً : نبذه عـــن هيئـة قضـايا الدولــة :
** تعتبر هيئة قضايا الدولة أقدم هيئة قضائية في مصر فهي تضرب بجذورها أعماق التاريخ لتعطى بلا حدود عطاء استمر منذ مائة وثلاثون عاماً كانت خلالها الهيئة – ومازالت – الحريصة على حقوق الدولة وأموال الشعب 0
و هيئة قضايا الدولة هي إحدى الهيئات القضائية التي تسهم في سير العدالــة مثلها مثل الهيئات القضائية الأخرى وهى المحكمة الدستورية العليا والقضاء والنيابة العامة ومجلس الدولة وهيئة النيابة الإدارية وأن النص في الدستور على أن كل من السلطة القضائية و مجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا هيئات قضائية مستقلة إلا أن القانون الخاص بكل منهما هو الذي حدد اختصاصاتها وتشكيلها وباقي الأمور الأخرى التي نص عليها الدستور في المادة (167) منه ليؤكد مساواتها مع الهيئات القضائية التي حددها القانون 0
هذا وقد أكدت المحكمة الدستورية العليا فى حكمها الصادر فى الطعن رقم 5 لسنة 22 قضائية ( منازعة تنفيذ ) بجلسة 4/8/2001 بيان الهيئات القضائية ما يمثل منها السلطة القضائية وما يمثل الهيئات القضائية بقولها أن :-
- الدستور خصص الفصل الرابع من الباب الخامس الخاص للسلطة القضائية ، فنص فى المادة 165 على أن " السلطة القضائية مستقلة ، ووتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر أحكامها وفق القانون " ، وفى المادة (167) على أن " يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها وينظم طريقة تشكيلها ويبين شروط وإجراءات تعيين أعضائها ونقلهم " ، وفى المادة (172) على أن " مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ، ويختص بالفصل فى المنازعات الإدارية وفى الدعاوى التأديبية ، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى " ، وفى المادة (173) على أن " يقوم على شئون الهيئات القضائية مجلس أعلى يرأسه رئيس الجمهورية ، ويحدد القانون طريقة تشكيله واختصاصاته وقواعد سير العمل فيه ، ويؤخذ رأيه فى مشروعات القوانين التي تنظم شئون الهيئات القضائية ؛ فدل بذلك على مفارقته – فى الاصطلاح – بين السلطة القضائية من جهة ، وبين الهيئات القضائية من جهة أخرى ، والهيئات ذات الاختصاص القضائي من جهة ثالثة 0 فالأولى : هي إحدى سلطات الدولة الثلاث ، وتقوم على ولاية القضاء ، وتستقل بشئون العدالة ، فى مقابلة السلطتين التشريعية والتنفيذية 0 وأما الثانية فجامعها أنها هيئات تسهم في سير العدالة ، ويقوم على شئونها المشتركة ، وينسق بينها مجلس أعلى يرأسه رئيس الدولة ، وقد فوض الدستور المشرع فى بيان طريقة تشكيلة اختصاصاته بما لا يخل باستقلال هذه الهيئات ، ولا يتعارض واختصاصات مجالسها الخاصة ، فضلا عن لزوم أخذ رأيه فى مشروعات القوانين المنظمة لشئونها ، وطبقا لقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 82 لسنة 1696 ، يضم هذا المجلس فى عضويته رئيس المحكمة الدستورية العليا ، ورئيس محكمة النقض ، ورئيس مجلس الدولة ، ورئيس هيئة قضايا الدولة ، ورئيس هيئة النيابة الإدارية ، وأما الثالثة : فهي الهيئات التي خولها المشرع ولاية الفصل فى خصومات محددة حصرا ، بأحكام تصدرها بعد أتباع الإجراءات القضائية ، وفى إطار من ضمانات التقاضي ، فهي جهات – على ماجرى به قضاء هذه المحكمة – ذات اختصاص قضائي استثنائي 0
وأقرت صراحة بأن هيئة قضايا الدولة تعد هيئة قضائية 0
وقد ترك المشرع الدستوري للقانون أن يحدد الهيئات القضائية ويحدد اختصاصاتها وينظم طريقه تشكيلها وشروط إجراءات تعيين ونقل أعضائها وباقي الأمور التي تدخل ضمن الإطار الذي حدده المشرع الدستوري في المادة (167) من الدستور وفوض فيه السلطة التشريعية في إصدار القوانين المنظمة للهيئات القضائية فصدر القانون رقم 75 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1986 بشأن هيئة قضايا الدولة ونص في مادته الأولى على أن هيئة قضايا الدولة هيئة قضائية مستقلة وحددت باقي النصوص تحديد اختصاصات الهيئة وطريقة تشكيلها وشروط وإجراءات تعيين أعضائها ونقلهم 0
** ولقد برزت فكرة إنشاء قضايا الدولة في مصر عند التفكير في إنشاء المحاكم المختلطة في ظل الامتيازات الأجنبية التي كانت تكبل المصريين وقد أريد بإنشائها أن تحل تلك المحاكم محل قناصل الدولة في اختصاصاتهم القضائية وحينئذ فكرت الحكومة المصرية حفاظاً على حقوق الإنسان المصري في إنشاء جهاز قضائي على مستوى عال من الكفاءة ليكون على مستوى تلك المحاكم للدفاع عن حقوق الدولة في مواجهة الأجانب أمام المحاكم المختلطة وذلك صيانة لسيادتها الوطنية وحفظاً لأموالها وحقوقها ضد أصحاب الامتيازات 0
** فصدر في عام 1875 قراراً بتكوين لجنة سميت لجنة قضايا الحكومة اختارها نوبار باشا إلى جانبه عندما كان يفاوض الدول الأجنبية في موضوع إنشاء المحاكم المختلطة 0
- وقبل افتتاح المحاكم المختلطة صدر دكريتور بتاريخ 27 يناير سنة 1876 أشار في ديباجته إلى القضايا القائمة بين الحكومة والأجانب والى أن الدفاع عن مصالح الدولة أمام المحاكم الأجنبية يجب أن يعنى به عناية جديه ، فاختصت اللجنة بمهمة الدفاع عن الحكومة أمام المحاكم وإبداء الرأي من الناحية القانونية فيما تباشره الحكومة من الأعمال والتصرفات وما يجرى بينها وبين الأفراد من العلاقات حتى تتجنب الحكومة الدخول مع الأفراد في منازعات قضائية لا طائل من ورائها 0
- ثم صدر دكريتور أخر يحدد اختصاص هذه اللجنة ويجعلها لجنة دائمة بعد أن كانت موقوتة ، ونص على أن تتولى اللجنة الدفاع عن الحكومة في قضاياها ضد الأفراد أمام المحاكم المختلطة وجعلت الرئاسة شهرية لجميع أعضاء اللجنة بالتناوب 0
• وفى 16 أكتوبر سنة 1880 صدر أمر عال يعيد لجنة قضايا الحكومة حيث قسمها إلى ثلاثة أقسام :-
أ – قسم لنظارة المالية وتتبعه وزارة الداخلية 0
ب – قسم لنظارة الحقانية وتتبعه وزارة الخارجية ووزارة المعارف ووزارة الأوقاف 0
ج – قسم لنظارة الأشغال وتتبعه الحربية والبحرية 0
** وكانت تقوم هذه اللجنة بعملها في الدفاع عن الدولة وحقوقها وكذلك إبداء الرأي والفتوى فيما يعرض عليها من موضوعات وأمور يطلب فيها الرأي القانوني 0
** ومع إنشاء المحاكم الأهلية سنة 1883 قامت ذات اللجنة بواجب الدفاع عن الدولة أمام المحاكم الجديدة حيث أصبحت هذه المهمة الجليلة تخصها وحدها ، وهنا يتبدى أن قضايا الحكومة ( قضايا الدولة ) هي أسبق وأعرق هيئة قضائية في مصر حيث أنشئت قبل إنشاء المحاكم الأهلية بثماني سنوات 0
** وبتاريخ 20 أبريل سنة 1884 أصدر نوبار باشا أمراً عالياً ليؤكد فيه استقلال هذه الهيئة تحت أشراف وزارة الحقانية وأضاف إلى اختصاصاتها اختصاصا جديداً يتمثل في مراجعة القوانين والأوامر قبل إصدارها ، وأجاز لكل وزير اخذ رأى اللجنة في أية مسألة يريد دون أن تنعقد في ديوان وزارته وتحت رئاسته وإنشاء لها فرعاً بمدينة الإسكندرية 0
** وبتاريخ 25 يناير سنة 1896 صدر أمر عال بإنشاء هيئة خاصة باسم اللجنة الاستشارية لسن القوانين واللوائح وأصبح المستشارون الملكيون أعضاء لجنة قضايا الحكومة أعضاء في هذه اللجنة وصدر بضمهم إليها أمر عال بتاريخ 17 مايو سنة 1902 واسند إلى المستشارين صياغة التشريعات لعرضها بعد ذلك على اللجنة التشريعية ، وكان المستشار الملكي يتولى رئاسة هذه اللجنة في حاله غياب وزير الحقانية 0 ولقد كان لهذه اللجنة بفضل المستشارين أعضاء لجنة قضايا الحكومة دور وطني كبير في صياغة التشريعات المصرية ووضع الأصول الدستورية والقانونية لمصر الحديثة قبل أن يكون لها دستور 0
** وبعـد صدور دستور سنة 1923 صدر القانون رقم 1 لسنة 1923 بتنظيم لجنة قضايا الحكومة وحدد اختصاصها بإصدار الفتاوى ووضع الوثائق والعقود في الصيغ القانونية وكذلك مشروعات القوانين بالإضافة إلى أمانة مسئولية الدفاع عن الحكومة والمصالح العامة أمام المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها كما أصبح من اختصاص قضايا الدولة دراسة عقود الشركات المساهمة وأنظمتها قبل صدور المرسوم باعتماد إنشائها فوضعت اللجنة نماذج لهذه العقود ليهتدي بها أصحاب الشأن 0
** وأسند القانون إلى المستشارين الملكين الجلوس في مجالس تأديب كبار موظفي الدولة وكان المستشار الملكي يتولى مهمة التحقيق معهم ( الاختصاص المعهود للنيابة الإدارية حاليا ) فضلاً عن كتابة أسباب القرارات ( اختصاص المحاكم التأديبية بمجلس الدولة حالياً ) 0
** وفى 7 أغسطس سنة 1946 صدر القانون رقم 113 لسنة أقتصر دور الهيئة على النيابة عن الدولة أمام القضاء ولكنه نص في مادته الأولى على أن تنشأ إدارة قائمة بذاتها تسمى إدارة قضايا الحكومة وتلحق بوزارة العــــدل 0 وتبعه في تأكيد الاســتقلالية القانون رقم 58 لسنة 1959 والذي أعطى لرئيس إدارة قضايا الحكومة أو لمن يفوضه من الوكيلين الحق في أن يتعاقد مع المحامين المقبولين للمرافعة أمام المحاكم في مباشرة الدعاوى الخاصة بالحكومة أمام محاكم الإقليم السوري وذلك في الأحوال التي يتعذر فيها على الإدارة مباشرة الدعوى لأي سبب
** ثم صدر القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة وهو القانون المعمول به حتى الآن والذي أكد أيضا استقلالية الإدارة 0
** وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المذكور أنه لما كانت إدارة قضايا الحكومة من الهيئات الرئيسية لما تقوم عليه من المحافظة على أموال الدولة ورعاية مصالحها خصوصا بعد أن اتسع نطاق النشاط الحكومي وتشعب في ظل الأوضاع الجديدة فقد رؤى إعادة تنظيمها تنظيماً شاملاً بان يوضع لها قانون مستقل ينطوي على تعديلات وتشكيلات جديدة تماثل في جوهرها ما هو مقرر في شأن رجال القضاء والنيابة العامة ومجلس الدولة وذلك بالقدر الذي تقتضيه طبيعة العمل في تلك الإدارة وحسن سير الأمور فيها 0
** ثم صدرت بعد ذلك عدة قوانين بتعديل بعض أحكام القانون رقــم 75 لسنة 1963 أهمها القانون رقم 10 لسنة 1986 الذي غير أسم إدارة قضايا الحكومة إلى اسمها الحالي(( هيئة قضايا الدولــة )) 0 ونص في مادته الأولي على أن هيئة قضايا الدولة هيئة قضائية مستقلة تلحق بوزير العدل 0
** وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون أنه تأكيداً لأهمية ما تقوم به إدارة قضايا الحكومة من عمل قضائي وتوفيراً للمزيد من الضمانات لرجالها فقد أعد المشروع المرافق متضمنا تغيير مسماها إلى هيئة قضايا الدولة باعتبارها المدافع عن الدولة بسلطاتها الثلاث والنص على كونها هيئة قضائية مستقلة 0
** ولا ننسى في هـذا المقـام أن هيئـة قضايا الدولة قد ضمت في تشكيلها رجالاً يشهد لهم التاريخ ومنهم على سبيل المثال الدكتور/ عبد الحميد بدوي باشا أول رئيس للهيئة سنة 1926 وكــان قـد عمـل قاضيـا بمحكمة العدل الدولية والأستاذ/ احمد نجيب الهلالي باشا رئيس وزراء مصر الأسبق والمستشار/ أمين أنيس باشا ثاني رئيس للهيئة والذي كان يشغل منصب وزير العدل ووكيل الديــوان الملكـي والأسـتاذ/ سامي صليب باشــا وزيـر الخارجية وشيخ المحامين والقضاة الأستاذ/مصطفى مرعى وفقيه مصر الكبير المستشار/ عبد الحليم الجندي 0
** كما أن العديد من أعضاء الهيئة قد شغلوا منصب الوزير أو رئيس مجلس الوزراء وكذلك شغل بعض أعضائها رئاسة محكمة النقض والمحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة 0
ثانياً : هيئة قضايا الدولة والديمقراطية
** من المقرر أن حقوق الإنسان تنشأ وتنمو في المجتمع الديمقراطي دون سواه ذلك أن المجتمع الديمقراطي تٌحترم فيه الحقوق والحريات التي تمثل قيم حقوق الإنسان والتي هي ثمرة تفاعل وتواصل الحضارات والثـقافات عبر التاريخ، وحصاد كفاح كافة الشعوب ضد كافة أشكال الظلم والقهر الداخلي والخارجي، وأنها بهذا المعنى ملك للبشرية جمعاء.
أن قيم العدالة التي ينبغي الاحتفاء بها-باعتبارها حق من حقوق الإنسان-هي تلك التي ترسخ شعور الإنسان بالكرامة والمساواة، وتعزز مشاركته في إدارة شؤون بلاده، وتنمي لديه الإحساس والوعي بالمواطنة وأن احترام حقوق الإنسان هو مصلحة عليا لكل فرد وجماعة وشعب وللإنسانية جمعاء، باعتبار أن تمتع كل فرد بالكرامة والحرية والمساواة هو عامل حاسم في ازدهار الشخصية الإنسانية بأبعادها الوجدانية والفكرية والاجتماعية، وتعميق إحساسها بالكرامة والحرية والمساواة والعدل الاجتماعي والممارسة الديمقراطية وفي النهوض بالأوطان وتنمية ثرواتها المادية والبشرية، وفي تعزيز الشعور بالمواطنة.
** وأن وجود هيئة قضايا الدولة كنائب عن الدولة أمام القضاء ولدي الجهات ذات الاختصاص القضائي يعبر عن أبهي صور إحترام حقوق الإنسان المصري إذ يكشف عن خضوع الدولة للقانون ونزولها منزلة الأفراد سواء بسواء في المنازعات القضائية وفي مركز قانوني واحد ويكشف في الوقت ذاته عن التزام الدولة بصون كرامة المواطن المصري وبث روح الطمأنينة لديه عندما يجد الدولة بكل مالها من سلطان تنيب عنها هيئة قضايا الدولة لتمثيلها أمام القضاء خصماً شريفاً لا يبغي سوى تطبيق الحق والعدل ودون مزايا بينه وبينها 0
** وهذا النظام إنما يعبر وبحق عن أن جمهورية مصر العربية دولة ديمقراطية عريقة سبقت الكثير من دول العالم في هذا المضمار وقررت قاعدة استقر العمل على تطبيقها في الدول الديموقراطية ووضعت مجموعة من الضمانات الأساسية تكفل بتكاملها مفهوماً للعدالة يتفق بوجه عام مع المقاييس المعاصرة المعمول بها في الدول المتحضرة 0 وأثبتت بتساويها مع مواطنيها أمام القضاء تفعيلها لمبدأ سيادة الشعب المنصوص عليها في المادة الثالثة من الدستور المصري والتي يجرى نصها على أن ( السيادة للشعب وحده، وهو مصدر السلطات، ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها، ويصون الوحدة الوطنية على الوجه المبين في الدستور )
وهو أمر يختلف نظامه عما يحدث في الدول المتسلطة أو الشمولية التي يكون الرأي فيها للحاكم وأن مايراه هو الصواب وما عداه يقع في حيز الخطأ وفى مثل هذه الدول لا كرامة للمواطن ولا حديث عن حقوق الإنسان , إذ فيها تهدر الحريات والحقوق ولا يستطيع المواطـــن أن يلجأ الى قاضيه الطبيعي مختصما الحاكم للمطالبة برد أي عدوان قد يقع عليه أو على ممتلكاته 0
** وأن كون هيئة قضايا الدولة النائب القانوني عن الدولة هو في حقيقته أن الهيئة هي المنوط بها الحفاظ على أموال وممتلكات الشعب في وجه من يحاول النيل منها لتصل الي هدف أسمي يتمثل في المحافظة على مصالح وحقوق الإنسان المصري 0
ثالثاً : اختصاصات هيئة قضايا الدولة :
** وبعد هذه النبذة التاريخية عن هيئة قضايا الدولة والتشريعات التي نظمتها 0 نتحدث عن اختصاصات هيئة قضايا الدولة 0
** تنص المادة السادسة من ذات القانون على أن ( تنوب هذه الهيئة عن الدولة بكافة شخصياتها الاعتبارية العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التي خولها القانون اختصاصا قضائيا 00
** والبين من هذا النص أن المشرع قد اسند إلى هيئة قضايا الدولة مهمة الدفاع عن الدولة بكافة شخصياتها الاعتبارية إذ تنوب عنها أمام المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات التي خولها القانون اختصاصا قضائيا وبهذه النيابة القانونية أكد المشرع على وجود الدولة القانونية التي تحرص على سيادة القانون إذ جعل الدولة هنا مثلها مثل الأفراد لها تصرفاتها ونشاطها ولها حقوقها ومصالحها كما أن عليها التزاماتها وواجباتها وهى من خلال ذلك قد ينشأ عن تعاملاتها منازعات فقد تتعرض مصالح الدولة وأموالها وحقوقها عامة كانت أو خاصـة للاعتداء عليها أو غصبها ومن ثم كــان لازما أن يسند مهمة النيابة عن الدولة أمام القضاء إلى هيئة قضايا الدولة وفى هذه الحالة يكون على الهيئة تحقيقاً لمسئوليتها في الحفاظ على أموال الدولة أن تسارع في رد أي اعتداء أو عبث يقع على هذه الحقوق نظراً لأنها لا تخص فرد أو مصلحة فردية وإنما يتعلق بها حق المجتمع كله 0
** ودور هيئة قضايا الدولة في النيابة عن الدولة أمام المحاكم ولدى الجهات التي أنيط بها اختصاصا قضائيا لا يقتصر على منازعات يعينها وإنما يشمل كافة المنازعات المتعلقة بالدولة أو الأشخاص الاعتبارية الأخرى ولا على جهة قضاء واحدة بل أمام جميع المحاكم على اختلاف أنواعها كالمحكمة الدستورية العليا والقضاء العادي ومحاكم مجلس الدولة ودرجاتها من محاكم جزئية وابتدائية واستئنافية ونقض وكذا محاكم إدارية وقضاء أدارى والمحكمة الإدارية العليا وتشمل النيابة القانونية أيضا تمثيل الدولة لدى الجهات التي خولها القانون اختصاصا قضائيا بالفصل في منازعات معينه نظراً لطبيعتها 0
** ولهيئة قضايا الدولة النيابة القانونية عن الدولة ليس أمام الجهات القضائية بالعاصمة وحدها وإنما في ربوع مصر كلها من خلال أعضائها فنجد أن الهيئة قد أنشأت مقار لها في جميع محافظات مصر حتى بلغ عددها خمسة وعشرون مقراً ، ويوجد بالقاهرة والجيزة وحدهما سبعة وثلاثون قسما لكل منها اختصاصا وتهدف جميعها إلى الذود عن مصالح الدولة في شتى المناحي 0
ومن الجدير بالذكر أن عدد أعضاء هيئة قضايا الدولة والبالغ عددهم ( 2019 ) عضواً صدقوا ما عهدوا الله عليه واستعصموا بالعلم والخبرة فكانوا نعم القدوة الصالحة والمثل الطيب وبهم أصبحت هيئة قضايا الدولة وستظل منارة للعلم والقانون في مصرنا العزيزة 0
وفيما يلي بيان بالسادة أعضاء هيئة قضايا الدولة :
معالي المستشار / حسام عبدالعظيم عبدالله رئيس الهيئة
نائب رئيس 250
وكيل الهيئة 104
مستشار 152
مستشار مساعد أ 215
مستشار مساعد ب 528
نائب 186
محام 206
مندوب 179
مندوب مساعد 198
** ودور هيئة قضايا الدولة أمام المحاكم دوراً ايجابياً يساعدها في الوصول إلى عين الحقيقة في النزاع وذلك بتقديم المستندات والأدلة التي تساعد المحاكم في فهم النزاع ليجلو ما غمض عليها من وقائعه ودفاعاً مستنداً إلى القانون ولا يبغى سوى الحق ويتجلى دورها في قبول الأحكام الصادرة ضد الدولة إذا كانت متفقه مع صحيح القانون المبادئ القانونية المستقرة 0
** وكما أن لهيئة قضايا الدولة دورها البارز أمام المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها فانه لا يمكن أن ننسى دورها أمام الهيئات ذات الاختصاص القضائي التي اسند إليها الفصل في بعض المنازعات نظراً لطبيعتها وهى ليست بالقليل 0
** كما أن دور الهيئة في قضايا التحكيم جلي وواضح سواء كان تحكيما إجباريا مما نص عليه بالمادة (56) من القانون رقم 97 لسنة 1983 في شأن هيئات القطاع العام وشركاته أو التحكيم الاختياري الذي نظمت أحكامه مواد القانون رقم 27 لسنة 19940
ولمواجهة هذا النوع من المنازعات أنشئ في هيئة قضايا الدولة قسم للتحكيم يختص بمباشرة التحكيم المحلى اختياريا كان أو إجباريا يتولى أعضاؤه الدفاع عن الدولة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى جهات التحكيم المختلفة 0
وللمحافظة على حقوق الدولة وأموال الشعب بالخارج أنشئ بالهيئة قسم للمنازعات الخارجية برئاسة السيد المستشار رئيس الهيئة ينوب عن الدولة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا أمام هيئات التحكيم المختلفة سواء تلك التابعة لهيئة الأمم المتحدة كالمركز الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي بالقاهرة أو التحكيم المؤسس الذي تنظمه بعض غرف التجارة الدولية كغرفة التجارة الدولية بباريس وغرفة التجارة الدولية بأمستردام أو زيورخ أو مؤسسة التحكيم الأمريكية ، كما يختار بعض أعضاء الهيئة كمحكمين في هيئات التحكيم 0
** ويضاف إلى دور هيئة قضايا الدولة في الدفاع عن مصالح الدولة أمام القضاء والجهات ذات الاختصاص القضائي دورها في تحقيق الرقابة الذاتية لجهة الإدارة وذلك باستداء النصح لها والمشورة حتى تجنبها المسئولية بما يترتب عليها من أعباء هي في غنى عنها 0
رابعاً : هيئة قضايا الدولة وحقوق الإنسان :
** هيئة قضايا الدولة بصفتها النائب القانوني عن الدولة كما سبق البيان تؤدى دوراً في إحترام حقوق الإنسان المصري لا يقل أهمية عن دورها في الدفاع عن الدولة , ونود أن نشير في هذا المقام الى بعض الصور التي تعــبر عن اعتزاز الهيئة بالتمسك واحترام حقوق الإنسان 0
( 1 ) : هيئة قضايا الدولة والحق في العمل ودون تمييز
** تعمل هيئة قضايا الدولة على تفعيل حق أساسي من حقوق الإنسان وهو الحق في العمل و دون أي تمييز بين المتقدمين لشغل الوظائف لديها سواء بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو الدين، أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب.
وهيئة قضايا الدولة في تفعيلها لهذا الحق إنما تستند الى الدستور فيما قرره في المادة الثامنة منه على تكافؤ الفرص لجميع المواطنين وما قررته المادة الثالثة عشر من أن العمل حق وواجب وشرف تكفله الدولة، ويكون العاملون الممتازون محل تقدير الدولة والمجتمع والمادة الرابعة عشر من أن الوظائف العامة حق للمواطنين، وتكليف للقائمين بها لخدمة الشعب،
وكذلك بما ورد بالمادة 23 من الإعــلان العـالمي لحقـوق الإنسان المعتمد بموجب قرار الجمعية العامة 217 / أ /د /3 المؤرخ في 10 كانون الأول/ديسمبر 1948، من الحق في العمل و الحق في أجر متساو للعمل.
وما تضمنته المادة السادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي أعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون الأول/ديسمبر 1966المعمول به في 3 كانون الثاني/يناير 1976،
وما ورد بالمادة ( 25 /3 ) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون/ديسمبر1966 المعمول به 23 آذار/مارس 1976، من حق كل مواطن دون أي وجه من وجوه التمييز في أن تتاح له، على قدم المساواة عموما مع سواه، فرصة تقلد الوظائف العامة في بلده 0
وكذلك ما ورد بالمادة الثانية من الميثاق العربي لحقوق الإنسان المعتمد بموجب قرار مجلس جامعة الدول العربية 5427 المؤرخ في 15 سبتمبر 1997 0
وما نصت عليه المادة ( 32 ) من ذات الميثاق من ضمانة تكافؤ الفرص للمواطنين في العمل والأجر العادل والمساواة في الأجور عن الأعمال المتساوية القيمة. والمادة ( 33 ) من حق كل مواطن في شغل الوظائف العامة في بلاده 0
وهو ذاته ما ورد بالمواد ( 2 , 3 , 13 , 15 ) من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان الذي تم إجارته من قبل مجلس الرؤساء الأفارقة بدورته العادية رقم 18 في نيروبي (كينيا) يونيو 1981
** وتعمل هيئة قضايا الدولة على إتاحة الفرصة أمام الجميع للعمل بها في المجالين القضائي والإداري على السواء
** ففي المجال القضائي تقوم هيئة قضايا الدولة سنوياً بالإعلان عن التعيين في وظيفة مندوب مساعد لديها بالصحف اليومية لإتاحة الفرصة لكل من تتوافر فيه الشروط المطلوبة أن يتقدم بأوراقة , دون تمييز بين المتقدمين وتشجيع احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا دون تمييز باعتبار أن العمل حق ينبغي لكل إنسان أن يتمتع به، وأن من حق كل إنسان أن يتمتع بجميع الحقوق والحريات , وبعد إنتهاء مواعيد التقدم بالطلبات تقوم الهيئة بترتيب المتقدمين حسب جامعاتهم ودرجاتهم العلمية الحاصلين عليها , ثم تشكل لجنة يرأسها السيد المستشار رئيس الهيئة وتضم في عضويتها السادة نواب المستشار رئيس الهيئة أعضاء المجلس الأعلي للهيئة ورؤساء الإدارات القيادية التابعة للسيد المستشار رئيس الهيئة وذلك لتقييم المتقدمين لاختيار الأصلح والأنسب منهم لشغل الوظيفة القضائية بالهيئة , وبعد إجراء التحريات الأمنية عليهم يتم إختيار من يصلح للدفاع عن الدولة وحقوق المواطنين الذين يمثلون في مجموعهم الدولة بمعناها الحديث 0 ويكون التعيين في الأصل للحاصلين علي أعلي الدرجات تحقيقاً لمبدأ تكافؤ الفرص وهو النظام الذي سارت علي هداه هيئات قضائية أخري 0 ولا يخلو قرار التعيين من بيان مدي احترام هيئة قضايا الدولة لحقوق الإنسان إذ يتضمن التعيين الرجل والمرأة دون تمييز بسبب الجنس والمسلم والمسيحي دون تمييز بسبب الدين علاوة على عدم التمييز بسبب اللون أو الأصل الاجتماعي أو النسب أو غيره من الأسباب 0
وبعد التعيين تقوم الهيئة بإعداد برامج تأهيلية للمعينين في المركز المتخصص لذلك وهو المركز القومي للدراسات القضائية ويحاضر فيها صفوه من السادة مستشاري الهيئة ونخبه من فقهاء القانون وهي بذلك تفعل من جانبها ما تنادي به المواثيق والعهود الدولية من ضرورة تأهيل الموظف وتوفير السبل لتدريبه عملياً 0
وأن دور هيئة قضايا الدولة في مجال إحترام حقوق الإنسان يظهر جلياً في تقرير حق المرأة في التعيين بالوظائف القضائية لديها ومنذ أمد بعيد يمتد الى سبعينات القرن الماضي , وهو ما يتوافق مع المبادئ الدستورية التي قررها الدستور المصري في المادة ( 11) من مساواة المرأة بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية , والمادة ( 40 ) التي تنص على أن ( المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامــة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغـــــة أو الدين أو العقيدة 0 )
** وكانت هيئة قضايا الدولة أقدم زمنا من إبرام اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 34/180 المؤرخ في 18 كانون الأول/ديسمبر 1979 والمعمول بها إعتباراً من
3 سبتمبر 1981 في استئصال شأفة الفصل العنصري وجميع أشكال التمييز العنصري إذا أقرت حق المساواة بين الرجال والنساء في أن يتمتعوا بحقوقهم في التعيين بالهيئة تمتعا كاملا، ونذكر علي سبيل المثال القرار الصادر بتاريخ 10/4/1978 بتعيين مندوبين مساعدين بالهيئة ومنهم عدد من السيدات وهو ذات ماتضمنته المادة السابعة فقرة (ب ) من الإتفاقية المذكورة والتي قـــررت إتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة وحقها في المساواة مع الرجل، وفى شغل الوظائف العامة، وتأدية جميع المهام العامة على جميع المستويات الحكومية، وما قررته المادة 11 /1 من ذات الإتفاقية على مساواة المرأة مع الرجل في الحق في العمل بوصفه حقا ثابتا لجميع البشر والحق في الترقية والأمن على العمل وفى جميع مزايا وشروط الخدمة، والحق في تلقى التدريب وإعادة التدريب المهني، الحق في المساواة في الأجر، بما في ذلك الاستحقاقات، والحق في المساواة في المعاملة فيما يتعلق بالعمل ذي القيمة المساوية، وكذلك المساواة في المعاملة في تقييم نوعية العمل وتنفيذاً لما تضمنته الاتفاقية (رقم 100) الخاصة بمساواة العمال والعاملات في الأجر لدي تساوي قيمة العمل والتي اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في 29 يونيه 1951، في دورته الرابعة والثلاثين والمعمول بها اعتباراً من 23 مايو 1953،
وما تضمنة المادة الثالثة من اتفاقية بشأن الحقوق السياسية للمرأة اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 640 (د-7) المؤرخ في 20 ديسمبر 1952والمعمول بها اعتباراً من 7 يوليه 1954، والتي قررت الحق للنساء في تقلد المناصب العامة وممارسة جميع الوظائف العامة المنشأة بمقتضى التشريع الوطني، بالتساوي بينهن وبين الرجال دون أي تمييز.
وما تضمنة المادة الرابعة / ج والمادة العاشرة / ب من إعلان القضاء علي التمييز ضد المرأة الصادر بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2263 (د-22) المؤرخ في 7 /نوفمبر 1967 من حق المرأة بالتساوي مع الرجل في تقلد المناصب العامة ومباشرة جميع الوظائف العامة والحق في تقاضي مكافأة مساوية لمكافأة الرجل، والتمتع بمعاملة متساوية عن العمل ذي القيمة المساوية،
وما جاء بالمادة ( 6 ) من إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام الذي تم إجازته من قبل مجلس وزراء خارجية منظمة مؤتمر العالم الإسلامي ،المنعقد بالقاهرة، في الخامس من أغسطس 1990من أن المرأة مساوية للرجل في الكرامة الإنسانية، ولها من الحق مثل ما عليها من الواجبات ولها شخصيتها المدنية وذمتها المالية المستقلة وحق الاحتفاظ باسمها ونسبها 0
عدد الإناث بالهيئة في مختلف الدرجات ( 94 ) مستشار بيانهن كالتالي :
نائب رئيس الهيئة 14
وكيل هيئة 14
مستشار 14
مستشار م 0 أ 4
مستشار م0 ب 1
محام 7
مندوب 9
مندوب مساعد 31
( 2 ) : هيئة قضايا الدولة وحق الإنسان في تحقيق العدالة :
** تحرص هيئة قضايا الدولة على تحقيق العدالة بين الدولة والمواطنين والعمل على إنهاء المنازعات في مراحلها الأولى, وذلك تنفيذاً للحق الدستوري المنصوص عليه في المادة ( 68 ) من الدستور من أن التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء الى قاضيه الطبيعي، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا 0
وما تضمنته المادتين ( 8 , 10 ) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمقرر فيهما المساواة بين الجميع أمام القانون وأمام القضاء والحق في اللجوء الى القضاء وكذلك ما ورد بالمادة ( 7 / 1 ) من إعلان الأمم المتحدة للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري اعتمد ونشر علي الملأ بموجب قرار الجمعية العامة1904 (د-18) المؤرخ في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1963
من أن لكل إنسان حق في المساواة أمام القانون وفي العدالة المتساوية في ظل القانون.
** وما ورد بالمادة ( 9 ) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان المعتمد بموجب قرار مجلس جامعة الدول العربية 5427 المؤرخ في 15 سبتمبر 1997 من أن جميع الناس متساوون أمام القضاء وحق التقاضي مكفول لكل شخص على إقليم الدولة.
وهو ذاته ما ورد بالمادة ( 7 ) من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان الذي تم إجارته من قبل مجلس الرؤساء الأفارقة بدورته العادية رقم 18 في نيروبي (كينيا) يونيو 1981
وما تضمنته المادة ( 14 ) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي أعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون الأول/ديسمبر 1966المعمول به في 3 كانون الثاني/يناير 1976، من أن الناس جميعا سواء أمام القضاء . و من حق كل فرد ، لدي الفصل في أية تهمة جزائية توجه اليه أو في حقوقه و التزامات في أية دعوى مدنية ، أن تكون قضيته محل نظر منصف 0
وما ورد بالمادة ( 26 ) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية من أن الناس جميعا سواء أمام القانون ويتمتعون دون أي تمييز بحق متساو في التمتع بحمايته ويتكامل عمل الهيئة في تحقيق العدالة والمساهمة في إقرار الحقوق على النحو التالي :
( أ ) الدفاع القضائي :
وينظم الدفاع القضائي نص المادة السادسة من قانون الهيئة رقم 75 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1986 السالف ذكره والذي يتبين منه أن الهيئة تضطلع بدور بالغ الأهمية في الدفاع عن حقوق الدول وتمثيلها أمام القضاء فيما يقام منها أو عليها من دعاوى ، وقد أتسع نشاط الهيئة بعد أن تطور البنيان الإداري للدولة وتعددت أجهزتها الإدارية وازداد عدد المنازعات القضائية التي تكون طرفاً فيها 0 الأمر الذي حدا بالمشرع المصري إلى توسيع نطاق نيابة الهيئة لتشمل الدولة بكافه شخصياتها الاعتبارية العامة بعد أن كان دورها القضائي مقصوراً على أجهزة الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية فأصبح اختصاصها بالنيابة عن الدولة يشمل السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية والقوات المسلحة وهيئة الشرطة ولجنة الأحزاب ولجنة الصحافة والمجالس الشعبية 0
ويكون الدفاع القضائي عن الدولة في حالتين :-
• حــاله الاعتداء على المال العام :
من المقرر أن الملكية الخاصة للأفراد مصونة طبقاً لحكم المادة ( 34 ) من الدستور , وأن الدولة شأنها في هذا المقام ذلك شأن الأفراد لها الحق في التملك للعقارات والمنقولات وهو ما يطلق عليه الملكية العامة والتي أحاطها الدستور بالحماية بموجــب المادة ( 33 ) التي تنص على أن
( للملكية العامة حرمة، وحمايتها ودعمها واجب على كل مواطن وفقا للقانون، باعتبارها سندا لقوة الوطن وأساسا للنظام الاشتراكي ومصدرا لرفاهية الشعب )
فالملكية العامة حــق يستفيد منها جميع المواطنين على السواء وحثت على ذلك المـــادة ( 13 / 3 ) من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان بالقول بأن لكل شخص الحق في الاستفادة من الممتلكات والخدمات العامة وذلك في إطار المساواة التامة للجميع أمام القانون.
وملكية الدولة للأموال تندرج تحتها الملكية العامة وهى الأموال العامة والملكية الخاصة :
** والمال العام ورد تعريفة بالمادة 87 من القانون المدني رقم 131 لسنة 1948 المعدلة بالقانون رقم 331 لسنة 1954 والتي جرى نصها على أن ( 1- تعتبر أموالاً عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم 0
1- وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم )
ومن هذا النص يتبين أن الأموال العامة تلك العقارات والمنقولات التي للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة المخصصة للمنفعة العامة , وهذا التخصيص يتم أحد طريقين أولهما الطريق الرسمي بأن يكون التخصيص بقانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص , وثانيهما الطريق الفعلي بمعنى أن تضع الدولة يدها على عقار مملوك للأفراد وتخصص إياه للمنفعة العامة بالفعل بإقامة أحد المشروعات العامة عليه فتنتقل ملكيته الى الدولة وتنحسر عنه ملكية الأفراد الذين يكون لهم الحق في التعويض طبقاً للقانون 0
وهذه الأموال العامة لا يجوز الحجز عليها أو تملكها بالتقادم مهما طالت مدته كما لا يجوز التصرف فيها لكونها مخصصه لانتفاع الأفراد بها انتفاعاً عاماً بدون مقابل وإنما يجوز فقط الترخيص المؤقت بالانتفاع بها لأحد الأشخاص مقابل رسم تحدده السلطة المختصة 0
أما أملاك الدولة الخاصة فقد أحاطها المشرع بحماية خاصة كما ورد بالمادة ( 970 / 2 ) من القانون المدني معدلة بالقانون رقم 147 لسنة 1957م والقانون رقم 55 لسنة 1970 والتي تنص على أنه :-
( ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو الهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما أو الأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني على هذه الأموال بالتقادم .
ولا يجوز التعدي على الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة ، وفي حالة حصول التعدي يكون للوزير المختص حق إزالته إدارياً .)
** بيد أنه قد تتعرض مصالح الدولة وأموالها وحقوقها للاعتداء عليها أو غصبها ومـن ثم يتعين عليها تحقيقاً لمسئوليتها في الحفاظ عليها أن تسارع إلى رد أي اعتداء أو غصب على أموالها وتجد الدولة نفسها مضطرة إلى اللجوء لساحات القضاء امتثالاً لمبدأ سيادة القانون وخضوعها للرقابة القضائية ، فتلجأ إلى هيئة قضايا الدولة التي ناط بها القانون ولاية الدفاع القضائي عنها للوقوف في وجه المعتدى والدفاع عن مصالح الدولة وحقوقها وأموالها 0
وتقوم الجهة الإدارية بإعداد البيانات والمستندات المتعلقة بالنزاع وإرسالها إلى هيئة قضايا الدولة طالبه إقامة الدعوى أمام القضاء لرد العدوان عن ممتلكاتها أو استيداء حقوقها لدى الغير 0وفور ورود الأوراق إلى الهيئة تقوم ببحثها وتمحيصها فان رأت إقامة الدعوى فإنها تبادر إلى ذلك 0 طبقاً لحكم المادة (45) من اللائحة الداخلية لهيئة قضايا الدولة الصادرة بقرار وزير العدل رقم 4286 لسنة 1994 , ويحرر العضو صحيفة الدعوى مبيناً بها وقائع النزاع وطلبات الجهة الإدارية مؤيدة بالأسباب القانونية التي تدعمها 0 طبقاً لحكم المادة (47) من اللائحة المذكورة , وبعد تحرير الصحيفة واعتمادها من الرئيس المختص يتم إيداعها المحكمة المختصة مرفقاً بها ما يؤيدها من مستندات طبقاً لحكم المادة (63) من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 18 لسنة 1999 0
ويتم مباشرة الدعوى أمام المحكمة بعد قيدها بالترافع فيها وتقديم مذكرات الدفاع اللازم ومتابعتها حتى يصدر الحكم فيها 0
- ولا يقتصر دور الهيئة على الحصول على حكم في الدعوى لصالح الدولة بل يستمر بعد ذلك باتخاذ إجراءات تنفيذه إلى أن يتم التنفيذ الكامل عن طريق أقسام التنفيذ المختص بالهيئة 0
طبقاً لحكم المادة (71) من اللائحة المذكورة
** وبهذه الطريقة فان هيئة قضايا الدولة تساعد الدولة في الحصول على حقوقها وأموالها ورد العدوان على ممتلكاتها ومصالحها وبالتالي حصول الشعب وجموع المواطنين على حقوقهم ورد العدوان عنها 0ذلك أن المصلحة العامة تتكون من مجموع المصالح الخاصة وأن حرص هيئة قضايا الدولة على المصلحة العامة للدولة هو في جوهره دفاعاً عن مجموع المصالح الخاصة للمواطنين , وهو يمثل في حقيقته تنفيذ المواثيق الدولية التي ترمي الى المحافظة على ممتلكات الأفراد 0
حـاله الدولـة مدعى عليها :
** وتظهر هذه الصورة حرص مصر على احترام سيادة القانون والخضوع للشرعية والرقابة القضائية واحترام حقوق الإنسان المصري إذ أصبح حق التقاضي مكفولاً لجميع المواطنين بلا استثناءات أو قيود وأن صاحب الشأن لا يحول بينه وبين اللجوء للقضاء حائل ولا يمنعه مانع فالتقاضى طبقاً لحكم المادة (68) من الدستور حق مصون ومكفول للناس كافه ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء مـــن المتقاضين وسرعة الفصــــل في القضايا 0
** ولا يقتصر حق التقاضي على المنازعات بين الأفراد بعضهم البعض بل يشمل المنازعات بين الأفراد والجهات الإدارية انطلاقاً من خضوع الدولة لسيادة القانون والرقابـة القضائية فتخضع أعمالها التشريعية للرقابة الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا التي ينظمها القانون رقم 48 لسنة 1979 ، واعمالها الإدارية للرقابة أمام محاكم مجلس الدولة الصادر بتنظيمها القانون رقم 47 لسنة 1972 واعمالها المادية للرقابة القضائية أمام المحاكم المدنية طبقاً لأحكام قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 وكذلك بعض المنازعات المدنية والإدارية طبقاً لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان فض المنازعات إدارياً بقرارات وتوصيات تعطى لكل ذي حق حقه بأيسر الطرق 0 وكذلك خضوعها لأحكام إنهاء النزاع بينها وبين الأفراد عن طريق التحكيم عند وجود مشارطه تحكيم أو الاتفاق على شرط التحكيم 0
ويقوم صاحب الشأن بقيد دعواه أمام المحكمة المختصة ويعلن صورتها لهيئة قضايا الدولة باعتبارها الموطن القانوني عن الدولة في منازعاتها القضائية طبقاً لأحكام المادتين السادسة من قانون تنظيم الهيئة والثالثة عشرة فقرة أولى من قانون المرافعات 0
وبعد تسلم صورة صحيفة الدعوى وإفراد ملف خاص بها يقوم العضو المختص بإرسال صورة منها إلى الجهـة صـاحبه الشـأن ويطلـب سرعة موافاته بمذكرة تفصيلية رداً على ما ورد بها مؤيدة بالمستندات وفور وصول المعلومات والمستندات من الجهة الإدارية يقوم العضو بتقديهما الى المحكمة لسرعة الفصل في الدعوى من جانب القضاء لإعطاء كل ذي حق حقه احتراماً لما ورد بالمواثيق الدولية من الحق في العدالة المنصفة
وبعد صدور الحكم في الدعوى يقوم بإخطار الجهة صاحبة الشأن بمنطوق الحكم ، فإذا ما صار الحكم الصادر ضد الدولة نهائياً يقوم العضو بتحرير خطاب الصرف في الدعوى الصادر فيها الحكم بإلزام الجهة الإدارية بأداء مبالغ مالية وإرساله إليها دون طلب من الخصوم 0
** أما الأحكام الأخرى الصادرة ضد الدولة بإلغاء القرارات الإدارية أو وقــف تنفيذها أو ما يتعلق بالحقوق العينية فيتم إرسال صوره الحكم التنفيذية إلى الجهة ذات الشأن بطلب تنفيذه طبقاً للقانون 0
وتحقيقاً للحفاظ على حق المواطن في الحصول على حقوقه وعدم تعطيل المنازعات القضائية فإن هيئة قضايا الدولة تضع قواعد موضوعية يتعين على أعضائها الالتزام بها ويتمثل ذلك في وجوب طلب المعلومات والمستندات من الجهات الإدارية وتقديمها الى المحكمة والعمل على إخطار هذه الجهات بخطابات الصرف وصور الأحكام التنفيذية لإتخاذ اللازم نحو تنفيذها 0
وان أي تقصير في ذلك يقابل بردع شديد طبقاً لأحكام اللائحة الداخلية للتفتيش الفني الصادرة بقرار وزير العدل رقم 5025 سنة 1993
وقد قضت لجنة التأديب التظلمات بهيئة قضايا الدولة بأن ( التراخي في طلب المعلومات والمستندات وعدم إبداء دفاع في دعوى ولو كان قد قضى فيها لصالح الدولة متى كانت الدعوى مهيأة لاعداد دفاع فيها أو كان عدم تهيئها راجعا الى تقصير العضو في طلب المعلومات والمستندات 0)
( التظلم رقم 42 لسنة 1990 جلسة 17/12/1990 مجموعة المبادئ التي قررتها لجنة التأديب والتظلمات بهيئة قضايا الدولة – 1994 ص 83 )
( ب ) الدفــاع الوقائي
والدفاع الوقائي يتمثل فيما يصدر عن هيئة قضايا الدولة من آراء قانونية سديدة من شأنها إنهاء النزاع عند نشوبه سواء بين إحدى سلطات الدولة وأخرى أو بين إحداها والأفراد تؤدى إلى تجنب رفع الدعاوى أمام القضاء أو المضي فيها ويتمثل فيما يلي : 0
الوجـــه الأول
** تنص الفقرة الثانية من المادة التاسعة من قانون تنظيم هيئة قضايا الدولة رقم 75 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 10لسنة 1986 على أنه( لرئيس الهيئة أن يتفق مع الوزير أو المحافظ المختص على ندب أحد أعضاء الهيئة أو أكثر لا تقل درجته عن مستشار مساعد وذلك لتنسيق العمل بين الهيئة أو الوزارة أو المحافظة التي يندب إليها بموافقة المجلس الأعلى للهيئة )
** وتنص المادة (21) من ذات القانون على أنه ( يجوز إعارة أعضاء هيئة القضايا لأعمال قانونية أو فنية بوزارة الحكومة أو مصالحها أو الهيئات العامة أو إلى الحكومات الأجنبية أو الهيئات الدولية وذلك بقرار يصدر من وزير العدل بعد أخذ رأى المجلس الأعلى للهيئة 0
** وكذلك جواز ندب أعضاء هيئـة القضايا مؤقتا لأعمال أخــرى قانونيـة أو فنية غير عملهم بالإضافة إلى عملهم 0 )
**و لأعضاء هيئة قضايا الدولة المعارون أو المنتدبون بوزارات الحكومة أو مصالحها أو الهيئات العامة دور هام أشبه بالإدارة الاسترشادية من الناحية القانونية ذلك أنهم يقومون بإبداء الآراء القانونية في المنازعات القانونية التي تنشأ بالجهة الإدارية تساعد على إنهاء المنازعات بطريقة ودية ميسرة وإعطاء كل ذي حق حقه دون اللجوء إلى جهات التقاضى0 وكذلك معاونتها في أن تكون أعمالها مطابقة للقانون 0
** ونظراً للدور الهام الذي تقوم به هيئة قضايا الدولة أو المستشارين المنتدبين بالجهات الإدارية أو المصالح والدوائر الحكومية في التنسيق بين الهيئة وبين الجهات التي تمثلها لحسن أداء العمل 0
** فانه قد يرى في هذا المقام ضرورة تعديل المادة التاسعة من قانون الهيئة والخاصة بالندب في الجهات الإدارية ليتضمن النص بالإلزام بوجوب تواجد مستشار قضائي من هيئة قضايا الدولة بكل وزارة وكل هيئة عامة تابعة لها وكذلك في كل محافظة وكل وحدة من وحدات
الإدارة المحلية بكل مستوياتها يندب بقرار من السيد المستشار رئيس الهيئة دون الانتظار لطلب الجهة الإدارية أو رهن الأمر على طلبها 0
** ذلك أن استحداث هذا النص من شأنه أن يساعد على تنسيق العمل بين الهيئة وجميع الجهات الإدارية التي تنوب عنها قانونا مما يؤدى في النهاية إلى تنظيم العمل وحسن أداء الهيئة لرسالتها, كما أن رأى مستشار الهيئة في الموضوعات القانونية يساعد الجهة الإدارية على حل منازعاتها بأيسر السبل والتقليل من طلب إقامة الدعاوى أو الطعون إذا كانت غير محتملة الكسب أو كانت المنازعة زهيدة القيمة أو على خلاف ما استقرت مبادئ المحاكم العليا 0 و يساعد على صدور أعمال الإدارة متفقه مع القانون ويقلل بالتالي من منازعاتها أمام القضاء والحد من الطعون وتوفير النفقات0
** و هذا الأمر ليس بجديد إذ يوجد بكل جهة من الجهات الإدارية التي تنوب عنها