#قاعدة_عدم_جواز_قيام_الشخص_باصطناع_دليل_لنفسه_بنفسه
#_والاستثناءات_الوارده_عليها
القاعده وفقا لما هو مستقر عليه فقها وقضاءا أن الدليل الذي يقدم ضد الخصم يكون صادراً منه حتى يكون دليلاً عليه. فالورقة المكتوبة حتى تكون دليلاً على الخصم يجب أن تكون بخطه أو بإمضائه. وإذا كانت الورقة ليست دليلاً كاملاً واقتصر أمرها على أن تكون مبدأ ثبوت بالكتابة، فإنه يجب كذلك أن تكون صادرة من الخصم الذي يراد الإثبات ضده.
ومن ثم لا يجوز أن يكون الدليل الذي يتمسك به الخصم صادراً منه هو أو أن يكون من صنعه، فمن البداهة أن الشخص لا يستطيع أن يصطنع دليلاً بنفسه لنفسه.
"ولو يعطى الناس بدعواهم – كما جاء في الحديث الشريف – لأدعى أناس دماء رجال وأموالهم". فلا يجوز إذن أن يكون الدليل الذي يقدمه الخصم على صحة دعواه مجرد أقواله وادعاءاته، أو يكون ورقة صادرة منه، أو مذكرات دونها بنفسه.
وتطبيقاً لذلك نصت الفقرة الأولى من المادة 972 من القانون المدني على أنه "ليس لأحد أن يكسب بالتقادم على خلاف سنده، فلا يستطيع أحد أن يغير بنفسه لنفسه سبب حيازته ولا الأصل الذي تقوم عليه هذه الحيازة". وهذه القاعدة فرع عن مبدأ أعم وأشمل، وهو: أن الشخص لا يستطيع أن يخلق بنفسه لنفسه سبباً لحق يكسبه.
وقد جرى قضاء محكمة النقض على أنه: "لا يملك الشخص أن يتخذ من عمل نفسه لنفسه دليلاً يحتج به على الغير". (نقض مدني في الطعنين رقمي 29 و 31 لسنة 38 قضائية – جلسة 12/6/1973 مجموعة المكتب الفني – السنة 24 – صـ 894. المصدر: "الوسيط في شرح القانون المدني" – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الثاني "الإثبات وآثار الالتزام" – طبعة 2006 القاهرة – بند 30 – صـ 32 وهامش رقم 1).
كما قضت محكمة النقض بأنه: "لا يجوز للشخص أن يتخذ من عمل نفسه دليلاً لصالحه". (نقض مدني في الطعن رقم 20 لسنة 54 قضائية – جلسة 22/5/1989 مجموعة المكتب الفني – السنة 40 – صـ 345 – فقرة 4).
ولا يصدق المدعي بيمينه أن أبدي استعداده لحلف يمين يعزز بها ادعائه, وإنما توجه اليمين للخصم المدعى عليه في حالة إنكاره.
ولا يصدق المدعي بورقة يكتبها هو ويقدمها في الدعوى. فإذا رفع الطبيب دعوى على أحد مرضاه يدعي فيها أنه زاره خمس مرات وقدم للتدليل على ذلك مفكرته التي يقيد فيها زياراته للمرضي فلا يعتبر هذا دليلاً.
ولكن يستثني من ذلك حالة ما إذا كانت الورقة ورقتك وقدمها خصمك في الدعوى (خطاب منك إليه مثلاً), واستند إليها أي تبناها كمستند له, فإنه يجوز لك اتخاذها حجة عليه (نقض مصري في 22 مايو 1941, محاماة, 22, صـ 250) فهي من صنعك ولكن جاز جعلها دليلاً لك لأن استناد خصمك إليها جعلها وكأنها ورقته هو.
ومثال ذلك أيضاً ما نصت عليه قوانين إيجار الأماكن المتعاقبة من أنه لا يجوز للمؤجر أن يثبت العلاقة الإيجارية مع المستأجر إلا بالكتابة (أي بعقد الإيجار)، وعادة ما يكون ذلك العقد من نسختين بيد كل من المؤجر والمستأجر نسخة منه، فإذا فقد المؤجر (بخطئه أو إهماله) نسخة العقد الخاصة به، واضطر إلى مقاضاة المستأجر، فهو لا يستطيع أن يثبت العلاقة الإيجارية مع المستأجر إلا بعقد الإيجار فقط؛ لذا فيلجأ البعض في مثل تلك الأحوال إلى إقامة دعوى موضوعية أمام المحكمة الابتدائية ضد المستأجر بطلب طرده من العين بزعم غصبها، ولا يلتزم في تلك الحالة إلا بإثبات ملكيته لتلك العين، فإذا قدم المدعى عليه – المستأجر – نسخة عقد الإيجار طرفه التي تثبت وجود علاقة ايجارية تربطه بالمدعي وتنفي عنه غصب العين، جاز للمدعي في هذه الحالة تعديل طلباته من الطرد للغصب إلى الإخلاء استناداً لأسباب الإخلاء المنصوص عليها حصراً في قوانين إيجار الأماكن، ويعفى في هذه الحالة من إلزامه بتقديم عقد الإيجار، لأن المدعى عليه (المستأجر) هو الذي قدمه وتمسك به فيعفى المؤجر من تقديمه وإثباته. على أن يراعى أن ترفع دعوى الطرد للغصب كدعوى موضوعية أمام المحكمة الابتدائية – حتى يمكن تعديل الطلبات أمامها، وهي المختصة بنظر دعاوى الإيجارات – لا أن ترفع كدعوى مستعجلة أمام قاضي الأمور الوقتية.
وكذلك الأمر لو أن شخصاً رفع عليك دعوى يحاسبك فيها عن وكالتك عنه في أمر, وقدم خطاباً منك لإثبات الوكالة فطالبته أنت بأجر الوكالة مستنداً في إثباتها إلى ذلك الخطاب نفسه.
ومن استثناءات هذه القاعدة أيضاً ما ورد في المادة 17 من قانون الإثبات التي تبيح للتاجر أن يستند إلى دفاتره لإثبات ما ورد إلى عملائه. وهذا استثناء من هذه القاعدة لأنه يجعل دفتر التاجر دليلاً له, إلا أنه ليس دليلا كاملاً بل هو مجرد مبدأ ثبوت قانوني يصلح أساساً لتكملته باليمين المتممة إذا رأي القاضي ذلك, أي أن المسألة جوازيه.
ومن المقرر في قضاء محكمة النقض أن: "المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط تطبيق قاعدة عدم تجزئة الإقرار وإعمالها في شأن ما يرد بدفاتر التاجر من قيود وبيانات بحيث لا يجوز لمن يريد أن يستخلص منها دليلا لنفسه أن يجزئ ما ورد فيها ويستبعد ما كان مناقضا لدعواه هو أن تكون هذه الدفاتر منتظمة ومؤيده بالمستندات الدالة على صحة القيود الواردة فيها وأمانتها". (نقض مدني في الطعن رقم 5426 لسنة 65 قضائية – جلسة 28/10/1996).
كما قضت محكمة النقض بأن: "مفاد نص المادة 17/2 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أنه متى كانت دفاتر التاجر منتظمة فإنه لا يجوز لمن يريد أن يستخلص منها دليلا لنفسه أن يجزئ ما ورد فيها وأن يستبعد ما كان منه مناقضا لدعواه. وإذا كان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد احتكم إلى الدفاتر التجارية للجمعية المطعون ضدها بشأن إثبات دخول المستندات موضوع الدعوى بالحساب الجاري وتسوية قيمتها فيه، فإنه لا يجوز له - طالما لم يوجه أي مطعن لانتظام هذه الدفاتر أن يجزئ ما ورد بها فيأخذ منها ثبوت قيد هذه المستندات بدفتر الحساب ويطرح ما ثبت بأوراق القبض من أنه لم يسدد قيمتها وأن ذمته مازالت مشغولة بها". (نقض مدني في طعن رقم 346 لسنة 42 قضائية – جلسة 17/5/1976 مجموعة المكتب – السنة 27).