بحـــــث
عن لجان فض المنازعات
المنشأة بالقانون رقم 7 لسنة 2000
** أرادت الدولة إنشاء آلية جديدة في نظام التقاضي المصري بهدف تحقيق عدالة ناجزه تصل بها الحقوق إلى أصحابها دون الاضطرار إلى ولوج طريق التقاضي العادي وما يستلزمه في مراحله المختلفة من الأعباء المادية والمعنوية وما يصاحبه في أحيان كثيرة من إساءة استغلال ما وفرة القانون من أوجه الدفاع والدفوع واتخاذها سبيلا للكيد ووسيلة لإطالة أما الخصومات علي نحو يرهق القضاء ويلحق الظلم بالمتقاضين مادامت حقوقهم – نتيجة لتلك الإساءة – لا تصل إليهم الإ بعد فوات الأوان 0وفي سبيل تحقيق تلك الغاية اصدر المشرع القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيه ونشر بالجريدة الرسمية العدد 13 مكرر بتاريخ 4/4/2000 ونص فيه علي أن يعمل به اعتبارا من أول أكتوبر عام 2000 ، وكان إصدارة ثمره لتوجيهات السيد / رئيس الجمهورية الي الحكومة بتبسيط إجراءات التقاضي في المنازعات بين الجهاز الإداري للدولة وبين المواطنين سعيا لتحقيق عدالة ناجزه وتخفيفا عن كاهل المحاكم ، حيث أشار السيد الرئيس في خطابة في الاجتماع المشترك لمجلسي الشعب والشورى يوم 13/11/1999 الي هذا القانون بقوله " إنكم سوف تنظرون المشروع الخاص بإنشاء آلية جديدة لفض المنازعات بين المواطنين وجهات الإدارة ، وتلك فكرة طيبة توفر علي المواطنين الكثير من العناء وتساعد علي استقرار الأوضاع القانونية وتعزز التوجه نحو العدالة الناجزة التي تشغل بال ملايين المواطنين في وقت تتزايد فيه المنازعات بمعدلات هائلة " فكان الهدف اذن من إنشاء لجان فض المنازعات هو التيسير علي المواطنين والتخفيف من أعباءهم وتوفير جهودهم وأوقاتهم وأموالهم التي تضيع في التقاضي امام المحاكم وذلك بتسهيل سبل إنهاء المنازعات التي تنشأ بينهم وبين مختلف الجهات الحكومية عن طريق تلك اللجان ، خاصة ان الكثير من هذه المنازعات يمكن نظرها والفصل فيها في جلسة
" 2 "
واحدة أو جلستين علي الأكثر دون الحاجة الي اللجوء للمحاكم ، كذلك للتخفيف عن المحاكم من خلال العمل بأسلوب التسوية الودية بعيدا عن الخصومة القضائية 00 وهذه النظرة الثاقبة قد صدرت بلا شك عن فكر رشيد مستخلص من الواقع العملي 0
ونود ان، نشير إلى أن نظام لجان التوفيق لا ينال من حق التقاضي كحق دستوري ، فقد قضت المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر بجلسة 6/6/1998 في القضية رقم 145 لسنة 19 ق دستورية بأن نشاط لجان التوفيق لا يمثل مساسا بحق التقاضي في محتواه او مقاصده لان الالتجاء إلى التوفيق قد يغني عن الخصومة القضائية وإن كان لا يحول دونها ، ذلك ان اختصاص لجنة التوفيق لا يمس حق الخصوم في الالتجاء إلى قاضيهم الطبيعي لان اختصاص تلك اللجان لا يتضمن تعديلا لاختصاص جهات القضاء ولا ينحيها عن مباشرة وظائفها ( الجريدة الرسمية العدد 35 بتاريخ 18/6/1998 ) 0
** ولقد عرف التشريع المصري العديد من اللجان القضائية والإدارية منذ منتصف القرن العشرين تقريبا ، منها لجنة تسوية الديون العقارية المنصوص عليها بالقانون رقم 12 لسنة 1942 المعدل بالقانون رقم 143 لسنة 1944 ، ولجان تقدير التعويض عن الاستيلاء المنصوص عليها بالقانون رقم 95 لسنة 1945 بشأن التموين ، واللجنة القضائية للإصلاح الزراعي المنصوص عليها بالقانون رقم 178 لسنة 1952 ، لجان مصادرة أموال أسرة محمد علي المنصوص بالقانون رقم 598 لسنة 1953 ، لجان الفصل في معارضات نزع الملكية المنصوص عليه بالقانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة ، ولجان فرض مقابل التحسين علي العقارات التي يطرأ عليها تحسين المنصوص عليها بالقانون رقم 222 لسنة 1955 ، ولجان التقييم المنصوص عليها بالقانونين رقمي 117 ، 118 لسنة 1961 ، ولجان تقدير القيمة الايجارية المنصوص عليها بالقانون رقم 46 لسنة 1962 المعدل بالقانون رقم 133 لسنة 1962 0
" 3 "
** وقد توالت التشريعات بإنشاء العديد من اللجان لفض المنازعات ونظر التظلمات وإجراء التصالحات ، وكان لهذه اللجان دور ملموس في إنهاء الكثير من المنازعات دون طرحها علي المحاكم 0
** ومما هو جدير الذكر ان العديد من الدول قد سبقتنا في الأخذ بنظام لجان التوفيق لما فيه من فائدة للمتقاضين والقضاة ، فأخذ به النظام الأمريكي في قانون إصلاح العدالة عام 1990 ، كما توسع التشريع الفرنسي في عام 1995 في نظام التوفيق والوساطة ، وهو مطبق أيضا في بعض الدول الأوربية وفي النرويج والهند ودولة الإمارات وغيرها 0 وهذا النظام يستلهم مبادئه من قواعد " حقوق الإنسان "وما يتفرغ عنها من ضمان حق الدفاع باعتبار ان تحقيق العدالة الناجزة – التي تصل بها الحقوق إلى أصحابها في سهولة ويسر – هي محور تركيز الدول إعلاء لقيمة العدالة التوفيقية بمردودها الاقتصادي الذي يتمثل في سرعة إنهاء المنازعات طواعية 0
** والآن نستعرض أهم ما تضمنه القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن لجان التوفيق في بعض المنازعات من حيث تشكيل اللجان واختصاصها ومدي سلطتها في نظر الطلب وإصدار التوصية 0
** أولا : تشكيل لجان فض المنازعات :
** تنص المادة الثانية من القانون علي ان " تشكل اللجنة بقرار من وزير العدل برئاسة أحد رجال القضاء أو أعضاء الهيئات القضائية السابقين من درجة مستشار علي الأقل ممن لا يشغلون وظيفة أو يمارسون مهنه ، ومن ممثل للجهة الإدارية بدرجة مدير عام علي الأقل أو ما يعادلها تختاره السلطة المختصة وينضم إلى عضوية اللجنة الطرف الأخر في النزاع أو من ينوب عنه 00000000000 "
" 4 "
ووفقا لهذا النص فانه لجنة فض المنازعات تشكل بقرار من وزير العدل من أحد المستشارين رئيسا وعضوية ممثل الجهة الإدارية والطرف الأخر فى النزاع وذلك على النحو التالي :
أ) رئيس اللجنة : وهو بدرجة مستشار على الأقل من رجال القضاء او أعضاء الهيئات القضائية السابقين ممن لا يشغلون وظيفة او يمارسون مهنه ، ويتم اختياره من الجداول المعدة لهذا الغرض بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية 0 ويجوز عند الضرورة ان تكون رئاسة اللجنة لاحد رجال القضاء او أعضاء الهيئات القضائية الحاليين من درجة مستشار على الأقل 0
ب) ممثل الجهة الإدارية : وهو عضو في اللجنة تختاره السلطة المختصة في الجهة المشكلة فيها اللجنة ولاتقل درجته عن مدير عام أو ما يعادلها ، وهو يشترك فى المداولات 0
ج) الطرف الأخر في النزاع : وهو ينضم إلى عضوية اللجنة سواء بشخصه او بمن ينوب عنه بموجب توكيل رسمي ، وهو أيضا يشترك في المداولات 0
د) الأمانة الفنية للجنة : وهى تتألف من عدد كاف من العاملين بالمحاكم والنيابات والهيئات القضائية الأخرى سواء الحاليين او السابقين وتباشر إمساك الجداول ودفاتر القيد وأمانة سر جلسات اللجان 0
** ووفقا لحكم المادة الثامنة من القانون لايكون انعقاد اللجنة صحيحا ألا بحضور جميع أعضائها والاكان انعقادها باطلا 0 وتصدر اللجنة توصيتها بأغلبية أراء أعضائها ، فإذا تساوت الأصوات رجح الجانب الذي منه الرئيس 0 وتكون مداولاتها سرية للوصول إلى التوصية التي تنال رضا طرفي النزاع 0
" 5 "
ثانيا : - اختصاص لجان فض المنازعات 0
- تنص المادة الأولى من القانون على أن ينشا في كل وزارة او محافظة او هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة او اكثر للتوفيق فى المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشا بين هذه الجهات وبين العاملين بها او بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة 0 ومفاد ذلك ان المشرع اسبغ على اللجان ولاية التوفيق فى المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التى تثور بين :
أ - الأشخاص الاعتبارية العامة وبين العاملين بها 0
ب – الأشخاص الاعتبارية العامة وبين الأفراد 0
ج – الأشخاص الاعتبارية العامة وبين الأشخاص الاعتبارية الخاصة 0
- وقد حددت كل من المادتين الرابعة والحادية عشر اختصاص اللجان ، فنصت الأولى على انه " عدا المنازعات التي تكون وزارة الدفاع والإنتاج الحربي أو اى من أجهزتها طرفا فيها وكذلك المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية العقارية وتلك التي تفردها القوانين بأنظمة خاصة او توجب فضها او تسويتها او نظر المتظلمات المتعلقة بها عن طريق لجان قضائية او إدارية او يتفق على فضها عن طريق هيئات التحكيم تتولى اللجان 00 التوفيق بين أطراف المنازعات 00 " ونصت الثانية على انه " عدا المسائل التي يختص بها القضاء المستعجل ومنازعات التنفيذ والطلبات الخاصة بالأوامر على عرائض والطلبات الخاصة بأوامر الأداء وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ ، لاتقبل الدعوى التي ترفع ابتداء إلي المحاكم بشان المنازعات الخاضعة لاحكام هذا القانون الأبعد تقديم طلب التوفيق
" 6 "
- إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية او الميعاد المقرر لعرضها دون قبول 00 "
** وعلى ذلك فان اللجوء الى لجان فض المنازعات يكون وجوبيا كأصل عام يرد عليه الاستثناءات الواردة بالمادتين سالفتي الذكر ، فلا يستطيع صاحب الشأن ان يقيم دعواه امام المحاكم المختصة الابعد تقديم طلب التوفيق الى اللجنة المختصة ، وإلا كانت دعواه غير مقبولة 0
أما استثناءات المشار إليها فهى تنتظم طائفتان من المنازعات تخرج عن اختصاص لجان التوفيق وهما :
الطائفة الأولى : تتعلق بأشخاص المنازعة وتشمل :
1- المنازعات التى تنشا بين الأشخاص الاعتبارية العامة وبين أشخاص القانون الدولى العام وذلك نظرا لطبيعتها الدولية ولان معظمها يتم تسويته عن طريق التحكيم الدولى 0
2- المنازعات التى تنشا بين الأشخاص الاعتبارية العامة بعضها البعض وذلك انطلاقا من ان المادة 66 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 قد عهدت الى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع نظر هذه المنازعات وإبداء الرأي فيها وجعلت هذا الرأي ملزما للجانبين المتنازعين
3- المنازعات التى تكون وزارة الدفاع والإنتاج الحربي او أي من أجهزتها طرفا فيها سواء كان النزاع يدخل فى اختصاص جهة القضاء العادي او الإداري او كان يدخل فى اختصاص اللجان القضائية بالقوات المسلحة وذلك صونا لسرية البيانات الخاصة بها والتي تتعلق دائما بالأمن القومي 0
" 7 "
- والطائفة الثانية تتعلق بموضوع المنازعة وتشمل :
1 ) المنازعات غير المدنية والتجارية والإدارية ومنها :
أ) أعمال السيادة وهى التي تصدر عن الحكومة باعتبارها سلطة حكم لتنظيم علاقتها بالسلطات الأخرى داخلية كانت او خارجية
ب)المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح وهى التى تتولاها المحكمة الدستورية العليا بموجب قانونها رقم 48 لسنة 1979 0
ج)المنازعات المتعلقة بغرض الحراسة وغيرها من المنازعات التى تختص بها محكمة القيم وفقا لقانون حماية القيم من العيب رقم 95 لسنة 1980 حيث افرد القانون هذا الاختصاص لمحكمة القيم دون غيرها
د) الجرائم المنصوص عليها فى قانون العقوبات حتى لو كانت من الجرائم المالية مثل جرائم النقد والتهرب الضريبى والجمركى ومايتبعها من المطالبة بالتعويضات التى تختص بها المحاكم الجنائية وحدها 0
هـ ) الدعاوى المتعلقة بالاحوال الشخصية من زواج وطلاق وحضانه ونفقه وغيرها وكذلك المتعلقة بأصل الوقف باعتبار ان تدخل النيابة العامة فيها وجوبيا ومن المعروف ان النيابة العامة لاتدخل فى تشكيل اللجان 0
و) منازعات شهر الإفلاس والصلح الواقي لوجوب تدخل النيابة العامة فيها ولانه يغلب عليها طابع الإجراءات 0
ز) الدعاوى التأديبية حيث لاتملك اللجان السلطات المحولة للمحكمة التأديبية التي روعي فيها سير المرفق العام 0
" 8 "
س - دعاوى الجنسية والطعون الخاصة بانتخابات المجالس المحلية حيث ينفرد مجلس الدولة بنظرها وفقا لحكم المادة العاشرة من القانون 47 لسنة 19720
2- المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية العقارية ومنها المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية الأصلية كتثبيت الملكية والاستحقاق والشفعه والقسمة والارتفاق والسكنى والانتفاع والاستعمال والحكر 0
وكذلك المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية التبعية كالرهن والاختصاص والامتياز ، وأيضا منازعات الحيازة 0 وعلة خروج هذه المنازعات عن اختصاص اللجان أنها تتطلب في الغالب خبره فنية تستغرق وقتا طويلا فضلا عن أن أغلبها يشترط القانون لقبوله إجراء تغيير في بيانات السجل العيني أو شهر التصرفات مسبقا 0
3) المنازعات التي تفردها القوانين بأنظمة خاصة ، وهي تشمل نوعين من المنازعات – أ) المنازعات التي تنظمها قوانين خاصة بطبيعتها ومنها قانون المحكمة الدستورية العليا رقم " 48 " لسنة 1979 وقانون السلطة القضائية رقم " 46 " لسنة 1972 وقانون مجلس الدولة رقم " 47 " لسنة 1972 وقانون هيئة قضايا الدولة رقم " 75 " لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم " 10 " لسنة 1986 وقانون هيئة النيابة الإدارية رقم " 117 " لسنة 1958 المعدل بالقانون رقم " 12 " لسنة 1989 وذلك فيما يتعلق بتعين أعضاء هذه الهيئات القضائية وترقيتهم وندبهم وإعارتهم ومرتباتهم ومعاشتهم وحقوقهم وواجباتهم وقانون مجلس الشعب رقم " 38 " لسنة 1972 وقانون مجلس الشورى رقم " 120 " لسنة 1980 فيما نص علية كل منهما بشان الترشيح للعضوية بالمجلس وحقوق وواجبات وضمانات الأعضاء ، وقانون تنظيم الجامعات رقم " 4 " لسنة 1972 فيما تضمنه من تعيين أعضاء هيئة التدريس وحقوقهم وواجباتهم ، وغير ذلك من القوانين الخاصة 0
" 9 "
ب ) المنازعات التي تنظمها نصوص خاصة في القوانين مثل المعارضة في أوامر تقدير الرسوم القضائية التي ينظمها القانون رقم " 90 " لسنة 1944 ، والتظلم من أوامر تقدير المصروفات القضائية التي ينظمها قانون المرافعات في المادة " 190 " وما بعدها ، والتظلم من أوامر تقدير أتعاب الخبراء التي ينظمها قانون الإثبات في المادة " 159 " وما بعدها ، وطلبات تصحيح الإحكام وتفسيرها ورد القضاه ومخاصمتهم وغير ذلك مما يقتضي إجراءات خاصة تضمنتها نصوص القوانين المختلفة 0
4) المنازعات التي تدخل في اختصاص اللجان القضائية أو الإدارية أو هيئات التحكيم وعلة خروج هذه المنازعات من اختصاص اللجان هو منع الازدواج في الاختصاص ، وهي تشمل أ ) المنازعات التي تختص بها اللجان القضائية ومن أمثلتها : إجراء التغيير في بيانات السجل العيني الذي تختص به اللجنة القضائية المشكلة بالقانون رقم " 142 " لسنة 1964 بنظام السجل العيني ، ومنازعات إنهاء الاحكار علي الأعيان الموقوفة التي تختص بها اللجنة القضائية المشكلة بالقانون رقم " 43 " لسنة 1982 ومنازعات الإصلاح الزراعي التي تختص بها اللجنة القضائية المشكلة بالقانون رقم " 78 " لسنة 1952 المعدل بالقانونين رقمي 131 لسنة 1953 و 225 لسنة 1953 0
ب ) المنازعات التي تختص بها اللجان الإدارية ومن أمثلتها : المنازعات المتعلقة بالضرائب والتي تختص بها لجان الطعن المنصوص عليها بالقانون رقم " 91 " لسنة 2005 بشأن الضريبة علي الدخل ومنازعات التعويضات التي تختص بها اللجنة الإدارية المنصوص عليها في قانون الري والصرف رقم " 12 " لسنة 1984 ، والمنازعات الناشئة عن تطبيق قانون التأمين الاجتماعي والتي تختص بها اللجنة الإدارية المنصوص عليها في القانون رقم " 79 " لسنة 1975 ، ومنازعات تقدير قيمة العقار الداخل في منطقة التحسين والتي تختص بها اللجنة الإدارية المنصوص عليها في القانون رقم " 222 " لسنة 1955 ، وطلبات تصحيح قيود الأحوال المدنية
" 10 "
التي تختص بها اللجنة الإدارية المشكلة بالقانون رقم " 143 " لسنة 1994 " ، ومنازعات تحديد أجرة الأماكن التي تختص بها اللجان الإداريـة المنصـوص عليها في القانون رقم " 136 " لسنة 1981 " ، ومنازعات المنشآت الآيلة للسقوط ومنازعات الترميم والصيانة التي تختص بها اللجنة الإدارية المشكلة بالقانون رقم " 49 " لسنة 1977 0
ج ) المنازعات التي تختص بها هيئات التحكيم : وهي المنازعات المدنية والتجارية التي تنشأ بين أشخاص القانون العام أو القانون الخاص والتي يتفق علي اللجوء للتحكيم بشأنها ووفقا للقواعد والإجراءات التي نص عليها القانون رقم " 27 " لسنة 1994 والذي أمتد سريان أحكامه الي منازعات العقود الإدارية بموجب القانون ن رقم " 9 " لسنة 1977 0 وقد أقرت المحكمة الدستورية العليا مبدأ الاتفاق علي التحكيم 0
5 ) منازعات التنفيذ : حيث نصت المادة " 275 " من قانون المرافعات علي اختصاص قاضي التنفيذ دون غيره بالفصل في جميع منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتيه أيا كانت قيمتها ، وبذلك فقد افرد المشرع هذا الاختصاص لقاضي التنفيذ وحده ، ومن ثم تخرج هذه المنازعات عن اختصاص لجان التوفيق 0
6) المنازعات المستعجلة : وهي المنازعات الوقتية التي يخشي عليها من فوات الوقت والتي يختص بها قاضي الأمور المستعجلة - وفقا لنص المادة " 45 " مرافعات – بتوافر شرطين هما الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق ، وبذلك لا تختص لجان التوفيق بنظر هذه المنازعات 0
7) الأوامر علي عرائض : وهي قرارات يصدرها قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة بناء علي طلبات يقدمها له ذوو الشأن عملا بحكم المادة " 194 " مرافعات ، وهي بهذا الوصف تخرج عن اختصاص اللجان 0
" 11 "
أوامر الأداء : وهو طريق وجوبي يلجأ إليه الدائن متي كان حقه ثابتا بالكتابة وحال الأداء وكان كل ما يطالب به دينا من النقود معين المقدار أو منقولا معنيا بنوعه ومقداره وذلك وفقا لحكم المادة " 201 " من قانون المرافعات ومن ثم تخرج عن اختصاص لجان التوفيق 0
9) طلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ : حيث ينعقد الاختصاص بنظر هذه الطلبات لمحاكم مجلس الدولة وحدها عملا بحكم المادة " 49 " من قانون مجلس الدولة ، وبالتالي ينحصر عنها اختصاص لجان التوفيق 0
ثالثا : سلطات لجان التوفيق
** تنص الفقرة الثانية من المادة السابعة من القانون علي أن " تنظر اللجنة طلب التوفيق دون تقيد بالإجراءات والمواعيد المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية الا ما تعلق منها بالضمانات والمباديْ الأساسية للتقاضي " ومفاد ذلك أن سلطات لجان التوفيق محددة بأمرين هما :
الأول : عدم التقيد بإجراءات ومواعيد قانون المرافعات ، فقد أراد المشرع أن يخرج نظـام التـوفيق مـن التقـيد بقواعـد وإجراءات قانـون المرافـعات وذلـك للتخفـيف مـن حـدة هذه القـيود وتبسيط وتسهيـل عمـل اللجـان وتحقيـق السرعـة الواجبة بإصدار التوصيـة بمـا لا يخل فـي ذات الوقـت بالضمانـات والمبادئ الأساسية للتقاضي 0 وقـد أجاز القانـون للجنـة الاستعانـة بمن تـراه من أهل الخبره ، ولها تكليف أي مـن طرفـي النزاع بتقديـم ما لديه من مستندات وإيضاحات الا انه ليس لرئيس اللجنة الأمر بإلزام شاهد بالحضور او توقيع غرامه على من لم يحضر 0
" 12 "
** كذلك لا يقبل التدخل أمام اللجنة او إدخال خصم جديد فى النزاع ، كما ان اللجنة لا تتقيد بالمواعيد المنصوص عليها فى قانون المرافعات كمواعيد التكليف بالحضور وغيرها ، وانما هى مقيدة بمواعيد تقادم وسقوط الحق الموضوعي محل النزاع وسقوط الحق فى المطالبة به 0
والثاني : التقيد بالضمانات والمبادئ الأساسية للتقاضى ، فيتعين على اللجنة مراعاة الأصول والمبادئ العامة لإجراءات التقاضي ، ومنها ضرورة تقديم طلب التوفيق من صاحب الشأن ، وان تكون له مصلح قانونية أى فائدة عملية تعود عليه من تقديم الطلب مع مراعاة ان تظل هذه المصلحة قائمة من وقت تقديم الطلب وحتى صدور التوصية ، وكذلك مراعاة مبدأ المواجهة اى مواجهة الخصوم بعضهم بعضنا بادعاءاتهم ودفاعهم ، والحرص على كفالة حق الدفاع باعتباره احد حقوق الإنسان التي تنص عليها الدساتير والمواثيق الدولية والاقيلمية وهو ضمانه أساسية للمتقاضين ، مع ملاحظة ان القانون لا يشترط حضور محام عن الخصم لابداء دفاعه امام اللجنة ، فيجوز للخصم الحضور بشخصه او بوكيل عنه بتوكيل رسمى ، ومن المبادئ الأساسية أيضا علانية الجلسات ولكن لا يشترط صدور التوصية فى جلسة علنية لأنها ليست حكما بالمعنى الضيق 0
رابعا : إصدار التوصية :-
** تنص المادة التاسعة من القانون على ان " تصدر اللجنة توصيتها فى المنازعة مع إشارة موجزه لاسبابها تثبت بمحضرها وذلك فى ميعاد لا يجاوز ستين يوما من تاريخ تقديم طلب التوفيق إليها ، وتعرض التوصية – خلال سبعة ايام من تاريخ صدورها – على السلطة المختصة والطرف الأخر فى النزاع ، فإذا اعتمدتها السلطة المختصة وقبلها الطرف الاخر خلال الخمسة عشر يوما التالية لحصول العرض قررت اللجنة إثبات ما تم الاتفاق عليه فى محضر يوقع من الطرفين ويلحق بمحضرها وتكون له قوة السند التنفيذى ويبلغ الى السلطة المختصة لتنفيذه " 0
" 13 "
** ووفقا لحكم هذا النص فان ما تصدره اللجنة هو مجرد توصيه وليس قرارا مسبيا فى النزاع ، وذلك ان مهمة اللجنة هى التقريب بين وجهات النظر المتعارضة بقصد الوصول الى تسوية ودية للحقوق المتنازع عليها تأخذ شكل التوصية التى لا تحوز قوة الأمر المقضي الا بقبول الأطراف لها ، ويتعين ان تصدر التوصية خلال ستين يوما من تاريخ تقديم طلب التوفيق بحيث إذا لم تصدر التوصية فى هذا الميعاد يجوز لصاحب الشأن اللجوء الى المحكمة المختصة ، ويجب على اللجنة عند إصدار توصيتها ان تبين بإيجار الادله الواقعية والحجج القانونية التى استندت إليها ، ولا يترتب البطلان على عدم تسبيب التوصية لان اتفاق طرفى النزاع على التوصية مرهون بقبولهما لها ، حيث تقوم اللجنة بعرض التوصية على الطرفين خلال سبعة أيام من تاريخ صدورها وتتلقى ما ينتهى إليه الطرفان من قبول او رفض لها ، فإذا اعتمدت السلطة المختصة التوصية وقبلها الطرف الأخر كتابة يتم إثبات ما تم الاتفاق عليه فى محضر يوقع من أعضاء اللجنة ويلحق بمحضر الجلسة وتكون له قوة السند التنفيذى حيث يذيل بالصيغة التنفيذية وينفذ جبرا ، وفى هذه الحالة لا يقبل من طرفى النزاع اللجوه الى القضاء وطرح ذات الموضوع الذى تم حسمه اتفاقا 0
** ومما هو جدير بالذكر ان التوصية فى حد ذاتها غير ملزمة لجهة الإدارة ، لان مؤدى الإلزام حرمان جهة الإدارة وحدها من حق اللجوه الى قاضيها الطبيعي وهو حق دستوري أصيل0
" 14 "
" خاتمـــــــه "
لا يفوتنا ان نشير الى انه قد أثيرت بعض الملاحظات حول لجان التوفيق كان أهمها ما أشار إليه البعض من انه بتاريخ 19/6/2001 – اى فى بداية العمل بهذا النظام – اصدر وزيرا المالية والدولة للتنمية الإدارية السابق الكتاب الدورى رقم 5 لسنة 2001 بشأن القواعد الحاكمة لتنفيذ توصيات لجان التوفيق تضمن التوجيه بعدم تنفيذ توصيات اللجان اذا ترتب عليها عبء مالى ملزم للحكومة ، وقد عاب هؤلاء على هذا الكتاب الدورى انه يفرغ نظام لجان التوفيق من مضمونه حيث يعطل تنفيذ معظم التوصيات التى تصدر لصالح المواطنين بإلزام الجهات الإدارية بأعباء مالية ، ورأى البعض الأخر انه يمكن معالجة هذا الأمر بصدور توجيه حاسم من السيد رئيس الوزراء الى كافة اجهزة الدولة بضرورة الالتزام بتنفيذ التوصيات التى تصدر عن اللجان الا اذا طرحت على هيئة قضايا الدولة – باعتبارها النائب القانوني عن الدولة بكافة سلطاتها واجهزتها – ورأت رفض اتوصية لاسباب مقبوله من حيث القانون 0
** وقد أصدرت محكمة القضاء الإداري حكما بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تنفيذ قرار صادر من لجنة فض المنازعات بوزارة التعليم العالي بأحقية ( المدعى ) فى صرف فرق قيمة العلاوة الخاصة خلال فترة ندبه للعمل بالخارج بحجة صدور منشور من وزير الدولة للتنمية الإدارية بعدم تنفيذ توصيات لجان التوفيق فى المنازعات ولو اعتمدت من السلطة المختصة اذا ترتب عليها أعباء مالية ، وقررت المحكمة فى أسباب حكمها ان المنشور المذكور ينطوى على افتئات من السلطة التنفيذية على اختصاص السلطة التشريعية بغير الاداه المقرره دستوريا ، كما انه يعد اعتداء على ما تم الاتفاق عليه بين أطراف النزاع فى ضوء ما لتوصيات اللجان من حجية واجب إجراء مقتضاها ( الدعوى رقم 254 لسنة 56 ق جلسة 29/4/2002 ) 0
" 15 "
** وأيا كان الأمر فان تجربه لجان التوفيق هي تجربه رائدة اثبت الواقع العملي جدواها حيث كشف تقرير تقييم عمل اللجان عن زيادة اقبال المواطنين على عرض منازعاتهم عليها ، وبلغت نسبة الفصل فى المنازعات التى طرحت على اللجان خلال العام الأول من عملها حوالي 79% و تم حسم كثير من المنازعات بطريق التوفيق 0
** و نري – في سبيل تفعيل دور لجان التوفيق – أن يتدخل المشرع بتعديل القانون بحث يتضمن :
1. أن يكون اختصاص تلك اللجان شاملا كافة المنازعات سواء التي تنشأ بين الأجهزة الإدارية و الأفراد أو بين الأفراد و بعضهم البعض 0
2. أن تكون أسباب التوصية وافية و ليست موجزة بحيث تكفي لاقناع الخصم بعدالة التوصية حتى لو كانت في غير مصلحته و تنزل من نفوس المتقاضين منزلة الاحترام الواجب للأحكام القضائية 0
3. أن تكون توصيات اللجان متي صدرت بالإجماع ملزمة للطرفين المتنازعين وواجبه التنفيذ شأنها شأن أحكام التحكيم ، أو أن تعتبر التوصية بمثابة حكم ابتدائي يحق للطرف الصادرة ضده الطعن عليها أمام محكمة الطعن المختصة ولائيا و نوعيا و قيميا بحيث اذا لم يطعن عليها خلال المدة القانونية المقررة للطعن تعتبر حكما حائزا لحجية الشيء المحكوم فيه 0 و لا ينال من سلامة هذا النظر ما ذهب اليه البعض من أن توصيات اللجان لا تعتبر أحكاما لأنها لا تصدر من القاضي الطبيعي و يعتبر تشكيل اللجان استثنائيا و ذلك لان تعديل القانون علي هذا النحو يجعل لهذه اللجان كيانا قانونيا يتفق أحكام الدستور 0
" 16 "
4. في حالة إبقاء الوضع علي ما هو عليه الآن نقترح في حالة اللجوء الي القضاء – بعد رفض تنفيذ التوصية و صدور الحكم بما انتهت إليه التوصية – أن يحكم بإلزام الخصم الصادرة ضده التوصية بغرامة مالية و لتكن ضعف المصاريف القضائية حتى نقضي علي إساءة استعمال الحق في قبول التوصية و نضع أطراف الخصومة التوفيقية أمام ضرورة حسن تقرير التوصية و تحمل عواقب إساءة استعمال الحق في رفضها 0
** و نري أخيرا – في حالة توافر عدد من رجال القضاء و أعضاء الهيئات القضائية الذين يحالون للتقاعد – زيادة عدد لجان التوفيق خاصة في المحافظات حتى لا يضطر المتقاضون الي تحمل مشقة السفر و الانتقال الي مقار اللجان الموجودة بعيدا عن المحافظات التي يقيمون بها 0
و الله ولي التوفيق ،،
إعداد
المستشار
( مجدي أمين جرجس )
نائب رئيس الهيئة
عضو المجلس الأعلى