منتدي الاستاذ شعبان النجدي المحامى لنشر الثقافة والوعي القانوني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدي الاستاذ شعبان النجدي المحامى لنشر الثقافة والوعي القانوني

تنمية الثقافة القانونية
 
الرئيسيةمنتدى شعبان النأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  المعاني الإيمانية من حديث الدين النصيحة إعداد وترتيب شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 372
تاريخ التسجيل : 16/10/2008
العمر : 52
الموقع : https://elngdy.yoo7.com/

    المعاني الإيمانية  من حديث الدين النصيحة  إعداد وترتيب شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية Empty
مُساهمةموضوع: المعاني الإيمانية من حديث الدين النصيحة إعداد وترتيب شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية       المعاني الإيمانية  من حديث الدين النصيحة  إعداد وترتيب شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية Emptyالخميس ديسمبر 04, 2014 3:21 am


إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70، 71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله , وأحسن الهدي هدي محمد, وشر الأمور محدثاتها وكل محدثةٍ بدعة, وكل بدعةٍ ضلالة وكل ضلالةٍ في النار.
للنصيحة شأن عظيم في حياة الفرد والأمة على حد سواء , فهي أساس بناء الأمة , وهي السياج الواقي بإذن الله من الفرقة والتنازع والتحريش بين المسلمين ، هذا التحريش الذي رضيه الشيطان بعد أن يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ,كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه مسلم : ( إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب , ولكن في التحريش بينهم ) . لقد رضي بالتحريش لأنه بداية طبيعية للعداء والتفرق والتنازع , المؤدي إلى الاقتتال وذهاب الريح .
وأعظم حديث جامع يبين مفهوم النصيحة الشرعية وحدودها , الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن تميم الدَّاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الدين النصيحة ثلاثا , قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامَّتهم ) .
فهذا الحديث له شأن عظيم , فهو ينص على أن عماد الدين وقوامه بالنصيحة , فبوجودها يبقى الدين قائما في الأمة , وبعدمها يدخل النقص على الأمة في جميع شؤون حياتها.
وقد كان منهج أنبياء الله ورسله مع أممهم مبنياً على النصح لهم والشفقة عليهم ،قال نوح عليه السلام مخاطبا قومه : { أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون } ( الأعراف 62ا ) . وقال صالح لقومه : {يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين} ( الأعراف 79ا ) ،وقال هود : { أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين } ( الأعراف 68ا ) .
والنصيحة كلمة يعبر بها عن إرادة الخير للمنصوح له , ولا يمكن أن يعبر عن هذا المعنى بكلمة واحدة تحصرها وتجمع معناها غير هذه الكلمة , وأنواعها خمسة وهي التي ذكرت في الحديث :
الأول : النصيحة لله : وتكون بالاعتراف بوحدانيته وتفرده بصفات الكمال ونعوت الجلال , والقيام بعبوديته ظاهراً وباطناً ، والإنابة إليه كل وقت ,مع التوبة والاستغفار الدائم , لأن العبد لا بد له من التقصير في شيء من الواجبات و التجرؤ على بعض المحرمات , وبالتوبة والاستغفار ينجبر النقص , ويُسَدُّ الخلل.
الثاني : النصيحة لكتاب الله وتكون بحفظه وتدبره ، وتعلم ألفاظه ومعانيه , والاجتهاد في العمل به في نفسه وتعليمه غيره .
الثالث : النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم : وتكون بالإيمان به ومحبته ، وتقديمه على النفس والمال والولد ، واتباعه في أصول الدين وفروعه ، وتقديم قوله على قول كل أحد , والاهتداء بهديه ، والنصر لدينه وسنته .
الرابع : النصيحة لأئمة المسلمين وهم الولاة , من الإمام الأعظم إلى الأمراء والقضاة وجميع من لهم ولاية عامة أو خاصة , وتكون هذه النصيحة باعتقاد ولايتهم , والسمع والطاعة لهم ، وحث الناس على ذلك ، وبذل ما يستطاع في إرشادهم للقيام بواجبهم , وما ينفعهم وينفع الناس .
الخامس النصيحة لعامة المسلمين وتكون بمحبة الخير لهم كما يحب المرء لنفسه , وكراهية الشر لهم كما يكره لنفسه .
ولابد في النصيحة من ثلاثة أمور :
أولها : الإخلاص لله تعالى في النصيحة لأنه لب الأعمال , ولأن النصيحة من حق المؤمن على المؤمن , فوجب فيها التجرد عن الهوى والأغراض الشخصية والنوايا السيئة التي قد تحبط العمل , وتورث الشحناء وفساد ذات البين .
وثانيها : الرفق في النصح ,وإذا خلت النصيحة من الرفق صارت تعنيفا وتوبيخا لا يقبل ، ومن حرم الرفق فقد حرم الخير كله كما أخبر بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام .
وثالثها : الحِلْم بعد النصح , لأن الناصح قد يواجه من يتجرأ عليه أو يرد نصيحته , فعليه أن يتحلى بالحلم , ومن مقتضيات الحلم : الستر والحياء وعدم البذاءة , وترك الفحش .
وإن من الحكمة والبصيرة في النصيحة معرفة أقدار الناس , وإنزالهم منازلهم ، والترفق مع أهل الفضل والسابقة , وتخير وقت النصح المناسب , وتخير أسلوب النصح المتزن البعيد عن الانفعالات , وانتقاء الكلم الطيب والوجه البشوش والصدر الرحب ، فهو أوقع في النفس وأدعى للقبول وأعظم للأجر عند الله .
فهذه هي حدود النصيحة الشرعية , وخلاف ذلك هو الإرجاف والتعيير والغش الذي هو من علامات النفاق عياذا بالله , قال على رضي الله عنه : " المؤمنون نصحة والمنافقون غششة " ، وقال غيره : " المؤمن يستر وينصح والفاجر يهتك ويعير" .
فالنبي صلى الله عليه وسلم فسر النصيحة بهذه الأمور الخمسة , التي تشمل القيام بحقوق الله ، وحقوق كتابه ، وحقوق رسوله ، وحقوق جميع المسلمين على اختلاف أحوالهم وطبقاتهم , فشمل ذلك الدين كله ، ولم يبق منه شيء إلا دخل في هذا الكلام الجامع المحيط , فكان لزاما على المسلمين أخذ النصيحة خلقا بينهم , فهي القاطعة لفساد ذات البين والتحريش , والموصلة لمعاني الأخوة والمحبة في الله , وهي العامل الأهم في تماسك الجماعة والأمة , والله الموفق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elngdy.yoo7.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 372
تاريخ التسجيل : 16/10/2008
العمر : 52
الموقع : https://elngdy.yoo7.com/

    المعاني الإيمانية  من حديث الدين النصيحة  إعداد وترتيب شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية Empty
مُساهمةموضوع: رد: المعاني الإيمانية من حديث الدين النصيحة إعداد وترتيب شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية       المعاني الإيمانية  من حديث الدين النصيحة  إعداد وترتيب شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية Emptyالخميس ديسمبر 04, 2014 3:22 am

الفصل الأول
متن الحديث ومفرداته وراويه

المبحث الأول
متن الحديث ومفرداته

عن أَبي رُقَيَّةَ تَمِيم بن أوس الداريِّ - رضي الله عنه - : أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( الدِّينُ النَّصِيحةُ )) قلنا : لِمَنْ ؟ قَالَ : (( لِلهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ((2)) )) رواه مسلم .
المفردات :*
الدين : دين الإسلام .
النصيحة : تصفية النفس من الغش للمنصوح له .
قلنا : معشر السامعين .
لله : بالإيمان به ونفي الشريك عنه ، وترك الإلحاد في صفاته ، ووصفه بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله ، وتنزيهه عن جميع النقائص. والرغبة في محابه بفعل طاعته ، الرهبة من مساخطه بترك معصيته ، والاجتهاد في رد العصاة إليه .
ولكتابه : بالإيمان ، بأنه كلامه وتنزيله ، وتلاوته حق تلاوته وتعظيمه ، والعمل بما فيه والدعاء إليه . ولرسوله : بتصديق رسالته ، والإيمان بجميع ما جاء به وطاعته ، وإحياء سنته بتعلمها وتعليمها ، والإقتداء به في أقوله وأفعاله ، ومحبته ومحبة أتباعه .
ولأئمة المسلمين : الولاة بإعانتهم على ما حملوا القيام به وطاعتهم وجمع الكلمة عليهم ، وأمرهم بالحق ورد القلوب النافرة إليهم ، وتبليغهم حاجات المسلمين ، والجهاد معهم والصلاة خلفهم ، وأداء الزكاة إليهم وترك الخروج عنهم بالسيف إذا ظهر منهم حيف ، والدعاء لهم بالصلاح . وأما أئمة العلم فالنصيحة لهم بث علومهم ونشر مناقبهم ، وتحسين الظن بهم .
وعامتهم : بالشفقة عليهم ، وإرشادهم إلى مصالحهم ، والسعي فيما يعود نفعه عليهم ، وكف الأذى عنهم ، وأن بحب لهم ما يحب لنفسه ،و يكره لهم ما يكره لنفسه .
يستفاد منه :
1-الأمر بالنصيحة .
2-أنها تسمى دينا وإسلاما .
3-أن الدين يقع على العمل كما يقع على القول .
4-أن للعالم أن يكل فهم ما يلقيه إلى السامع ،ولا يزيد له في البيان حتى يسأله السامع لتشوق نفسه حينئذ إليه ، فيكون أوقع في نفسه مما إذا هجمه به من أول وهلة .


- (الدين النصيحة) أي عماده وقوامه النصيحة على وزان الحج عرفة فبولغ في النصيحة حتى جعل الدين كله إياها وبقية الحديث كما في صحيح مسلم قالوا: لمن يا رسول اللّه قال: للّه وكتابه ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم قال بعضهم: هذا الحديث ربع الإسلام أي أحد أحاديث أربعة يدور عليها وقال النووي: بل المدار عليه وحده ولما نظر السلف إلى ذلك جعلوا النصيحة أعظم وصاياهم قال بعض العارفين: أوصيك بالنصح نصح الكلب لأهله فإنهم يجيعونه ويطردونه ويأبى إلا أن يحوطهم ويحفظهم وظاهر الخبر وجوب النصح وإن علم أنه لا يفيد في المنصوح ومن قبل النصيحة أمن الفضيحة ومن أبى فلا يلومن إلا نفسه














المبحث الثاني
راويه

التعريف بالراوى
أبو رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه.
ذكر ترجمته من كتاب لإصابة في تمييز الصحابة - ابن حجر
تميم بن أوس بن حارثة وقيل خارجة بن سود وقيل سواد بن جذيمة بن ذراع بن عدي بن الدار أبو رقية الداري مشهور في الصحابة كان نصرانيا وقدم المدينة فأسلم وذكر النبي ( قصة الجساسة والدجال فحدث النبي ( عنه بذلك على المنبر وعد ذلك من مناقبة ... قال بن السكن : أسلم سنة تسع هو وأخوه نعيم ولهما صحبة... وقال بن إسحاق : قدم المدينة وغزا مع النبي ( ...وقال أبو نعيم : كان راهب أهل فلسطين وعابد أهل فلسطين وهو أول من اسرج السراج في المسجد.. روى الطبراني من حديث أبي هريرة ؛ وأول من قص وذلك في عهد عمر رواه إسحاق بن راهويه وابن أبي شيبة... انتقل إلى الشام بعد قتل عثمان وسكن فلسطين وكان النبي ( أقطعه بها قرية عينون ... روى ذلك من طرق كثيرة.. وكان كثير التهجد ، قام ليلة بآية حتى أصبح، وهي( أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ( (الجاثية : 21 ) رواه البغوي في الجعديات بإسناد صحيح إلى مسروق قال : قال لي رجل من أهل مكة :هذا مقام أخيك تميم فذكره...
قال ابن حبان مات بالشام وقبره ببيت جبرين من بلاد فلسطين...

ذكر ترجمته من كتاب الاستيعاب في تمييز الأصحاب - ابن عبد البر
تميم الداري هو : تميم بن أوس بن خارجة بن سود بن جذيمة ابن دراع بن عدي بن الدار بن هانىء بن حبيب بن نمازه ابن لخم بن عدي ينسب إلى الدار وهو بطن من لخم يكنى أبا رقية بابنة له تسمى رقية لم يولد له غيرها .
كان نصرانياً وكان إسلامه في سنة تسع من الهجرة وكان يسكن المدينة ثم انتقل منها إلى الشام بعد مقتل عثمان رضي الله عنه .
روى عنه عبد الله بن موهب وسليم بن عامر وشرحبيل بن مسلم وقبيضة بن ذؤيب وعطاء بن يزيد الليثي .

وروى الشعبي عن فاطمة بن قيس أنها سمعت النبي ( يذكر الدجال في خطبته وقال فيها: حدثني تميم الداري... وذكر خبر الجساسة وقصة الدجال وهذا أولى مما يخرجه المحدثون في رواية الكبار عن الصغار .
أسد الغابة - ابن الأثير
تميم بن أوس بن خارجة بن سود بن خزيمة، وقيل: سواد بن خزيمة بن ذراع بن عدي بن الدار بن هانئ بن حبيب بن أنمار بن لخم بن عدي بن عمرو بن سبأ، كذا نسبه ابن منده وأبو نعيم، يكنى: أبا رقية بابنته رقية، لم يولد له غيرها، وقال أبو عمر: خارجة بن سواد، ولم ينقل غيره، وقال هشام بن محمد: تميم بن أوس بن جارية بن سود بن جذيمة بن ذراع بن عدي بن الدار بن هانئ بن حبيب بن نمارة بن لخم بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، فقد جعل بين سبأ وبين عمرو وعدة آباء، وغير فيها أسماء تراها.
حدث عن النبي ( حديث الجساسة، وهو حديث صحيح، وروى عنه أيضاً: عبد الله بن وهب، وسليمان بن عامر، وشرحبيل بن مسلم، وقبيصة بن ذؤيب، وكان أول من قص؛ استأذن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ذلك فأذن له، وهو أول من أسرج السراج في المسجد؛ قاله أبو نعيم، وأقام بفلسطين وأقطعه النبي ( بها قرية عينون وكتب له كتاباً، وهي إلى الآن قرية مشهورة عند البيت المقدس.
وقال أبو عمر: كان يسكن المدينة، ثم انتقل إلى الشام بعد قتل عثمان، وكان نصرانياً، فأسلم سنة تسع من لهجرة.
وكان كثير التهجد، قام ليلة حتى أصبح بآية من القرآن، فيركع، ويسجد، ويبكي وهي: ( أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ(

أخبرنا عبد الوهاب بن هبة الله بن عبد الوهاب بإسناده عن عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي، أخبرنا أبو المغيرة، حدثنا إسماعيل بن عياش، حدثنا شرحبيل بن مسلم الخولاني أن روح بن زنباع زار تميماً الداري، فوجده ينقي شعيراً لفرسه، وحوله أهله فقال له روح: أما كان في هؤلاء من يكفيك? قال: بلى، ولكني سمعت رسول الله ( يقول: "ما من امرئ مسلم ينقي لفرسه شعيراً، ثم يعلقه عليه إلا كتب الله به بكل حبة حسنة"، ورواه طاهر بن روح بن زنباع عن أبيه عن جده قال: "مررت بتميم، وهو ينقي شعيراً لفرسه، فقلت له... الحديث، وله أحاديث غير هذا، وكان له هيئة ولباس.أخرجه الثلاثة...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elngdy.yoo7.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 372
تاريخ التسجيل : 16/10/2008
العمر : 52
الموقع : https://elngdy.yoo7.com/

    المعاني الإيمانية  من حديث الدين النصيحة  إعداد وترتيب شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية Empty
مُساهمةموضوع: رد: المعاني الإيمانية من حديث الدين النصيحة إعداد وترتيب شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية       المعاني الإيمانية  من حديث الدين النصيحة  إعداد وترتيب شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية Emptyالخميس ديسمبر 04, 2014 3:24 am

الفصل الثاني
النصيحة
في اللغة والاصطلاح
النصيحة في اللغة: النصيحة مأخوذة من قولهم: نصح الخياط الثوب إذا أنعم خياطته، ولم يترك فيه فتقاً ولا خللاً (1)، وقيل: مأخوذ من نصحت العسل، إذا صفيته من الشمع (2).
أما النصيحة في الاصطلاح، فلها معان:
1- قال الإمام الخطابي: (( النصيحة كلمة يعبر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له )) (3).
2- وقال الإمام الراغب: (( النصح تحري فعل أو قول فيه صلاح صاحبه )) (4).
3- وقال الإمام محمد بن نصر المروذي: (( قال بعض أهل العلم: هي عناية القلب للمنصوح له كائناً من كان )) (5).
العلاقة بين المعنيين:
إذا نظرت في المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي، وجدت أن العلاقة بينهما هي في سد النقص، وتخليص النفس من الشوائب، فكما أن نصح الثوب هو خياطته، ونصح العسل هو تخليصه مما يشوبه، كذلك فإن نصح المرء في تكميل نقصه، وتصفية نفسه مما علق بها من الشوائب والذنوب.
وإذا نظرت إلى حقيقة النصيحة وجدت أنها على ضربين:
1- تكميل نقص: وهذا في حق العباد الذين يصيبهم النقص، وتقع منهم الأخطاء والذنوب والآثام ، ويتصور منهم التقصير.
2- وصف بالكمال: وهذا في حق الله تبارك وتعالى، وفي حق كتابه الكريم، وفي حق النبي صلي الله عليه وسلم**
قال الشافعي رحمه الله
- تعمدْني بنصحِكَ في انفرادي ... وَجِّنْبني النصيحةَ في الجماعةْ
- فإِن النصحَ بين الناسِ نوعٌ ... من التوبيخِ لا أرضى استماعَهْ
- وإِن خالفتني وعصيتَ قولي ... فلا تجزعْ إِذا لم تُعْطِ طاعهْ











الآيات الدالة علي مشروعية النصيحة

قَالَ تَعَالَى : { إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ } [ الحجرات : 10 ]
، وَقالَ تَعَالَى : إخباراً عن نوحٍ - صلى الله عليه وسلم - : { وَأنْصَحُ لَكُمْ } [ الأعراف : 62 ] ،
وعن هود - صلى الله عليه وسلم - : { وَأنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أمِينٌ } [ الأعراف : 68 ] .
الأحاديث الدالة علي مشروعية النصيحة
(1)- وأما الأحاديث : فالأول : عن أَبي رُقَيَّةَ تَمِيم بن أوس الداريِّ - رضي الله عنه - : أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( الدِّينُ النَّصِيحةُ )) قلنا : لِمَنْ ؟ قَالَ : (( لِلهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ((2)) )) رواه مسلم .
(3)- الثاني : عن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - ، قَالَ : بَايَعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى إقَامِ الصَّلاةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، والنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
(4)- الثالث : عن أنس - رضي الله عنه - ، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( لا يُؤمِنُ أحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحبُّ لِنَفْسِهِ ))((5)) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .

__________
(1) - أخرجه : مسلم 1/53 ( 55 ) ( 95 ) .
(2) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 1/248 - 250 ( 55 ) : (( النصيحة لله تعالى : معناها منصرف إلى الإيمان به ، ونفي الشريك عنه وترك الإلحاد في صفاته ووصفه بصفات الكمال ، وأما النصيحة لكتابه سبحانه : فالإيمان بأنه كلام الله تعالى .. ، وأما النصيحة لرسوله - صلى الله عليه وسلم - : فتصديقه على الرسالة والإيمان بجميع ما جاء به ... وأما النصيحة لأئمة المسلمين : فمعاونتهم على الحق وطاعتهم فيه .. وأما نصيحة عامة المسلمين : فإرشادهم لمصالحهم في آخرتهم ودنياهم .. والنصيحة لازمة على قدر الطاقة )) .
(3) - أخرجه : البخاري 1/139 ( 524 ) ، ومسلم 1/54 ( 56 ) ( 97 ) .
(4) - أخرجه : البخاري 1/10 ( 13 ) ، ومسلم 1/49 ( 45 ) ( 71 ) .
(5) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 1/230 ( 45 ) : (( معناه لا يؤمن الإيمان التام )) .
ثالثا : حكم النصيحة**

عند البحث في حكم النصيحة عند أهل العلم وجدت فيها الأقوال التالية:
1- أنها فرض عين: يقول في هذا المقام الإمام ابن حزم: (( النصيحة لكل مسلم فرض )) (6).
2- أنها فرض كفاية: قال ابن بطال: (( والنصيحة فرض يجزي فيه من قام به ويسقط عن الباقين )) (7).
3- إن النصيحة قد تكون فرضاً، وقد تكون نافلة، فالنصيحة المفروضة: (( هي شدة العناية من الناصح باتباع محبة الله في أداء ما افترض، ومجانية ما حرم)) (Cool.
والنصيحة التي هي نافلة: (( إيثار محبته على محبة نفسه)) (9).
ويفسر ابن رجب هذا فيقول:
(( فالفرض منها مجانبة نهيه، وإقامة فرضه بجميع جوارحه ما كان مطيقاً له)) (10).
ويقول أيضاً: (( وأما النصيحة التي هي نافلة لا فرض، فبذل المجهود بإيثار الله تعالى على كل محبوب بالقلب وسائر الجوارح، حتى لا تكون في الناصح فضلاً عن غيره، لأن الناصح إذا اجتهد لم يؤثر نفسه عليه، وقام بكل ما كان في القيام به سروره ومحبته، فكذلك الناصح لربه))(11).
أقول: ولا شك أن أولى هذه الأقوال بالقبول قول: من قال إن النصيحة فرض عين على كل مسلم، ولا أرى منافاة بين هذا، وبين ما نقلناه عن ابن رجب رحمه الله.
أركان النصيحة

إذا نظرت في النصيحة وجدت أن أركانها ثلاثة هي:
1- الناصح: وهو الذي ينصح غيره.
2- المنصوح: وهو الذي ينصحه غيره.
3- المنصوح به: وهو الأمر الذي ينصح به الناصح المنصوح.
*** فقه الدعوة والنصيحة :
* ا -النصيحة مُرة قل من يتقبلها ، ولذلك على الداعي أن يكون حكيما في نصحه ، ويتبع سبيل الموعظة الحسنة .. قال الله تعالى : ( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ( (النحل : 125 )...، ولا يتسرع في أحكامه فيواجه خصومه بالخشونة والغلظة ...قال الله تعالى مخاطبا نبيه ( : ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ( (آل عمران : 159 )
* ب - الناصح في الغالب غير محبوب ، لأنه يعاكس الشهوات الحيوانية والغرائز البهيمية ، ويخاطب بلغة العقل التي ى يفهمها إلا العقلاء ، ومن هنا يتضح الداعي الصادق الذي يبتغي وجه الله من الداعي المنافق الذي لا يسعى إلا إلى كسب أكبر عدد ممكن من الأنصار والمؤيدين ، وليتخذ لنقسه قاعدة شعبية عريضة عليها يقف ويستند؛ ليحقق أغراضه السياسية وأهدافه المادية ، وكثيرا ما نسمع بهذه المؤامرات التي تحاك ضد الدعوة الإسلامية لإجهاضها ، ولقد اتخذها بعضهم كبش الفداء في أول ليلة يرتقي فيها المنصب المؤمل ...
* ج - على الناصح أن يتخير المكان والزمان والمناسبة التي يسدي فيها نصحه وإرشاده تماماً مثلما يتخير الأسلوب والعبارات اللائقة ، لأنه كما قيل : النصيحة أمام الملأ فضيحة.
*** تطبيق

* ا - لقد أصبح الحاكم في أمس الحاجة إلى من ينصحه بصدق وإخلاص ، ولا من حواه إلا حثالة من المتملقين المتزلفين الذين يزينون له المحرمات ويشهونه في الخمر والفتيات ... ولربما استعمله بعضهم لقضاء مآربه الخاصة ، أو للإنتقام من أعدائه ومناوئيه ، فيصبح الناصح المزعوم هو مقلب دفة الحكم كيفما يشاء..
* ب - وما ذلك إلا لأن الحكام أبعدوا عن مجالسهم الفقهاء والعلماء العاملين ، وضربوا على أنفسهم حصارا حتى لا تصل إلى آذانهم همسة واعظ ، ولا إشارة ناصح،
* ج - لقد طغت الأقوال على الفعال في أيامنا هذه ولا حول ولا قوة إلا بالله ؛ وأصبح الناصح غير منصوح في ذاته ، بحيث يقف الرجل أما مالملأ فيحلل ويحرم ، ويوعظ ويوجه ، ويبشر ويحذر ، فتذرف من أقواله الدموع ، وتتسربل القلوب بالخشوع ،ثم تراه إذا فارق مجلسه فارق مبادئه وأقواله ، وخالفها بفعل الحرام وإتيان الموبقات .... والعياذ بالله. قال الله تعالى : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ( (البقرة : 44 ) ؟؟؟
ولله در الشاعر حين قال :
ألا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم
فابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنا كيما يصح به وأنت سقيم .
محمد بن عبد الله الجرداني الدمياطي في الجواهر اللؤلئية
وقد ورد في الحديث : إن أحب عباد الله إلى الله أنصحهم لعباده... ( رواه أحمد ) وأخرجه الأصبهاني بلفظ : أحب عبادة عبدي إلي النصيحة... وأبو نعيم في الحلية : أحب ما تعبدني به عبدي النصح لي...
وقال بعض التابعين : خير الناس أنصحهم لهم ، وشرهم أغشهم لهم ..


ويطلب كون النصيحة برفق لتكون أقرب للقبول , ومن ثم كان السلف الصالح إذا أرادوا نصيحة أحد وعظوه سراً ، وقال الإمام الشافعي : من وعظ أخاه سرا فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه...وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن أمر السلطان بالمعروف ونهيه عن المنكر ، فقال : إن كنت فاعلا ولا بد ففيما بينك وبينه ...
وحكي أن رجلا وعظ المأمون ، وأغلظ عليه ، فقال له : خير منك وعظ من هو شر مني .. فإن موسى وهارون على نبينا وعليهما أفضل الصلاة والسلام لما أرسلهما الله تعالى إلى فرعون ،قال لهما : (فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى( (طه : 44 ) -أي ارفقا به.

شروط النصيحة

لابد أن تتوفر في الناصح والمنصوح الشروط التالية:
1- الإسلام: فالأصل في الناصح أن يكون مسلماً، وأما بالنسبة للمنصوح، فيرى بعض أهل العلم أنه لابد أن يكون مسلماً، وفي هذا يقول الإمام أحمد: (( ليس على المسلم نصح الذمي)) (12). وحجة من اشترط الإسلام حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه وفيه: (( والنصح لكل مسلم))
(13).
ويرى آخرون عدم اشتراط الإسلام، وأن التقييد بالإسلام للأغلب، وفي هذا يقول ابن حجر: (( والتقييد بالمسلم للأغلب، وإلا فالنصح للكافر معتبر بأن يدعى إلى الإسلام، ويشار عليه بالصواب)) (14).
2- البلوغ: فيتشرط فيهما أن يكونا بالغين؛ لأن البلوغ مناط التكليف، ومن لم يكن بالغاً فليس عليه تكليف، وفي هذا يقول النبي ( : ( رفع القلم عن ثلاثة: الصبي حتى يحتلم ) (15).
3- العقل: فلابد أن يكونا عاقلين؛ لأن العقل مناط التكليف، وقد رفع القلم عمن ليس بعاقل، وفي الحديث: ( وعن المجنون حتى يفيق) (16).
يشترط في الأمر الذي ينصح به ما يلي:
1- أن يكون داخلاً تحت الأمر الشرعي، بأن يكون إما طلباً لفعل مطلوب فعله شرعاً، أو طلباً لترك أمر مطلوب تركه شرعاً، وعلى هذا فإن النصح بترك المأمور به شرعاً لا يسمى نصيحة، وكذا النصح بفعل المحرم شرعاً لا يعد نصحاً شرعياً يحتم على المنصوح قبوله، وعلى الناصح إسدائه، كأن ينصح أحد آخر بحلق لحيته، أو ترك الصلاة، أو نصح المرأة بالتبرج وخلع اللباس الشرعي، أو ترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فهذه أمور لا تبعد من باب النصيحة التي جعلها النبي ديناً.
2- أن يكون الأمر المنصوح به قد اتفق أهل العلم على طلب فعله أو تركه، ولا يكون أمراً خلافياً بين أهل العلم يبيحه قوم، ويمنعه آخرون، وهذا أمر متفرع على قاعدة العلماء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في أنه لا إنكار على مجتهد، ولا إنكار في أمر مختلف فيه.

وفي هذا المقام يقول سفيان الثوري رحمه الله: (( إذا رأيت الرجل يعمل العلم الذي اختلف فيه، وأنت ترى غيره فلا تنهه )) (17)، ويقول أيضاً: (( ما اختلف فيه الفقهاء، فلا أنهي أحداً من إخواني أن يأخذ به)) (18).
ويقول الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: (( لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهب، ولا يشدد عليهم)) (19).
ولكن يستثنى من هذه القاعدة حالتان ذكرهما القاضي أبو يعلى الحنبلي حيث يقول: (( ما ضعف الخلاف فيه، و كان ذريعة إلى محظور متفق عليه كربا النقد فيدخل في إنكار المحتسب بحكم ولايته )) (20).
هذه في تصوري شروط وأركان النصيحة، ومن الله أرجو العون والسداد، إنه على كل شيء قدير.
آداب النصيحة**
لابد أن يتحلى بآداب النصيحة حتى تقع نصيحته من المنصوح موقع القبول، ومن هذه الآداب:
1- أن يقصد وجه الله عز وجل:
لابد للناصح من أن يقصد بنصحه وجه الله عز وجل؛ إذ بهذا القصد يستحق الثواب والأجر من الله تعالى، ويستحق القبول لنصحه من العباد، نفهم هذا من حديث النية المشهور.
فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ( يقول: ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه) (21).
وبتخلف هذا القصد ينال السخط والعقاب من ربه سبحانه وتعالى، ويوغر صدور الناس عليه، ومنهم المنصوح، ويبعد الناس عن نفسه.
2- أن لا يقصد التشهير:
لابد أن يحرص الناصح على عدم التشهير في نصحه بالمنصوح له، وهذا آفة يقع فيها كثير من الناس، تراه يخرج النصيحة في ثوب خشن،ولكن إذا دققت فيها وجدت أنه يقصد التشهير بالمنصوح، وهذا ليس من أدب النصيحة في شيء، وليس من أخلاق المسلمين، وربما أفضى ذلك إلى حصول سوء، أو زيادة شر، ولم تؤت النصيحة ثمرتها المرجوة.
3- أن يكون النصح في السر:
ذلك لأن المنصوح امرؤ يحتاج إلى جبر نقص وتكميله، ولا يسلم المرء بذلك من حظ نفسه إلا لحظة خلوة وصفاء، وهذه اللحظة تكون عند المسارة في السر، وعندها تؤتي النصيحة ثمرتها، ولا يكون الناصح عوناً للشيطان على أخيه، فإن الناصح في ملأٍ يعين الشيطان على صاحبه، ويوقظ في نفسه مداخل الشيطان، ويغلق أبواب الخير، وتضعف قابلية الانتفاع بالنصح عنده.
ولهذا المعنى فقد حرص سلفنا الصالح رضوان الله عليهم على النصح في السر دون العلن، وفي هذا المقام يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله: (( وكان السلف إذا أرادوا نصيحة أحد، وعظوه سراً، )) حتى قال بعضهم: (( من وعظ أخاه فيما بينه وبينه، فهي نصيحة، ومن وعظه على رؤوس الناس فإنما وبخه )) (22).
وقال الفضيل بن عياض رحمه الله: (( المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير)) (23)، ويعقب الحافظ ابن رجب على كلمة الفضيل هذه بقوله: (( فهذا الذي ذكره الفضيل من علامات النصح، وهو أن النصح يقترن به الستر، والتعيير يقترن به الإعلان)) (24).
ويقول الإمام أبو حاتم بن حبان البستي رحمه الله تعالى: (( النصيحة تجب على الناس كافة على ما ذكرنا قبل، ولكن ابداءها لا يجب إلا سراً، لأن من وعظ أخاه علانية فقد شانه، ومن وعظه سراً فقد زانه، فإبلاغ المجهود للمسلم فيما يزين أخاه أحرى من القصد فيما يشينه)) (25).
ويقول الإمام أبو محمد ابن حزم الظاهري رحمه الله: (( وإذا نصحت فانصح سراً لا جهراً، وبتعريض لا تصريح، إلا أن لا يفهم المنصوح تعريضك، فلابد من التصريح)) (26).

وإذا نظرت فيما نقلناه هنا، ثم قارنت ذلك بما يقع فيه أولئك الذين يرفعون أصواتهم بنصح الناس على الملأ، ثم سألتهم: ما الثمرة التي تحققت من النصح في الجهر والعلن؟ إنها إصرار المنصوح على الخطأ والتقصير، وإيغار الصدور على الناصح، وسوء الظن بالناس، وقطع الروابط والعلاقات بين الناصح والمنصوح، وكل هذا يقع تحت لائحة عريضة هي: إعانة الشيطان على أخيك.
4- أن يكون النصح بلطف وأدب ورفق:
لابد للناصح من أن يكون لطيفاً رقيقاً أدبياً في نصحه لغيره، وهذا يضمن استجابة المنصوح للنصيحة، ذلك لأن قبول النصح كفتح الباب، والباب لا يفتح إلا بمفتاح مناسب، والمنصوح امرؤ له قلب قد أغلق عند مسألة قصر فيها، إن كانت أمراً مطلوباً للشارع، أو وقع فيها، إن كانت أمراً منوعاً من الشارع.
وحتى يترك المنصوح الأمر أو يفعله لابد له من انفتاح قلبه له، ولابد لهذا القلب من مفتاح، ولن تجد له مفتاحاً أحسن ولا أقرب من لطف في النصح، وأدب في الوعظ، ورفق في الحديث، كيف لا والنبي ( يقول: ( ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه ) (27).
ويقول عبد العزيز بن أبي داود رحمه الله: (( كان من كان قبلكم إذا رأى الرجل من أخيه شيئاً يأمره في رفق، فيؤجر في أمره ونهيه، وإن أحد هؤلاء يخرق بصاحبه، فيستغضب أخاه، ويهتك ستره)) (28).
فانظر عبد الله حال من نصح من نصح بشدة وغلظة وفظاظة، كم من باب للخير قد أغلق؟ وكم من منصوح قد صد عن باب الله؟ وكم م صديق قد أوغر صدره على نفسه، وكم من أذى قد أوقع على أخيه في الله؟ وكم من الأجر قد فاته؟ وكم قد أعان الشيطان على إخوانه؟

وانظر في الجهة المقابلة إلى حسن الرفق في النصيحة، فكم من قلب مغلق قد فتح؟ وكم من حق مضاع قد حفظ؟ وكم من نقص قد استكمل؟ وكم من أخوة قد روعيت؟ وكم من تأخر عن الركب قد أدرك؟ وكم من الأجر قد تحصل؟ وكم من إرغام للشيطان قد كان؟ قارن عبد الله بين الحالتين لترى الفرق، والله يرعاك.
5- عدم الإلزام:
من واجب الناصح أن ينصح غيره، ولكن ليس من حقه أن يلزم غيره بما ينصحه به؛ لأن هذا ليس من حقه، بل هو حق للحاكم في رعيته، والناصح دال على الخير، وليس بآمر بفعله.
أما الحاكم فهو آخر بفعل الخير، ناه عن فعل الشر، وفي هذا المعنى يقول الإمام ابن حزم الظاهري رحمه الله تعالى: (( ولا تنصح على شرط القبول منك، فإن تعديت هذه الوجوه، فأنت ظالم لا ناصح، وطالب طاعة وملك، لا مؤدي حق أمانة وأخوة، وليس هذا حكم العقل، ولا حكم الصداقة، لكن حكم الأمير مع رعيته، والسيد مع عبده)) (29).
ويقول أيضاً: (( فإن خشنت كلامك في النصيحة فذلك إغراء وتنفير، وقد قال الله تعالى: ? فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً ? (طه: من الآية44). وقال رسول الله ( : ( ولا تنفروا) (30)، ون نصحت بشرط القبول منك، فأنت ظالم، أو لعلك مخطئ في وجه نصحك، فتكون مطالباً بقبول خطئك، وبترك الصواب)) (31).
مما نقلنا لك تعرف أن للناصح أن يقول للكلمة، ويصدر التوجيه فقط، وليس له أن يلزم غيره بالأخذ بما قال، فإن ذلك واجب القاضي والحاكم، والقاضي والحاكم قلة في المجتمع لطلبهما الإلزام، والناصح لفرد مكلف في المجتمع، فإذا كان لكل ناصح أن يلزم غيره بقوله، أصبح كل المجتمع حكاماً وقضاة، وعندها فمن يكون المحكوم والرعية؟
6- اختيار الوقت المناسب للنصيحة:
لابد للناصح من اختيار الوقت المناسب الذي يسدي فيه النصيحة للمنصوح، لأن المنصوح لا يكون في كل وقت مستعداً لقبول النصيحة، فقد يكون مكدراً في نفسه بحزن أو غضب أو فوات مطلوب، أو غير ذلك مما يمنعه من الاستجابة لنصح الناصح.
وفي هذا المعنى يقول الأستاذ عبد الحميد البلالي: (( فاختيار الوقت المناسب والظرف المناسب من أكبر الأسباب لقبول النصيحة وإزالة المنكر، وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول: (( إن للقلوب شهوة وإقبالاً، وفترة وإدباراً، فخذوها عند شهوتها وإقبالها، وذروها عند فترتها وإدبارها)) (32)، فهنيئاً لذلك الداعية الذي يعرف متى تدبر القلوب، ومتى تقبل، فيحسن الإنكار، ويجيد مخاطبة القلوب )) (33).
حقاً إنه لابد للناصح من تخير الوقت المناسب لقبول النصيحة عند إسدائها، طالما أن الناصح رجل يتعامل مع القلوب والأحاسيس والمشاعر، فرب وقت لا يكون فيه المرء مهيئاً لقبول النصح تعرض له أحمق بدعوى النصح، فأغلق قلبه وعقله أمام نصحه وإرشاده وكان الناصح الجاهل هو السبب في ذلك.
هذه في تصوري الآداب التي يجب أن يتحلى بها الناصح في نصحه حتى يكون النصح في ثوبه المطلوب، وحتى تقع النصيحة من المنصوح موقع قبول لا رد، مما يجعلها مثمرة تجبر النقص، وتسد الخلل، ولا توغر الصدور وتفرق الجماعات، ولا تكون عوناً للشيطان على المنصوحين. والله أعلم.
الفرق بين النصح والتعيير
قد يلبس بعض الناس الذم والتعيير لغيرهم لبوس النصيحة، فيخدع بذلك من لا يعرفه، وربما أفضى به ذلك إلى الوقوع في أعراض الناس ونهشها، ولذا فقد عقدت هذا المبحث للتفريق بين النصح والتعيير مقتبساً ذلك من كتب ثقات علمائنا رحمهم الله، ولقد تبدي لنا أن الفرق بين النصح والتعيير يكون كما يلي:
1- النصيحة تكون في السر، والتعيير يكون في العلن: وفي هذا يقول ابن رجب: (( فهذا الذي ذكره الفضيل، (مقولتنا التي نقلناها في موضع النصح في السر) من علامات النصح، فالنصح يقترن به الستر، والتعيير يقترن به الإعلان)) (34).
2- يقوم بالنصح المؤمن، ويقوم بالتعيير الفاجر: ونعيد هنا مقولة الفضيل بن عياض رحمه الله: (( المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير)) (35).
وحول تحديد غرض كل من الناصح والفاضح، يحدثنا الحافظ ابن رجب فيقول: (( فلهذا كان إشاعة الفاحشة مقترنة بالتعيير، وهما من خصال الفجار، لأن الفاجر لا غرض له في زوال المفاسد، ولا في اجتناب المؤمن للنقائص والمعايب، إنما غرضه في مجرد إشاعة العيب في أخيه المؤمن، وهتك عرضه، فهو يعيد ذلك ويبيده، ومقصوده تنقصة أخيه المؤمن في إظهار عيوبه ومساويه للناس، ليدخل عليه الضرر في الدنيا. وأما الناصح، فغرضه بذلك إزالة عيب أخيه المؤمن باجتنابه له )) (36).
3- غرض الناصح الإصلاح وغرض المعير الإفساد: وقد مر في النقطة السابقة أن مقصود الناصح من نصحه الإصلاح وتسديد المسار، وتكميل النقص، وهذا بلا شك قصد شريف يشكر صاحبه عليه عند الناس، ويؤجر عليه عند الله.
وعلى العكس من ذلك، فإن مقصد المعير هتك الأعراض، وإشاعة الفساد والإفساد، وإيغار الصدور،ه وتتبع العورات، ولاشك أن هذا من أقبح الذنوب والأعمال عند الله وعند الناس.
4- الناصح يؤدي حقاً واجباً عليه لأخيه المؤمن: فهو مأجور على نصحه لأخيه، وأما المعير، فهو مهتك لحقوق عباد الله مفرق لجماعتهم، مفسد لدينهم، وبالتالي فهو آثم عند الله جزاء إيذاء عباد الله بإشاعة الأذى والفاحشة بينهم، والله سبحانه يقول: ? إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ? (النور: من الآية19).
5- الناصح يخلو من حظ النفس في الغالب، وأما المعير فغير خال من حظ نفسه ومرض قلبه: ذلك لأن الناصح يحب لمنصوحه ما يحبه لنفسه من أفعال الخير، وبالتالي يحرص على ازدياده منها، ولو كان فيها حظ نفس لما أقدم على النصيحة. وأما المعير فلا يحب من يريد تعييره، ولا يحب له الخير، بل يرجو له الشر، ولا تخلو مقولته من حظ نفس يدفعه إلى الأذى والإفساد.
هذه في تصوري أهم الفروق بين النصح والتعيير، وقد استفدتها من رسالة لابن رجب في هذا، كما استفدت من كلام غيره، والله أعلم، ومن الله أرجو العون والسداد.
العوامل المؤثرة في قبول النصيحة
هناك عوامل مؤثرة في قبول النصيحة، وقد تؤخرها أحياناً، وقد تصد المنصوح عن الأخذ بالنصح أحياناً، وهذه العوامل اذكرها كما يلي:
1- التزام آداب النصيحة:
من راعى في نصحه آداب النصيحة، التي سبق بيانها، رجونا قبول نصحه، ومن لم يلتزم بها، ففي الغالب لا تعطي نصيحته ثمرتها، ولا يتحقق لها القبول عند الناس.
ولذا فكم ردت نصيحة لكون صاحبها لم يراع فيها ما يليق بالنصح وأهله.
وكم من ناصح ألقى نصحه لغيره بغير أدب ولا ملاطفة، فانقلب أمره من صورة الناصح إلى صورة الشامت المبغض المعادي، الذي لا يرغب الناس في سماع كلامه، ولا مجالسته، ولا الوقوف عند نصحه، وكم أثمر التزام أداب النصيحة، أخوة صادقة، ووداً متبادلاً، وقرباً دائماً، ودلالة من الخير لا تنكر.
2- الكبر:
فمن وجد فيه الكبر منعه من قبول النصح والأخذ به، ومن خلا قلبه من الكبر رجي منه قبول النصيحة، ذلك لأن الكبر هو (بطر الحق وغمط الناس) (37) كما قال النبي ( .
والنصح من الحق، والناصح من الناس، والمتكبر قد بطر الحق وغمط الخلق، فهو يغر قابل لا بالنصيحة ولا بالناصح، ولذا فقد صده ذلك عن قبول النصح، وعلى العكس من ذلك فلو كان متواضعاً لقبل نصح غيره بصدر رحب، ولما استهان بنصح من نصحه، كائناً هذا الناصح من كان؛ لأنه يرى فيه تأدية الواجب، والعمل بحقوق المؤمنين بعضهم على بعض.
3- الإعجاب بالنفس:
فمن كان معجباً بنفسه، لا يرجى منه قبول النصح، لأنه لا يرى رأياً ولا فضلاً لغيره عليه، فما دام قد انتفخ وأعجب بنفسه فأنى له قبول نصح غيره.
وفي هذا المقام يحدثنا الإمام أبو حاتم محمد بن حبان البستي رحمه الله فيقول: (( وأكثر ما يوجد ترك قبول النصيحة من المعجب برأيه )) (38) واستشهد رحمه الله على هذا المعنى بقول الأبرش:
إذا نصحت لذي عجب لترشده
فإن ذا العجب لا يعطيك طاعته
وما عليك، وإن غوى حقبا
فلم يطعك، فلا تنصح له أبدا
ولا يجيب إلى إرشاده أحدا
إن لم يكن لك قربى أو يكن ولدا
4- صفاء النفس:
فإن المرء إذا رزقه الله صفاء نفس أورثه ذلك الإنصاف للناس من نفسه، وأحوج الناس إلى الإنصاف المنصوح، لأنه إذا لم ينصف ناصحه لا يقبل نصحه، ولا يسمع لإرشاده، ولا يعمل على ترك ما طلبه منه تركه، والحق أن صافي النفس محكم لقياد نفسه، منتصر على شهواتها وأهوائها، فإذا جاءه من يعينه، على هذا استبشر به، أو عمل بمراده.
ولكن وجود هذا الوصف في الناس قليل، فأين هم الصافون في نفوسهم الذين يسمعون لقول الناصحين؟
لكأنك عندما تتحدث عن صفاء النفس تصف قوماً آخرين بينك وبينهم بعد المشرقين، أو أنهم في عالم آخر لسنا من أهله.
وبعد، فهذه في حدود اطلاعي أهم الأمور المؤثر في قبول النصيحة سلباً وإيجاباً، والله المستعان.
ثمار النصيحة
النصيحة بذرة طيبة يبذرها الناصح، ولابد للبذرة السليمة التي روعي فيها ما يصلح الزرع من ثمرة، وكذا النصيحة، فإذا روعيت آدابها وشروطها رجونا أن تتحصل منها الثمار الطيبة، والآثار الخيرة، ويمكن إجمال ثمار النصيحة في الأمور التالية:
1- تنقية المنصوح من الشوائب:

فإن الناصح عندما يرى من منصوحه غفلة عن خير، أو وقوعاً في شر، فيعمد إلى تقوية وتنقية نفسه من الشوائب سيراً بها إلى التقليل من القصور في حق الله أولاً، ثم في حق عباده ثانياً، وهذا مكسب كبير للإنسان لو تمعن فيه، وهذا تكميل لنقص وقع فيه المرء من حيث لا يدري أو لا يدري، فإذا بمتطوع يذب عنه النقص، ويخلصه من الذنب، وأي شائبة أشد من التقصير في حق ذي الحق؟ وأي نقاء أكرم وأبرك من حرص أخيك عليك؟
2- دوام المحبة والألفة:
فإن المنصوح إذا نصحه الناصح بما يسدد خطأه، ويكمل نقصه، كان ذلك طريقاً لدوام الألفة بين الاثنين، ذلك لأن الناصح محب لمنصوحه، ويحب لأخيه ما يحب لنفسه، ولابد أن يقابله صاحبه بمثل ذلك إن كان عاقلاً، وعليه فكم من نصيحة صادقة أدامت بين الأحبة وداً، وسدت في شخصية أحدهم نقصاً، وأبعدت عن النفس غوائل الشيطان، وألحقت من تأخر وتلكأ بالركب!!
ومن الجميل أن نسمع كلاماً دقيقاً لابن حزم في حد النصيحة، لنرى من خلاله هذه الثمرة من ثمار النصيحة. يقول الإمام علي بن حزم رحمه الله تعالى: (( وحد النصيحة أن يسوء المرء ما ضر الآخر، ساء ذلك الآخر أم لم يسؤه، وأن يسره ما نفعه، سر الآخر أو ساءه، فهذا شرط في النصيحة زائد على شروط الصداقة )) (39).
3- أداء حق الأخوة:
إن الناصح حين ينصح غيره إنما يؤدي ما لأخيه من حق عليه، وهذا الحق يتعلق بحب المرء لغيره مثل ما يحبه لنفسه، وهذا الأمر يؤدى بطرق منها النصيحة.
ذلك لأنك لا تحب لنفسك النقص ولا ترضاه، بل تعمل على إزالته وتلافيه، وواجب الأخوة يفرض عليك أن تعامل أخاك المنصوح بمثل ما تعامل به نفسك، وطالما أنك لا ترضى لنفسك النقص، فأنت لا ترضى لأخيك النقص، لذا تقوم بنصحه وإرشاده وإعانته على الخير، وإبعاده عن الشر.
وهذه أمور لابد لمن تآخيا من تحقيقها، وعنوان تحقيق ذلك بذل النصح لمن احتاج إليه ليكون علامة للأخوة، وطريقاً لقرب القلوب، وسداً أمام الضغائن والمحن.
وفي هذا الباب يحدثنا أبو حاتم محمد بن حبان البستي فيقول: (( النصيحة إذا كانت على نعت ما وصفنا تقييم الألفة وتؤدي حق الأخوة)) (40). وفي هذا يقول الخليفة عمر بن عبد العزيز: (( من وصل أخاه بنصيحه له في دينه، ونظر له في صلاح دنياه، فقد أحسن صلته، وأدى واجب حقه...)) (41).
ولعل سائلاً يسأل هناك كيف تكون النصيحة من حقوق الأخوة مع أن فيها ذكر العيوب وهذا يوحش القلب؟
ويجيب عن هذا السؤال الإمام الغزالي فيقول: (( فاعلم أن الإيحاش إنما يحصل بذكر عيب يعلمه أخوك من نفسه، فأما تنبيه على ما لا يعلمه، فهو عين الشفقة، وهو استمالة القلوب، أعني قلوب العقلاء، وأما الحمقى فلا يلتفت إليهم، فإن من ينبهك على فعل مذموم تعاطيته، أو صفة مذمومة اتصفت بها لتزكي نفسك عنها، كان كمن ينبهك عن حية أو عقرب تحت ذيلك، وقد همت بإهلاكك، فإن كنت تكره ذلك فما أشد حمقك، والصفات الذميمة عقارب وحيات، وهي في الآخر مهلكات)) (42).
4- حصول الأجر:
الناصح إذا أسدى لغيره نصحاً استحق عليه الأجر العظيم من الله سبحانه وتعالى، على حرصه خوانه، وحبه لهم.
هذه في تصوري الثمرات التي تستفاد من النصحية.
بيات متفرقة مجموعة ،قيلت فى المشورة والنصيحة والتجارب والنظر فى العواقب !**

قال ورقة بن نوفل
لا شيئ مما ترى تبقى بشاشته *****الا الاله ويُردى المال والولد
لم تغن عن هرمز يوماً ذخائره******* والخُلد قد حاولت عاد فما خلدوا

وأنشد الأصمعى
النصح أرخص ما باع الرجالُ فلا ******تردد على ناصحٍ نصحاً ولا تلمِِ
ان النصائح لا تخفى مناهلُها ******على الرجال ذوى الألباب والفهم

قال محمد الوراق :
ان اللبيب اذا تفرق امره *****فتق الامور مناظراًومشاورا
واخو الجهالة يستبد برايه****فتراه يعتسف الامور مخاطرا

وقال ادريس الطائى
ذهب الصوا ب برأيه فكانما ************أراؤه اشتقت من التاييد
فاذا دجا خطبٌ تبلّج رايه********صبحاً من التوفيق والتسديد

وقال الرشيد حين بدا له تقديم الامين على المأمون فى العهد
لقد بان وجه الرأى لى غير اننى **********عدلت عن الامر الذى كان أحزما
فكيف يردّ الدَرّ فى الضرع بعدما ********توزّع حتى صار نهباً مقسّما
أخاف التواء الأمر بعد استوائه*********وأن ينقض الحبل الذى كان أبرما

وقال اخر
خليلىّ ليس الرأى فى جنب واحد ********أشيرا علىّ اليوم ما تريانِِ ِ

وقال ابو الأسود الدؤلى
وما كل ذى نصحٍ بمؤتيك نصحهِ ******وما كل مؤتٍ نُصحَه بلبيبِ
ولكن اذا ما اسُتجمعا عند واحدٍ*******فحُقّ له مَن طاعةٍ بنصيبِ



ويقال: من اصفر وجههُ من النصيحةُ ، اسود وجههُ من الفضيحة

وقال طرفة
ولا ترفدنّ النصح من ليس اهلُهُ ****** وكن حين تستغنى برأيك غانيا
وانَّ أمرأً يوماً تولّى برأيهِ******فدعهُ يصيبُ الرشدَ أو يك غاويا

وقال بعضهم
من الناس من أن يسشرك فتجتهد ******له الرأى يستغششك ما لم تتابعه
فلا تمتحن الرأى من ليس أهلُهُ***** فلا أنت محمود ولا الرأى نافعه

وقال الشاعر يمدح من له رأى وبصيرة
بصير بأعقاب ألأمور كأنما ******يخاطبه من كل أمر عواقبه

وقيل :أشار فيروز بن حصين على يزيد بن المهلب أن لايضع يده فى يد الحجاج فلم يقبل منه ، وسار اليه ، فحبسه وحبس اهلِهُ فقال فيروز

أمرتك أمراً حازماً فعصيتنى ******* فأصبحت مسلوب الامارةِ نادما
أمرتك بالحجاج اذ أنت قادرٌ******* فنفسك أولى اللوم ان كنت لائما
فما أنا بالباكى عليك صبابةً******وما أنا بالدّاعى لترجع سالما
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elngdy.yoo7.com
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 372
تاريخ التسجيل : 16/10/2008
العمر : 52
الموقع : https://elngdy.yoo7.com/

    المعاني الإيمانية  من حديث الدين النصيحة  إعداد وترتيب شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية Empty
مُساهمةموضوع: رد: المعاني الإيمانية من حديث الدين النصيحة إعداد وترتيب شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية       المعاني الإيمانية  من حديث الدين النصيحة  إعداد وترتيب شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية Emptyالخميس ديسمبر 04, 2014 3:27 am

المبحث الأول
النصيحة لله
ا
إن النصح لله هو أول قاعدة يرسيها لقرآن الكريم،ودارت عليها جل آياته ، ومكث الرسول () يغرسها في القلوب طيلة ثلاث عشرة سنة ...قال الله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (البينة : 5 ) ، فمن النصح لله النصح لوحدانيته - عز وجل - في ذاته وصفاته الكمالية ، فلا يشرك الناصح لله مع الله شجرا ولا حجرا ولا مدرا ، ولا يستهدي إلا بالله ، ولا يستشفي إلا به ، ولا يلجأ إلا إليه سبحانه... والناصح لله لا يشرك في عبادته مع اللله أحدا ، لا شركا ظاهرا جليا ، ولا مستترا خفيا كالرياء وحب السمعة ...قال تعالى : (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ( (الزمر :2- 3 )...

- فالنصيحة المفترضة لله هي شدة العناية من الناصح باتباع محبة الله في أداء مافترض ومجانبة ما حرم وأما النصيحة التي هي نافلة فهي إيثار محبته على محبة نفسه وذلك أن يعرض له أمران أحدهما لنفسه والآخر لربه فيبدأ بما كان لربه ويؤخر ما كان لنفسه فهذه جملة تفسير النصيحة لله الفرض منه وكذلك تفسير النافلة وسنذكر بعضه ليفهم بالتفسير من لا يفهم بالجملة فالفرض منها مجانبة نهيه وإقامة فرضه بجميع جوارحه ما كان مطيقا له فإن عجر عن الإقامة بفرضه لآفة حلت به من مرض أو حبس أو غير ذلك عزم على أداء ما افترض عليه متى زالت عنه العلة المانعة له قال الله عز وجل Sad لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ( (التوبة : 91 ) فسماهم محسنين لنصيحتهم لله بقلوبهم لما منعوا من الجهاد بأنفسهم وقد ترفع الأعمال كلها عن العبد في بعض الحالات ولا يرفع عنهم النصح لله فلو كان من مرض بحال لا يمكنه عمل شيء من جوارحه بلسان ولا غيره غير أن عقله ثابت لم يسقط عنه النصح لله بقلبه وهو أن يندم على ذنوبه وينوي إن صح أن يقوم بما افترض الله عليه ويجتنب ما نهاه عنه وإلا كان غير ناصح لله بقلبه وكذلك النصح لله ولرسوله ( فيما أوجبه على الناس عن أمر ربه ومن النصح الواجب لله أن لا يرضى بمعصية العاصي ويحب طاعة من أطاع الله ورسوله وأما النصيحة التي هي نافلة لا فرض فبذل المجهود بإيثار الله تعالى على كل محبوب بالقلب وسائر الجوارح حتى لا يكون في الناصح فضلا عن غيره لأن الناصح إذا اجتهد لم يؤثر نفسه عليه وقام بكل ما كان في القيام به سروره ومحبته فكذلك الناصح لربه ومن تنفل لله بدون الاجتهاد فهو ناصح على قدر عمله غير مستحق للنصح بكماله...



المبحث الثاني

النصيحة لكتاب الله

وأما النصيحة لكتابه فشدة حبه وتعظيم قدره إذ هو كلام الخالق وشدة الرغبة في فهمه وشدة العناية في تدبره والوقوف عند تلاوته لطلب معاني ما أحب مولاه أن يفهمه عنه أو يقوم به له بعد ما يفهمه وكذلك الناصح من العباد يفهم وصية من ينصحه إن ورد عليه كتاب من غني يفهمه ليقوم عليه بما كتب فيه إليه فكذلك الناصح لكتاب ربه يعني يفهمه ليقوم لله بما أمره به كما يحب ربنا ويرضي ثم ينشر ما فهم في العباد ويديم دراسته بالمحبة له والتخلق بأخلاقه والتأدب بآدابه...
المبحث الثالث

النصيحة لرسول الله صلي الله عليه وسلم

- وأما النصيحة للرسول ( في حياته فبذل المجهود في طاعته ونصرته ومعاونته وبذل المال إذا أراده والمسارعة إلى محبته وأما بعد وفاته فالعناية بطلب سنته والبحث عن أخلاقه وآدابه وتعظيم أمره ولزوم القيام به وشدة الغضب والإعراض عمن يدين بخلاف سنته والغضب على من صنعها لأثرة دنيا وإن كان متدينا بها وحب من كان منه بسبيل من قرابة أو صهر أو هجرة أو نصرة أو صحبة ساعة من ليل أو نهار على الإسلام والتشبه به في زيه ولباسه ....
المبحث الرابع
-
النصيحة لائمة المسلمين

وأما النصيحة لأئمة المسلمين فحب صلاحهم ورشدهم وعدلهم وحب اجتماع الأمة عليهم وكراهة افتراق الأمة عليهم والتدين بطاعتهم في طاعة الله عز وجل والبغض لمن رأى الخروج عليهم وحب إعزازهم في طاعة الله عز وجل ...

المبحث الخامس
النصيحة لعامة المسلمين
- وأما النصيحة للمسلمين فأن يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه ويشفق عليهم ويرحم صغيرهم ويوقر كبيرهم ويحزن لحزنهم ويفرح لفرحهم وإن ضره ذلك في دنياه كرخص أسعارهم وإن كان في ذلك فوات ربح ما يبيع في تجارته وكذلك جميع ما يضرهم عامة ويحب ما يصلحهم وألفتهم ودوام النعم عليهم ونصرهم على عدوهم ودفع كل أذى ومكروه عنهم...



آخر الكتاب والحمد لله وحده ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elngdy.yoo7.com
 
المعاني الإيمانية من حديث الدين النصيحة إعداد وترتيب شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  الفوائد الجليات من حديث اجتنبوا السبع الموبقات إعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية
»  جولة الفكر فى معانى العبادة والذكر إعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية
»  حوار هادئ مع الأستاذ جمال البنا إعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية
»  قطف الثمرات من حديث انما الاعمال بالنيات اعداد شعبان النجدي باحث في العلوم الشرعية والقانونية
»  المعاني الايمانية من حديث لا تغضب اعداد شعبان النجدي باحث في العلوم القانونية والشرعية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي الاستاذ شعبان النجدي المحامى لنشر الثقافة والوعي القانوني :: كتابات الاستاذ شعبان النجدي ومؤلفاته-
انتقل الى: